أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير/ 28















المزيد.....

سهد التهجير/ 28


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7590 - 2023 / 4 / 23 - 22:43
المحور: الادب والفن
    


الأم، مفترق الطرق، كل شيء يبدأ منها ويعود بعد رحلته إليها.
حلقة مفرغة من التكوينات الذاتية التي ترسم حدود الأبناء والبنات وتطلعاتهم للآخر والذات.
يكتشف الطفل ذاته لأول مرة مع الأم.
واول تمرد يجب أن يحدث ضدها وان لم يحدث سيبقى الطفل مهما كبر حبيسًا بسجنها، تتمحور حياته بعقلها ويسير بفكرها حتى بعد مماتها.
من لم يثر على امه لا امل له بالتحرر المطلق او الشفاء لاستقلالية الذات وبروزها وامتلاك الرد على القرار.

هرم الأسرة تقيمه الأم ويأخذه الأب منها ليحكم من خلاله.
في المجتمعات الطبقية لا احترام وجودي لأحد سوى لمن يملك المال، فإذا كان الابن مثلاً هو المالك للمال إذن سيتحكم بقرارات الأسرة وتطلعاتها.
ولان الطبقية رفيقة المال، لا يمكن تصور طبقية دون تحكم اقتصادي قائم على الأموال.

الثورات الأسرية التي تحدث خلف الجدران في بيوت الطبقة المتوسطة أو خلف الاقمشة الممزقة في بيوت الطبقة المهمشة او خلف الزجاج المقوى في بيوت الطبقة العليا، كلها واحده تتشابك في اكتشاف الذات لدى الفرد.
إعادة الحسابات وملأ الفراغات واتخاذ القرار دون عواطف استجدائيه من فرد مقرب.
اما بالنسبة للمقتنع ببقائه بقاع الطبقية الأسرية فلا يمكنه أن يكون شخصية حره مستقله بقرارها مهما مر الزمن سيبقى حبيس الصورة النمطية الجامدة التي رسمتها له الأم وفي الدرجة الثانية الأب.

يكتشف الفرد مكنوناته الخاصة ومكبوتاته بداخل الثورة ورهطها يحملها بكل ثقل العالم وبكل الألم الملاحق له يشعر باللذة.
تطوق الام ذراعيها حوله ترجعه إلى صدرها لكنه يدفع هاتين اليدين، تدفعه إلى بطنها لعلها ترجعه إلى سابق عهده وتذكره بقيمته القديمة وتستغله عاطفيًا فيها بأنها هي من أنشأته للحياة وعلمته ورضع منها أساليب البقاء والنمو.
لحظة فارقة....نعم انها لحظة فارقة للاستجابة لصوت الآخر صوت الحبيس، المحبوس، صوت السجين في الداخل.
لكل طفل، صوتٌ ينادي عليه ويتكلم معه ببراءة (غير صوت الأم وخارج حدودها) انه صوت الأعماق، صوت الآخر الذي بدأ يتشكل فأما ان يصغي إليه وينطلق او يبقى حبيسًا للأبد.

انه نفس الصوت الذي يخترق الحدود الاجتماعية ويلغي انفصال الذكورة والأنوثة فيصبحان كتلة واحده أو يصبحان لا شيء، نعم لا شيء يرتجى من الثنائيات
فيلغيها الجسد قبل العقل.
ينثرها الذهن ويجعل الامران سيان فلا يختار أو يخير بين إحداهما او يفرضان عليه من قبل الأسرة الطبقية، تنطلق النشوة على الطرفين يتخللها الجسد بأخذ إدوار متعددة غير أبه لشيء.
انه الان كيان، تتجمع في جسده جميع الأدوار جميعها يؤديها أو يمنعها جميعًا فلا يأبه بها. ففي كلا الحالتين يشعر بالنشوة تسري في عروقه.

ينقلب على السرير حيثما يشاء فلا يهمه أن قام بالفعل ام تلقى رده.
يا لها من تجربه لا يشعر بها سوى القليل ممن تقطعت بهم سبل الحب.
يلتف معهم يفترسونه ويفترسهم.
انه جزء من إعادة اكتشاف الذات، فالحقيقة تبقى مدفونه بداخل أنفسنا فقط، يظهر جزء منها أثناء الصدق وجزء آخر أثناء نشوة الحب العميق لكنها لا تظهر كلها، ظهورها كلها عارية ذلك معناه فناء ذات الإنسان، وما الإنسان سوى كينونة ذاته والتي تعني وجوده وما عدا الوجود سوى الفناء!!!!!

- اين رحلت صهوهو؟

- لا أعلم، تركت أطفالها وهربت.

- يقول الناس انها هربت مع أحدهم.

- كلامٌ كاذب!!!

- أنه اصغر منها بعشر سنوات.

- ليتها ماتت قبل أن تفعل ذلك.

- ستعود يومًا ما.

- لا أريد أن أراها، انها ميتة ....لقد ماتت .....ماتت....ماتت!!!

كلما تعمقت الظروف الاجتماعية كلما قل التفاعل اللغوي فلا يمكن للغة ان توصل المعنى وتضغط علية وهو ميت...جثة من اللاتعبير واللاتواصل.
يصبح الكلام قليلاً أو مجرد نكت ضاحكة، تفتعل مفردات جديدة غريبة نوعًا ما ذات دلالات تعكس المعنى الباطن للكلمة وتخالفها باللفظ!!!!
او قد تعبر لغة اليد وحركاتها عن كثير من الكلام ودلالاتها أوسع وأشمل من اللغة المحكاة باللسان.

بمرور الزمن، يتثاقل اللسان لعدم استخدامه ويصعب علية نطق الألفاظ اللغوية القديمة وبل تختفي ولا يعود لها ذكر، تحل محلها الألفاظ الغريبة الجديدة التي تظهر ما لا تبطن وتبطن ما لا تظهر، يراد بها شيء وتلفظ بشيء آخر غير ما يراد بها.
تعاكس معناها إلى درجة الدلالة المعجمية فتكون كلمة ورد مثلاً تدل على كلمة (الخداع) او (النفاق)... وهكذا.

يتثاقل الكره والقهر والاستبداد بشراسة ليدعو الفرد المضطهد إلى مراجعة الولاء وسياقات التطبيع والإقرار بالوطنية ويكتشف بأن ما تلقاه وان كان صحيحًا او مكذوبًا فهو لا يهمه بشيء لا يقدم له قوت يومه او حياة حرة كريمة لذا تصب امنياته في صالح عدو هذا النظام إلى حد الدراسة والاقتراب والدعوة إلى تطهريه، كيف يدعو المواطن عدو الوطن لتطهيره من نظامه السياسي والديني؟!!!
يغسله من وطنه وجذوره الى درجة الاحتماء بالعدو من الوطن واهواله!!!!!
فتكون الوطنية، سوى قطعة قماش أو قطعة من رغيف الخبز الكبير، من يعطيها للفرد لإطعامه واكساءه فيكون ولائه له بالسمع والطاعة.

اكتشاف الآخر المختبئ خلف الحدود الجغرافية البعيدة يرسم حدود اكتشاف الفرد لذاته هو وأحلامه وطموحاته يتفتح العقل على نسائم الاختلاف والاغتراب والاعتراف بأننا لسنا محور الكون او اننا فقط من نملك الحقيقة المطلقة وما غيرنا سوى غيور وفاشل وحاقد.
إعادة اكتشاف الذات باكتشاف الآخر المنتمي لنفس الكوكب، قدرة عظيمة لاستلاب الأسس التي رضعها الفرد من الحاكم والمفتي والإله.
تصحح المسار الاجتماعي وتدعو إلى النظرة الشاملة بأننا جزء واحد في عالم واحد والقضية واحدة للتخلص من براغيث السلطة وقتل حكامها والمتسلطين عبر الآلهة والعبيد.

الاشفاق على الذات يهدد وجودها، والندم يمحو كينونة التفكير فلا يمكن أن تندم، فالوقت سريع وستتلاشى ان لم تتقدم وتفعل ما يحلو لك وتخرج المكبوت.

- عادت صهوهو لبيتها.

- ليتها انتحرت وغسلت عارها بنفسها.

- أي عار؟ لقد فعلت ما كبتته بداخلها عبر السنين.

- وها هي ترجع إدراجها إلى موضع الارتحال الأول، وكأن البئر نشف من البصق فيه بعد غياب المطر في ليلةٌ عفراء.

- لا شأن لنا بها.

- فعلاً فلكل منا مآلاته ونجواه.

يترك الجرح العاطفي ندوبًا لا تشفى لأنها غير مرئية ولا يحكى فيها، فكل ما تقع عليه العين او يعبر عنه ويخرج للعلن يتم إجباره على الشفاء او المحاولة فيه ويعرض على طاولة الأطباء والناصحين والفلاسفة والمجربين.
اما ما اختفى عن أعين الناس واستقر نفسيًا ما بين الضلوع لا يشفى الا بقدره صاحبه على الاستمرار والتقدم في أعاصير هذه الحياة.
لا تمتد لك الايادي لإنقاذك من وحل نفسك وما اوقعتك فيه الحياة والظروف وان امتدت لك فاحذر فإنها قد تكون القاضية.

يناقش الأب أحوال المستقبل مع الأم الا أنها لا تصغو إليه، تقاطع كلامة بطلبات شراء الطعام والملابس!!!
يطفو التخطيط على مستنقع الاستهلاك والتقاتل على القوت وتوفير مستلزمات العيش.
لا شيء يضمن الاستقرار في المستقبل فالكل يدور بالهوجاء ويعيش لحظاته الحالية بكل ما فيها لأنها قد تتغيير في اللحظات القادمة.
يبقى الهاجس نحو عيش حياة أحدهم وتقليده هي المطلب، فيقوم أحدهم بتقليد حياة أحدهم.
وأحدهم.....يصبح أحدهم.
يسرق لحظاته وصوره وكل ما يحتويه نفسيًا وجسديًا وكماليًا.
يعيش متطفلاً مقلداً حياة الآخرين واجداً وجوده فيهم.
يّكون كيان خارج ما سيق له من كيان مفروض.



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير/ 27
- سهد التهجير /26
- سهد التهجير / 25
- سهد التهجير / 24
- سهد التهجير/ 23
- سهد التهجير/ 22
- سهد التهجير/ 21
- سهد التهجير / 20
- سهد التهجير / 19
- سهد التهجير/ 18
- سهد التهجير/ 17
- سهد التهجير/ 16
- التاريخ الحيوي والسياسة الحيوية
- عربة الكتب الخشبية
- خصية الفداء ترفع راية النصر
- هربرت سبنسر/ ٥
- هربرت سبنسر/ ٤
- هربرت سبنسر/٣
- هربرت سبنسر/ ٢
- هربرت سبنسر / ١


المزيد.....




- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير/ 28