حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8400 - 2025 / 7 / 11 - 14:50
المحور:
القضية الفلسطينية
من السهل توجيه اللوم للشعوب العربية والإسلامية على صمتها تجاه ما يحدث في غزة. وهذا اللوم له ما يبرره؛ فالمجازر اليومية التي تُرتكب بحق المدنيين لا تقابلها سوى حالة عامة من التبلد والصمت والتجاهل.
لكن السؤال الأخطر ليس في صمت الخارج فقط، بل في غياب الداخل الفلسطيني نفسه.
أين فلسطينيّو الضفة الغربية والقدس؟ أين فلسطينيو أراضي 1948؟ أين جموع الشتات المنتشرين في العواصم؟
لماذا تترك غزة وحدها في وجه الإبادة، وكأن المعركة ليست معركتهم، وكأن دماء أطفالها لا تعنيهم؟
أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، لم يترك مناسبة إلا وجّه فيها نداءاته الصريحة والواضحة لكل الفلسطينيين خارج غزة، داعيًا إلى حمل السلاح، أو حتى إشعال الأرض تحت أقدام الاحتلال.
نداءات لم تتوقف منذ بداية الحرب، كان آخرها اليوم، حيث قال بنبرة دامعة:
"أنقذوا ما تبقى من فلسطين!"
ورغم بعض العمليات الفردية البطولية في الضفة، فإن أغلبها يُجهض سريعًا، إما بالاغتيال أو بالاعتقال... أو بتسليم أصحابها من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية. هذه السلطة باتت جزءًا من منظومة تقييد المقاومة وخنقها، لا سندًا لها.
وبينما تواصل غزة، وجنين، وطولكرم، ومخيم نور شمس، مواجهة آلة القتل الصهيونية، فإن باقي المناطق تكتفي بالمشاهدة.
لا هبّة شعبية، ولا عصيان مدني، ولا حتى مظاهرات ضغط واسعة. مجرد صمت، وكأن ما يجري شأن داخلي يخص الغزيين وحدهم. بل ويتم ترك قطعان المستوطنين يعيثون فى الأراضى المحتلة حرقا وفسادا !!!
والأرقام وحدها كاشفة لحجم التقصير:
فهناك 1.75 مليون فلسطيني يعيشون داخل أراضي 1948، ويمثلون نحو 20% من سكان الكيان المحتل.
وكذلك 3.3 مليون فلسطيني يقيمون بأراضى الضفة الغربية، بينهم 450 ألفًا في القدس الشرقية وحدها .
بينما يعيش نحو 7.2 مليون فلسطيني في الشتات، موزعون حول العالم.
وفي المقابل، تُرك 2.3 مليون فلسطيني في غزة وحدهم يواجهون الإبادة. شعب محاصر، فقير، منهك، لكنه يواجه، ويقاتل، ويدفع ضريبة الدم نيابةً عن الكل.
إن من يملك القدرة على المقاومة الفعلية، أو حتى إشغال الاحتلال وتشتيت قواته، ليس الغرباء، بل الفلسطينيون أنفسهم. فهم من يحملون بطاقة الهوية، ويعرفون الأرض، ويحفظون شعابها ودروبها. لكن الغالبية – إلا من رحم ربي – اختارت الصمت، أو التكيف، أو الهروب،بل والخيانة أحيانا،
فاللوم على الأنظمة العربية مفهوم ومبرر، لكن العار الأكبر لا يقع على من لا يملك، بل على من يملك ولا يتحرك.
فلا تحرير بلا انتفاضة داخلية. ولا إنتزاع للحقوق إذا بقي الفلسطينيون خارج غزة يتفرجون، أو يكتفون بمصمصة الشفاه،
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟