أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-















المزيد.....



ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-


ريتا عودة

الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 08:56
المحور: الادب والفن
    


"ملامح أدب الحداثة في " أكون لك سنونوة"
للشاعرة: ريتا عودة






أ.إيمان مصاروة
الجليل...2025






الملخص
تُقدّم هذه الدراسة قراءة معمّقة لتجربة الشاعرة "ريتا عودة" الشعرية، مسلّطة الضوء على مجموعتها "أكون لك سنونوة"، ومبرزة تفردها في أدب ما بعد الحداثة. وتستعرض الدراسة الموسومة بـِ "ملامح أدب الحداثة في " أكون لك سنونوة"، ملامح كتابتها التي تتميز بالكثافة الرمزية والصورة الشعرية، حيث تستلهم رموزها من ثقافتها وتجربتها الشخصية، مثل رمز "حلّاج المفردات" الذي يعكس فلسفتها الإبداعية في إعادة تشكيل التراث بأسلوب مبتكر. وتُظهر عودة توازنًا بين حرية التعبير وتحكّمها في المفردات، ما يعكس فهمًا عميقًا لعملية الإبداع.
كما أظهرت الدراسة تميز الشاعرة بصور مبتكرة تدعو القارئ للتفاعل مع النص على مستويات متعددة. وقد أظهر تحليل نصوصها قدرتها على التعبير عن القيم الإنسانية باستخدام التكرار والرموز غير التقليدية، مثل "دودة القز"، مع تبني تأثيرات ما بعد الحداثة في تناول الذات والآخر والحزن والضياع. كما تناولت الدراسة قصائد مثل "أعشاش العشق" التي تتناول الصراع الداخلي و"موسيقى الكون" التي تستكشف التحول الروحي، مع التركيز على أساليب فنية كالتضاد والتجسيد. وتُبرز القصائد استقلالية الشاعرة وتمردها ضد التهميش، مؤكدة هويتها كصوت شعري متوهّج.
بصورة عامة، تُجسد تجربة ريتا عودة نموذجًا شعريًا متفردًا يمزج بين جماليات اللغة والرموز العميقة، متصدية لقضايا الوجود والقلق الإنساني، ما يجعلها أحد أبرز الأصوات في أدب ما بعد الحداثة.
كلمات مفتاحية: أدب ما بعد الحداثة، الصورة الشعرية الغرائبية، الرمزية، النص النثري.

Abstract
his study offers an in-depth exploration of the poetic journey of Rita Odeh, focusing on her collection "I Shall Be Your Swallow" and highlighting her uniqueness within postmodern literature. Titled "Features of Modern Literature in I Shall Be Your Swallow, " the study examines her writing style, marked by dense symbolism and vivid imagery. Drawing inspiration from her culture and personal experiences, Odeh incorporates symbols like the "Wordsmith Al-Hallaj," reflecting her creative philosophy of reshaping heritage in an innovative manner. She strikes a balance between expressive freedom and meticulous control over language, demonstrating a profound understanding of the creative process.
The study also reveals her uniqueness in crafting innovative images that invite readers to engage with the text on multiple levels. Analyzing her poems uncovers her ability to express human values through repetition and unconventional symbols, such as the "silkworm," while incorporating postmodern influences in addressing themes of self, otherness, sorrow, and alienation. The study examines poems such as "The Nests of Love," which delves into internal conflict, and "The Music of the Universe," which explores spiritual transformation, focusing on artistic techniques like contrast and personification. These poems emphasize her independence and defiance of marginalization, asserting her identity as a luminous poetic voice.
Overall, Rita Odeh’s poetic journey represents a distinctive model that blends linguistic aesthetics with profound symbolism, addressing existential and human anxiety, establishing her as one of the most prominent voices in postmodern literature.

Keywords: Postmodern literature, surreal poetic imagery, symbolism, prose poetry.


مقدمة
إنَّ الكتابة عن الشاعرة ريتا عودة، تحتاج لوقفة جادة كشاعرة مختلفة عن شعراء الحداثة، ومجموعتها الأدبية " أكونُ لكَ سُنونوَة" تحتاج للتأني والنبش وراء ما كتبته من تجارب انسانية تخللت الفلسفة والحكم والبيئة المحيطة صنعت من خلالها لوحات أدبية مختلفة ومدهشة في الخيال واللغة والصورة الشعرية الغرائبية التي تلامس روح المتلقي.
إنَّ مجموعة" أكونُ لكَ سُنونوَة" للشاعرة ريتا عودة، إنما تمثل عمق تجربتها الابداعية التي بنت من خلالها نمط جديد من البناء الفني الخاص بنصها الشعري والنثري والسردي، حيث نقف عند منثورات حداثية تتعدى النصوص المنثورة والمتعارف عليها في تجاوزها للبناء الفني الأدبي والشعري هذا العمق وهذه الدلالات.
وواضح أن " أكونُ لكَ سُنونوَة" لريتا عودة قد أوصلتنا إلى النمط الذي لطالما انتظرناه في الكتابة المنثورة، التي تصنف إلى ما بعد الحداثة، والتي تعتبر مرحلة جديدة تجاوزت فيها شعر الحداثة، بل ارتقت إلى درجات تلامس الذات الإنسانية، وتتغنى بآلام وأحلام وحب رؤية الإنسان وآماله، ودون أية تصنيفات جاهزة تطلق على نصها المنثور.
والشاعرة عودة في نثريتها دخلت ميدان مرحلة شعر ما بعد الحداثة، وبرزت سمات هذه المرحلة ومقوماتها، من خلال هندسة كتابتها والرسم بالمفردات وخلق الفضاءات المكتظة بالرموز والصور، التي ما بعد الحداثة المعمول فيها عند كتاب وشعراء وناثرين الحداثة وما بعدها.
وقبل الولوج إلى العالم الشعري عند شاعرتنا في مجموعتها: " أكونُ لكَ سُنونوَة"، يطالعنا العنوان اللافت، وتحت عنوان المجموعة عنوان فرعي: "مدخل"، وهما عنوانان متداخلان يفسران بعضهما، فالأول يتميز بالكثافة وتعدد الفضاءات، وأما الثاني يفتح الباب لكل تأويلات النص النثري الخاص بالمجموعة الانسانية المختلفة، باعتبار أن العمل الأدبي متسلسل ومتعدد القراءات، وهذا يتيح للقارئ البحث والاندماج مع النصوص والاستمتاع في لذتها، والنظر العميق في دواخله وظواهره، فالواضح أن ريتا عودة منحت الباحثة لذة البحث المختلف، وقد جاء "أكونُ لكَ سُنونوَة"، في دلالة الهجرة لأنواع الطيور التي وثقت منذ القدم من قبل هوميروس وأرسطو فهنا ذهبت الشاعرة على عدم تقييد روحها بالمحبوب حين قالت" أكونُ لكَ سُنونوَة" حين لا تكون أنت القفص لي حيث صورت ما تتمنى أن تحققه في التحرر الجسدي والروحي فهي تقول:
أكونُ لكَ سُنونوَة
حينَ لا
تكونُ ليَ (القفصَ).
فبطلة القصيدة عودة متمثلة بالسنونوة التي اهتموا بها كبار الكهنة والسحرة ولها دلالة واضحة في الأساطير القديمة، حيث التقت مع ثقافة الشاعرة التي ربما تؤمن أن طائر السنونوة سيجلب لها الحظ!!.
"أكونُ لكَ سُنونوَة"، هي رحلة تجعل الباحث يغوص في نصوص المجموعة وصدى للعنوان، ويتخيل رحلتها وتجربتها الانسانية التي كانت مؤشر هام لمسارها الأدبي الخاص، مع العلم أنها منحت نصوص المجموعة التجنيس الأدبي تاركًة للقارئ مُسمى العمل الذي وقع بين يدي ووضعته في إطار المنثورات، ذلك لأن الشاعر الحداثي يصدر مجموعة من الحقول المعرفية، ويترجمها في ابداعاته المشوبة بفنون أدبية أخرى كالسرد في شكله التراجيدي والدرامي، ولذلك نكون أمام عمل أدبي يصهر جميع الخطابات الأدبية في بوتقة واحدة تسمى نثرية، وأحيانًا ومضة أو سردية أو هاكاتوية وهكذا...!!
ورمزية العنوان وهو مفتاح العمل إنما يدلل على الكثير من الدلالات الرمزية التي سنذهب من خلاله إلى ما تبوح به شاعرتنا ريتا عودة من خلال أفكارها وموضوعاتها التي تحلق مع السنونوة التي تنطلق متحررة من كل القيود مبتعدة عن القيود البشرية على الأرض وفي الواقع، إذن هي تعدت كل هذه القيود من خلال مدخل المجموعة .
إنَّ هذا الصنف الابداعي المتجانس فيه من الشاعرية والعمق والثراء الفكري، والروحي، والفلسفي معًا، الأمر الذي يتوقف على ثقافة الشاعرة والمامها التام بالنص الذي تعدى الحداثة بتطويع اللغة وهندستها لتخرج بأجمل حلة وتأخذنا نحو الابتكار والدهشة. وشاعرتنا اختارت لاصدارها الجديد هذه الهوية الأدبية اللافتة والمركبة من ثلاث كلمات : أكونُ لكَ سُنونوَة". وكلها مفردات غنية بالدلالات ومستوحاة من الأسطورة، ويمنح ذلك الشاعرة ريتا عودة فرصة أكبر للتميز والتفرد، والبحث فيما وراء الأشياء.
تمضي الباحثة مع "أكونُ لكَ سُنونوَة"، كما لو أن شاعرتنا لخصت في عنوانها كل مشاعرها وهواجسها في هجرانها حتى تجد عشها الذي أنشأته وتركته بإرادتها وكأنها تراجعت في اختيارها، لتعود باحثة عن رسم حياة وفكر خاص بها، لذلك يعتبر طائر السنونوة، تمثالًا للحرية والوفاء، وهذا ما يعكس شخصية الشاعرة كإنسانة شديدة التعلق بكائنات الواقع والأشياء وما يجري معها من تجارب انسانية واجتماعية تأخذها نحو الانتقاد والتوجيه من خلال أسلوبها، حيث دأبت على الابتكار في كتاباتها، وجمعت بين التجربة الشخصية والتجربة الجمعية، والفلسفة، والنثر، والسرد، والصورة، واللغة، في اطارٍ ممزوج وخاص بتجربتها وأسلوبها الغير متداول في أدبنا المحلي كقولها:
((كانَ بإمكاني))
كانَ بإمكاني
أن أتجمّلَ بفساتين من حريرْ
كان بإمكاني
أن أعيشَ في غيمَةْ ... معَ النُّخْبَةْ
فلا ألتفتَ لِضَريرْ
كان بإمكاني ألَّا أُبالي
بالمَسَاكينِ المُثقَلينْ بالوَجعِ الكَبِير..
لكنني أدركتُ أنّني مُرْسَلة
لأبشِّرَ
بالوَردِ والعَبيرْ
الهيكل والتنظيم
يتميز النص بتكرار العبارة "كان بإمكاني"، مما يخلق إيقاعًا موسيقيًا ويعزز فكرة الندم أو التأمل في الخيارات المتاحة. ووفقًا لأدونيس في كتابه "الحداثة العربية"، "فإن استخدام التكرار، يعد من الأساليب الشعرية الفعالة التي تعزز من قوة التعبير الشعري وتؤكد على مشاعر الشاعرة"( ).
المحتوى والموضوع
يتناول النص مفهوم الحداثة من خلال استكشاف الخيارات الفردية في مواجهة الواقع الاجتماعي. الشاعر يعبر عن الرغبة في الحياة بطريقة مرفهة، لكنه يدرك مسؤوليته تجاه الآخرين. هذا الصراع بين الفردية والواجب الاجتماعي يتماشى مع أفكار إدوارد سعيد في الاستشراق( ).

الرمزية
فساتين من حرير" ترمز إلى الرفاهية، بينما "المساكين المثقلين بالوجع" تعكس الواقع القاسي. وفقاً لغاستون باشلار في كتابه "جماليات المكان"، فإن الرموز تلعب دورًا محوريًا في التعبير عن الصراعات الداخلية، التي تعانيها الشاعرة وعكستها في نصها( ).
اللغة والأسلوب
إنَّ اللغة المستخدمة بسيطة لكنها تحمل عمقًا كبيرًا. استخدام العبارات القصيرة والمكررة يضيف إلى التأثير العاطفي. كما تشير سوزان سونتاج في كتابها "عن الصور"، إلى أن الأسلوب البسيط يمكن أن يكون أكثر تأثيرًا في نقل المشاعر الإنسانية( ).
الرسالة والدلالة
الرسالة الأساسية تتعلق بالقيم الإنسانية والواجب تجاه المجتمع. الشاعر يختار أن يكون "مرسلاً" للخير، مما يعكس روح الالتزام. أمبيرتو إيكو في كتابه "اسم الوردة"، يشير إلى أهمية الالتزام الأخلاقي في الأعمال الأدبية( ).
يجسد تجربة إنسانية تتعلق بالاختيار والواجب الاجتماعي، مقدماً رؤية حداثية تتجاوز الفردية لتصل إلى مفهوم التضامن، من خلال هذا التأمل، تظهر الشاعرة كيف أن الرفاهية الشخصية لا تعني شيئًا إذا كانت على حساب معاناة الآخرين.
ولعل هذا ما ساعد الباحثة التوصل إلى بعض المفاتيح التي تساعد على التجاوب والتفاعل مع نصوص الشاعرة من خلال تعدد الأصوات في النص الواحد، فنراها تحدث روحها ثم ثحدث الغير ثم العام والمجموع. والشاعرة عودة من خلال ذلك تكشف عن شمولية ذائقتها الفنية ونهلها من عدة ثقافات معرفية، فاستطاعت عودة أن تبلور نصوصها بنكهة وأسلوب خاص بها لذلك انتقت عناوين جانبية أثارت المتلقي((كانَ بإمكاني))، إذن كان بإماكنها أن تختار الأجمل والأفضل والبقاء في صف النخبة بعيدة عن الألم والوجع إلا أنها أدركت أنها مرسلة لتبشر الاخرين بالورد والعبير والفرح!!، فمن خلال متابعة نصوص الشاعرة نشعر بعد المرور عليها بعمق وتمعن بخلفيات عودة المعرفية أننا مررنا بمثل هذه النصوص في رؤياها ووجودها بيننا تلك السنونوة التي لا زالت تبحث عن فساتين الحرير.
ظهر التطور بشكل واضح على النصّ الأدبي، في الربع الأخير من القرن العشرين، وأصبحت تشكيلاته وبنيته مختلفة في أدبنا المحلي، فالأدب يتطور بالدرجة الأولى من داخلهِ ومن طبيعة النظام الُلغوي له ويبنى عليه، وأضحت" قصيدة النثر "، هذا النوع من النصوص الذي لا يلتزم بأي شكل من الموسيقى الشعرية، بل نمى وترعرع في شاعرتنا ريتا عودة التي أبت النشر إلا في العقدين الأخيرين. بعيدًا عن المسمى الأدبي لنص شاعرتنا عودة أجد أن قيمته وبنيته من تحدد ذلك، لأن القيمة لا تُنتزعُ من التسمية وإنما تظهر القيمةُ في البناء الأدبي الجديد للغة وتوظيفها توظيفا دلاليًا إيحائيًّا يستجيبُ للتأويل والتعليق والأخذ والرد وهذا الذي يعود بالبناء الحداثي كما فعلت ريتا مع نصوصها.
والحديث هنا يدفعنا إلى القول:- بأننا تأثرنا كثيرًا بما قرأناهُ من الأدب العالمي، إلا أنَّ نصوص الشاعرة هي كوكتيل بين كل المسميات فنجدها تكتب الومضة، والهايكو، والتوقيعة، والنصّ النثري والشعري أحيانًا، والتي تنسجم مع روح المرأة المتمردة على سجنها تحت مجموع القيود التي خلقتها وفرضتها البيئة والطبيعة التي ساعدت على إطلاق تسمية " قصيدة النثر "، فما قاله بعض الأدباء ينسجم مع لغتهم وتعبيراتهم وذائقتهم الأدبية والفنية، فأنا أوافق قول" ابن عبد الجبّار النّفري" :" كلّما اتّسعت الرؤيا ضاقت العبارة"، لذلك نجد أن القول هذا ينطبق على مثل هذه النصوص، فهي نثيرة أو قصيدة بسيطة مضغوطة في بنائها، تبدو ظاهريًا أنها سهلة المنال لكنها استطاعت استقراء المرئيات بتفاصيلها( ).
على الناقد أن يقف وقفة جدية ويقرأ النص قراءة متأنية عميقة، ومن أجلِّ الأمانة الأدبية، مع كل ما تمنحه هذه التوقيعات والشذرات والنصوص من الدهشة. مما يجعله يستحضر طاقات كبيرة والنبش في عمق النص. ونصوص الشاعرة ريتا عودة تبدو عامة وسلسة لاستعانتها بموضوعات طرقتها كالطبيعة والجمال والتجارب الاجتماعية والانسانية المؤثرة، حيث اعتمدت على التفاصيل الدقيقة والصور الجمالية المُعبرة.
وفي سياق الأدب المعاصر، تبرز تجربة الشاعرة ريتا عودة كواحدة من التجارب الفريدة التي تمزج بين الأشكال الأدبية، مما يعكس تأثير الأدب العالمي على كتابتها. ويتجلى ذلك في انفتاحها على عدة أنواع أدبية، مثل الومضة، الهايكو، والتوقيعة، حيث تستخدم هذه الأشكال للتعبير عن تمردها على القيود التي تفرضها البيئة والطبيعة، وهو تمرد يتسق مع روح المرأة المعاصرة، حيث تتسم نصوصها بتعدد الأشكال وكثافتها المعنوية، فتكتب أشكالًا مختلفة في آن واحد، ما يجعل من نصوصها تجربة غنية تتجاوز حدود الشكل الأدبي التقليدي. كما يقول ابن عبد الجبّار النّفري: "كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة"، ويمكننا أن نرى كيف تنطبق هذه المقولة على نصوص عودة، التي تبدو ظاهريًا بسيطة وسهلة الفهم، لكنها تحمل في داخلها عمقًا فكريًا يتطلب تأملًا دقيقًا.
ومن أجل قراءة نصوص ريتا عودة بعمق، يجب على الناقد أن ينهض بواجباته النقدية تجاه نصها الأدبي، مستحضرًا الطاقات الكبيرة التي تتطلبها مثل هذه الأعمال الأدبية. خاصة حين تمثل نصوصها تجسيدًا للدهشة والعمق، حيث تتناول موضوعات إنسانية شاملة، مثل الطبيعة والجمال والتجارب الاجتماعية. ففي قصيدة لها، تقول:
"رَفْرفِي ريتايَ،
وبجناحَيِّ اللغةِ حلِّقي
فالسَّماءُ
ينقُصُها نجمة"
هنا، تبرز استعارة الطائر كرمز للتحرر، حيث تشبه الشاعرة نفسها بالسنونو، معبرة عن رغبتها في التحليق بجناحي اللغة، مما يعكس رؤية جمالية متكاملة، وقدرة عودة على استخدام اللغة كوسيلة للتعبير عن الذات وتجسيد التحديات التي تواجهه، علاوة على ذلك، تَظهر في نصوصها تأثير الفلسفة على كتابتها، حيث تقدم تأملات عميقة حول معنى الكتابة والفن، تقول في إحدى توقيعاتها: "أكتبُ لأُوصِلَ لا لأَصلَ". تعكس هذه العبارة عمق تفكيرها حول وظيفة الكاتب، حيث تضع الكتابة في إطار من التواصل الإنساني، مما يجعلها جزءًا من الفعل الاجتماعي والثقافي.
لقد قام الشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصرة بتأسيس لقصيدة الهايكو العربية، التي تُعتبر بمثابة نقطة تحول في الشعر العربي الحديث. حيث أطلق عليها اسم "التوقيعة الشعرية"، وهو مفهوم يتفاعل مع التجارب الأدبية الحديثة. في كتابه "هايكو تانكا" و"توقيعات" (1964)( )، ساهم المناصرة في بلورة هذا الشكل الأدبي، مما أثّر على شعراء آخرين، بما في ذلك ريتا عودة، التي تأخذ من هذا الشكل وتعيد صياغته بما يتناسب مع تجربتها الإنسانية.
علمًا أن العديد من النقاد العرب يرون أن الهايكو هو جزء من شعر النثر أو أنه يمثل نوعًا جديدًا من النثر الحديث، الذي يتجاوز الأشكال التقليدية. كما أن هذا الانفتاح على الأشكال الأدبية الجديدة يعكس التفاعل الثقافي بين الأدب العربي والأدب الغربي، وهو ما يميز تجربة ريتا عودة عن غيرها من كتاب التوقيعة.
وتمثل نصوص ريتا عودة تجربة شعرية غنية ومعقدة، حيث تستخدم مزيجًا من الأشكال الأدبية لتجسيد مشاعر الجمال والمعاناة. وتعكس هذه النصوص التحديات الإنسانية المعاصرة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من المشهد الأدبي العربي الحديث. للتعمق في فهم هذه الظواهر الأدبية، يمكن الرجوع إلى كتابات حديثة مثل "الشعر العربي المعاصر: الرؤى والتجارب" (2021) لأحمد طعمة، الذي يستعرض التأثيرات الثقافية وأشكال التجديد في الشعر العربي، إذن تضع شاعرتنا معايير مبادئ كتابة الومضة الشعرية في اقرار واضح لطبيعة كتاباتها التي ميزتها في هذه المجموعة الأدبية الهامة في مسيرتها الإبداعية وتضيف:
الحروفُ هي الحروفُ، إنّما: قصيدتي صغيرة كَقُنْبُلَة، عميقة كَبحر،
مُدهشة كَقُبْلَة
إنَّ الشاعرة عودة تذكرنا بما يدور في الساحة الأدبية من حوارات حول النصّ الأدبي والصراع الدائر في تقييم هذا العمل، وربما تكون هذه رسالة مبطنة لبعض الشعراء أو الأدباء وحتى النقاد، علمًا أنَّ قِصَر النصّ يعبر عن نفسه أنه صغير كقنبلة وعميق كبحر وهذه دلالة على عدم الراحة النفسية وحالة الهيجان التي تشعر بها عودة ورغم ذلك تترك الدهشة لتعبر عن الأمل.
إنَّ التجربة الشعرية عند شاعرتنا عودة غنية تتمحور حول "الكثافة الرمزية والصورة الشعرية" التي تستمد جذورها من الثقافة الشخصية للشاعرة، وتتضح هذه الفكرة من خلال :
الكثافة الرمزية
وتبرز قدرة الشاعرة على خلق كثافة دلالية في نصوصها، حيث تستمد الرموز من تجربتها الشخصية وثراء ثقافتها. ويمثل مفهوم "حلّاجُ المفردات" استعارة بليغة تعكس قدرتها على تحويل الكلمات إلى معانٍ تتجاوز السطح، مما يعيد تشكيل المفردات لتصبح نسيجًا شعريًا يضيء بتجارب الحياة، إن هذه الإشارة إلى الحلاج، الذي يرمز إلى التحويل والإبداع، تعكس السعي لإحياء التراث والأسطورة بأسلوب مبتكر وجديد.
فلسفة الإبداع
تتجلى فلسفة الشاعرة في وصفها" للمايسترو اليقظ"، الذي يترك للمفردات حرية التعبير عن نفسها. هذا التصور يعكس فهمًا عميقًا لعملية الإبداع، فالشاعرة ليست مجرد مُنتج للكلمات، بل هي موجهةُ تتيح للغة أن تنبض بروح الحياة، إن هذا النهج يعكس توازنًا بين التحكم والتلقائية، مما يمنح النص طابعًا فنيًا مميزًا.
الخيال والابتكار: وتتسم تركيبات الشاعرة بالخيال الواسع والابتكار، حيث تستخدم صورًا مثل "القصيدة نهرٌ" و"قلوبُ الشُّعَراءِ فَوَانِيسُ" لتجسيد مشاعر عميقة ومعقدة. هذه الصور لا تعزز فقط من جمال النص، بل تدعو المتلقي للتفاعل مع النص على مستويات متعددة، مما يفتح أمامه آفاقًا جديدة للنأمل والتفكير.
عمق التجربة الإنسانية
تظهر الشاعرة من خلال تعبيراتها، مثل: "رأسي خلية نحل"، حيوية الفكر والإبداع، مما يمنح القارئ شعورًا بالارتباط الوثيق مع النص. هذه الصورة تعكس حالة من النشاط الفكري والإبداعي، مما يسمح للمتلقي بالشعور بأن الشاعر يعبر عن تجربة إنسانية مشتركة.
جماليات اللغة: وتتسم لغة الشاعرة بالجزالة والعمق، حيث تستخدم تعبيرات تعكس جماليات الأدب العربي الحديث. فإن قدرتها على تقديم صور شعرية متجددة تعكس عمق الرؤية الفنية، مما يجعل النص محملاً بالمعاني والدلالات الغنية، حيث تبرز فيه الأبعاد الرمزية والجمالية، من خلال استخدام تقنيات فنية متقدمة، تتمكن الشاعرة من خلق نص نثري يتيح للمتلقي فرصة لاستكشاف معانٍ متعددة، مما يثري تجربته الفنية ويعمق فهمه للأدب الحديث كوسيلة للتعبير عن الذات والوجود.
ونلاحظ هنا العلاقة التماثلية بين الدال والمدلول وذلك بالتغلغل في أسرار اللغة والتمتع بقدرة الحمولات اللفظية التي تتمتع بها الصور الشعرية، والتأليف بين مفرداتها وإعطائها صورا متعددة تبث فيها الحركة والروح والأنسنة، وهكذا نرى شاعرتنا ريتا عودة وهي ترسم وتهندس لوحاتها وتجيد حياكتها لشيء محسوس، وما ذلك إلا لقوة حاستها المعرفية التي دلتها إلى العلاقة الخفية بين المسميات، فهي تستنطق الأشياء وتدب فيها الحركة والحياة كما نجحت بتوظيف تقنية الحذف ومناوبتها لبعض علامات الاستفهام أو الجمل والنقاط لمنح النص دلالات أخرى، وكان يتعين على القارئ أن يكتشفها بنفسه ليكون جزءا من العملية الإبداعية ومنتجا لئلا يكون محض قارئ متلق مستهلك.
((من قال إنّني شاعرة))!
ما أنا إلاّ دودةُ قَزّ.ٍ
داخلَ شرنقتي
أنسجُ خيوطَ تفرُّدي
في انتظارِ
إ نْ
طِ ل ا
قَ ة
تليقُ بأجنحتي.
تعتبر الشاعرة ريتا عودة من الأسماء البارزة في النص الهايكوي المعاصر، حيث تتميز توقيعاتها بتقنيات فنية متقدمة تعكس رؤيتها العميقة للعالم. وفي تحليل شكل النص الشعري، نلاحظ عدة جوانب رئيسية تسهم في بناء أسلوبها الفريد.
البنية الشكلية
تتنوع البنية الشكلية لنثريات المجموعة، والشاعرة عودة استخدمت أسلوب الحذف بشكل متكرر. ولا يقتصر هذا الأسلوب على ترك بعض العناصر مفتوحة، بل يهدف إلى إشراك القارئ في عملية التأويل. مثال ذلك في قصيدتها: "من قال إنني شاعرة!"، نجد أن النص يتخذ شكلًا غير تقليدي، حيث تمتد كلمة "إنطلاقة" عبر الصفحة، مما يرمز إلى الحاجة إلى الحرية والتغيير. اضافة لاستخدامها بعض التقنيات الأدبية، حيث استخدمت تقنيات المناوبة في علامات الترقيم، مما يخلق نوعًا من الغموض ويجعل القارئ يتفاعل مع النص بشكل أعمق. هذه التقنية توفر بعدًا إضافيًا للمعنى، حيث تمنح للقارئ حرية البحث عن الدلالات المخفية وراءها.

الرمزية
تستند في نصّها إلى رموز قوية ومختلفة، كما يتضح في نصّ "دودة القز" كرمز للتحول، والذي يعكس الصراع الداخلي للشاعرة، حيث تعبر عن رغبتها في التحرر والانطلاق من القيود، و تعكس هذه الرمزية تجربة إنسانية خاصة وعميقة تتعلق بالتغيير والنمو الذي تسعى له الشاعرة. ونلاحظ أن ريتا عودة تجسد صوتًا شعريًا مميزًا يتميز بالابتكار والعمق. والتقنيات الفنية التي تستخدمها ، مثل الحذف والمناوبة، حيث تعكس رؤيتها الفريدة للعالم وتجربتها الإنسانية، مما يجعل منثوراتها غنية بالدلالات والمعاني.
وتسير شاعرتنا في ومضاتها وتوقيعاتها الأخرى، ممارسة أرقى طقوس قصيدة النثر وجماليات نصّ ما بعد الحداثة، وإجمالًا شعرها ذاتي واجتماعي يتصدى لمشكلات الوجود وقلق الذات وتموجات الروح بين غابات الضياع والغربة والندم، إلا أنها لا تغفل عن نقدها لبعض الأحداث والتجارب التي تمر بها، نقتطف هذه الومضات التي تعكس ذلك:
ثمّة مَنْ
يُرتِّبونَ المفرداتِ
كحجارةِ الأسوارِ
على السّطورْ،
وثمّة من
يصنعونَ منها طائراتٍ
أو أجنحةَ نُسورْ،
وثمّةَ مَنْ يكونونَ:
هُمِ القصيدَة.
*
قبلَ أنْ تطأَ أرضَ مملكتي، اخلعْ أفكارَكَ المُسْبَقة عنِ النِّساءِ والقصيدَة.
*
كلّما أُدَلِّلُها، تدَلِّلنِي أكثر.
كلّما أُحاولُها، تُباغتُني باحتمالاتِها.
فكيفَ لا أعشَقُها؟!
*
دودةُ قزٍّ، أنا.
أصنعُ قصائدي مِنْ حريرٍ وأنسجُها على نُولِ الدَّهشَة.
قصائدي لي: لا شريكَ لي في تفرُّدِها.
يتناول النصّ تجربة الشاعرة الكتابة ، حيث يظهر بشكل واضح تأثير ما بعد الحداثة على أسلوبها وموضوعاتها. يمكن تحليله من خلال عدة جوانب دلالية وفكرية ومنها:
البنية الشعرية والتقنية...
تشير الشاعرة في نصها إلى مفهوم ترتيب المفردات، حيث تقارن الكلمات بحجارة الأسوار، مما يعكس فكرة البناء الفني للقصيدة. هذا التمثيل البصري يعكس كيفية تشكيل الأفكار والمشاعر من خلال اللغة، ويعبر عن الصراع بين النظام والفوضى في التعبير الشعري.
الذات والآخر
تعكس الومضات الشعرية تجربة الشاعرة الذاتية، حيث تتناول مشاعر الوجود القلق، وهو ما يبرز أهمية الذات في الشعر الحديث. كما أن دعوتها للقارئ لخلع الأفكار المسبقة عن النساء والقصيدة تشير إلى الوعي النقدي وتحدي الصور النمطية السائدة.
والشاعرة ريتا عودة تعبر عن علاقة حميمية مع قصائدها، حيث تتحول القصيدة إلى كائن حي يتفاعل معها. هذا التفاعل يعكس فكرة أن الإبداع الشعري ليس مجرد إنتاج لغوي، بل هو تجربة عاطفية وروحية عميقة.
الرمزية والتعبير عن الحزن والضياع
استخدام الرموز مثل: "دودة قز" يشير إلى التحول والإبداع، حيث تتجاوز الشاعرة الألم والضياع لتخلق شيئًا جميلًا وفريدًا. هذا يشير إلى قدرة الفن على تحويل المعاناة إلى جمال، وهو موضوع شائع في الفلسفة الجمالية، اضافة لأن الشاعرة عودة هنا تعكس في لغتها الرغبة في التحرر من القيود التي تفرضها المجتمعات على التعبير الفني، مما يساهم في خلق مساحة إبداعية فريدة. هذا المفهوم يتماشى مع أفكار فلاسفة مثل ميشيل فوكو، الذي ناقش فكرة السلطة والمعرفة في سياق الثقافة والفنون فتقول في نصّ آخر:
المفرداتُ سُفُنٌ وأَنا الرِّيحُ التي تجعلُها تُبحرُ حيثُ أَشتهي.
*
البئرُ عميقة؛ وحبالي أنا من مَجَاز.
*
من جَوْفِ الحُوتِ أكْتُبُ، لا مِنْ عَلى شُرْفَةِ قَصْرٍ.
إلى ناقدٍ: لا تقرَأْ ملامحَ وجهي!
اقرأ ملامحَ القصيدة.
في الشِّعرِ؛ ما خَفِيَ كانَ أعذب.
أنا بِحِبْرٍ إذَنْ أَنا بخير.ٍ

البنية اللغوية والتعبيرية
المفردات والسياق...
"المفرداتُ سُفُنٌ وأَنا الرِّيحُ"
تمثل هذه العبارة انطلاق الشاعرة ريتا عودة في رحلة لغوية، وتُعبر عن الكلمات بالسفن التي تحمل المعاني إلى عوالم جديدة. وأما الريح هنا فتمثل القوة الخلاقة التي تدفع هذه السفن، مما يبرز دور الشاعرة كأنها هي من يوجه هذه الرحلة، وتعكس قدرة الشعر على استكشاف أعماق الذات والمجتمع.
"البئرُ عميقة؛ وحبالي أنا من مَجَاز"
وتستخدم البئر كاستعارة عميقة، تشير إلى التراكم المعقد من المشاعر والأفكار التي تتطلب الغوص فيها. "حبالي" تشير إلى الروابط بين الشاعرة وتجربتها العامة، مما تعكس كيف يمكن للغة المجاز أن تُستخدم للتعبير عن التعقيد العاطفي الذي تعيشه في العمق. هذا المعنى العميق يتطلب من القارئ التفاعل مع النص بشكل نشط لاستكشاف الأعماق بشفافية الشاعرة وإحساسها ومعاناتها ووجعها الكبير.
الرمزية والعمق الفكري
"من جَوْفِ الحُوتِ أكْتُبُ، لا مِنْ عَلى شُرْفَةِ قَصْرٍ"
هذه الصورة الرمزية تعكس تباين بين مصدر الإلهام: الحوت، الذي يرمز إلى العمق والظلام والغموض، مقابل القصر الذي يمثل السطحية والسطوة. الكتابة من جوف الحوت تعني أن الشاعرة تستمد إلهامها من مواقف غير تقليدية، مما تعكس روح المغامرة والبحث عن الأصالة في الفنون التي تحب.
العلاقة مع النقد
"إلى ناقد: لا تقرَأْ ملامحَ وجهي! اقْرأ ملامحَ القصيدة"
هذا النداء المباشر إلى الناقد يُظهر حساسية الشاعرة، تجاه التفسير السطحي للنقاد. إنها تدعو إلى فهم أعمق للنص، حيث تشير إلى أن ملامح الوجه قد لا يعكس الحقيقة الكاملة التي تراها وتعيشها. فهذه العبارة إنما تعكس التوتر والعلاقة بين الشاعر والناقد، مما يُظهر كيف أن النقد يمكن أن يفتقر أحيانًا إلى العمق المطلوب لفهم الشعر بالشكل الصحيح.
فلسفة الشعر والكتابة
"في الشِّعرِ؛ ما خَفِيَ كانَ أعذب"
تُعبر هذه الجملة عن جوهر تجربة الشاعرة ريتا عودة، حيث تدل على أن المعاني الخفية والمخفية هي التي تعطي الشعر جاذبيته. وتشير الشاعرة هنا إلى أن الشعر يتجاوز الكلمات، ويدعونا لاستكشاف الأبعاد العميقة والمعاني المبطنة، مما يعكس فلسفة وجودية حول دور الشعر في الحياة الإنسانية
الختام والتأمل في الذات
"أنا بِحِبْرٍ إذَنْ أَنا بخيرٍ"
تمثل هذه العبارة قمة التفاؤل والإبداع. الحبر هنا ليس مجرد أداة للكتابة، بل يمثل روح الشاعرة وتفاعلها مع العالم. ووجود الحبر يعني أن الشاعرة تمتلك القدرة على التعبير عن نفسها، مما يُعطيها شعورًا بالسلام الداخلي والوجود. هذه الجملة تُظهِر كيف أن الإبداع يمكن أن يكون وسيلة للتعافي والتواصل مع الذات.
تقدم هذه المنثورات نصًا أدبيًّا شاملًا، غنيًا بالاستعارات العميقة والرموز المعقدة. وتعكس بنية النص وعمقه الفلسفي تجارب إنسانية متعددة لدى شاعرتنا ، مما يجعلها دعوة للتأمل والتفكير. حيث تتفاعل مع النقد بشكل متفهم، ويضيف ذلك بعدًا لفهم النص. هذه القصيدة ليست مجرد كلمات، بل هي تجربة وجودية تدعونا لاستكشاف أعماق النفس واللغة والأدب الحديث.
وينم فضاء الشاعرة ريتا عودة عن المعاناة وسط أجواء المثقفين، وتنتقد شعراء المرحلة الذين تصنفهم إلى فئات ثلاث فهناك من يكتبون و يُرتِّبونَ المفرداتِ كحجارةِ الأسوار على السّطورْ، والفئة الثانية ممن يصنعونَ منها طائراتٍ أو أجنحةَ نُسورْ، أما الفئة الأخير فهم مَنْ يكونونَ: هُمِ القصيدَة. والشاعرة هنا يبدو أنها من الفئة الأخيرة التي تكون فيها هي القصيدة ففي ومضة أخرى تأكد ذلك وتقول:
أصنعُ قصائدي مِنْ حريرٍ وأنسجُها على نُولِ الدَّهشَة.
قصائدي لي: لا شريكَ لي في تفرُّدِها.
فمشاركة شاعرتنا لهمها وسط أجواء اجتماعية وثقافية فيها من الفلتان والأرباك وعدم المصداقية والاستقرار لدليل على جرأتها الكبيرة في نصها الذي كتب بهذا الوضوح وتحت شعار ما بعد الحداثة الذي عكس هم المثقفين وهم الشاعرة وسط هذا الزحام والانتهازية في أجواء ثقافة العيب التي ذهبت بها إلى فلسفة الوجود الشعري الذي يثير الدهشة والتفرد.
إنَّ انشغال الشاعرة عودة بالهم الاجتماعي لدليلٌ على عمق مشاعرها وارتباطها وانتمائها للمبادئ التي تحارب ظلم المرأة في مجتمعاتها، وقد وظفت ذلك في مواضيع ذاتية كأفضل وسيلة للتعبير عن همومها الخاصة، وما يعتلج صدرها من هواجس ، كما يتجلى في قولها:
((بعدَ الطُّوفان))
قد آنَ الأَوانُ
أَنْ تنطلقَ من كلِّ فُلكٍ
في القلبِ
يَمَامَةٌ
تسبِّحُ ربَّ السَّماءْ
قد آنَ الأوانُ
أن أهبطَ على لغتِكَ وَحْيًا
لتتحقَّقَ بنا النبوءاتُ
فتعودُ آدمَ
وأعودُ إلى فردوسِ العشقِ،
حوَّاءَ
ويأتي من نسلِنا
عظماءُ الشُّعراءْ
فالشاعرة ريتا عودة في قصيدتها "بعد الطوفان" تطرقت إلى موضوعات عميقة تتعلق بالهموم الاجتماعية، مما يعكس ارتباطها القوي بأهم القضايا التي تعاني منها المرأة العربية. ويظهر ذلك من خلال تأكيدها الدائم على ضرورة التغيير، ورددت عبارة "قد آن الأوان"، ما يعكس إحساسها بالإلحاح في مواجهة الظلم الذي تعاني منه( ). ويُظهر هذا الأسلوب الشغف والحرقة التي تشعر بها الشاعرة عودة تجاه واقعها، مما يضفي طابعًا إنسانيًا بحق على النص.
وتستند الشاعرة إلى قصة الطوفان، مستلهمةً من الأساطير الدينية، ولا سيما قصة النبي نوح كما وردت في القرآن الكريم. حيث يُعتبر الطوفان رمزًا للدمار والتطهير، ويمثل حدثًا تاريخيًا يرمز إلى العقاب الإلهي للبشر بسبب فسادهم. تشير الشاعرة هنا إلى أن هذا الطوفان جاء كوسيلة لتطهير الأرض من الظلم والفساد، مما يعكس تداخل الأدب مع الأساطير الدينية( ). وفي هذا السياق، يتم استخدام الطوفان كاستعارة تعبر عن التغيرات التي تحتاجها المجتمعات، وبالأخص المرأة التي تعاني من الظلم داخل هذه المجتمعات.
وال"يمامة" تظهر في قصيدتها كرمز للأمل والتحرر، حيث تؤكد الشاعرة على ضرورة انطلاقها نحو الحرية الروحية، عندما تقول "يمامةٌ تسبِّحُ ربَّ السماء"، تعبر عن رغبتها في التواصل مع القيم العليا والبحث عن السلام الداخلي، وهو ما يتطلب تحررًا من القيود الاجتماعية( ). تأتي هذه الرمزية لتؤكد على الأمل في التغيير، وتبرز مدى أهمية العودة إلى القيم النبيلة التي تسعى لها كإنسانة ذاقت الظلم في مجتمعها كغيرها من النساء اللواتي يبحثن عن الأمان والاستقرار.
استخدمت الشاعرة ريتا عودة لغة شاعرية غنية بالصور البلاغية، مما يزيد من عمق النص ويعزز من تأثيره على القارئ. الألفاظ مثل "فردوس"، "نبوءات"، و"عظماءُ الشُّعراء" تحمل دلالات لها علاقة بالأمل، والمستقبل، مما يعكس الطموحات العميقة لديها( ). من خلال هذه اللغة، تنجح الشاعرة في نقل مشاعرها وتعكس صراعاتها الداخلية الخاصة على العامة في محاولة للتمرد على القيود التي فرضها المجتمع بأخذ جانب الصمت والقبول بما هو موجود في محيطها دون تذمر أو الإفصاح عما يدور في كنف بيئتها.
لذلك يمكن رؤية الشاعرة كشخصية تعكس صراعًا داخليًا بين الواقع المؤلم والطموحات المثالية. فتأكيدها على العودة إلى "فردوس العشق" يعبر عن حنينها إلى حالة من الطهر والبراءة ورفض الواقع القاسي الذي تعيشه( ). وهذا الصراع يعكس تجربة إنسانية عميقة، حيث تسعى الشاعرة إلى إيجاد مكانها في عالم مليء بالتحديات.
لقد وصفت الشاعرة طابع القصيدة من خلال عنوانها "الطوفان" وهنا نذهب إلى ما جاء في الأساطير وكتاب الله القرآن الكريم وقصة النبي نوح عليه السلام، ونقل هذه القصص يتجلى في عمق التداخل بين الميثولوجيا والأدب الحديث، فالقصص الشعبية لدى الشاعرة كانت مصدر الهام، والطوفان هنا انما يدلل على عدم الاستقرار الروحي نتيجة الظلم الذي تعانيه، فقصة نوح عليه السلام جاءت في القرآن الكريم وأكدت بما لا مجال فيها للشك أن سيدنا نوح أرسل إلى قوم بعينهم، فقصة الطوفان قصة تتحدث عن فيضان حدث بأمر اله ووفق المعتقدات السماوية الهة واما الأديان تسبب الطوفان في تدمير الحضارة البشرية كعقاب الهي للبشر لفسادهم وسفكهم للدماء، لذلك تقرر تطهير الأرض من خلال الطوفان، فالحضارات القديمة والكتب السماوية التقت في ذلك أن أتيان الطوفان جاء لتطهير البشرية وهكذا شاعرتنا تلتقي في نصها بعد الطوفان آن الأوان أن تنطلق يمامة وتسبح ربّ السماء، فالشاعرة أتت على حقائق الوجود بذكرها لبعض الألفاظ " آدمَ-حوَّاء- فردوسِ- نسلِنا- النبوءاتُ- تسبِّحُ- ربَّ- السَّماء-...ألخ.
لقد جاءت بعض المفردات عند الشاعرة عودة من الآيات القرآنية التي وردت فيها القصة في سورة العنكبوت (الآية 14)، ونثرت الصورة التي تتمناها لنفسها ولغيرها أن تكون وتنشد النجاة من الطوفان إلى الحياة حيث الأمان والسكينة الروحية .
إن ديوان" أكونُ لكَ سُنونوَة" فيه من الغنى الدلالي والمعرفي والجوانب الجمالية الكثير، فالشاعرة ريتا عودة تعتبر مدرسة شعرية قائمة بذاتها تستحق الاقتداء من طرف الجيل الشعري الصاعد، لا سيما وأنها مبدعة حقيقية في قصيدة النثر ، هذا الجنس الأدبي الذي صار مبتذلا هذا العصر، ويلجأ إليه كل من يريد تجريب تركيب جمل مفيدة ، بدون أن ينجح في ملامسة الشاعرية من قريب أو بعيد ، ولعل قراءة هذه المجموعة تكشف للجيل الصاعد المستوى الراقي الذي وصلت إليه قصيدة النثر عند الشاعرة ، التي جعلتْ هذا الجنس الأدبي بفضل رواده ومن سار على منوالهم يرتقي في ساحة الأدب المعاصر مكانا رفيعا، والنوعية التي يتوافر عليها النص الشعري، من أدوات وتصوير وخيال وأسطورة ورموز والكثير من التقنيات الشعرية الحديثة. وفي خضم مشاعر متدفقة وأحاسيس متشابكة، ينشأ العشق كنسيم رقيق يعبث بأوتار القلوب، ويصنع من الألم فرحًا ومن المعاناة نشوةً. تحت عنوان "أعشاش العشق"، نستدعي من عمق الأدب العربي تجربة الشاعرة ريتا عودة التي رسمت بحرفها عوالم الحب بألوانها المتعددة، حيث تتجسد في نثرياتها أصداء الشغف والعذاب.
لقد أبدع الشعراء في القدم بتصوير العشق، فكانوا كالعصافير التي تبني أعشاشها في الأفق، تُغني لحن الحياة، وتنسج من الحب قصصًا تفيض بالحنين والاشتياق. من قصائد قيس بن الملوح، الذي أبحر في بحر الهيام، إلى عذوبة كلمات نزار قباني، الذي جعل من الحب ثورةً على القيود، تظل عوالم العشق في الأدب العربي مرآة تعكس صراعات الإنسان مع ذاته ومع من يحب.
لقد سبر الأدباء العرب أغوار العشق من زوايا متعددة، حيث ارتبط هذا الشعور بالهوية، والتقاليد، والقيم الاجتماعية. من عذوبة كلمات قيس بن الملوح في "مجنون ليلى"، إلى عمق التجارب النفسية في روايات العصر الحديث، يبقى العشق موضوعًا حيويًا يُثير المشاعر ويحفز الأفكار، فأبدع الشعراء في التعبير عن مشاعرهم الجياشة، حيث كانت قصائدهم تجسد روح الحب بصدق وعمق. وتمثل رمزاً للحب الخالص الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان.
وفي الأدب الأندلسي عاشت فترة الأندلس أزهى عصورها في تصوير العشق، حيث اندمجت عناصر الطبيعة والجمال في أعمال أدبية ساحرة مثل "ديوان الغزل" لابن زيدون، الذي أضفى سحرًا خاصًا على مشاعر الحب.
وأما في الرواية الحديثة في الأدب العربي الحديث، تناول الروائيون مثل نجيب محفوظ، وأحمد خالد توفيق، موضوع العشق من منظور اجتماعي ونفسي، مما عكس التحولات العميقة التي شهدها المجتمع العربي في الآونة الأخيرة.
إن دراسة هذا الموضوع تعدّ ضرورية لفهم التفاعلات الإنسانية في سياقات تاريخية واجتماعية متباينة، وتفتح لنا آفاقًا جديدة لاستكشاف عمق التجربة الإنسانية عند الشاعرة ريتا عودة التي سنتناول "أعشاش العشق" لديها ونحن على يقين أنها ليست مجرد عنوان، بل هي رحلة عبر الزمن، نستكشف من خلالها كيف تغدو مشاعر العشق ملاذًا آمنًا في عالم مضطرب عند الشاعرة، وكيف يُحلق الحب عالياً في سماء الإبداع، ليصبح غذاءً للروح ووقودًا للفكر. فلنُبحر معًا في هذه الموجة من المشاعر، حيث يلتقي العشق بالفن، وتلتقي الأرواح في سحابة من الإلهام.
أَعشَاشُ العِشْقِ
كانَ يركضُ نحوي
بسرعةِ عَدَّاءِ المسافات
الطَّويلة...
وكنتُ عندَ خَطِّ النِّهايةِ
بإكليلِ غارٍ
كمن ينتظرُ نبيًّا،
بلهفةٍ أنتظرُ!
*
كاللقْلَقِ، تقفُ بالقُربِ مِنْ قَلْبِي، تُطَالِبُ بِحَقِّ اللُجُوءِ إلى قَلَقِي.
*
وأنا أبحثُ عنِّي...وجدتُكَ.
*
من قَبْلِ أنْ يكونَ نورٌ، كُنتُكَ... كُنتني...
وكانَ العشقُ حَارسَنا.
*
عندما خلقَ الله الكون، كنّا أنا وأنتَ في فِكْرِه.
عجبًا!
السَّهْمُ الذي اخْتَرَقَ قَلبي لَمْ يُدْمِهِ إنَّما مَلَأَهُ عِشْقًا!
*
تأخذنا قصيدة "أعشاش العشق" في رحلة عاطفية عميقة، حيث تبدأ بتصوير حركي نابض، حيث يركض المحب نحو الشاعرة "بسرعة عداء المسافات الطويلة"، مما ينقل لنا إحساس الاندفاع والشغف الذي يكتنف تجربة العشق. تظهر الشاعرة هنا في حالة من الانتظار المفعم بالأمل، وتقف "عند خط النهاية بإكليل غار"، كمن ينتظر تجسيد الحب الإلهي، مما يضفي على المشهد أبعادًا درامية تجسد التوتر بين الفعل والانتظار.
وتنتقل الشاعرة إلى صورة اللقلق، الذي يقف "بالقرب من قلبي"، كرمز للحماية والرغبة في الأمان. هذه الصورة تبرز التعلق العاطفي، حيث يصبح المعشوق ملاذًا للروح، واللقلق يمثل رمزًا للحب الذي يتطلب اللجوء والاحتواء. يتجلى البحث عن الذات في هذه العلاقة، وتكتشف الشاعرة أن "عندما كان نور، كنتك... كنتني"، مما يعكس التداخل العميق بين الأنا والمعشوق، وكأن العشق هو القوة التي تُعرف الذات.
نلاحظ من العنوان أن فكرة العشق كحارس تحتل مكانة محورية في النص، حيث تُعبر الشاعرة عن كون العشق هو الحامي الذي يقيهما من الأذى، مضفيًا على العلاقة طابعًا مقدسًا. فيتحول إلى كيان خالد، حيث تتحدث الشاعرة عن كونها "في فكر الله" عند خلق الكون، مما يضفي على الحب بعدًا روحانيًا عميقًا.
وتبرز الشاعرة السهم الذي اخترق قلبها، ليس كأداة للألم، بل كرمز للعشق الذي ملأ القلب، مما يعكس الفكرة البلاغية أن الألم يمكن أن يكون جزءًا من جمال الحب. وتظهر الشاعرة عودة بذلك كيف أن العشق يحمل في طياته الإثارة والألم في آن واحد، لتصيغ لنا لوحة شعرية غنية بالأحاسيس والتجارب الإنسانية المعقدة.
يعتبر النصّ تجسيدًا للعشق، حيث تمتزج فيه الصور البلاغية مع المشاعر الإنسانية العميقة، مما يجعلها تجربة أدبية تُثير مشاعر القارئ وتدعوه للتأمل في جوانب الحب المختلفة. من خلال اللغة المفعمة بالصور الشعرية، تؤكد الشاعرة على أن العشق هو رحلة تتجاوز حدود الزمن والمكان، مُعبرًةً عن عمق التجربة الإنسانية وتتابع عودة في نصها الأدبي الجميل " أعشاش العشق":
أيّها الغريبُ
القريبُ من لُغَتي،
وجهُكَ المضيءُ
يعبرُ الآنَ ذَاكِرَتِي.
يَسْرقُني من ذَاتي
يُحَرِّرُ من شَرِانِقِها
مُفْردَاتِي.
يُلبسُها بَعْضَ الهَالاتِ
يُسْكِنُها غُيُومَ السَّمِاوَاتِ.
*
تُرَاكَ أتَيْتَ لَحْظَةَ تَكَحَّلَتْ عَيْنَايَ بِرُؤْيَاكَ،
أمْ أنَّكَ كُنْتَ هُنَاكَ قَبْلَ وِلادَةِ الحُلُمْ؟!
*
إنّها الثَّالثة
بَعْدَ مُنْتَصَفِ العِشقِ،
وَقَلبِي أنَا قُنْبُلَةٌ مَوْقُوتَةٌ.
لا أَقْوَى
عَلَى ابْطَالِ مَفْعُولِهَا.
مَا زِلْتُ ثَمِلَةً
مُنْذُ البَارِحَة.
مُنْذُ احْتَسَيْتُ
نَبِيذَ انْبِهَاري بِكَ
حَتَّى آخِرِ قَطْرَة.
*
كُلّ شيء يبدأُ بذرةً ثُمَّ يَكبر إلَّا حُلمنا.
بحجمِ الشَّمْسِ جاءَ.
*
احْذَر!
فالطّريقُ إلى قلبي باتِّجَاهٍ واحِدٍ.
*
متشابهَانِ: كأنّنا وَجْهانِ لذَاتِ رَغِيفِ الخُبْز.
*
سألوني: لمَ تطوفينَ حولَ نفسكِ؟
قلتُ: لأنَّهُ سكنَ قلبي وقلبي معْبَدي.
*
سَأَخْطَفُكَ مِنْ جَحِيمِكَ إِلَى فِرْدَوْسِي، حَيْثُ لاَ أَحَدَ سِوَى: أَنَا، أَنْتَ وَنُبُوءَة.
*
ضُمَّني إليكَ كما يضُمُّ شاعرٌ عَجُزَ بَيتٍ إلى صَدْرِهِ.
*
الشبحُ الذي تسلّلَ إلى نافذتي في العتمة ليقبضَ على الرُّوح،
وجدها في سَمَاواتِ العشقِ هائمةً فتركها إلى حِين.
*
في عينيَّ نورُ اللهِ، من خلاله أرَاكَ.
من خلالهِ أحبُّكَ.
قصيدة "أعشاش العشق" تمثل استكشافًا عميقًا للعواطف الإنسانية، خاصة الحب، من خلال استخدامها للغة الشعرية الغنية والتعابير الرمزية. فالبنية العامة للنص الأدبي نجده مقسم إلى مقاطع، كل مقطع يتناول جانبًا مختلفًا من تجربة الحب. هذه التقطيعات تساهم في بناء نسق شعوري متصاعد، حيث تتداخل اللحظات الحميمية مع التأملات الفلسفية لأعشاش العشق.
الشخصية الشعرية
الشاعرة وشخصيتها الشعرية تتحدث بصوت شخصي للغاية، مما يجعل القارئ يشعر بالحميمية من خلال هذا الصوت الذي يعبر عن مشاعر متناقضة تتراوح بين السعادة والقلق، مما يعكس التوترات الداخلية التي ترافق الحب.
التشبيهات والاستعارات
استخدمت الشاعرة ريتا عودة داخل أعشاشها تعبيرات وألفاظ مثل "قنبلة موقوتة" يوحي بشعور قوي بالضغط العاطفي، حيث أن الحب يحمل معه قوة تكاد تكون مدمرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر، "مفرداتِي" و"شرانقها" تشير إلى كيف أن الكلمات والمشاعر يمكن أن تكون محاصرة، ولكن الحب يحررها.

الرمزية
الوجه المضيء: يمثل الجمال والقدسية في الحب. هذا الوجه ليس مجرد مظهر، بل هو تجسيد للروح والتواصل العميق بين الحبيبين وكذلك"العتمة والنور": فإنَّ التباين بين العتمة والنور في النص يمثل صراع الشاعرة مع مشاعر الشك واليقين، حيث أن الحب يمكن أن يكون مصدر إلهام أو مصدر ألم في ذات الوقت.
الزمن والذاكرة
تتناول الشاعرة عودة فكرة الزمن وكيف يمكن أن يؤثر على الحب. "أم أنَّكَ كُنْتَ هُنَاكَ قَبْلَ وِلَادَةِ الحُلْم؟" وتعبر عن الشعور بأن الحب قد يكون موجودًا قبل أن يتم إدراكه، مما يشير إلى عمق العلاقة الروحية.
الصراع الداخلي
هناك شعور واضح بالصراع الداخلي بين الرغبة في الاندماج في الحب والقلق من فقدان الهوية. "سألوني: لمَ تطوفينَ حولَ نفسكِ؟" يبرز هذا الصراع بين الذات والرغبة في التعلق بالآخر.
فالشاعرة تشير إلى وجود النور الإلهي في عينيها، مما يعكس الأمل والعثور على المعنى من خلال الحب. هذا النور ليس مجرد شعور بل هو حالة من النقاء الروحي، فقصيدة "أعشاش العشق" تقدم دراسة عميقة ومعقدة للحب، حيث تتداخل العواطف والمشاعر مع الرموز الروحية والفلسفية. تعكس القصيدة كيف أن الحب ليس مجرد شعور فردي، بل هو تجربة تتعلق بالوجود والمعنى، مما يجعلها عملًا شعريًا يستحق التأمل والدراسة، تقول:
"أحبّكِ"...
سقطتْ في بحرِ
مشاعري.
اتّسعتْ..
.........اتّسعتْ
...................اتّسعتْ
ثمَّ اتّسَقَتْ
من حولي الدَّوائر.
*
أُعْلِنُنَا
عاشقًا وَعاشقَة
أَمَامَ مِحْرَابِ الْعَاطِفَة
فِي السَّرَّاءِ وَفِي الضَّرَّاء
نُبْحِرُ فِي زَوْرَقِ الْحُبِّ
يَدًا بِيَدٍ
نَسْتَقِلُّ قِطَارَ الرُّوحِ
قَلْبًا بِقَلْبٍ.
أَطْفَالُنَا أَشْعَارُنَا.
شِعَارُنَا:
اصْطِيَادُ أَشِعَّةِ الحُلم
الآنَ وَكُلَّ آنٍ
آمِين.
شمسُ العشقِ، أنا. أتيتُكَ لأضيئَكَ فأكونكَ.
*
كُلَّما نَافَسَتْني الفَرَاشَاتُ على حُبِّكَ أُوْلَدُ في قلبِكَ مِن جديد.
*
الفرقُ شاسعٌ بينَ مَنْ أحبَّتْكَ وبينَ مَنْ كديانةٍ اعتَنَقَتْكَ.
*
كالشَّمسِ أنتَ: تُشرقُ لتغيبَ وتغيبُ لتشرقَ...
وما بينَ شُروقٍ وآخرَ يتمدَّدُ قلبي ويتقلَّصُ شوقًا للُقياكَ.
*
كُلُّ فَجْرٍ، أسْتَقْبِلُ الحَيَاةَ بِلَهْفَةِ فَراشَةٍ لِمُعَانَقَةِ الوردِ
كفُرْصَةٍ جديدةٍ لأرَاكَ.
*
((جاذبيّة عشقيَّة))
لمْ يرتعِشْ قلبي حينَ كالتُّفاحَةِ الشَّهِيَةِ سَقَطْتَ فَوْقَ أَرْضِهِ.
هِيَ
حُ رُ
و
فِ
ي
التي ارتعشتْ.
فلسفة في الأنا والآخر عند الشاعرة ريتا عودة
يظهر في نص الشاعرة عودة مفهوم الأنا والآخر بوضوح، حيث يتجلى الحب كحالة تتجاوز الذات. الشاعرة التي تعبّر عن انصهار هويتها في الآخر، مما يعكس فكرة الوجود المتداخل بين الأفراد. هذا يُظهر أن الحب ليس مجرد شعور خاص، بل هو تجسيد للعلاقات الإنسانية التي تتطلب التفاعل والتبادل.
الزمن والخلود
تناول النص فكرة الزمن الذي يعكس البعد الفلسفي للحب. و استخدام الشاعرة للألفاظ مثل: "كل فجْر" و"كل آن" يشير إلى أن الحب يتجدد مع مرور الوقت، مما يعكس فكرة الخلود في اللحظات العاطفية. هذا يمكن ربطه بفلسفات مثل تلك التي تقترح أن اللحظات الحقيقية من الحياة، مثل الحب، تعيش في ذاكرة الإنسان وتستمر في التأثير على وجوده.
التكرار والتأكيد
تكرار "اتسعت" و"اتسقَتْ" أسلوب بلاغي وأداة لتعزيز الفكرة. يُظهر هذا التكرار كيف أن المشاعر ليست ثابتة، بل تتوسع وتتداخل، مما يخلق تأكيدًا على عمق الانغماس في الحب.
التشبيه والاستعارة
استخدام الشاعرة للتشبيهات مثل: "كالشمس" و"كفراشة" يُعبر عن جمال الحب وتجدد المشاعر. الشمس تمثل النور والأمل، بينما الفراشة تعكس التحول والحرية. هذه الصور الرمزية تُضفي عمقًا على النص، مما يجعل القارئ يتفاعل مع المفاهيم العاطفية بطريقة أكثر حيوية.


اللغة التصويرية
استخدام اللغة التصويرية الغنية يُعتبر سمة رئيسية للنص. الألفاظ المختارة مثل: "بحر مشاعري" و"شمس العشق" تخلق صورًا بصرية قوية، مما يعمل على إشراك الحواس وإثارة العواطف. واستخدمت الشاعرة في نصّها أسلوبًا مثاليًا يدمج بين العاطفة والفكر، حيث يتم تقديم الأفكار بطريقة تتسم بالعاطفة والبلاغة. فهذا الأسلوب يُبرز الفجوة بين الواقع والمثال، مما يجعله أكثر تأثيرًا في التعبير عن مشاعر الحب.
اللغة المجازية
وجود المجازات مثل "أطفالنا أشعارنا" يُظهر كيف أن الحب يُنتج إبداعات جديدة، حيث أن الشعر هنا يُعتبر نتاجًا للعاطفة، مما يعكس فكرة أن الحب يُولّد الجمال.
فالنص هو تجسيد للعمق العاطفي والفلسفي للحب، حيث يجمع بين البلاغة واللغة الغنية، مما يُشرك القارئ في تجربة شعرية فلسفية متكاملة. إنه يُعبر عن تعقيدات المشاعر الإنسانية ويقدم رؤية شاملة عن الحوار بين الأنا والآخر، مع تسليط الضوء على قوة الحب كقوة دافعة للحياة والتغيير وفي موسيقى الكون جاء:
((موسيقى الكون))
المسافاتُ الشَّاسعةُ ......... بيننا هي موسيقى ينسبُها الكَوْنُ إليهِ.
*
كنتُ بذرةً صُلبَة وكنتَ ليَ تلكَ القَطْرةَ التي وصلتْ عُمقَ التُّربَة
فحوَّلتني إلى شَجرةٍ مكتملةِ الأُنوثةِ والبَهاء.
*
لروحِكَ أَنتمي، كما تنتمي السمكةُ للبحرْ.
لروحي تنتمي، كما تنتمي القصيدةُ للشِّعرْ.
*
أَشْتَهِي أنْ تَظَلَّ حُلُمًا لِكَيْ لا أَفْقِدَكْ،
وَلا أدْري لِمَ، كُلَّمَا، رَأيْتُ عَاشِقَيْنِ أَفْتَقِدُكْ.
*
وَإنْ سَأَلَتْكَ العابراتُ عَنِّي، قُلْ: هِيَ الرُؤْيَا، لِذَلكَ أَتَنَفَّسُهَا عِشْقًا.
*
ذهبتُ إليكَ وفي يدي وردة. عُدْتُ منكَ وأَنا الوردة.
*
كمبدأٍ، أكرَهُ المُلكِيَّة.
لكنّكَ حين تناديني: "ريتاي"، آهٍ، كم أعشقُها!
تتسم قصيدة "موسيقى الكون" بأسلوب بلاغي ولغوي متقن، حيث تُعبر عن مشاعر الحب والفقد من خلال استخدام صور واستعارات متعددة.
تبدأ القصيدة بمقارنة المسافات بين الحبيبين بالموسيقى التي ينسبها الكون لنفسه. هذه الصورة البلاغية تفتح المجال لتأمل العلاقة بين الأفراد والعالم من حولهم، حيث يُعتبر الفراق جزءًا من النغمة الكونية. تعكس هذه الفكرة عمق المشاعر لدى الشاعرة في إدراكها للعلاقات الإنسانية كعناصر متفاعلة ضمن نظام أكبر.
تتوالى الصور الشعرية في "موسيقى الكون" ، حيث تبرز الشاعرة تحولها من "بذرة صلبة" إلى "شجرة مكتملة الأنوثة والبَهاء". هذا التحول يعكس عملية النمو والتطور التي يمكن أن تحدث في سياق العلاقات العاطفية، مما يُظهر كيف يمكن أن يُثمر الحب عن قوة وجمال. استخدام الشجرة كرمز يُعبر عن الخصوبة والاستمرارية، مما يربط بين الحب والطبيعة.
تُستخدم التشبيهات في القصيدة بشكل فعّال، إذ يُشَبَّه الانتماء الروحي بارتباط السمكة بالبحر. هذا التشبيه يعكس عمق الحاجة إلى المحبوب، حيث يصبح وجوده كالماء بالنسبة للسمكة. وتعزز هذه الصورة من شعور الارتباط الضروري بين الشاعرة والمحبوب، مما يُظهر كيف أن الحب يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من العملية بصورتها المتكاملة.
وتتجلى مشاعر الشوق والفقد في المقطوعات التي تتحدث عن الرغبة في الحفاظ على الحلم، حيث تعبر الشاعرة عن الألم الناتج عن رؤية عاشقين آخرين. هذه اللحظات تُبرز حالة من الاشتياق المستمر، والشعور بالفراغ الذي يتركه المحبوب، مما يُعزز من تأثير النص العاطفي للغة الشعرية التي تتميز بالتنوع، إذ تتداخل المفردات البسيطة مع العبارات المعقدة، يُضفي عمقًا على التجربة الشعرية عند ريتا عودة، حيث استخدمت تكرار الأفعال، مثل "أفتقدك"، لتعكس مشاعر الفقد والحنين بشكل مُكثف، مما يجعل القارئ يستشعر تلك الحالة بشكل حقيقي.
تُعبر القصيدة أيضًا عن الروحانية عندما يتحدث الشاعر عن العهد الذي تم بينه وبين المحبوب، مما يُضفي بُعدًا مقدس ويُظهر هذا الجانب كيف يمكن للحب أن يتحول إلى تجربة روحية، تتجاوز الحدود الجسدية.
وتستخدم الشاعرة الرموز بشكل متقن، حيث يُعد العصفور رمزًا للحرية، مما يعكس رغبة الشاعرة في الانطلاق في الحب. بينما تمثل الزهور قوة الجمال والعاطفة، مما يعزز من عمق المعاني المُعبر عنها.
وتُظهر قصيدة "موسيقى الكون" عمق المشاعر الإنسانية وتعقيد العلاقات العاطفية من خلال استخدام بلاغي ولغوي متقن. تعكس الصور والاستعارات المستخدمة كيف يمكن للحب أن يكون تجربة متكاملة تجمع بين الفرح والألم، النمو والفقد، مما يجعل النص شعريًا غنيًا بالمعاني والدلالات وفي قصيدة في طريقي إليك جاء:
((فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ))
-1-
أَشُقُّ النَّهْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ
فَأَنْتَ الْمَطَرُ الَّذِي يَأْتِي
بِالْعَصَافِيرِ الصَّغِيرَةِ وَالزَّنَابِقِ
وَالثَّمَرِ الْمُنْتَظَرْ
وَأَنْتَ الْحِكَايَةُ الَّتِي لَمْ تُرْوَ بَعْدُ
عَنِ الْفَرَحِ الْعَصِيِّ إِذَا مَا انْهَمَرْ
وَأَنْتَ،
أَنْتَ اخْضِرَارُ الشَّجَرْ.
-2-
أَشُقُّ الْبَحْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ
فَأَنْتَ الدِّثَارُ الَّذِي يَقِي مِنَ الْبَرْدِ
إِذَا مَا الْقَلْبُ انْفَطَرْ
وَأَنْتَ السَّفَرُ إِلَى ضفَّةِ الأَمَلِ
إِذَا مَا اسْتَجَابَ الْقَدَرُ
فَشَاعَ الْخَبَرْ.
-3
أَشُقُّ الْفَجْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ
وَفِي الْقَلْبِ مَوَاوِيلُ الْغَجَرْ
فَأَنْتَ الْغَمَامُ الَّذِي يَرْسُمُ
فِي خَيَالِ الشُّعَرَاءِ أَبْهَى الصُّوَرْ
وَأَنْتَ الْغُصْنُ الَّذِي بِهِ يَأْتِي الْيَمَامُ
إِذَا مَا الطُّوفَانُ انْفَجَرْ.
-4-
أَشُقُّ الْقَهْرَ فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ
فَأَنْتَ الْعِيدُ إِذَا مَا اكْتَمَلَ الْقَمَرْ
وَأَنْتَ الآهُ عَلَى الشَّفَةِ
إِذَا مَا طَالَ بِيَ السَّهَرْ
وَأَنْتَ تَشرينُ الْقَصَائِدِ
إِذَا مَا أَيْلُولُ احْتَضَرْ.
الزمان والمكان في نص ((فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ))
يعكس نص "في طريقي إليك" رحلة عاطفية عميقة تحمل في طياتها معانٍ متعددة تتعلق بالمكان والزمان، وتتداخل مع الحالة النفسية للشاعرة.
المكان والزمان وعلاقتهما بالموجودات...
الماء- النهر- والبحر- .. ودلالة المكان
يُعتبر الماء رمزًا للحياة والتجدد والاستمرارية. ففي قصيدة ((فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ)) تشير الشاعرة في طريقها وهو أول الأمكنة التي تحلم أن تصلها إلى المحبوب، وكذلك في طريقها إلى شق النهر والبحر، يعكس هنا المكان محاولتها لتجاوز العقبات في طريقها إلى الحب أو الهدف المنشود. وأما الماء فيعبر عن العواطف المتدفقة والمرونة، مما يدل على حالة نفسية متقلبة، حيث يمكن أن تكون المشاعر متجمدة أو متدفقة كالماء الذي ربما يمثل البحر وهو مكان متدفق بلا حدود أو ينبوع ما استوحت منه نصها.
الفضاء الزمني
وأما الفجر في الفضاء الزمني، يمثل بداية جديدة للشاعرة التي تطالب بتحرير جسدها وروحها على حد سواء وعلى امتداد مجموعتها الشعرية، وكذلك هو رمز للأمل والتجدد، حيث تعكس الشاعرة من خلاله رغبتها في التغيير الإيجابي، مما يشير إلى حالة نفسية تبحث عن النور بعد الظلام في محاولة جادة لتحريك الزمن والسير به إلى هذا الأمل، فالإشارات إلى الفصول (مثل تشرين وأيلول) تدل على مرور الوقت وتغير المشاعر. والشاعرة في نصها تشير إلى الفصول كرموز للتغيرات النفسية، حيث يمكن أن تعكس الفصول الحزن (أيلول) والفرح (عيد القمر).
وتتحدث الشاعرة عن مشاعر السهر، والفرح، والألم، مما يدل على عمق تجربتها النفسية. هذه المشاعر تعكس الصراع الداخلي الذي تعاني منه، حيث تتراوح بين الأمل واليأس، الفرح والألم، مما يدل على تقلبات الحياة العاطفية كما الفصول.
والشاعرة بكل حالاتها تسعى للوصول إلى الآخر مما يعكس حاجتها للتواصل والاتصال العاطفي. هذه الحاجة قد تكون ناتجة عن الشعور بالوحدة أو الفراق، مما يزيد من تعقيد حالتها النفسية. ووجود العناصر الطبيعية مثل الزهور والعصافير يدل على قدرة الشاعرة على البحث عن الجمال والأمل حتى في أصعب الظروف وهذا زاد من جمال المكان بطريقة غير مباشرة فالنص بعكس رحلتها النفسية من خلال تداخل المكان والزمان مع مشاعرها. وتعبر عن صراعاتها الداخلية ورغبتها في العثور على الأمل والجمال، مما يخلق تجربة شعرية غنية تعكس عمق الإنسانية في البحث عن الحب والتواصل.
تيمة الطبيعة في قصيدة((فِي طَرِيقِي إِلَيْكَ))
تظهر تيمة الطبيعة في النص "في طريقي إليك" بشكل بارز حيث يتم استخدام عناصر الطبيعة لتجسيد المشاعر والعواطف الإنسانية. يمكن تحليل هذه التيمة من عدة جوانب وعلى رأسها:
النهر والمطر
في السطر الأول، تتحدث الشاعرة عودة عن "أشق النهر في طريقي إليك"، مما يوحي بأن النهر يمثل الرحلة التي تخوضها الشاعرة من أجلالوصول إلى المحبوب. والنهر هنا هو رمز للحياة والانسياب الذي يجلب الأمل. كما تقول: "فأنت المطر الذي يأتي بالعصافير الصغيرة والزنابق"، مما يعني أن الحب يجلب معه الفرح والجمال. الأزهار والعصافير تعكس جمال الطبيعة ونعمتها، مما يبرز تأثير الحب على الروح البشرية.
البحر والدثار
في السطر الثاني، جاء: "أشق البحر في طريقي إليك"، حيث يمثل البحر التحديات والصعوبات التي تواجه الشاعرة. ولكن الشاعرة ترى في "الدثار" الذي يقي من البرد رمزًا للأمان والراحة التي يوفرها الحب. يشير ذلك إلى أن الحب يمكن أن يكون ملاذًا يقي من قسوة الحياة، كما أنه يوفر شعورًا بالدفء والسكينة في مواجهة قسوة العالم الخارجي.
الفجر والغمام
في السطر الثالث، تقول الشاعرة: "أشق الفجر في طريقي إليك". والفجر هنا يرمز إلى النور والأمل، حيث يشير إلى بداية جديدة في حياة الشاعرة. عندما تقول "أنت الغمام الذي يرسم في خيال الشعراء أبهى الصور"، فإن الغمام يمثل الإلهام والجمال. فهذه الصور تشير إلى كيف أن الحب يمكن أن يكون مصدر إبداع، مما يبرز ارتباط الحب بالفن والشعر والابداع.
لقد ظهرت تيمة الطبيعة في النص كعنصر حيوي يتفاعل مع المشاعر الإنسانية، حيث تُستخدم عناصر الطبيعة المختلفة لتجسيد رحلة الشاعرة نحو الحب. من خلال استخدام النهر - والبحر - والفجر- والغمام-... ألخ، فتعبر الشاعرة عن تجربتها وتفصح عن عواطفها، مما تخلق علاقة وثيقة بين الذات والطبيعة. والطبيعة هنا مثلت شراكتها في التجربة الإنسانية، وعكست الجمال والألم والأمل الذي يأتي مع الحب وكما نص ((بديهيَّات)) جاء:
((بديهيَّات))
هَلْ يَمْلكُ النّهرُ
إلَّا أنْ يَتَدَفَّقَ؟
هَلْ تَمْلكُ السَّمَكةُ
إلاّ أنْ تَسْبَحَ؟
هَلْ تَمْلكُ الوردةُ
إلاّ أنْ تُزْهِرَ؟
هَلْ تَمْلكُ النَّخْلَةُ
إلا أنْ تُثْمِرَ؟
هَلْ تَمْلكُ النَّحْلَةُ
إلاّ أنْ تَصْنَعَ الشَّهْدَ؟
هَلْ تَمْلكُ الفَرَاشَةُ
إلاّ أنْ تَطِيرَ؟
هَلْ تَمْلكُ النُّسُورُ
إلاّ أنْ تُحَلِّقَ؟
هَلْ يَمْلكُ قَلبي
إلاّ أنْ يَعْشَقَكَ؟
وتباعًا لما جاء أعلاه فإن نصوص الشاعرة ريتا عودة فيها من جماليات الطبيعة ما يتسع لتناولها من أكثر من منظور، ونص((بديهيَّات)) تناولت هذه السطور من منظور فلسفي عميق، مستحضرة عناصر الطبيعة المختلفة لتسليط الضوء على جوهر وجودها وأدوارها الفطرية. إن كل كائن، سواء كان نهرًا أو سمكة أو وردة، يمارس نشاطًا طبيعيًا لا يمكنه الانفصال عنه، مما يعكس فكرة "الكون المتكامل" الذي يتفاعل فيه كل شيء وفقًا لطبيعته الفطرية كما خلقه الله عزّ وجل.و يُظهر النهر كرمز للحياة والتدفق المستمر، حيث يُعد التدفق جزءًا لا يتجزأ من طبيعته والتكاثر وديناميكية الحركة. وتعكس الفكرة الفلسفية القائلة بأن الحياة تتطلب حركة وتغيير، وأن الثبات هو عكس طبيعة الوجود وكما جاء بالكتب السماوية.
وتبرز أيضًا الأسئلة المرتبطة بالسمكة، والوردة، والنخلة، والتي تؤكد أنَّ فكرة الحياة تتجلى من خلال الأفعال. كل كائن له وظيفة محددة في النظام البيئي، وهذه الوظيفة تعكس جوهره.


الإنتاج والخلق
من خلال الإشارة إلى النحلة وصنعها للعسل، يتم التأكيد على أهمية الإنتاج والعمل كجزء من دورة الحياة. هنا، يُحتفى بعلاقة الكائنات مع بيئتها ودورها في الخلق.
الحرية والطيران
الفرصة للتعبير عن الذات من خلال الطيران، كما هو الحال مع "الفراشة والنسر"، والتي تشير إلى الرغبة في الحرية والانطلاق. هذا يعكس أيضًا الفكرة الفلسفية عن السعي وراء الكمال والتحرر من القيود.
الوجود الإنساني والعاطفة
تختتم الشاعرة نصها بتساؤل حول القلب والعشق، مما يربط الطبيعة بالإنسانية. يظهر الحب كجزء لا يتجزأ من هذا الوجود، حيث لا يمكن للقلب أن يعيش بدون الحب، مثلما لا يمكن للنهر أن يتدفق بدون ماء.
إنَّ تداخل هذه العناصر تؤكد على فكرة أن كل شيء في الكون، بما في ذلك الإنسان، مرتبط ببعضه البعض، وأن كل كائن يلعب دورًا في اللوحة العامة للحياة.
"كُنْ ربيعًا لأُحبَّكَ"
(1)
لا أُريدُ
أن تحلُمَ بكَ القصيدَة.
أُريدُ
أن أحلُمَ بكَ أنا
لأنّني ي لا أَرى الآنَ
سواكَ
وبعضًا من حريرِالغَدِ.

(2)
لا أُريدُ
مِنَ الآنَ أنْ أُحَدِّقَ
في الظَّلامِ طويلًا.
يكفيني أن أُوْقِدَ أملًا وَاحدًا
لأُبصِرَكَ،
وأُبْصِرَ النَّوافذَ والمَنافِذَ
فوقَ جُدرانِ الأمانِي
المُتَصَ....دِّعَة.

(3)
أيُّها الحُزْنُ،
أُغْرُبْ عن أحلامي.
لن تكونَ مِنَ الآنَ
حقيقتي الوحيدَة
فَقَدْ سقطَتْ من حقائِبِكَ
كُلُّ أوراقِ الخَريفِ...
كُ لُّ أ و ر ا قِ
ا ل خ ر ي ف.
تدل عبارة "كُنْ ربيعًا لأُحبَّكَ" على رغبة الشاعر في أن يكون المحبوب مصدرًا للحياة والجمال، كفصل الربيع الذي يرمز إلى النمو والتجدد، والشاعرة هنا تؤكد في جملة " ولا أُريدُ مِنَ الآنَ أنْ أُحَدِّقَ في الظَّلامِ طويلًا" الصراع بين الأمل واليأس، حيث يسعى الشاعر إلى الابتعاد عن التفكير في الظلام والبحث عن بصيص من الأمل، وتعبر عن الفرص الممكنة، بينما "جدران الأماني المُتَصَ....دِّعَة. " تشير إلى العقبات التي تعترض طريق تحقيق هذه الأماني، وتخاطب الحزن بشكل مباشر بقولها" أيُّها الحُزْنُ، أُغْرُبْ عن أحلامي"...مما يعكس الصراع الداخلي مع المشاعر السلبية التي كانت تعانيها شاعرتنا عودة، فأوراق الخريف "كُ لُّ أ و ر ا قِ ا ل خ ر ي ف"، إنما تمثل فكرة الفقدان والتغيير. استخدام كلمة "كل" مع "أوراق الخريف" يشير إلى شمولية الفقدان، فكل شيء قد سقط .
والكلمات المقطعة التي جاءت في "كُلُّ أَوْرَاقِ الخَريف"، تعكس حالة من الانكسار والفقد، حيث تظهر كيف أن كل ما كان موجودًا من حياة وأمل قد تهاوى كما تسقط الأوراق في فصل الخريف، حيث تتجلى في الكلمات المتقاطعة إحساس عميق بالفقدان، وتبرز فكرة أن كل ما كان جميلًا أو مفعمًا بالأمل قد انتهى. فالشاعرة تستخدم هذه الرمزية لتوصل شعورها بالانكسار، مما يجعل القارئ يشعر بالثقل العاطفي للنصّ رغم جمال وجعه إلا أن عودة تجد في((الرَّحيلُ المُوْجِع)) أن ما يتبقى في الروح خدوشًا لا يمكن لها أن تزول فتقول:
((الرَّحيلُ المُوْجِع))
وَأخيرًا
(أدركتِ) الشَّجَرَةُ
أنَّ الطّيورَ
قد تأتي
وقد تذهبُ.
قد تتركُ
في الرُّوحِ خدوشًا
ومَرَارَةً
وقد تعيثُ
في الأعماقِ خَرابًا
ودمارًا.
وأخيرًا
قرَّرَتِ الشَّجَرَةُ
أنَّ سَعادتَها
- فقط -
في اخْضِرَارِهَا.
*
الشَّجَرَةُ التي هَجَرَهَا طائرُها، لَمْ تَمُتْ.
وَاقِفَةً، أَتَاهَا الرَّبِيعُ بِالبَرَاعِمْ.
*
أجمل ما في الحُبّ أنْ تتحرَّرَ مِنْ قبضَتِهِ.
*
حينَ تخلَّصتُ مِن أثقالِ الذَّاكرة؛ بدأتُ أُحَلِّق.
*
عندما تتألمْ،
تعلَّمْ
ألَّا تختفي داخلَ أحزانِكَ
كالسُّلحفاة.
أُخْرُجْ كالقمرِ
مِنْ خَلفِ الغَيمةِ الحالكةِ
وأَضِئ.
استخدمت الشاعرة ريتا عودة في نصها "الرَّحيلُ المُوْجِع" العديد من الاستعارات والتشبيهات التي تعزز من الصور الشعرية والمعاني. فعلى سبيل المثال، عبارة "كالسُّلحفاة" تشير إلى الانسحاب والتقوقع في الألم، مما يعكس حالة من الحزن والانكسار. في المقابل، "كالقمر" تعبر عن الأمل والتجدد بعد المعاناة. كما يقول الشاعر محمود درويش: "في كل تجربة ألم، هناك ولادة جديدة"، مما يتماشى مع فكرة النص حول الأمل بعد الألم .
والنص يعج بالصور الشعرية الغنية التي تعبر عن مشاعر الفقد والفراق. ففي قول الشاعرة عودة،"قد تترك في الروح خدوشًا ومَرَارَةً" وتقصد هنا الألم العاطفي الذي يتركه الفراق. ويمكن مقارنتها بعبارة الشاعر نزار قباني: "الحبُّ كالألم.. يأتي ويذهب، ولكننا نبقى نحن". هذا يعكس فكرة أن الألم جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية. اضافة لتكرار بعض العبارات قول الشاعرة: "وأخيرًا" و"قد". هذا التكرار يخلق شعورًا بالاستمرارية والتطور. يقول الناقد الأدبي أدونيس: "الإيقاع هو روح الشعر، وهو ما يجعل الكلمات تتنفس". في هذا السياق، يعزز التكرار فكرة الانتقال من الألم إلى الأمل.
التباين
يبرز التباين في نص عودة ((الرَّحيلُ المُوْجِع))، بين الألم والأمل، كما يتضح من الفقرة الأخيرة "أُخْرُجْ كالقمر". هذا التباين يعكس مفهوم الوجود الإنساني، حيث يتواجد الألم جنبًا إلى جنب مع الأمل. كما كتب الشاعر الكبير أحمد شوقي: "الأملُ حياةُ القلوب"، مما يجعل هذا التباين أكثر وضوحًا.
اللغة الرمزية في ((الرَّحيلُ المُوْجِع))
الشجرة والطيور تستخدم كرموز تعكس الفقدان والتجديد. الشجرة، التي تظل واقفة رغم هجر الطيور، تمثل الصمود رغم الألم. يقول الشاعر إلياس فرحات: "الشجرة هي رمز الحياة، تعكس قوتها في مواجهة العواصف". هذا يعكس قدرة الإنسان على الصمود أمام التحديات، حيث تختم الشاعرة نصها في دعوة قوية للخروج من الألم والتوجه نحو النور: "أُخْرُجْ كالقمر". وهذه الدعوة تعكس فكرة التحرر من الأعباء. كما يقول الشاعر جبران خليل جبران: "الألم هو معلم الحياة، ولكننا يجب أن نتعلم كيف نعيش بعد الألم."
ويمكن القول إن نص "الرَّحيلُ المُوْجِع" هو تعبير عميق عن مشاعر الفقد والأمل، يتجلى من خلال استخدامه للتعبيرات المجازية، الصور الشعرية، الإيقاع، والتباين. هذا النص، مثل العديد من الأعمال الأدبية والمنثورات للشاعرة ريتا عودة، حيث يعكس التجربة الإنسانية الغنية ويعزز فكرة الألم الذي يمكن أن يؤدي إلى التجدد والنمو كما جاء في قصيدة((لا تسألْ)).
((لا تسألْ))
لا تسألِ الجِبَالَ
لمَ أنتِ شَاهِقَة.
لا تسألِ المطرَ
عن عدَدِ قطراتِهِ
لا تسألِ البحرَ
عن مَدَى عُمْقِهِ
لا تسألِ الغُيومَ
عن نُبوءةِ المَطَرَ
لا تسألِ الوَرْدَةَ
عن سرِّ عِطْرِهَا
لا تسألِ الأشْجَارَ
عنِ دَيْمُومَةِ اخضرارِهَا
لا تسألِ الطُّيورَ
عن شَجَنِ تغريدِهَا
لا تسألِ الأُقحوانَةَ
عن سببِ احمِرارِها
لا تسألِ العَاصِفَة
عنْ لَحْظَةِ انْدلاعِهَا
لا تسألِ النَّارَ
عن قَسْوَةِ قَلبِهَا
.................. فَقَطْ
تمتّعْ بالرِّحلة.

إنَّ نصّ "لا تسأل" تعتمد بشكل كبير على أسلوب التكرار، مما يساهم في تعزيز وتأكيد المعاني والمشاعر العميقة التي تسعى الشاعرة إلى إيصالها. فالقصيدة تبدأ بجملة "لا تسأل"، والتي تتكرر في بداية كل مقطع. هذا التكرار يُقصد منه الدعوة للتأمل. على سبيل المثال:
"لا تسألِ الجِبَالَ لمَ أنتِ شَاهِقَة"
"لا تسألِ المطرَ عن عدَدِ قطراتِهِ"
من خلال هذه الجملة، تُظهر الشاعرة أن هناك أشياء في الطبيعة لا يمكن فهمها ببساطة من خلال الأسئلة. هذا يشير إلى وجود أسرار وعمق في كل عنصر من عناصر الطبيعة. إذن فالتكرار يشمل مجموعة متنوعة من العناصر، مما يضيف بعدًا جمالياً وفلسفياً. على سبيل المثال:
"لا تسألِ البحرَ عن مَدَى عُمْقِهِ"
"لا تسألِ الغُيومَ عن نُبوءةِ المَطَرَ"
إن المسميات التالية لها خصائصها قول الشاعرة:
البحر- المطر- الغيوم- الجبال- النار- العاصفة- الأشجار- الوردة- ...ألخ، وأن محاولة فهمها من خلال السؤال قد تكون غير مجدية بالنسبة للشاعرة. فكل عنصر يعبر عن تجربة مختلفة.
والتكرار هنا لا يقتصر على الجانب الجمالي فحسب، بل يحمل أيضًا بعدًا فلسفيًا. فالشاعرة تشير إلى أن بعض الظواهر والأسرار لا يمكن إدراكها. قولها:
لا تسألِ النَّارَ عن قَسْوَةِ قَلبِهَا"
تبرز فكرة أن هناك أمورًا في الحياة، مثل مشاعر القسوة، لا يمكن تفسيرها بسهولة. والتكرار هنا يعزز من فكرة أن فهم الحياة يتطلب أكثر من مجرد أسئلة، وعبارة : "فَقَطْ تمتّعْ بالرِّحلة."
تشير إلى أهمية قبول الواقع والاستمتاع بالتجارب بدلاً من الانشغال بالأسئلة. وهذه الخاتمة تقدم بُعدًا إيجابيًا يشجع القارئ على التفاعل، بدلاً من محاولة فهم كل شيء.
إنَّ أسلوب التكرار في قصيدة "لا تسأل" يعزز من قوة الرسالة ويضفي على النص إيقاعًا موسيقيًا. يتجلى من خلال تكرار الجملة الافتتاحية، وتنوع العناصر الطبيعية، والأبعاد الفلسفية عند الشاعرة التي تدعو القارئ إلى التقدير والاستمتاع بالجمال والعمق الموجود في الحياة، بدلاً من الانشغال بالأسئلة التي قد لا نجد لها إجابة.
((بالنُّورِ أَغْتَسِلُ))
كُلُّ فجرٍ،
أُقشّرُ عنِّي
ما عَلِقَ بِرُوحِي
مِنْ جُرُوحِ أمْسِي
وَأَوْجَاعِهِ الكُبْرَى.
كُلُّ فَجْرٍ،
أعُودُ للشَّرْنَقَةِ
لأَنْطَلِقَ
فَرَاشَةً حُرَّةً
مِنْ كُلِّ قَيْدٍ
وَذِكْرَى.
كُلُّ فَجْرٍ،
بِالنُّورِ الإلهِيِّ،
أغْتَسِلُ
لأُصْبِحَ أَجْمَلَ
وَأُصْبِحَ أَقْوَى.
كلُّ فجرٍ
أُدْرِكُ أنَّنِي امْرِأةٌ فِي وَطَنٍ
وَوَطَنٌ فِي امْرَأة.
لقد قامت شاعرتنا ريتا عودة في قصيدتها ((بالنُّورِ أَغْتَسِلُ)) بتشبيه" أعود للشَّرنَقَةِ لأَنْطَلِقَ فَرَاشَةً حُرَّةً"، وأتى ذلك في عملية التحول من حالة مقيدة (الشرنقة) إلى حالة حرية وجمال (الفراشة)، الذي يرمز إلى الأمل والتجدد، ويعكس معاناة الشاعرة في الماضي ورغبتها في الانطلاق نحو الأفضل في المستقبل وما هو آت.
وأما تكرار عبارة "كل فجر" في النصّ فيعكس بداية جديدة في كل يوم، ويعزز من فكرة الأمل والتجديد. فالفجر هنا يمثل فرصة جديدة للخروج من ظلام الماضي إلى الأمل القادم من خلال الاشراق والنسيان وغسل ما علق في الذهن والروح والجسد لتنطلق من جديد.
الاستعارة...
"أُقشّرُ عنِّي ما عَلِقَ بِرُوحِي مِنْ جُرُوحِ أمْسِي"
تُستخدم "التقشير" كاستعارة تعبر عن إزالة الألم والندوب النفسية التي تراكمت من التجارب السابقة، وهذه الصورة تعكس رغبة الشاعرة في الشفاء والتحرر من الآلام الماضي، فعبارة بِالنُّورِ الإلهِيِّ أغْتَسِلُ"، تشكل صورة بصرية قوية تعبر عن النقاء والتجدد الروحي. والنور هنا يُعتبر رمزًا للقدسية والشفاء، مما يعكس سعي الشاعرة نحو الروحانية والسمو.
ونجد الشاعرة ريتا عودة قد استعانت بالرموز في نصوصها فعبارة " امْرَأةٌ فِي وَطَنٍ" و"وَوَطَنٌ فِي امْرَأة"، ترمز إلى الهوية والانتماء، وتعكس العلاقة الوثيقة بين المرأة ووطنها حيث تعبر عن قوة المرأة كمكون أساسي من مكونات الوطن، مما يبرز دورها في النضال والتغيير.
وجاء التضاد عند الشاعرة في نصها ((بالنُّورِ أَغْتَسِلُ)) في "أُصْبِحَ أَجْمَلَ وَأُصْبِحَ أَقْوَى، حيث استخدمت التضاد بين الجمال والقوة يُظهر التحول الإيجابي الذي تسعى إليه الشاعرة. وتعكس أن الجمال لا يقتصر فقط على الشكل الخارجي، بل يمتد إلى القوة الداخلية التي تتحلى بها الشاعرة عودة.
التجسيد
وجاء التجسيد في "مِنْ كُلِّ قَيْدٍ وَذِكْرَى" حيث جسدت القيود وجعلتها كعائق يحول بين الشاعرة وتحقيق الذات تعكس هذه الصورة الصراعات الداخلية التي تواجهها الشاعرة في سبيل التحرر من ربق القيود التي منعتها من تحقيق ذاتها.
واتضح أن الشاعرة قامت باستخدام هذه الصور الشعرية بشكل متكامل لتجسد رحلة الشفاء والتجدد، حيث تتداخل المشاعر الإنسانية، وتعبر القصيدة عن الأمل في البداية الجديدة، وتسلط الضوء على الأبعاد الروحية والجمالية في حياة المرأة وعلاقتها بوطنها. وتعكس هذه العناصر الفنية التوتر بين الماضي والمستقبل، وتبرز قوة الإرادة في مواجهة التحديات التي تنتظرها.
تعتبر القصائد النسائية من أبرز الأشكال الأدبية التي تعكس تجارب النساء وصراعاتهن داخل مجتمعاتهن وتجاربهن التي تبرز وتؤكد ذلك تمامًا وكما جاء في قصيدة "أَعشاش نسويَّة" للشاعرة: ريتا عودة، والتي قدمت رؤية عميقة للهوية الأنثوية والتحديات الاجتماعية التي مرت بها.وبرزت قصيدتها من خلال الجوانب اللغوية والدلالية، بالإضافة إلى السياق الاجتماعي والثقافي الذي كان واضحًا في نصها الشعري فهي تقول:
أَعشاش نسويَّة
((لتعرفَني بعمْق ادخلْ مِرْآتي))
-1-
أنا امرأةٌ
تقرأُ وتكتبُ
وتتذوَّقُ
تحليقَ المُفرداتِ
في سماءِ
اللغةِ الثّائرَةْ.
-2-
أنَا مِحْوَرُ الدَّائِرَة.
لا شَيءَ.
لا أحَدَ.
لا حَرْفَ نَصْبٍ.
لا حَرْفَ جَرٍّ.
لا فِعْلَ أمْرٍ.
يَسْتَطِيعُ
أنْ يُسَيِّرَنِي،
يَسْتَطِيعُ
أنْ يَكْسِرَني!
-3-
عَلَى ذَاتِي،
عَلَى مِرْآتِي،
أتَمَرَّدُ.
لا أتَرَدَّدُ.
أتَوَهَّجُ
فَتَسْتَنِيرُ بِضَوْئِي
جميعُ الفَرَاشاتِ.
-4-
زَهْرَةُ صَبَّارٍ
....أنا...
أَيْنَمَا كنتُ،
وَإِنْ فِي صَحْرَاءَ
حللتُ:
أُزْهِرُ.
-5-
أَنَا كَالمَوْجَة،
كُلَّمَا وَصَلْتُ صَخْرَة
لا أَتَبَدَّدْ
إنَّمَا أَتَجَدَّدْ.
-6-
وجدتني القصيدةْ
وحيدَةْ
فآوَتني.
أسرارَها منحتني.
سفيرةَ المُهمَّشينَ،
الفقراءْ
الكادحينَ،
نبيَّةَ العُشَّاقِ،
سيِّدَةَ الشُّعراءْ،
جعلتني.
-7-
أنا شاعرَةٌ ثائرةٌ
على ظِلِّي.
أقسمتُ
أن أمضيَ لأفضحَ
العتمَة
وأنْتَصِرَ للكادحِينَ
المهمَّشينَ
عبرَ براكينِ الأبجديّة.
-8-
امْرَأةٌ مِنْ شِعْرٍ،
أنا.
الدَّهْشَةُ عُنْوَاني.
لا أسْتَدْرِجُ شَيْطَانَ عبقر
لمملكتي
ففي جَوْفِي مَلاَكٌ
-وَشَتَّانَ بَيْنَ مَلاكٍ وشَيْطَانِ-
حينَ يُلْهمُني
القَصَائِدَ
يفيضُ الكَوْنُ ألحَانًا
يَطْرَبُ لها القَاصِي
وَيَثْمَلُ الدَّانِي.
-9-
أنَا اكْتِمَالُ القَصِيدَةِ،
حِينٙ عَلى جَبَلٍ عَالٍ تَتَجٙلَّى.
مِنْ قُيُودِهَا تَتَعٙرّٙى.
تَرْتَدِي هَالاتِهَا
تُبَاغِتُنِي بِاحْتِمَالاتِهَا.
-10-
ذَاتَ فجرٍ،
تَسَلقْتُ شَجَرَةَ المَعْرفَة.
قرفصتُ في عُشّ السُّنونو.
أتتِ العصفورُة الأُمُ
زَقَّتِ الحَبَّ بفمي زقًّا
حبّةً فَ حبَّةْ
بمَحَبَةْ.
حينُ هَبَطْتُ،
الشّاعرَةُ المُتَوَهِجَةُ
كنتُ.
يمثل النص عمق التجربة الإنسانية من خلال استخدام اللغة الشعرية، الصور الجمالية، والرموز المعقدة التي تعكس الصراعات الداخلية للمرأة. ومن خلال أسلوبه المتنوع والتعبيرات القوية، يتناول النص موضوعات الهوية، الحب، الاستقلالية، والصراع، مما يجعل منه عملاً فنيًا يستحق التأمل والدراسة الأكاديمية. تحوي الجماليات اللغوية في النص على أبعاد متعددة تعكس رحلات نفسية معقدة، مما يساهم في إثراء الأدب العربي المعاصر.
لقد عرفت الشاعرة عودة، هويتها في مطلع النص كـ "امرأة" تعبر عن قدرتها على "القراءة والكتابة" و"تذوق تحليق المفردات". هذا التقديم يعكس مساعي الشاعرة لتعزيز الهوية الأنثوية من خلال المعرفة والإبداع، حيث تُظهر أن المرأة ليست مجرد كائنات مستهلكة للمعرفة، بل هي منتجة لها. كما تشير إلى أن اللغة، بمفرداتها الثائرة، هي وسيلة للتحرر والتعبير.

التمرد والتحرر
تستخدم الشاعرة تعبيرات مثل: "أنا محور الدائرة" و"لا شيء، لا أحد"، لتظهر موقفها من الإقصاء والتهميش. هذه العبارات تعكس شعوراً بالعزلة، ولكنها تعقبها بإعلان القوة حيث تقول: "لا فعل أمر يستطيع أن يسيرني"، مما يدل على تمردها ضد أي محاولة للسيطرة عليها. هنا، يمكن الإشارة إلى مفهوم "التحرر النسوي" كما تناوله العديد من الباحثين مثل سيمون دي بوفوار في كتابها "الجنس الثاني"، حيث تُعبر النساء عن رغبتهن في الاستقلالية عن الأدوار التقليدية.
وتظهر الشاعرة كـ "زهرة صبّار"، مما يعكس القدرة على الازدهار في ظروف قاسية. تعبر هذه الصورة عن القوة الداخلية والقدرة على التكيف، حيث تشير إلى أن المرأة قادرة على النمو حتى في "صحارى" الحياة. ويتجلى هذا التوجه في الأدب النسوي، وتبرز الكاتبات قدرة النساء على تجاوز الصعوبات، وهنا يمكن الإشارة إلى "عشاق الصبار" لنوال السعداوي.
وتُعرف الشاعرة نفسها كـ "سفيرة المهمشين"، مما يعكس وعيها الاجتماعي واهتمامها بالقضايا الإنسانية. فهذا الارتباط يعكس تداخل الهوية الفردية مع الهوية الجماعية، حيث تُظهر الشاعرة أن تجربتها الشخصية مرتبطة بتجارب الآخرين. تشير هذه الفكرة إلى مفهوم "الأنثوية الملتزمة" الذي استعرضته الكاتبة الأمريكية توني موريسون في أعمالها، حيث تسلط الضوء على تجارب النساء المهمشات.
وتتناول الشاعرة ريتا عودة الصراع بين "ملاك" و"شيطان"، مما يجسد التوترات الداخلية التي تعيشها. وهذه الصورة تعكس صراع الهوية، حيث تتأرجح بين الإلهام والشك. فيعكس هذا التناقض ما أشار إليه عالم النفس كارل يونغ حول مفهوم "الظل" كجزء من النفس البشرية الذي يجب مواجهته وتقبله.
ونجد أن الشاعرة قد أعلنت أنها "الشاعرة المتوهجة"، مما يعكس ثقتها بنفسها واعتزازها بهويتها. وهذا الأمر يعزز من الرسالة النسوية في النص، حيث تدعو النساء إلى الاستمرار في التعبير عن أنفسهن وعدم الخضوع للقيود. يمكن الربط هنا بمفهوم "التمكين النسوي" الذي تناولته العديد من الدراسات الحديثة، مثل تلك التي أجراها ريجينا بارتون حول دور الأدب في تمكين النساء.
ولا شك أن نص "أَعشاش نسويَّة" يمثل تجسيداً لحركة الشعر النسوي، حيث تبرز الشاعرة تجربتها كعبرة تتجاوز الفردية لتشمل القضايا الإنسانية العامة. من خلال التحليل اللغوي والدلالي، يتضح أن النص يحمل في طياته دعوة للتمرد والتحرر، ويعكس عمق التجربة النسائية في سياق وضع اجتماعي صعب، وتتابع:
اكْتَشَفْتُ
أنَّ بَحْرَ مِزَاجِيَتِكَ
مُعْرَبٌ
فَتمنيتُ
لو لم تكنْ علامةُ بنائي أنا
السّكون.
*
أنا كُلُّ النِّسَاءِ،
فَلا تَبْحَثْ عَنْ أَجْزَاءٍ مِنِّي فِي غَيْري.
*
أنا لا أكتبُ كَي أُقاتلَ نيرُونْ.
أنا أكتبُ كَي أَكونْ.
*
خلفَ كلِّ مبدعةٍ، أكثر مِن جَلاّد.
*
التَجَأتُ لِكَفِّكَ عَدْوًا خَلْفَ قَمْحِ حَنَانٍ فَاكْتَشَفْتُ أَنَّهَا، أيضًا، عَلَى الصَّفْعِ قَادِرَة.
*
لأنَّكَ عَشِقْتَنِي بالرّغمِ مِنْ ضَعْفِي، أعْشَقُكَ حَتَّى أقَاصِي قُوَّتِي.
*
مَنْ يسندُكَ دونَ أنْ يكسرَكَ، كلّما نظرْتَ في مِرآةٍ، سوفَ تراهُ.
*
لأنّني على بساطٍ من حصيرٍ
أقرفصُ
لا على سريرٍ من حريرٍ،
يُحبُّني... يحبُّني حبيبي.
*
شطرتني الأحزانُ نصفَيْن: نصفٌ يُحِبُّ الحياةَ ونصفٌ آخَر...
أيضًا يُحِبُّها.
*
في المرآةِ،
رأيتُها تبتسمُ
تلكَ التي كانتْ ليَ سندًا
على مدَى الخَيباتِ.
*
إلى جانبِ كلّ رَجُل عظيم امرأة أعظم.
*
يُحَكَى أنَّ الصَّبَّارَ كانَ وَرْدًا وَمِنْ شِدَّةِ مَا تَعَرَّضَ للقَهْرِ قَرَرَ أنْ يلبسَ الأشْوَاكَ دِرْعًا.
*
في حضرةِ الظَّلاميّن، لا شيءَ يستحقُّ الرؤية.
أغمضُ عينيِّ فأرى النُّورَ داخلي.
*
لستَ نبيًّا لأنتظركَ بقيَّةَ عُمري.
لا قيمة عندي لمَنْ لا يعرفُ قيمتي.
*
مَنْ يلهثُ خلفَ أكثر من وردةٍ سوفَ تباغتُهُ أشواكُهُنَّ!
*
شبهُ رَجُلٍ هُوَ ذَاكَ الذي يُؤَمِّم قلبَهُ.
*
ليس حبًّا هذا الذي لا يأتيكَ بالفَرَاشَاتِ والأراجيحَ والبنفسجِ!
*
كيف تُزهرُ المرأة معَ مَن يُبدعُ في تجفيفِ مشاعرها!
*
لا تنتقمي ممَّن خذلكِ.
يكفيهِ أن تُعيديهِ
... غريبًا ...
تمامًا كفزَّاعةِ طُيورٍ في قَفْر.
من الملاحظ أن نص "أعشاش نسوية" مشبع بصور شعرية مدهشة تعكس المشاعر والتجارب الإنسانية لدى الشاعرة ريتا، فقولها مثل "بحر مزاجيتك" و"كُلُّ النِّسَاءِ" تعكس عمق العلاقات الإنسانية مع كل تعقيداتها. والبحر هنا يُستخدم كرمز للعمق والتغير، مما يشير إلى تقلبات في المزاج والعواطف.
وجاء استخدام الاستعارات مثل: "الصبار كان وردًا" يبرز قدرة الكائنات الحية على التكيف مع الظروف القاسية، مما يعكس قوة المرأة وقدرتها على التحمل. كذلك قول الشاعرة: "أغمضُ عينيِّ فأرى النُّورَ داخلي"، يعبر عن التحدي الداخلي للعثور على الأمل في ظلام التجارب.
الأسلوب
لقد جاء التكرار بمثابة أداة بلاغية قوية في النص، حيث تُستخدم لتعزيز المعاني وإبراز الأفكار الرئيسية. وعبارة "يُحبُّني... يحبُّني حبيبي" تعكس عمق المشاعر وتحديات الحب، مما يخلق صدى داخلي لدى القارئ والمتابع لقصيدة عودة "أعشاش نسوية".
ويتنوع الأسلوب بين السرد والتعبير الشعري، مما يمنح النص ديناميكية تجعل القارئ يتفاعل مع كل مقطع بشكل مختلف. هذا التنوع يساهم في بناء الجوانب النفسية للشخصيات
ويظهر النص بشكل واضح الصراع الداخلي للمرأة بين القوة والضعف، وقول الشاعرة: "شطرتني الأحزانُ نصفَيْن" إنما تشير إلى انقسام الهوية والشعور بالضياع، مما يعكس الصراع النفسي بين الأمل والإحباط، وكما نلاحظ تتناول النصوص مفهوم الاستقلالية والقدرة على تحديد الهوية الذاتية، وقولها أي الشاعرة: "لستَ نبيًّا لأنتظركَ بقيَّةَ عُمري" تعبر عن عدم الاعتماد على الآخرين لتحقيق الذات، مما يعكس قوة الإرادة.
وتتسم البنية الشعرية للنص بتقطيع متوازن وإيقاع يُشعر القارئ بالتنقل بين الأفكار بسلاسة، وساهم الأسلوب في خلق تجربة قراءة غنية، تشعر القارئ بأنه يتنقل بين مشاعر مختلطة، وأما الايقاع الداخلي، يتجلى في استخدام التوزيع الصوتي وتكرار الحروف. فمثلاً، استخدام "الأحزانُ" و"الأقوى" يخلق توازنًا صوتيًا يساهم في تعزيز جماليات النص.
ورمز المرآة يتكرر في النص كأداة للتأمل الذاتي. "في المرآةِ، رأيتُها تبتسمُ" تعبر عن اكتشاف الهوية الحقيقية والقبول الذاتي، مما يعكس رحلة التعرف على الذات،واستخدام الرموز مثل الأشواك- والورد-، يعكس التوتر بين الجمال والألم، حيث تعكس التجارب الحياتية الصعبة في ظل البحث عن السعادة والجمال.
وفي الختام يمثل عمق التجربة الإنسانية من خلال استخدام اللغة الشعرية، الصور الجمالية، والرموز المعقدة التي تعكس الصراعات الداخلية للمرأة، من خلال أسلوبها المتنوع والتعبيرات القوية، حيث يتناول النص موضوعات الهوية، الحب، الاستقلالية، والصراع الانساني، مما يجعل منه عملاً فنيًا يستحق التأمل والدراسة الأكاديمية. خاصة أنَّ الجماليات اللغوية في النص تحتوي على أبعاد متعددة تعكس رحلات نفسية صعبة لدى الشاعرة ريتا عودة، مما يساهم في إثراء الأدب العربي المحلي المعاصر.

الخاتمة
قدمت هذه الدراسة الموسومة بـِ "ملامح أدب الحداثة في " أكون لك سنونوة""، تحليلًا مُعمّقًا لتجربة الشاعرة "ريتا عودة" الشعرية، مُركّزةً على مجموعتها "أكون لك سنونوة" ونصوص أخرى مُختارة، بهدف الكشف عن الخصائص المُميّزة لتجربتها الإبداعية. وقد أسفر التحليل عن النتائج التالية:
أولاً: التميّز عن شعراء الحداثة والانتماء لما بعد الحداثة: تتميّز ريتا عودة عن شعراء الحداثة بأسلوبها الذي يمزج بين الشعر والنثر والسرد، وتجاوزها للأشكال الأدبية التقليدية. وتُصنّف تجربتها ضمن أدب ما بعد الحداثة، حيث تُركّز على الذات الإنسانية وتُعبّر عن آلامها وأحلامها وآمالها بلغة شعرية مُبتكرة.
ثانياً: خصائص الكتابة: تتميّز كتابة عودة بالخصائص التالية:
• الهندسة اللغوية والرسم بالمفردات: تُوظّف عودة اللغة بدقة عالية، وترسم بالمفردات صورًا شعرية غنية بالدلالات.
• الكثافة الرمزية: تستخدم الرموز بكثافة لخلق دلالات مُكثّفة، مُستعينةً برموز من تجربتها وثراء ثقافتها، كمفهوم "حلّاج المفردات".
• الصور الشعرية المُبتكرة: تستخدم صور شعرية مُبتكرة مثل "القصيدة نهرٌ" و"قلوب الشعراء فوانيس" لتجسيد مشاعر عميقة.
• المزج بين الأشكال الأدبية: تمزج بين الومضة والهايكو والتوقيعة والنص النثري والشعري، ما يعكس تمردها على القيود التقليدية.
• تعدد الأصوات في النص الواحد: تتحدث عودة مع روحها ثم مع الغير ثم مع العام والمجموع، ما يُثري النص ويُعمّق دلالاته.
• الجزالة والعمق اللغوي: تتميّز لغة عودة بالجزالة والعمق، واستخدام صور شعرية مُتجدّدة.
ثالثاً: الموضوعات الإنسانية: تتناول عودة موضوعات إنسانية شاملة كالطبيعة والجمال والتجارب الاجتماعية، معتمدة على التفاصيل الدقيقة والصور الجمالية. كما تتناول موضوعات مثل:
• الحب: تُعبّر عن مشاعر الحب المُتدفقة، وتُصوّر جوانبه المُختلفة، من الشوق والانتظار إلى الاندماج والخلود.
• الفقد والألم: تُعبّر عن مشاعر الفقد والألم والصراع الداخلي بين الأمل واليأس.
• التحوّل والنمو: تُصوّر عملية النمو والتطور في العلاقات العاطفية وفي الذات الإنسانية.
• الاستقلالية والهوية: تُركّز عودة على مفهوم الاستقلالية والقدرة على تحديد الهوية الذاتية.
• الهموم الاجتماعية وقضايا المرأة: تُعبّر عن وعيها الاجتماعي واهتمامها بقضايا المرأة العربية، وتُطالب بالتغيير ومواجهة الظلم.
• الوجود والقلق: تتناول الشاعرة عودة مشاعر الوجود والقلق والتأمل في الذات.
رابعاً: التأثيرات الأدبية: تبين أنّ الشاعرة عودة متأثرة كثيراً بالأدب العالمي، وقد تجلّى ذلك في استخدامها لأشكال أدبية متنوعة. كما نها متأثرة بفكر بعض النقاد والأدباء كأدونيس وإدوارد سعيد وغاستون باشلار وسوزان سونتاج وأمبيرتو إيكو وابن عبد الجبار النفري وعز الدين المناصرة.
خامساً: فلسفة الشعر والكتابة: تُعبّر جملة "في الشعر؛ ما خفي كان أعذب" عن جوهر تجربة عودة، مُشيرةً إلى أن المعاني الخفية هي التي تُضفي على الشعر جاذبيته. كما تُعبّر عبارة "أنا بحبر إذن أنا بخير" عن أهمية الإبداع كأداة للتعبير عن الذات والتعافي والتواصل مع العالم.
سادساً: نقد المشهد الثقافي والاجتماعي: تُعبّر عودة عن معاناتها وسط أجواء المثقفين، وتنتقد شعراء المرحلة، وتُوظّف شعار ما بعد الحداثة لعكس هموم المثقفين وهمومها وسط الزحام والانتهازية في أجواء ثقافة العيب.
سابعاً: تحليل قصائد مُحدّدة: قدّمت الدراسة تحليلاً مُفصّلاً لعدد من قصائد عودة، مثل "بعد الطوفان" و"أعشاش العشق" و"أعشاش نسوية" و"موسيقى الكون" و"في طريقي إليك" و"بديهيات" و"كن ربيعاً لأحبك" و"الرحيل الموجع" و"لا تسأل" و"بالنور أغتسل"، مُبيّنةً استخدامها للرموز والصور والاستعارات والتشبيهات والتقنيات الشعرية.
بشكل عام، تُعتبر ريتا عودة نموذجاً شعرياً قائماً بذاته، مُجسّدةً صوتًا شعريًا مُتميّزًا بالابتكار والعمق، وممارسةً أرقى طقوس قصيدة النثر وجماليات نص ما بعد الحداثة.




المراجع:
 أحمد، سمير. (2005). أساطير وأدب. بيروت: دار المدى.
 أدونيس. (1995). الحداثة العربية (الطبعة الثانية). بيروت: دار العودة.
 إيكو، أمبيرتو. (1980). اسم الوردة (ترجمة سعيد بنكراد، الطبعة الثانية). دمشق: دار المدى.
 باشلار، غاستون. (1994). جماليات المكان (ترجمة سعاد جلال، الطبعة الأولى). دمشق: دار الفكر.
 الحداد، ليلى. (2018). المرأة في الشعر العربي المعاصر. دمشق: دار الينابيع.
 السعداوي، نوال. (1990). المرأة والكتابة. القاهرة: دار الفكر.
 سعيد، إدوارد. (1978). الاستشراق (الطبعة الأولى). بيروت: دار الريس.
 سونتاج، سوزان. (1977). عن الصور (ترجمة هالة أبو سعدة، الطبعة الأولى). القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
 الصباح، سعاد. (2003). الشعر النسوي العربي. الكويت: دار الآداب.
 طعمة، أحمد. (2021). الشعر العربي المعاصر: الرؤى والتجارب. بيروت: دار الثقافة.
 عبد الرحمن، عادل. (2012). دراسات في الأدب العربي الحديث. عمان: دار الثقافة.
 المناصرة، عز الدين. (1967). "هايكو تانكا" و"توقيعات". بيروت: دار النشر.
من المراجع التي تركت أثر عند الباحثة حول البنية الشكلية والتقنيات الفنية:
- حسن، يوسف. (2018). "الشعر النسوي العربي: دراسة تحليلية". دار الفكر.
يقدم هذا الكتاب تحليلًا شاملًا لأساليب الشاعرات العربيات وتأثيرهن في الشعر العربي المعاصر
- العساف، رندا. (2020). "تقنيات اللغة في الشعر العربي الحديث". مجلة الدراسات الأدبية.
يناقش هذا البحث استخدام اللغة والأسلوب في الشعر الحديث ويقدم أمثلة على التقنيات المستخدمة
- المحمد، علي. (2019). "رمزية التحول في الشعر العربي". دار المعارف.
يتناول هذا الكتاب الرموز المستخدمة في الشعر العربي وكيفية تأثيرها على المعاني والدلالات
- ت. س. إليوت . "الأرض اليباب"، ط1، المملكة المتحدة ص 15-20.
المحتوى: تتناول هذه القصيدة أهمية التجربة الذاتية في الشعر ودورها في تشكيل الهوية والوجود. يبرز إليوت كيف يمكن للمعاناة الفردية أن تتجلى في شكل فني يعكس الحالة الإنسانية.
- ميشيل فوكو - "الكلمات والأشياء"، ط2، فرنسا، ص 35-42.
المحتوى: يناقش فوكو في هذا الكتاب العلاقة بين السلطة والمعرفة في الثقافة، وكيف تؤثر هذه العلاقة على الإبداع الفني. يركز على كيفية تحدي الفنانين للقيود السائدة من خلال أعمالهم.

انتهت وبحمدالله



السيرة الذاتية للكاتبة والباحثة
ايمان مصاروة
السيرة الذاتية للباحثة والكاتبة
"إيمان مصاروة". الناصرة -- الجليل

صدر دراسات:
1- الأطفال المقدسيون تمييز عنصري، بالاشتراك،2003، مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
2- الاستيطان في البلدة القديمة ج 1، 2004 ، مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
3- الاستيطان بالبلدة القديمة، معدل، ج2، 2010، أم الفحم.
4 - التعليم في القدس500 عام/ 2013، وزارة الثقافة الفلسطينية، ط1، رام الله.
5- القدس في الشعر العربي، دراسة، 2012 ، دار الجندي، ط1، القدس.
6- اللفظ في الشعر النسائي الفلسطيني -منى ظاهر أنموذجا، 2014 ، رام الله، بيت الشعر.
7- الفن النثري بعد أوسلو، 2015، ط1،الجليل ، الناصرة.
8– تاريخ أدب السجون في فلسطين، ج 1 الشعر، 2016.
9- تاريخ أدب السجون في فلسطين، جزء 2 النثر، 2016 .
10- قراءة في شعر نور الرواشدة، ط1، 2016.
11- تاريخ أدب السجون في فلسطين، ج 3، 2018.
12- أبعاد دلالية وفنية في شعر الأسر- الشاعر عبد الناصر صالح أنموذجا، دراسة، ط1 ، 2018.
13- الرمزية والمكان والصورة الشعرية، المتوكل طه أنموذجا، دراسة نقدية، ط1، فلسطين و ط2 ، الأردن، 2019.
14-وطن تلاحم في وطن، عبد الناصر صالح أنموذجا، دراسة نقدية، ط1، 2017.
15- أثر الفكر السياسي في الشعر الفلسطيني، سامي مهنا أنموذجا، دراسة نقدية، ط1 ،2020.
16- أثر الفكر في جماليات الموضوع الشعري-علاء الغول أنموذجا، دراسة نقدية 2018.
17-أثر جماليات الموضوع الشعري-حاتم جوعية أنموذجا، دراسة نقدية، ط1، 2021.
18- مقومات البناء الفني في الشعر الفلسطيني المعاصر-نزيه خير أنموذجا، 2020، دراسة، ط1.
19-الصورة الفنية في المسرح المحلي-معين بسيسو أنموذجا، دراسة نقدية، 2017.
20-اللغة والصورة الشعرية،احمد فوزي أبو بكر أنموذجا، دراسة نقدية، 2020، ط1، ام الفحم.
21-أدب الطفل المحلي-سهيل عيساوي أنموذجًا، دراسة نقدية، ط1، كفرمندا، 2021.
22-غراسٌ ثقافية، كتاب حواري ورؤية أدبية - مشترك - كتاب تحليلي، ط1،غزة، 2019.
23-بنية الصورة الاستعارية في الأدب الفلسطيني المعاصر، " عناد جابر أنموذجًا " دراسة -2018 ، ط1.
24-الصورة الشعرية في الأدب المحلي المعاصر، دراسة، محمد بكرية "أنموذجًا" ، 2021 ، ط1.
25-الصورة الاستعارية في الأدب الفلسطيني المعاصر، الشاعر خالد الشوملي" أنموذجًا"، دراسة نقدية، ط1، بيت لحم، ط2، أم الفحم، 2021 .
26-أثر الفكر في جماليات الموضوع الشعري المعاصر، الأديب باسم شتيوي "أنموذجًا" دراسة نقدية ، نابلس، ط1، 2024.
27-سوتيانك الأحمر، دراسة تحليلية في الأدب العربي المعاصر، الشاعر العراقي كريم عبد الله أنموذجًا، دراسة تحليلية، العراق، ط1، 2021.
28-السرد في الرواية الفلسطينية المعاصرة، نافذ الرفاعي أنموذجًا، دراسة تحليلية 2022.
29-الصورة الشعرية واللغة الشعرية في الأدب العربي المعاصر، الشاعر حسين حرفوش أنموذجًا" ، مصر، دراسة نقدية، ط1، 2021.
30-فلسفة المكان واللغة والشخصية في الخطاب القصصي" البريفسور سعيد عياد "أنموذجًا"، دراسة نقدية، ط1، 2021.
31- موازنة في شعر المقاومة بين شعراء الوطن " دار سهيل عيساوي للطباعة والنشر"، ط1، 2022.
32- بناء اللغة والصورة الشعرية- الشاعر عبد الله عيسى أنموذجًا، دار كنانة للطباعة والنشر، دمشق ط1، 2023.
33- جماليات فنية وأسلوبية في شعر حسين البابلي، ط1، العراق، 2023.
34- ثلاث علامات في الشعر الفلسطيني المعاصر، ط1، دار الفينيق الأردن، 2023 .
35-اللغة والصورة الشعرية في مختارات الناسك" للشاعر محمد خضير، ط1، دار دجلة، الأردن، 2023.
36- سيميائية الطبيعة والمكان في "درج العتمة" للشاعر هشام عودة، الأردن، 2023.
37- جماليات الصورة الشعرية واللغة والأسلوب في قطرات من دمي للأديب يعقوب حجازي، الأسوار،2024.
38- ظواهر اللغة والبناء الفني عند الشاعر عمر رزوق، ط1، 2024.
39- واقع اللغات الأجنبية في المدارس العربية، دراسة تحليلية احصائية، 2024.
40- تقنيات القصة القصيرة عند الكاتب رافع يحيى، مكتبة كل شيء حيفا، ط1، 2024.
41- ظواهر البناء السردي في الخطاب القصصي عند الكاتبة، د. راوية بربارة، 2024.
42- جماليات اللغة الشعرية في ديوان أستل عطرا للشاعر فهيم أبو ركن، 2024.
.........................
دراسات محكمة نشرت في جامعات عربية ومحلية:
1- أبعاد دلالية وفنية في شعر الأسر، الشاعر عبد الناصر صالح أنموذجا، جامعة القدس المفتوحة، 2018.
2- تاريخ أدب السجون في فلسطين، مجلة الفكر العربي، لبنان، 2019 .
3- أثر جماليات الموضوع الشعري في اللغة واللفظ والفكر والأسلوب، حاتم جوعية أنموذجًا، مجلة كلية القاسمي، باقة الغربية 2020 .
4- صورة جفرا في شعر عز الدين المناصرة المؤتمر الدولي الأول، بني نعيم، ، نشر في الأردن 2022
5- الاستعارة الشعرية واللغة والأسلوب المعاصر عند الشاعر عناد جابر، 2023 ، كلية القاسمي .
6- الصراع العربي الاسرائيلي بين الواقع والمأمول في الكتب المدرسية، مؤتمر القاهرة، مجلة الأكاديمية العربية للتدريب، تشرين أول-2021.
7- المرأة الفلسطينية بين الواقع والمأمول، مؤتمر طولكرم، جامعة الخضوري، مجلة قارب 2021 .
8- موازنة بين شعراء الوطن، مؤتمر جامعة القدس المفتوحة، 2022.
9- واقع اللغات الأجنبية في المدارس الفلسطينية، مجلة جامعة الاستقلال، أريحا، آذار 2023 .
10- اللغة الشعرية في تغريبة بني خيْبان، مؤسسة أنصار الضاد، 2022 .
11- بلاغة الصورة ومهارة اللغة الشعرية في قصيدة منزلات فاتنتي للشاعر ابراهيم مصطفى الحمد، مجلة الحرف الصادرة في الهند والعراق في عددها الثالث عشر، 2022.
12- اللغة والأسلوب في ديوان زهدي غاوي "بين البزوع والأفول"، 2023، كفر قاسم.
13- مجلة النقد 21، العدد الخامس عشر، بلاغة الصورة ومهارة اللغة 2023 مصر.
14- تشكل الرؤية بين عز الدين المناصرة وأبناء جيله، دراسة أسلوبية، المؤتمر العلمي الدولي الثاني، بني نعيم، 2023.
15- اللغة والصورة الشعرية في ديوان عطش البرق للشاعرة العراقية وفاء عبد الرازق، المجلة الدولية المحكمة" رؤى السلام" 2023.
16- اللغة والصورة الشعرية في القدس عند الشاعر سميح القاسم، عدد 22 " المقدسية، 2024.
17- الصورة الشعرية في ديوان الظلال للشاعرة هناء أبو أحمد، 2023. بانتظار النشر.
18- اللغة في أدب الطفل المحلي، سهيل عيساوي أنموذجا، كلية القاسمي، مؤتمر الطفل، 2022.
شعر:
1 - سرير القمر، شعر، رام الله،2010.
2 - بتول لغتي، شعر ، رام الله،2011.
3 - دموع الحبق، شعر، 2012، االشارقة.
4 - عرائس الفجر، شعر، داخل صهيل الحواس. 2013
5 - هنا وطن، شعر، دار فضاءات، عمان،2013.
6 - من خواطري، مجموعة خواطر ، 1993.
7 - بكائيات الوداع الأخير ، شعر، 2013.
8 - الملحمة المحمدية، ديوان مشترك، 2014.
9- أوكوبيديا، دار الفينيق، عمان، 2014.
10-سلاف، 2015، ومضات شعرية .
11- اعتقال الحرف لا يعني القصيدة، شعر، 2016.
12– ثمانياتٌ مقدسية، شعر، 2016.
13– زهرة ومضات شعرية 2017.
14– في انتظار الضوء، شعر، 2017 مؤسسة أنصار الضاد.
15 - للحلم بقية ، شعر، 2018 مؤسسة أنصار الضاد.
16- طرحة لعروس الجليل، "الناصرة"، شعر ، 2018.
17- ديوان مترجم للفرنسية نشر الكتروني في العام 2019 .
18 غيمة شمالية ( تحت الطبع)، 2024 .
19- ثالوث الحب المقدس، دار سهيل عيساوي للنشر، ط1، 2022.
20- ديوان كوكتيل مشترك مع الشاعر علاء الغول والصادر في العام 2020
وفي انتظار نشر العديد من المجموعات الشعرية إضافة لثلاث مجموعات تربوية للأطفال.
.......................
مخطوطات بحثية علمية:
1- موازنات بين شعراء الوطن ج2.
2-محمد علي الصالح شاعرا كبيرا.
3-أحمد طه شاعرا ومربيا.
4 -لأديب الفلسطيني محمد بركات جبارين .
5-منى ظاهر شاعرة حداثة .
6-اللغة الشعرية زمن كورونا، دراسات تطبيقية، عبد الحي اغبارية، وشريف شرقية، اسماعيل حج محمد وآخرين.
7- إشراقات نقدية.
8-شعراء من المغرب" دراسات تحليلية".
ترجم للكاتبة عشرات النصوص للغات عالمية منها الانكليزية والفرنسية والتركية والايطالية.
- عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين العرب 48 ومسئولة اللجنة الإعلامية والثقافية في اتحاد الكتاب الكرمل 48 حتى العام 7-2021.
- حصلت الشاعرة على عدة جوائز تقديرية عربية في إطار تواصلها و نشاطها الثقافي إضافة لما قدمته من أبحاث ودراسات أخرى متخصصة في القدس.
- شخصية العام 2023 في جمعية المرأة المبدعة "غزة" وذلك في مجال اثراء المشهد الفني والأدبي والابداعي العام
- المشاركة بأمسية شعرية مع جامعة الاستقلال، اذار، أريحا، 2023.
- تكريم الشاعرة على دراستها المحكمة أثر اللغات على الطلاب في المدارس الفلسطينية، الاستقلال، 2023.
- توقيع كتاب موازنة في الشعر الفلسطيني المعاصر نادي حيفا الثقافي1- 15-2023
- توقيع كتاب المهمشون في حيفا نادي حيفا الثقافي 2023.
- المشاركة بمهرجان آذار للشعر، سخنين، 2023.
- المشاركة بأمسية شعرية في مؤسسة الأسوار، عكا، 2023.
- المشاركة في مهرجان اللغة العربية السادس ، نادي احباب اللغة العربية، 8-2022 .
- المشاركة في ضيف كلية ألقاسمي لطلاب اللغة العربية للعام 2019.
- مُكرّمة من قسم اللغة العربية في أكاديمية القاسمي لمشاركتها في المؤتمر الدولي الأول لكاتبات فلسطينيات 11-6-2019.
- حاصلة على جائزة أفضل دراسة أدبية عن القدس عن دراستها الفن النثري في القدس بعد أوسلو للعام من مؤسسة زهرة المدائن في القدس، 2015.
- مكرمة في جامعة النجاح الوطنية في مهرجان عكاظ الثالث 2015 والرابع للشعر 5، 4، 2016.
- حاصلة على شخصية العام في البحث والشعر من قبل مؤسسة تقدير في فلسطين ال 48 للعام 2015.
- حاصلة على شخصية العام في المجتمع العربي في الشعر والبحث العلمي للعام، 2013.
- حاصلة على الوسام الذهبي من المركز العربي للإبداع في مصر.
- جائزة أفضل دراسة عن القدس،القدس في الشعر العربي في مهرجان زهرة المدائن 4، 2014.
- حاصلة على درع تكريمي من متحف أحمد شوقي كشاعرة فلسطين والعرب لدورها في إثراء الفن والأدب والثقافة في 1، 6، 2014.
- حاصلة على وسام التميز من الدرجة الأولى من جامعة القدس وفرقة جوال المسرحية.
- حاصلة على درع جامعة القدس في أبو ديس فلسطين 24، ،2014، 1.
- شاركت في لقاءات إبداعية وشعرية وبحثية علمية في كل من جامعات الوطن جامعة القدس المفتوحة بيت جالا، وجامعة القدس أبو ديس، وجامعة النجاح الوطنية ، وجامعة بيت لحم في لقاءات إبداعية وشعرية عديدة، جامعة القدس أدب السجون، جنين، جامعة القدس طول كرم، جامعة الخليل، البولي تكنك، كلية ألقاسمي الخض وري، بيت لحم، بير زيت، ذلك ما بين الأعوام 2012-2018.
- المشاركة بندوة أدبية العلاقة بين الناقد والأديب في جامعة القدس المفتوحة، فرع طولكرم.
- مشاركة بمؤتمر المعتقلين الفلسطينيين في جامعة النجاح 2017.
- مشاركة بمؤتمر القدس الثالث في جامعة النجاح الوطنية في 2017.
- مشاركة بمؤتمر تراث المدينة في شهر 7، 2017 جامعة بيت لحم .
- محاضرة في كلية الأمة عن أثر الاحتلال على التعليم في القدس 6، 2014.
- المشاركة بمهرجان عكاظ للشعر في جامعة النجاح الوطنية في 4، 2015.
- ترجمة عدد من القصائد للغات التركية الانكليزية والفرنسية والايطالية .
- شهادة تقدير من جمعية الشعلة للثقافة والفنون، مراكش، 2012.
- تكريم منتدى عكاظ على مجمل الابحاث العلمية المنجزة حتى العام 2024.
- المكرمة من كلية القاسمي عن مقالها المحكم الاستعارة الشعرية واللغة والأسلوب المعاصر عند الشاعر عناد جابر، أيار 2024.
- المكرمة من مدرسةالحكمة الثانوية في مدينة الناصرة كشخصية العام الأدبية المؤثرة للعام 2024.
- المكرمة من منتدى عكاظ عن دراستها "واقع اللغات الأجنبية في المدارس العربية، دراسة تحليلية احصائية"2024.
كما وشاركت الشاعرة بمئات الأمسيات والندوات داخل وخارج البلاد وكرمت في العديد من المحافل التربوية والجامعات والمؤسسات الثقافية وخاصة في مدينتها الناصرة كشخصية ثقافية هامة في الوسط العربي في العام2018، وكما كرمت كشخصية العام الثقافية في البحث والشعر، عام 2013. وحصلت على عدة جوائز تقديرية كصاحبة أفضل دراسة عن الفن النثري بعد اوسلو، جامعة القدس ، ودراسة الشعر في القدس العربي، ودراسات ادب السجون في فرنسا كأفضل دراسات للعام 2019.
المشاركة بمداخلة عن شعر سميح القاسم في ذكراه العاشرة في شفاعمرو 9-2024
والمكرمة من نادي حيفا وبلدية شفاعمرو ومنتدى عكاظ للعام 2024
الفائزة بمسيرة حياة من قبل وزارة الثقافة والرياضة للعام 2024.



#ريتا_عودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَتعافى بابتسامتكَ
- الحياة غابة
- عودة ليست شاعرة حُبّ تقليديّة
- حديقة من زهور الكلمات
- أعتنـــــــــــقُ العَبَـــــــــــــــــــثَ|| قصيدة ولمحة ...
- عَلَى مَهْلٍ
- فَكِّرْ بِغَزَّةَ
- امْرَأةٌ مِنْ شِعْرٍ
- شاعر... قصيدة ولمحة نقديّة-2
- أيُّها الموت انتظرني حتى أُنهي مَرْثِيَتِي
- التّمرُّد الصَّامت || قصّة قصيرة
- ما أكتبه اليوم هو امتداد لحاجتي الدّاخليّة إلى التّنفس
- لا أَنْتَ القَمَرُ، وَلا أَنْتَ الشَّمْسُ!
- مِن أَيّ معدن أنا ؟!
- نصّ مميّز ولمحة نقديّة || الدّموع
- قصرٌ طائرٌ || سامي عوض الله
- اِرْتَدِي هَالَاتِكِ أَيَّتُهَا الْمُفْرَدَاتُ
- غزَّة... جرحٌ يُنادي
- يا ليلُ غزَّةَ
- لو أدركَ الحجرُ...!


المزيد.....




- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي
- لنظام الخمس سنوات والثلاث سنوات .. أعرف الآن تنسيق الدبلومات ...
- قصص -جبل الجليد- تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخسارات
- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريتا عودة - ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-