حسام جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 23:42
المحور:
الادب والفن
تستمر المذكرة في سرد وتدفق كلماتها المباحة على ورق لا تتجاوز حدوده أصابع اليد:
(صوته يأتي عبر الأثير...... عبر الموجات والذبذبات.....لا اعرف ما التقنيات التي تصل صوتي بصوته لكنني اجدد معه اكتشاف ذاتي، أرى معه ما لا اراه في المرآة، يسحبني في عالم من الخيال اللامرئي.
صوته وصوتي يسبحان في الفضاء.
ما السبيل للقاء؟
هل نكون نحن بذواتنا في الفضاء الإلكتروني كما نحن في واقع الأمر؟!!!!
اشتهي الوصال.......ادغدغ جسدي بهمساته، تبعده عني الآلاف بل ملايين المسافات من جبال وانهار وقيود وسلاسل مختلفة تمتد من الإله وصولاً إلى الباب الموصد في غرفتي).
كيف تتكون الذات في الفضاء الإلكتروني الخيالي الافتراضي؟
هل هي ذات كاملة لأخذ قرارها بالتواصل عن بعد؟!!!!
هناك احساس مروع بالنقص في تلك العلاقة ينقصها الكثير والكثير.
القرب الواقعي قد يبدد الخيال لكنه لا يستطيع الغاؤه.
- ما رأيك في الحب؟
- لا رأي لي فيما لا يوجد وأوجد معه، إنه الوهم الذي يقارب الحقيقة المطلقة بالشعور بالذات.
- الكل يغلي شوقًا ولحظة الحقيقة الكل يتبخر.
- لا شيء قبل الجوع وبعده.
يخلق الجوع جبلاً من الوحوش تتصارع لأجل قطرة ماء او كسرة خبز عفنه او لعقة حساء، فكيف يوجد الحب في تلك الظلال؟.
فلا شيء تام ولا شيء عادل، ليس هناك العدل المطلق المنشود الذي يحفظ الكرامة ويجلب الخير انه في سرديات العجائز الغابرة فقط.
كيف يمكن أن احلم بأرض خالية من الشرور واكون سعيدًا، يجلب الشر سعادة للبعض أنه يحركهم ويغير حيواتهم. ففي أرض التهميش والعدم ستكون في وضعك ذاته دون تغيير.
حكمت المحكمة ببطلان الدعوة وقامت بتبرئة الاب من التهم المنسوبة اليه.
خرج منها شاحب اللون هزيل ليفاجئ بجلطة ابنه ورقوده في الفراش دون حراك.
لا أحد كان يتوقع خروج الاب او تحقيق العدالة وقد نظلم أنفسنا لاستباق الأحداث او التنبؤ بها او معرفة مسبقة بنتائجها فلا أحد يعرف ما القادم!!!!!
رائحة العرق الطازج تشع في المكان تلسعها الشمس فيخرجها الجسم تغرق الأرداف والابطين وما سواهما في سيارة الحديد المحرقة.
تنتقل من طبيب إلى آخر دون جدوى ...دون حل... دون دواء مناسب.
نفس الكلام .....تتلقفه الأفواه من حدود الجسر إلى ميدان العشروار الشهير الذي يقبع فيه تمثال المفتي شارهًا عن فاهه بفك نصف معوج ترتفع يداه فوق العبيد تتصاغر شخوصهم في جسده عند قدمه اليسرى كأنهم نقوش جمالية في ثوبه العريض الواسع يمثلون الشعب ويمثل ذاته مدافع وحامي الشعب من الشعب ذاته!!!!!!
ويقدم ذاته عليهم بل يجعلها ارفع مرتبة طبقية في أرض التهميش والعدم!!!!!
تمر وتستمر السيارات بالتقدم الا سيارتنا كأنها ترجع للوراء.
لا تصل لوجهتها الا بتلويث المدينة بدخانها
المبتسم في وجه السماء يعانق الانوف فتتصخم.
تمتد إحدى الأصابع المجهولة الضخمة نحو وسط النصف الأسفل من الابن تحتك بمقدمة مؤخرته، اصابع لا ضمير لها تسبب الألم بدل النشوة.
يمتنع الابن من مجاراتها يرفع الساق فوق الساق ليحمي ما تبقى من مؤخرته الا انه بكلا الحالتين يتجمع الحقد ضد المجتمع لديه ......تترسب الشواهد المرة طبقة وراء الطبقة لتعلن الاغتراب عن الآخر.
اخفاء الشهوة خلف ستار العفة وبشكل سري تظهر الفتشية بشتى صورها وكأن الشخص شخصان او ثلاث او حتى ست!!!!
ولكي نضع الأمور في نصابها لابد من الكشف والتعرية لجذور تلك المشكلة الازلية إلا وهي مشكلة الازدواجية الجسدية التي تأخذ نمط واحد محدد في العلن تستسيغه السلطة ذات الثالوث المترابط (الإله والمفتي والحاكم)، ولكنها في السر او خلف الجدران المغلقة تأخذ انماطًا كثيرة لا يحدها حد لان الذي يحدها لابد أن يكون غير بشري لأنك لا يمكنك احاطة التفكير البشري وتكشف اغواره وتحدده وانت بشرٌ مثلهم!!!!
يختفي الحب وقد يندثر بعد أن كان شعلة من الشغف والغضب والألم والاندفاع والانتفاع، يتبخر من شخص إلى آخر، لا سبيل فيه للاستقرار مع المحبوب سيبقى مؤقتًا مهما حاولت العمل على عكس ذلك.
من فراش المرض يظهر مرسال السماء يأخذ بيد الابن يربطها بيد الاب الغائب، لا يقوى على الحراك من الفراش، جسده النحيل فقد رونقه وبات شاحبًا ينتظر الموت او المعجزة ولأن المعجزة بيد الإله والمفتي والحاكم فإنه يكفر بها ولا يطلبها بل يتمنى الموت على أن يعيش في ظل الثالوث الذي دمر حياته وملا المدينة بالتلوث والدمار والتهجير.
يسمع صوتًا ينادي...... يقترب الصوت أكثر...... انه يشبه صوت الأب... لا بل إنه الأب فعلاً ..... هل رضي الإله؟ أم أن الأب والابن يشكلان وحده واحدة تعبر عن الإله؟
لا شيء يمكن التنبؤ به في التهميش والعدم.
- قم أيها الابن المبجل وكن بوحده مع الأب.
- هل السماء اتت بك ام انك قائم منذ الدهر؟
- انا وانت في وحدة لا تنقضم؟
- من انا؟ ومن انت؟
- انا الأب منذ الدهر وانت الابن إلى الدهر.
- الدهر يدهرك بحق الإله.
- انا وانت نشكل الإله.
- لكنني بشر؟
- انت جزءٌ مني وتتحد معي؟
- اريد الموت على أن يتشكل من جسدي اي إله او حاكم او مفتي دعوني ارقد بسلام في فراشي هذا.
- وما اختيارك كي يتحدد مصيرك القادم في الآخرة؟
- لا شيء لا أهتم ليكن ما يكن فأنا لم أعد اشتهي شيئًا.
عندما نصبح بوسط المجهول لا نعد نخافه او نخشى قدومه، أصبح معلومًا.
ما يفعله الابن نذير بتغيير العالم من حوله فكيف بأصدق لحظة في حياة المرء الا وهي لحظة صدق فيها الإباحة معلنه والستائر ممزقة.
قررت العائلة إيقاف وجودها داخل التهميش والعدم والخروج منها بعد أن تخلت عنهم قبل أن يتخلوا عنها وتمسكوا بقشور الثوم والبصل لتربطهم بها.
ولكن لا شيء لديهم سوى وجوديتهم وهي الوحيدة في تلك الدنيا لا شيء بعدها الا الموت.
لكن كيف؟ الهروب منها كيف؟ انها تتسع برقعتها ونمطها وثيق بالسبات الاجتماعي البارد، توسعت بفضل الإله والمفتي والحاكم لتشمل كل البلاد أصبحت كل البلاد أرضًا للتهميش والعدم وطبقت نظريتها الخاصة لتصبح دستورًا للبلاد والعباد.
- اين نذهب وهب الهواء هب، ودب التلوث دب؟
- هذا استهزاء بأرض الحكماء والبلغاء والشجعان والاوصياء والعبيد والاتقياء المهطعين الراضخين الصامدين في الدفاع عن الإله والمفتي والحاكم.
- ومن أين تأتي الماحقة؟!!!!!
لطالما فيها هكذا عقول زاهية!!!!
- وهل لك حق في انتقاد من تتجلى الأرواح لأجلهم، يا ليتني حصى في سروالهم!!!
- ماذا تفعل في سروالهم؟
- اتنفس من عبير الخُصى.
- وهل للإله خصية؟
- لا أعلم لكنها ربما تكون مجازية تدل على فحولته فلا يمكن أن يكون هناك إله يحمل صفة أنثوية.
- وربما يكون بيني الجنس؟
- لا يهمني، فالحاكم ذكر والمفتي ذكر ولا بد ان يكون من عينهم واعطاهم الصولجان ذكر، فيه منهم ومنهم فيه، فالدال يدل على المدلول والعله تدل على المعلول والجود بالموجود وحاد وموحود صرخ اصحاب العمود.
#حسام_جاسم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟