أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ديوان: - أكون لك سنونوة- قراءة نقديّة














المزيد.....

ديوان: - أكون لك سنونوة- قراءة نقديّة


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 12:04
المحور: الادب والفن
    


"أكون لك سنونوة"■ 2025
ريتا عودة تُحلّق بشِعرٍ من نور ووجع
بقلم: رانية مرجية

ما الذي يجعل ديوان "أكون لك سنونوة" تحليقًا خارج السرب؟
إنه ليس مجرد مجموعة قصائد؛ بل بوحٌ روحيّ، ونسيج وجدانيّ تنسجه الشاعرة ريتا عودة بخيوط من الحرير والدم، من الحلم والانكسار، ومن الحنين الذي يرفض أن يكون جملةً ماضوية.

أدبية المفردة: الشعر كأداة كشف
منذ الأسطر الأولى، تكشف الشاعرة عن وعيها الشعري العميق:

"أكتبُ لأُوصِلَ لا لأَصلَ"
بهذه العبارة الموجعة تُعلن ريتا أنّ الشعر ليس غاية بل رسالة، وأن القصيدة ليست مأوى بل طريقٌ إلى خلاص داخليّ.

في كل نص، تُعلي ريتا من شأن اللغة ككائن حيّ، فتجعل منها بؤرة اشتعال لا مجرد وسيلة. المفردة عندها كائن عضوي، قابل للدهشة، للانفجار، وللرفرفة. ومن خلال صور شعرية مذهلة، تُقيم علاقة مقدسة بين الشاعرة والمفردة:

"كلما أُدَلِّلُها، تدَلِّلنِي أكثر... فكيفَ لا أعشَقُها؟"
هنا تتجلّى فتنة المبدعة التي ترى في اللغة ليس فقط مرآةً بل محرّكًا للوجود.

الهوية والالتزام: القصيدة موقف
في مقطع لافت، تقول الشاعرة:

"كانَ بإمكاني... ألّا أُبالي... لكنني أدركتُ أنني مرسلة"
هنا تدخل القصيدة فضاء الالتزام الأخلاقي والاجتماعي. ريتا لا تكتب من برج عاجي بل من زقاق العتمة، من قلب النكبة، من دموع المهمشين.
لقد جعلت من القصيدة خيمةً للمُتعبين، ومن الكلمة قارب نجاة. هذه شاعرة تحمل "راية المهَمَّشين" لا بالخطابة بل بالحبّ، بالاحتضان، وبالتمرد الناعم على الظلم.

المرأة كذات فاعلة: لا أنوثة مستهلكة
ريتا، في كل ديوانها، لا تصرخ بلسان امرأة مكسورة، بل تعلن الثورة بعين عاشقة:

"أنا الحريرُ إن أتيتَني نسَّاجًا، وأنا الصَّلاةُ إن أتيتَني ناسِكًا."

تُعيد تعريف الأنوثة، لا كجسد، بل ككيان متعدّد الطبقات، قادر على الحبّ والعطاء، كما هو قادر على المواجهة والانبعاث.
المرأة في هذا الديوان ليست صدىً لرجل، بل مجازٌ شعريّ يصوغ هويةً وجودية، مقاومة، عاشقة، ومُنيرة.

العشق... فلسفة الوجود ونشيد الانتماء
الديوان يحتفي بالعشق لا كعاطفة عابرة، بل كحالة وجودية:

"العشق هو أن تقرأني بالدَّهشة ذاتها التي يقرأ بها الشاعر كلّ قصيدة جديدة."
الحب في "أكون لك سنونوة" ليس ترفًا، بل ضرورة، بل فعل انتماء: إلى الذات، إلى الآخر، وإلى الله أحيانًا.
ريتا تغوص في تفاصيل الحنين، لتُشكّل من الحبيب مرآةً ترى فيها ذاتها بأبهى بهاء:
"ذهبتُ إليكَ وفي يدي وردة. عُدتُ منكَ وأنا الوردة."

الرمزية والتكثيف: بين الطائر والماء
السنونوة، رمز الهجرة والحنين والحريّة، ليست عنوانًا عبثيًا.
ريتا عودة تتماهى مع هذا الطائر، فتكتب من مدارج البعد، ومن سماوات الانتظار.

"حينَ لا تكونُ لي القفصَ، أكون لكَ سنونوة."

هي لا تحلّق إلا إذا مُنحت أجنحة الاختيار والكرامة، وإن دلّ هذا على شيء، فهو عنفوان أنثويّ يخترق اللغة والحياة والمجتمع معًا.

بين الشفافية والجُرأة: جمالية البوح
ليس في هذا الديوان شيء من الحذر؛ فيه كثير من الجرأة الرقيقة، الشفافة، المُتمرّدة بأناقة.
من السطور يتسرّب البوح كما المطر: ناعمًا، دافئًا، صادقًا.
نرى ذاتًا تتجلّى بين سطور الحب والفقد، بين رغبة الطيران وخشية الانكسار، بين صلاةٍ وعناق، بين شهقةٍ وقصيدة.

نهاية مفتوحة على الحلم
ختام الديوان ليس نهاية، بل بداية.
تغلق ريتا النصوص على لحظات متوهجة: ارتباك، استبصار، شغف، جُرأة، دهشة.

هذا ليس ديوان شعر فقط؛ إنه تجربة روحية وجدانية جمالية غنية بطبقات المعنى، ينقلك من العتمة إلى نور القصيدة، من النثر إلى نشيد، ومن الغياب إلى وعد بالخلود.

في زمن التهافت والتشابه، تأتي ريتا عودة في "أكون لك سنونوة" لتمنح الشعر مجدَه، والأنثى صوتَها، والعاشق أجنحتَه.

فطوبى لها…
وطوبى لنا بهذه السنونوة التي لا تُقيَّد.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصَّة قصيرَة || الحِذَاءُ اللَّعِينُ
- هذا الكونُ ينقُصُهُ القليلُ مِنَ الحُبِّ ليضبحَ قصيدة
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
- أَتعافى بابتسامتكَ
- الحياة غابة
- عودة ليست شاعرة حُبّ تقليديّة
- حديقة من زهور الكلمات
- أعتنـــــــــــقُ العَبَـــــــــــــــــــثَ|| قصيدة ولمحة ...
- عَلَى مَهْلٍ
- فَكِّرْ بِغَزَّةَ
- امْرَأةٌ مِنْ شِعْرٍ
- شاعر... قصيدة ولمحة نقديّة-2
- أيُّها الموت انتظرني حتى أُنهي مَرْثِيَتِي
- التّمرُّد الصَّامت || قصّة قصيرة
- ما أكتبه اليوم هو امتداد لحاجتي الدّاخليّة إلى التّنفس
- لا أَنْتَ القَمَرُ، وَلا أَنْتَ الشَّمْسُ!
- مِن أَيّ معدن أنا ؟!
- نصّ مميّز ولمحة نقديّة || الدّموع
- قصرٌ طائرٌ || سامي عوض الله
- اِرْتَدِي هَالَاتِكِ أَيَّتُهَا الْمُفْرَدَاتُ


المزيد.....




- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ديوان: - أكون لك سنونوة- قراءة نقديّة