حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 18:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ها هو الأهلي المصرى يتأهب لخوض غمار كأس العالم للأندية، ممثلاً عن مصر، بل عن "الأمة"، كما يروّج البعض. وها نحن أمام سيمفونية مألوفة: "ادعموا الأهلي، ساندوا لاعبيه، فهؤلاء هم القوة الناعمة لمصر!" وكأن شحن الجماهير خلف فريق كرة هو المفتاح السحري لتقدمنا القومي، أو كأن تمريرة متقنة من زيزو أو عاشور يمكن أن تعوّض ما خسرناه من دماء في غزة أو فقداننا لمياه النيل!
لنتأمل ونحتكم الى العقل والضمير قليلاً، فهذا النادي مدعوم من شركة اتصالات عربية ترتبط بعلاقات دافئة مع الاحتلال، ويموله مشروب عالمي يُضخ من أرباحه ما يُغذّي آلة القتل في فلسطين، وتدعمه شركات استثمارية مصرية لا ينقصها إلا أن تفتح فرعاً لها في تل أبيب، ويقف خلفه بقوة "طال عمره" رائد عصر "الترفيه" في بلاد الحرمين.
فكيف يمكن له كناد كروى أن يمثل مصلحة وطنية او قومية خالصة !؟
ولكن رغم كل ذلك، وحرصاً على دعم ضحايا خطاب "المهمة القومية"، أعد جمهور الأهلي بأنني سأكون أول مشجع لهذا الفريق، بل سأقف له مصفقاً بحرارة... بشرط بسيط: أن يتجرأ أحد لاعبيه، فقط لاعب واحد، على رفع صورة لطفل من شهداء غزة وسط الجماهير الأمريكية، أو أن يضع شارة سوداء حداداً على المجازر، أو حتى يهمس باسم فلسطين في إحدى المؤتمرات الصحفية! أو حتى يقدم دعم معنوى لأبطال سفينة الحرية التى تحمل أجانب يخاطرون بحياتهم لدعم أطفال يقتلون وهم جوعى !؟
الحقيقة العارية أن "المهمة القومية" في أمريكا لا تتعدى كونها عرضاً تجارياً لصالح حفنة من المنتفعين، تحت رعاية ذات الشركات التي تطبّع وتربح وتروّج للصمت. أما اللاعبون، فلن يُسمح لهم إلا بلغة واحدة: لغة الترفيه، التصفيق، والابتعاد التام عن السياسة، وخصوصاً إن كانت تتعلق بفلسطين.
أما الجمهور المسكين، فسيُشد إلى هذه "المهمة" كما يُشد المسحور إلى حفل تنويم مغناطيسي؛ تُنتزع منه مشاعر الغضب، ويُفرغ من وعيه، ويُحقن بوهم الانتصارات، بينما تُهدم بيوت غزة على رؤوس أطفالها، في صمت إعلامي مريب.
نعم، الأهلي في مهمة... لكنها ليست قومية،
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟