أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - عبد الناصر والبنا ،بين القداسة والشيطنة !!














المزيد.....

عبد الناصر والبنا ،بين القداسة والشيطنة !!


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مثل هذه الأوقات من كل عام، يعود الجدل بلا كلل ولا نهاية بين أنصار عبد الناصر وأتباع حسن البنا. وما بين تمجيد أحدهما وتحقير الآخر، تضيع الحقيقة في زحام العاطفة، ويتحول التاريخ إلى ساحة صراع أيديولوجي لا يرحم.

لكن لا يمكن لأي قراءة تاريخية أو سياسية أن تبلغ حد الإنصاف، إذا انطلقت من هوى شخصي أو خصومة أيديولوجية. فالحب حين يصير عبادة، يخرس العقل ويصمّ الوعي، والكراهية حين تتحول إلى ثأر قبلي، تعمي البصيرة وتزيف الوقائع.

ولهذا، فإن تقييم الرموز الكبرى — من الزعماء والقادة، سواء في السلطة أو في المعارضة — لا يصح أن يتولاه من يجهل أدوات النقد، أو من تحركه مصلحة، أو من يسكنه ادعاء الزعامة الكاذبة. فالتاريخ لا يُكتب بالهتاف، بل يُقرأ بمنهج وحياد صارم، ومقارنة دقيقة، وفهم متجذّر للسياقات الزمنية والسياسية والثقافية، داخليًا وخارجيًا.

انطلاقًا من هذا الوضع، لا قداسة لعبد الناصر ولا عصمة للبنا. لك أن تنتقد الأول أو الثاني، أن ترفض أفكارهما أو تعارض مشاريعهما، لكن لا تفعل ذلك بعين غاضبة أو قلب مأسور. بل بمنهج علمي رصين، وإلا تحوّل النقد إلى لغوٍ سياسي، أو عبادة خرساء تُنزّه الزعيم عن الخطأ، وتضعه في مصاف الأنبياء، معاذ الله.

ورغم التناقض العميق بين الرجلين — في الرؤية والأداة والغاية — فإن ما لا يمكن إنكاره هو أن كليهما شكّل لحظة فارقة في التاريخ المصري الحديث، وأعادا تشكيل خريطة النفوذ المصري في الإقليم. كلاهما، بطريقته، أثبت أن مصر — بما لها من عمق حضاري وثقل بشري — قادرة على إلهام محيطها العربي والإسلامي.

فالقومية العربية، التي كانت فكرة نخبوية قبل ثورة يوليو، تحولت على يد عبد الناصر إلى تيار شعبي جارف. معه فوُلِدت أحزاب قومية في شتى الأقطار العربية ، واندلعت حركات التحرر الوطني من ليبيا إلى الجزائر، ومن اليمن إلى سوريا والعراق. وتحت عباءته، تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، وانطلقت "فتح" تقاوم الاحتلال، واحتشدت الجماهير تهتف باسم القاهرة عندما تعرضت للعدوان مرتين ، فى عام 1956، وفى الخامس من يونيه 1967،،

وفي المقابل، لم يكن لحركة الإسلام السياسي حضور فعّال وواسع النطاق قبل أن يطلق حسن البنا مشروعه الكبير: جماعة الإخوان المسلمين. تلك الجماعة التي تحولت من نواة صغيرة في مدينة الإسماعيلية إلى تنظيم عابر للحدود، أعاد تشكيل الخطاب الإسلامي المعاصر، ونافس الهيمنة التقليدية لمؤسسات الفقه والخطابة الخليجية.

لقد كان لهذا التيار تأثير زلزالي؛ من إيران التي أطاحت بشاهها عام 1979 مستلهمة خطاب الإخوان، إلى تركيا التي أعادها حزب العدالة والتنمية إلى جذورها الإسلامية بعد عقود من التغريب، إلى فلسطين التي أنجبت حماس والجهاد الإسلامي، في لحظة تلاشى فيها أو خفَت صوت حركة "فتح"، أو بالأحرى إستسلمت وأنهت دورها النضالى ،
بل وحتى فى لبنان يمكن القول أن تأثير الإسلام السياسى المصرى إمتد الى هناك فحزب الله فى النهاية هو تيار سياسى إسلامى مقاوم بصرف النظر عن المذهب ، مع الوضع بالاعتبار الدور الايرانى الداعم ، كذلك نفس الأمر يمكن قوله عن جماعة انصار الله اليمنية المجاهدة،

فالحقيقة أن هذا المد ( القومى العربى والاسلامى السياسى ) لم يكن مجرد انتقال شعارات قومية ثورية، ولا تكرار لدروس دينية سياسية اسلامية فقط، بل كان أيضا انعكاسًا لدور وتأثير مصر الفكري والروحي في محيطها، حين يتحول الفكر إلى مشروع، والقيادة إلى إلهام.

إن قاسم الرجلين المشترك — رغم خلافهما الذي وصل إلى الدم — هو أن كليهما أعاد لمصر موقع القيادة، لا بوصفها مركزًا جغرافيًا فحسب، بل باعتبارها مركزًا فكريًا وروحيًا. فكلاهما — رغم العثرات والأخطاء وربما الكوارث — جسّد لحظة نهوض مصري، تفرض نفسها على الواقع العربي والإسلامي.

وفي النهايةيمكن القول أننا لا نحتاج أن نختار بين عبد الناصر أو حسن البنا، بقدر ما نحتاج أن نفهم كيف صاغ كلٌّ منهما مشروعًا مصريًا قادرًا على التأثير.
وإذا كنا نبحث اليوم عن طريق، فلن نجد ضالتنا في عبادة الماضي، بل في استخلاص الدروس من أولئك الذين امتلكوا الجرأة على الحلم، والقدرة على تحويله إلى واقع. فالريادة لاتتحقق بشعارات فارغة،ولا بالدروشة الماضوية، بل برجال يملكون مشروعًا مبتكرا يستلهم كافة دروس وتجارب الماضى



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث حكايات من بيراميدز والإسماعيلي والمقاولون
- إزدواجية المعايير من الملاعب إلى المواقف المصيرية!!
- التقييم المنحاز ،،
- الإمارات وإسرائيل... والأهلي وبيراميدز والزمالك؟
- الوحدة الوطنية !!
- حقوق الطفل المصرى
- إقتصاد البوظة !!
- الإنفجار النووى من كشمير إلى غزة وكييف !؟
- ضيق الأفق !؟
- إكذوبة الهوية المصرية !؟
- إكذوبة التعويم والدعم !!
- إللى إختشوا، ماتوا !!
- إعادة نشر ،،،
- النصر المبين !؟
- فرنسا فى مصر !؟
- السلفية الإنبطاحية !!
- غباء، أم تآمر !؟
- أما آن الأوان للملمة الجراح ؟
- القول المعين فى فضح الأفاقين !
- عذراء الربيع ،،


المزيد.....




- السعودية.. كشف سبب تراجع عدد الحجاج حول مسجد نمرة مقارنة بمن ...
- السعودية.. فيديو تأثر خطيب عرفة خلال الدعاء للفلسطينيين يثير ...
- ترامب يكشف سبب تجنيبه مصر قوائم حظر السفر الأمريكي
- ألمانيا تعتزم زيادة عدد جنود -البوندسفير- بـ60 ألفاً لتلبية ...
- مفاجأة علمية.. مادة في البول تكشف أسرارا مخبأة في أنسجة أدمغ ...
- ظاهرة غير مألوفة تلقى رواجا.. نساء في الصين يدفعن المال للغر ...
- OnePlus تعلن عن أفضل هواتفها
- ArsTechnica: إدارة ترامب تقترح على ناسا وقف تطوير المحركات ا ...
- مجلة أمريكية تكشف عزم ترامب التخلي عن دعم أوكرانيا بعدما أثا ...
- قلق في أوساط الجمهوريين من تحوّل ماسك إلى -عدو خطير- يهدد من ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدبولى - عبد الناصر والبنا ،بين القداسة والشيطنة !!