أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الباينباغ .














المزيد.....

مقامة الباينباغ .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


مقامة الباينباغ :

تُعرف ربطة العنق , أو (( الباين باغ )) كما يسميها البعض في البرتغالية والكرواتية والإيطالية والإسبانية , و(( كراڤات )) في الفرنسية , بأنها قطعة قماش طويلة تُلبس حول الرقبة تحت ياقة القميص وتُعقد عند الحلق , تتجاوز هذه القطعة وظيفتها كزينة بسيطة لتصبح رمزًا يحمل في طياته أبعادًا تاريخية وثقافية وسياسية , وحتى دينية , وعلى الرغم من شيوعها كإكسسوار للملابس الرسمية , تختلف تسميات ربطة العنق وتاريخها من ثقافة لأخرى , فبينما يُشار إليها في بعض اللغات الأجنبية بمصطلح (( باين باغ ), تبقى (( الكرفتة )) أو (( الرباط )) هي التسمية الأكثر شيوعًا في اللغة العربية , هذه التسميات المتعددة تعكس الانتشار العالمي لهذه القطعة وتأثرها بالتبادلات الثقافية عبر العصور.

عندما انتظمنا للدوام في وزارة الخارجية عام 1980, فرض علينا أرتداء ربطة العنق , وكنا نحن القادمون من المحافظات , نتعامل معها كشرّ لا بد منه , خصوصاً أن ربطها كان عملية مضنية ومتعبة لا يتقنها الجميع , حيث كان يتطلب ألأمر عدة دقائق نقضيها في عقدها قبل التوجه إلى العمل , وتعلمنا في معهد الخدمة الخارجية انه في عالم الدبلوماسية , يُراعى كل تفصيل في المظهر بعناية , من الملابس إلى الحركات , ولا يُترك شيء للصدفة , حتى اختيار لون ربطة العنق , فكل لون يحمل دلالة ورسالة تؤثر على المُقابل , وتُعطي انطباعاً معيناً , وتُرسل رسائل خفية عن القوة أو الثقة أو غيرها من الدلالات , لذلك يحرص الدبلوماسيون دوماً على اختيار الألوان التي يرتدونها بدقة .

كان السفيرعبد الودود الشيخلي يقول إن إيحاءات ربطة العنق ليست وليدة الساعة , فإلى جانب إضفاء الأناقة على البدلة الرسمية , كانت إلى عهد قريب تشير إلى انتماء الرجل إلى مدرسة أو جامعة معينة أو نادٍ نخبوي أو حزب , وجعلها تقتصر على الأناقة فقط , وأنه يجب على الدبلوماسي أن يبدو مُرتباً ومنتبهاً إلى التفاصيل , وعلى رأسها ربطة العنق , التي تُعد بمثابة الترمومتر الذي يحدد أناقة الإنسان , كما أنها أول ما يلفت الانتباه في مظهره , ومن بين هذه التفاصيل , تُعد ربطة العنق رمزاً قوياً , تنقل رسائل عن السلطة , والأيديولوجية , والشخصية , ورغم تنوّع ألوان ربطات العنق , إلا أن بعضها يحمل أهمية خاصة في الساحة السياسية , وقد تتحول من مجرد قطعة قماش إلى موقف ورسالة وخطاب صامت , لما لها من معانٍ تحملها ورمزية في ألوانها المنتقاة بعناية.

لطالما حملت ربطة العنق دلالات تتجاوز مجرد الأناقة , ففي عالم الدبلوماسية , على سبيل المثال , تُعد ربطة العنق جزءًا لا يتجزأ من المظهر العام الذي يُراعى بعناية فائقة , فكما يتذكر الدبلوماسيون الذين التحقوا بوزارة الخارجية عام 1980, كان ارتداء ربطة العنق إلزاميًا , وكانت عملية ربطها تستغرق وقتًا وجهدًا , وتُعلم معاهد الخدمة الخارجية الدبلوماسيين أن كل تفصيل في مظهرهم له تأثير, وأن اختيار لون ربطة العنق ليس صدفة , فكل لون يحمل رسالة معينة , سواء كانت قوة , ثقة , أو غيرها من الدلالات الخفية التي تؤثر على الطرف المقابل , ومثلما تقدم كان المرحوم عبد الودود الشيخلي يؤكد أن هذه الإيحاءات ليست حديثة العهد , فإلى جانب إضفاء الأناقة , كانت ربطة العنق تشير في الماضي إلى الانتماء لمدرسة أو جامعة معينة , نادٍ نخبوي , أو حتى حزب سياسي.

من جانب آخر هناك دول يثور فيها جدل ديني حول ربطة العنق , حيث يرى البعض أنها لا تجوز للمسلم لاقتراضها من رمز الصليب , وبناءً على هذا الرأي , يعتبر ارتداء الكرافتة محرمًا , ولهؤلاء الذين يواجهون إجبارًا على ارتدائها في أماكن عملهم , يُنصح بالبحث عن فرص عمل أخرى تتوافق مع معتقداتهم , مؤكدين أن (( الأعمال كثيرة والحمد لله )) , هذا المنظور يُبرز الأهمية التي تُعطى للرموز في بعض السياقات الدينية وكيف يمكن أن تؤثر على الاختيارات الشخصية والمهنية.

تُعد ربطة العنق (( الترمومتر)) الذي يحدد أناقة الإنسان , وهي أول ما يلفت الانتباه في المظهر , إنها رمز قوي ينقل رسائل عن السلطة , الأيديولوجية , والشخصية , ورغم تنوع ألوانها , إلا أن بعض الألوان تكتسب أهمية خاصة في الساحة السياسية , متحولة من مجرد قطعة قماش إلى موقف ورسالة وخطاب صامت يحمل معاني عميقة ورمزية في ألوانها المنتقاة بعناية , وفي نهاية المطاف , تُجسد ربطة العنق تناقضات مثيرة للاهتمام , فهي قطعة ملابس بسيطة في جوهرها , ولكنها غنية بالمعاني والدلالات , سواء كانت تُرى كرمز للأناقة , أو للانتماء , أو حتى كقضية دينية , تظل ربطة العنق محط اهتمام وجدل , مما يؤكد مكانتها الفريدة في الثقافة والمجتمع.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة مربع المجون .
- مقامة النوم .
- مقامة السكارى .
- مقامة الكتابة .
- مقامة الأنهيار .
- مقامة صدأ الروح .
- مقامة الرحاب .
- مقامة الدهاليز .
- مقامة الخواطر .
- مقامة طباخات الرطب .
- مقامة الزمن الجميل .
- مقامة العيون عيون .
- مقامة الفرهود .
- مقامة سجدة الشعر .
- مقامة المزبلة .
- مقامة حب التوكسيك .
- مقامة شاعر الكأنات .
- مقامة التفاوض .
- مقامة المرارة .
- مقامة الأقنعة .


المزيد.....




- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الباينباغ .