أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أيُّها الموت انتظرني حتى أُنهي مَرْثِيَتِي














المزيد.....

أيُّها الموت انتظرني حتى أُنهي مَرْثِيَتِي


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 8368 - 2025 / 6 / 9 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


«أيُّها الموتُ…
لا تَتَعَجَّلْ
انتظرني
حتى أُنهي مَرْثِيَتِي المُؤَجَّلَةَ لذاتي،
فلم يَكْتَمِلْ بعدُ
هذا البياضُ الذي يُغَطِّي قلبي،
ولم أنتهِ من تدريبِ الطيورِ
على الطيرانِ
فوق جُرحٍ
يُشبهُ وجهَ البلاد…»

الشّاعر اياد شماسنة / القدس


■■■■■■■

■ لمحة نقديّة■
القصيدة في جوهرها تعبّر عن صراع وجودي عميق بين الذّات والموت، بين الرّغبة في الإنجاز وشعور النّقص، وبين الأمل والألم الذي يتجسّد في الوطن. إنّها ليست مجرد مناجاة للموت، بل هي كشف عن دواخل نفس الشّاعر وهمومه الكبرى.
1. "أيُّها الموتُ… لا تتعجَّلْ انتظرني حتى أُنهي مرثيتي المؤجلة لذاتي"
* مناجاة الموت: استخدام صيغة "أيُّها الموتُ" يُضفي على الموت صفة الكائن الذي يمكن مخاطبته، مما يعكس شعور الشّاعر بقرب الموت ووعيه به، وفي الوقت نفسه محاولة للسيطرة على هذه اللحظة الفاصلة.
* "لا تتعجَّلْ، انتظرني": تعكس هذه العبارات حوارًا داخليًا، فالشّاعر لا يطلب تأجيل الموت خوفًا منه، بل كرغبة ملحّة في إتمام ما يراه ضروريًا قبل المغادرة. هذا الطّلب يحمل في طياته إقرارًت بأنَّ هناك "وقتًا" يجب استغلاله.
* "مرثيتي المؤجلة لذاتي": هذه العبارة هي محور أساسي.
* "مرثيتي": المرثيّة عادة ما تكون بعد الموت، وهي رثاء للفقيد. لكن هنا، الشّاعر يريد أن يرثي نفسه قبل الموت. هذا يعكس رغبة في تقييم ذاتي شامل، استعراض للحياة، إغلاق لبعض الفصول، أو ربما تدوين للدروس المستفادة.
* "المؤجلة": تعني أنها لم تُكتب بعد، وأن هناك شيئًا ما يعيق إنجازها. ربما هي لحظة الحساب الوجودي التي تفرض نفسها الآن، أو هي إحساس الشّاعر بأنّ حياته لم تكتملْ بعد، وأنّها بحاجة إلى خاتمة يكتبها هو لنفسه.
* "لذاتي": التأكيد على الذّات هنا يشير إلى رحلة داخلية عميقة، حيث يسعى الشّاعر لفهم وجوده، معناه، وإرثه الخاص به. قد تكون محاولة للوصول إلى سلام داخلي أو تقبّل الذّات بكل جوانبها.
2. "فلم يكتملْ بعدُ هذا البياضُ الذي يغطي قلبي"
* "لم يكتملْ بعدُ": تكرار لفكرة النّقص وعدم الاكتمال.
* "هذا البياضُ الذي يغطي قلبي": هذه الصّورة الشعرية تحمل دلالات متعدِّدة:
* النَّقاء والصّفاء الرُّوحي: قد يكون الشّاعر يسعى إلى تطهير قلبه من الشّوائب، للوصول إلى درجة من النّقاء والصّفاء الرّوحي قبل الموت وكأنّه يريد أن يرحل بقلب نقيٍّ تمامًا.
* السّلام الدّاخلي والطّمأنينة: ربما يشير البياض إلى السّكينة والهدوء الذي لم يتمكن الشّاعر من تحقيقه بعد بشكل كامل.
* البراءة والنّقاء الفطري: قد يكوّن البياض هنا رمزًت للبراءة المفقودة أو التي يسعى الشاعر لاستعادتها في رحلة الحياة.
* الخوف من الفراغ: قد يكون البياض رمزًا للفراغ أو العدم، وكأنّ الشاعر لم يملأ قلبه بالخبرات والمعاني الكافية التي تجعله مستعدًا للموت.
* اكتمال الإيمان أو المعرفة: في سياقات روحيّة، قد يشير البياض إلى اكتمال الإيمان أو الوصول إلى درجة عالية من اليقين الرّوحي.
3. "ولم أنتهِ من تدريبِ الطّيورِ على الطّيرانِ فوق جُرحٍ يُشبه وجهَ البلاد…"
هذا الجزء هو قمّة القصيدة، يربط بين الذّات والوطن، ويحمل رمزيّة عميقة للغاية:
* "ولم أنتهِ من تدريبِ الطّيورِ على الطّيرانِ":
* الطّيور: ترمز عادة إلى الأمل، الحريّة، الطموح، والقدرة على تجاوز القيود. قد تكون الطّيور هنا رمزًا للأجيال القادمة، للشّباب، للأفكار الجديدة، أو حتى للأحلام والمشاريع التي لم تكتمل أو تدريب باقي الشّعراء.
* "تدريبِ الطيورِ على الطيرانِ": تشير إلى عملية التوجيه، التعليم، إلهام الأمل، أو إعطاء القوّة أو شقّ الطّريق أمامهم. . الشّاعر يرى لنفسه دورًا في مساعدة هذه "الطّيور" على التّحليق، أي على تحقيق حريتها أو تجاوز محنها، أو كتابة قصائدها المستوحاة من قصائد الشّاعر الذي درّبها على كتابة الدّهشة.
* "على الطيرانِ": التأكيد على الحركة والارتفاع، أو الشّمو الشّعريّ، وهو نقيض للثّبات أو الغرق في الألم.
* "فوق جُرحٍ يُشبه وجهَ البلاد": هذه الصورة هي قلب القصيدة النابض بالألم والأمل:
* "جُرحٍ": رمز مباشر للألم، المعاناة، الخراب، والدمار. هذا الجرح ليس مجرد إصابة بسيطة، بل هو عميق ومؤلم.
* "يُشبه وجهَ البلاد": هذه المقارنة مذهلة ومؤثِّرة.
* تشخيص الوطن: جعل الوطن كائنًا حيًّا، له وجه. لكنّ هذا الوجه مشوَّه بالجراح. هذا يعكس عمق الألم الذي يعانيه الوطن.
* الامتداد والشّمولية: الجرح ليس محدودًا بمكان، بل يمتدّ ليشمل "وجه البلاد" بأكمله، مما يوحي بأنّ المعاناة شاملة ومؤثّرة على كل جزء من الوطن.
* الالتزام الوطني: يربط الشّاعر بقاءه بحاجته لإتمام هذه المهمة الوطنيّة، كأنّه لا يستطيع أن يرحل بسلام روحيّ ما دام وطنه ينزف.
* تجاوز الألم: على الرّغم من وجود الجرح، فإن "تدريب الطيور على الطيران فوق الجرح" يدل على الأمل في تجاوز الألم. فالطيور لا تطير داخل الجرح، بل فوقه، مما يشير إلى أن هناك إمكانية للتّحليق والسّمو فوق هذه الجراح، عن طريق كتابة القصائد وذلك يتطلّب جهدًا مستمرًا.

■الخلاصة ■
القصيدة ليست مجرد تنهيدة يائسة، بل هي تعبير عن مسؤوليّة عميقة يحملها الشّاعر تجاه ذاته ووطنه، فهو يرى أن وجوده لم يكتمل بعد، وأن هنالك رسالة لم يتم تبليغها، أو أفعالاً لم تُنجز.
إنها نداء للبقاء، ليس من أجل البقاء في حد ذاته، بل لإتمام مهمة سامية تتراوح بين السلام الداخلي والتّعبير عن الالتزام الوطني. القصيدة تحفز على التفكير في معنى الحياة، الغاية من الوجود، وأهميّبة الأثر الذي نتركه قبل الرّحيل.

ريتا عودة/ حيفا



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التّمرُّد الصَّامت || قصّة قصيرة
- ما أكتبه اليوم هو امتداد لحاجتي الدّاخليّة إلى التّنفس
- لا أَنْتَ القَمَرُ، وَلا أَنْتَ الشَّمْسُ!
- مِن أَيّ معدن أنا ؟!
- نصّ مميّز ولمحة نقديّة || الدّموع
- قصرٌ طائرٌ || سامي عوض الله
- اِرْتَدِي هَالَاتِكِ أَيَّتُهَا الْمُفْرَدَاتُ
- غزَّة... جرحٌ يُنادي
- يا ليلُ غزَّةَ
- لو أدركَ الحجرُ...!
- هل صَمَتَ الشُّعراءُ..؟!
- لا تُصَدِّقُوا أَنَّهَا أَرْضٌ بِلَا شَعْبٍ
- شاعر وقصيدة || يوسف ناجي / الأردن
- شاعر وقصيدة|| اياد شماسنة
- اِشْرَبُوا دَمَنَا أَيُّهَا الْعَرَبُ!
- مَقْبَرَةُ الْخَوَنَة
- لا... لسنا بخير!
- الشِّرِّيرُ عِنْدَمَا يَمُوتُ
- يَا أَشْقِيَاءَ الْعَالَمِ اِتَّحِدُوا
- ((فكِّر بغزَّ. ة))


المزيد.....




- إيران: المحكمة العليا تؤيد حكم الإعدام ضد مغني الراب تاتالو ...
- كراسي ماري أنطوانيت.. كنوز ملكية تبيّن أنها مزيفة!
- قراءة شاملة لجذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور المؤر ...
- فنان عالمي شهير يواجه اتهامات بسلوك غير لائق ومغازلة فتيات ق ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- مقدم كوميدي أمريكي شهير يعلّق على خلاف ترامب وماسك ويثير ضحك ...
- فنانة أمريكية مثيرة تطلق صابونا من ماء الاستحمام الخاص بها.. ...
- فيلم -فلو- يتجاوز 57 مليون دولار في إنجاز غير مسبوق للرسوم ا ...
- -سوذبيز- تطرح سترة سينمائية شهيرة من الثمانينيات بمزاد علني. ...
- رحيل الفنانة العراقية غزوة الخالدي بعد مسيرة حافلة على خشبة ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - أيُّها الموت انتظرني حتى أُنهي مَرْثِيَتِي