أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير / 30















المزيد.....

سهد التهجير / 30


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7677 - 2023 / 7 / 19 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


لطالما كرهت الطبقات جميعها المديح وكلمات الرثاء وكل أنواع التضخيم والتبجيل والحشو الفائض من الألفاظ العليا التي تفصل بين شخص وآخر، انها تضع قائلها في قمة السفالة وتبيح له التملق في وضعة العام، لكنه يشعر بضعفه وسوء لسانه في الخاص.
الحديث مع النفس في الخفاء يطهرها يكشف زيفها ويقطع الصوت بحبل التغيير.

لا يحمل المهمشون ما يملكونه انهم ينظرونه فقط في أيدي غيرهم، يشاهدون نتائج أعمالهم والحصاد يرتحل لطبقة أخرى أعلى، من جعلها أعلى؟!!!
من قسم الوضع وجعل من ينتجون في فئة التهميش ومن يتمتعون بالوضاعة والراحة بفئة أعلى؟!!
هل يمكن أن تكشف وجوة الكادحين لتعرف طبقتهم
وتكشف وجوة المفعمين القاعدين بسلاسة لمعرفة طبقتهم؟
لا تتغير قيمة الفرد في منطقة التهميش والعدم الا بالاعتداد بنفسه وبقدرته، هو وحده من يمتلك ذلك القرار الفردي المصيري لنمط حياته القادمة، حينها تصبح التجارب الفردية الناجحة المستقلة إلى كتلة في فتيل الثورة الشعبية.
فصوت المعترضين وكلماتهم على الورق وان حرقت وان قتلوا او ماتوا فإنها تؤرق العبيد والمغيبين وتقلب الطاولة على الإله والمفتي والحاكم، لذا يُعتقد أن منعها يمنعها من الوصول لمبتغاها!!!
صدى الصوت يسكن الوجدان، يذكر الضمير الحي بأن هناك فرصه لقول لا، فكيف ان كان مصدره مفكر شجاع او أديبة أو شخصٌ من العامة صرخ بفلسفته الجديدة في الحياة؟!!
كيف ينجو المجتمع المريض بأفكاره الرثة من صدى المفكرين المعترضين؟
فلا سبيل لدى ذلك المجتمع سوى المنع والتكتيم ولصق الألسن وبغبغتها للدفاع عن الإله والمفتي والحاكم، إلى الحد الذي يصبح فيه المجتمع يعاني النخر في افكاره
وتصبح فيه الآلام الفكرية المؤرقة سببًا في قتل المفكرين والمعارضين، حينها ستكون الامة قد فتحت أبواب سقوطها وهزيمتها واندثارها عن ركب الحضارة.
فبداية سقوط اي امة هو منع مفكريها من الكلام لان أولى مقومات الحضارة، التعبير بحرية.

تجتمع الحشود بلزوجة، تنبعث منهم رائحة الصيف وذوبان اشعة الشمس في الإبط.
ينقشع المسير حول اللحم والعظام كاشفًا التلاحم العميق. لا شيء ينهي السير، تمتلئ الشوارع والميادين ويصبح السائر مربوطًا بالحشد لا يمكنه أن يتصور عالمًا آخر خاليًا من هذا التلاحم!!!!
وكأي مجموعة كبيرة تنجرف نحو التدافع والهوجاء وتستقر احيانًا ليثبت الجميع في مكانه وينقضي النهار على تلك الحالة، يصل من يصل ويختفي من يختفي،
لا مبالاة جماعية تنهش المجتمع وتبتسم لمجهولية المصير.

- متى نرجع للبيت؟

- لا اعرف فالمسيرة قائمة والتدافع يجرفنا نحو اكوام اللحم ويغير مسير العودة.

- لماذا لا يوجد تنظيم لهذا الشأن؟

- الهوجاء مهمة والتدافع اهم لأجل الاحتكاك البشري وهذا كلام المفتي والحاكم!!!

- أحدهم وضع يده على مؤخرتي والآخر أمامي اخرج قضيبه وانزل ملابسة الداخلية!!!

- اصبري واحتسبي، اين يذهبون إذن، فالمكان مكتظ والرجال لهم احتياجات خاصة لا تتأجل.

- هل تعرفين هذا الأمر من قبل؟

- نعم، انها نشوة الاحتكاك وايادي تعبث بالجسد دون طلب او معونة انها مجانية، انا أتيت خصيصًا لأجل ذلك.
هنا تكتشفين الجميع وتتذوقين أصناف متعددة من المتعة فالجميع يستر الجميع في مسيرة الالتحام.

- إنها مقرفة، أشعر بالغثيان.

- غبية، لا تعرفين اين مصلحتك فكلنا زائلون دعيهم ودعيني اختار المريح منهم.

- انه يضع يده اسفل البظر.

- اصمتي فالصراخ هنا ممنوع، بل يجلب لكِ المزيد منهم لتصبح حفلة حول جسدك.

العادة والتعود ومغازلة الوعود بالتحقيق دون إنجاز يذكر، الابن لا يستند على اقدامه بل على كرسي متحرك، تصلب نصف جسده عن الحركة ولم يتبقى له سوى النصف الأعلى ولسان حاد يتحدى به الملل والانتقادات والتنمر.
امتنع الآهل عن ارساله للمدرسة بحجة الخوف عليه، لأنه الان عاجز لا يمكنه أن يكون لديه طموح ولذه واستمرار انتهى كل شيء هكذا اعتبروا الأمر محسوم
لكنه اصر على نفس الامتيازات وذهب إلى المدرسة على الكرسي يدحرجه على الطرق المنبعجة وترع المياه القذرة ويضغط عليها وينساها ويضغط على ضحكات الطلاب وتنمرهم وهفوات النكت السخيفة من المدرسين والمدير ويجعلهم وراء قدم الكرسي المتحرك، لا يأبه لشيء سوى استمرار الإنجاز في حياته، لا يمكنه ان ينزوي في دولابه ويغلق الغرفة.

- جاء صاحب الكرسي الاعوج.

- دعك منه فلسانه يجعل الحاكم يصمت.

- انه الاذكى في المدرسة.

- لكن الذكاء لا طائل منه دون قدمٌ يركض بها لتسجيل هدف في مرمى كرة القدم!

- طلبه مدير التربية للالتحاق بمؤتمر المدارس النموذجية لمقابلة وزير التربية لكنه رفض الانتقال إلى أرقى المدارس ولم يحضر المؤتمر.

- متعجرف بنصف جسد ومغتر بذاته.

- يستحق التنمر وكل النكت المستقبلية سيكون هو محورها ههههههه.

- ههههههههههههه.

لم تعد تلك الكلمات تزعجه لأنه وضع أهداف لحياته القادمة دون تفكير بأحد سوى تطوير ذاته واستطاع أن يأخذ المركز الأول في المدرسة وعلقت صورته على باب الإدارة المدرسية.
بقي الحال لمدة سنتين مع تمارين العلاج الطبيعي دون ملل لم يقتنع الأطباء بتلك المحاولات لأنهم أخبروه ان ينسى السير مجددًا ويقتنع بواقعه الجديد لكنه اصر على النهوض وتحريك القدم وبالفعل تحفزت الأعصاب واستطاع النهوض ببطء لكن بثبات وتفاجأ الأطباء وأعلنوا استسلامهم، ومضى الى المدرسة باسقًا ظهره رافعًا رأسه في التقدم نحو الصف وانصعق الطلبة ولم يبارك له أحد!!!
الوحدة والإصرار تفعل المزيد من التقدم وهذا ما أثبته الابن في محاولاته.

اليأس يجعل الحياة لا تطاق يجعلها بلا الوان، ولا يمكن أن تتقدم وانت تحصد ما زرعوه فيك كن انت الفاعل المطلق وانطلق بحثًا عن ذاتك وسط الرحلة القصيرة لتلك الحياة الشاقة، ودون الشقاء لا تعرف معنى الشفاء.

الملابس تعكس دواخل النفس تشهق عبيرها وتلوث زفيرها وتكوّن حاله الفرد النفسية ومعاناته السياسية والاقتصادية وحتى ألوانها تدل على الولاء والطاعة ام التمرد والصراع وتصميمها أيضًا يعكس قابلية الصدام ونعومه المديح والانسجام المجتمعي.
ولأن كل شيء يقبع بالتقسيم الطبقي فالملابس تختلف بحسب الطبقة، الطبقة العليا لا تسأل عما تلبس فنرى تمازج الوان الملابس لأقصى حد ممكن وتُخترع الألوان الجديدة والتصاميم الغريبة التي لا تحكمها قيادة ولا تحدها وسادة، وتُسخر اجساد الكائنات الحية والنباتات لأجل مطامع شهوتها للارتداء والمفاخرة.
تظهر الأجساد نصف عارية او شبة عارية ويميل الترف إلى الخلاعة وكلما تزداد قيمة الملابس الترفة فإنها تقصر اقمشتها ليظهر الجسد بحريه للهواء.

اما الطبقة المتوسطة فترتدي لونين فقط عند الخروج من البيت هما الأبيض والأسود ولا ثالث لهما سوى الملابس الداخلية الملونة المزركشة بالورد من القرنفل والياسمين!!!
تميل الأجساد هنا إلى الحشمة واخفاء المفاتن بالوشاح الاسود الطويل والجلباب الأبيض كالكفن يستر البدن.

بينما الطبقة المهمشة تفتقر إلى الألوان الناصعة فترتدي الباهتة القديمة المسحوقة المستعملة والمتبقية من الطبقيتين الأعلى.
حيث تظهر السجحات أجزاء من الجسد والرقعة المفتوحة تكشف بعض الأعضاء السفلية، يشدها حول الخصر فيتدلى القضيب معلنًا الحرب على القماش بارزًا رأسه.
او يتفتح المهبل كالفحمة السوداء، يلامس الهواء شعرات الشفرتين ويدلكها برائحة العرق، وما أقسى ان تجلس أمام أعضاء تناسلية بائسة لا تغريك لمهاجمتها ولعقها بل تشيح بأنظارك للسماء عنها.



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سهد التهجير/ 29
- سهد التهجير/ 28
- سهد التهجير/ 27
- سهد التهجير /26
- سهد التهجير / 25
- سهد التهجير / 24
- سهد التهجير/ 23
- سهد التهجير/ 22
- سهد التهجير/ 21
- سهد التهجير / 20
- سهد التهجير / 19
- سهد التهجير/ 18
- سهد التهجير/ 17
- سهد التهجير/ 16
- التاريخ الحيوي والسياسة الحيوية
- عربة الكتب الخشبية
- خصية الفداء ترفع راية النصر
- هربرت سبنسر/ ٥
- هربرت سبنسر/ ٤
- هربرت سبنسر/٣


المزيد.....




- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - سهد التهجير / 30