((فكِّر بغزَّ. ة))

ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 10:02
المحور: الادب والفن
    

كَانَ فَارِسٌ طِفْلًا عَادِيًّا، يَحْلُمُ بِمُعْجِزَاتٍ خَارِقَةٍ، إِلَى أَنْ اسْتَيْقَظَ فِي الْفَجْرِ وَذَهَبَ لِيَمْشِيَ فِي الْغَابَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ بَيْتِهِ.
جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ يَتَنَهَّدُ.
فَجْأَةً، انْبَثَقَ مِنْ بَيْنِ الْأَشْجَارِ الْمُظْلِمَةِ رَجُلٌ عَجُوزٌ. اِقْتَرَبَ مِنْهُ بِبُطْءٍ.
جَلَسَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَسَأَلَهُ عَنْ اسْمِهِ فَأَجَابَ الطِّفْلُ:

فَارِسٌ.
عُمْرُكَ؟
عَشْرُ سَنَوَاتٍ.
أَهْلًا يَا صَغِيرِي. لَقَدْ رَأَيْتُكَ تَجْلِسُ هُنَا وَتَحْلُمُ فَجِئْتُ لِأُحَقِّقَ لَكَ حُلْمَكَ. قَفَزَ الصَّغِيرُ وَاقِفًا وَهُوَ يُهَلِّلُ:
حَقًّا! بِإِمْكَانِكَ تَحْقِيقُ حُلْمِي؟!
نَعَمْ.
كَيْفَ؟!
أَنْتَ طِفْلٌ شُجَاعٌ لِذَلِكَ سَأُحَقِّقُ لَكَ حُلْمَكَ. إِلَيْكَ هَذَا الْخَاتَمَ السِّحْرِيَّ. ضَعْهُ فِي إِصْبَعِ يَدِكَ الْيُمْنَى لِيُعْطِيَكَ قُوَّةً عُلْوِيَّةً. سَيُحَقِّقُ لَكَ أُمْنِيَةً وَاحِدَةً فِي حَيَاتِكَ لِذَلِكَ فَكِّرْ جَيِّدًا بِأُمْنِيَتِكَ. هُنَالِكَ شَرْطٌ آخَرُ، إِيَّاك أَنْ تُخْبِرَ أَحَدًا بِالْمَوْضُوعِ. إِنْ فَعَلْتَ سَيَلْتَغِي مَفْعُولُ الْخَاتَمِ وَيَعُودُ خَاتَمًا عَادِيًّا، لَا قُوَّةَ سِحْرِيَّةَ فِيهِ.
كَيْفَ أَطْلُبُ مِنْهُ تَحْقِيقَ أُمْنِيَتِي؟
عِنْدَمَا تَقُومُ بِفَرْكِ الْخَاتَمِ سَيُحَقِّقُهَا لَكَ مَهْمَا كَانَتْ.
حَسَنًا.. حَسَنًا.. عَمِّي الْعَجُوزُ. حَضَنَ الطِّفْلُ الْعَمَّ الْعَجُوزَ وَغَادَرَ رَاكِضًا إِلَى الْمَنْزِلِ. تَوَجَّهَ فَوْرًا إِلَى غُرْفَتِهِ وَرَاحَ يُفَكِّرُ بِالْأُمْنِيَةِ. مَاذَا يَطْلُبُ؟ أَيُّ الْأُمْنِيَاتِ هِيَ الْأَكْثَرُ إِلْحَاحًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ؟ وَهُوَ مُسْتَغْرِقٌ بِالتَّفْكِيرِ، نَادَتْهُ أُمُّهُ لِتَنَاوُلِ طَعَامِ الْإِفْطَارِ. تَمَنَّى وَهُوَ يَتَنَاوَلُ فُطُورَهُ لَوْ يُخْبِرُ وَالِدَتَهُ بِمَا حَدَثَ مَعَهُ، لَكِنَّهُ تَذَكَّرَ الشَّرْطَ، فَقَرَّرَ أَنْ يَحْتَفِظَ بِالسِّرِّ لِنَفْسِهِ. قَضَى النَّهَارَ وَهُوَ يَرُاوحُ بَيْنَ أُمْنِيَةٍ وَأُخْرَى. أَيَشْتَرِي بِسِكْلِيتَ كَبسكليتِ ابْنِ الْجِيرَانِ سَامِي، أَمْ يَطْلُبُ ثِيَابًا، أَمْ قِصَصًا جَدِيدَةً لِيَقْرَأَهَا فِي وَقْتِ فَرَاغِهِ، أَمْ.. وَأَمْ.. وَأَمْ..!
فِي الْمَسَاءِ وَهُوَ يُشَاهِدُ التِّلِفَازَ، رَأَى أَطْفَالًا يَبْكُونَ بِحُرْقَةً. رَأَى أَشْلَاءَ أَجْسَادِ أَطْفَالٍ. اِخْتَنَقَ أَلَمًا. أنصَتَ لِحَدِيثِ وَالِدَيْهِ فَفَهِمَ أَنَّ هَذِهِ حَرْبٌ وَأَنَّ هَؤُلَاءِ أَطْفَالُ غَزَّةَ. قَرَّرَ أَنْ يُوقِفَ هَذِهِ الْحَرْبَ اللَّعِينَةَ. رَكَضَ إِلَى غُرْفَتِهِ. تَنَاوَلَ الْخَاتَمَ وَوَضَعَهُ فِي سَبَّابَتِهِ. فَجْأَةً، بَدَأَ يَطِيرُ وَكَأَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ سِحْرِيٍّ. قَطَعَ الْمَسَافَاتِ الشَّائِكَةَ بَيْنَ بَيْتِهِ وَغَزَّةَ. مَا إِنْ وَصَلَ حَتَّى رَأَى دَمَارًا شَامِلًا، كَأَنَّ الْمَكَانَ مَقْبَرَةٌ كَبِيرَةٌ.
نَظَرَ إِلَى خَاتَمِهِ وَقَرَّرَ أَنْ يُفْركَه لِيَطْلُبَ مِنَ الْمَارِدِ الَّذِي سَيَظْهَرُ أَنْ يُوقِفَ هَذِهِ الْحَرْبَ اللَّعِينَةَ. مَا إِنْ لَمَسَتْ أَنَامِلُ يَدِهِ الْيُسْرَى الْخَاتَمَ حَتَّى ضَرَبَهُ صَارُوخٌ فَوَقَعَ مُغْشِيًّا عَلَيْهِ.

#ريتا_عودة/ حيفا
30.4.2025

#ريتا_عودة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل