أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - درب الموت














المزيد.....

درب الموت


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 19:04
المحور: الادب والفن
    


في زوايا البيت العتيق ثمة من يعيش مستقر بعيد عن عبث الايام والسنين .العنكبوت الذي ينسج خيوطه في السقف كما وكانّه يحاكي خيوط ذاكرتي المستلبة حد التآكل المزمن من سوءة الحياة في الفراغ ونهارها وسواد الليل.اصنت وانظر دون استقرار ولكن بتأمل لسجاده المعتم المتهالك.
واقف حاظر اتساءل ،كم من السنين بشهواتها وعبثها والذكريات هربت وتاهت ساقطة في وحل النسيان مثل فراشات تبحث عن النسيان في شباك أزهار مورقة.
في الشارع الممتد بين أكشاك الكتب القديمة والقراطيس والصور والتحف المدونة في دفاتر الذاكرة .اعد خطواتي التى تنبت على قطع الاجر الإسمنتي المقرنص ،اعتد عدها تحت قدمي . كما لو أني احاول جر ذاكرتي وانعشها كصياد يفحص شباك الصيد قبل هروب الماء من النهر.في هذا اليوم يبدو قطع الأسمنت المقروص قد تقلصت.او ربما ذاكرتي تمددت ،وعبثت بالقياس.
تمر اشباح امامي كأجساد اوهام بلا ظل ولا ظلال بل في ظلام دار أوبرا متروك منذ منذ الثورة الصناعية الكبرى.
الرجل ابو تراث صاحب الكشك وباءع الكتب القديمة بل وشم المرسوم على يده قرب مغارة رجل يهودي لا يهوى الثرثرة .لم اعد أتبين الوشم في يده اليسرى ام اليمين.
الصياد صاحب الشباك والقارب المتهالك من الرواد الذين يرون الحكايات عن البحر والانهار ففي جعبته مزيد من الاسرار عن الأعماق.صوته المدون الان في ذاكرتي كقيثارة فاقدة الاوتار.
المظلات على ساحل البحر في شواطىء المتنزه،عند ضياعي حين كنت طفلا ومحاولات أبي في إنقاذي وهو أصلا لا يعرف فن العوم والسباحة..
هروب من الواقع لحضة النسيان وامام الخوف ورعب الفقدان.
في صحوة القدر
".أهز راسي وأغمض عيني .لا أرى واقعا بالتحديد."
في وسط مدينة بغداد شارع يقارب طوله الألف كيلو متر تحديدا بيد انه اصبح حدودا بين البقاء والفناء اهل المدينة بشقيها اطلقوا عليه "غضب السماء والبعض الآخر يسميه درب الموت ."
حين شطر المدينة إلى جنوب تحت سيطرة مذهب والآخر في الشمال لمذهب آخر مختلف .كلاهما دينهما واحد.صار العابرون فيه أمام خيارين الموت جوعا او الموت رصاصا.
في يوم صيفي مشمس وأنا احاول عبور هذا الشارع رايت طفلة في يدها قطعة خبر يابسة وإناء فارغ.عيناها صامتتان لا تتكلم لكنها توسعان كسماء فراغة حسية تمطر.صلد ابدّي .لم يدر في خلدي ان هذا الموقف سيكون آخر لقاء لابني الذي اختفى في ذلك اليوم.
رجال محنطين بملابس سوداء اقتادوه كما اقدادوا غيره جارنا واولاده الصغار في وسط المدينة. لا شيء يبقى أصبحت ذاكرتي عنه عمياء وصفحة بيضاء في كتاب ممزق.
في حمى الايام والليالي وكما يقل الحكماء ودهاقنة الفكر ان الذاكرة تنتقل من الانتظار المؤقت إلى طويل الأمد في بضعة ساعات لاتزيد اكثر من ساعات اليوم الواحد. وان النوم يرسمها صور على الجدران.
بيد أني منذ فقدان ابني ،صرت اخاف النوم .ففي أحلامي يتحول درب الموت إلى متاهة من القبور الجماعية.والرجال اصحاب البدلات السوداء الملثمين الذين اعتقلوه تداهمني باستمرار وتتكرركالكوابيس.
في ليلة تحت ظل مصباح منضدي قديم اقلب كتاب فيه قصاصات متروكة ومجموعة صور.سقطت صورة من بين الصفحات ،صورة منسية لابني وهو طفل في سن الخامسة.تظهر فيها علامة سواداء صغيرة على خده بقي اثرها من سقوطه على درج بيتنا في المدينة ذاتها. كان الجرح عميق خفت حيث كنت أتجنب روءية الجرح،وكيف عالجت له الجرح همست في أذنه لا تخاف ستنبت لحيتك وتخفي هذا الجرح.
أنا الان لحيتي ثلجية من شدة البياض غير ان لحيته لم تنبتيها.
في زمنا قبل هبوب العاصفة سلكت ذات الدرب في زياني لمتنزه المدينة ،حيث ضعت يوما رحت انظر للاشجار ودواليب الهوى وهي تسابق الامواج وهي تقذف باطارات العجلات السوداء إلى الرمال والزرع اليابس،اطارات العجلات التي كنا نسميها ".عجلات الفقراء."
خلال تأملاتي وبشكل استثنائي شاهدت شاب في سن العشرين يجلس على مسطبة تحت ظل شجرة ميتة في يده المتحركة كامرأة قديمة.حين دار نحوي ،راءيت علامة جرح قديم في خده ، اقترب منه كالذاهب إلى مقصلة رمادية.
".هل صورت المتنزه هذا اليوم."
لا غير أني صورت عنكبوت في بيت مهجور.وهو يرسم طريق عبر درب الموت.
ليكن ونذهب في ذات الطريق لنكون في وسط ذلك البيت المهجور.
نعم رأيت العنكبوت ذاته ينسج خيوطه في مكانه المعتاد احد الزوايا المعتمة.
حينها تذكرت تلك الدار بيتنا القديم .الصور التي التقطها الشاب لم تكن سوى خفايا وزوايا البيت المتهرىء .
غير ان في جانب داخلي من البيت ظهر رجل كهل عجوز. متكىء على طاولة ومستند على كرسي خشبي. —كان ذلك أنا .
في زيارتي الأخيرة لمدينتي رأيت درب الموت اوالفناء معبد من جانيه بالطابور والأسمنت المقرنص والباعة على الأرصفة المزدحمة يعرضون بضاعتهم .من أشجار الزينة المنزلية والورد بما فيها وأغلبها ورود الياسمين التي حلت مكان الرصاص والباعتي على جانبي الطريق مبتسمون
في الدار علقت صورة للعنكبوت على جدار غرفة الاستقال واخريا في الزوايا والممراتالصورة الكبرى كتبت تحتها.
".الذاكرة كما العنكبوت تخيط من الهشاشة متحف للورد."
الشاب صاحب الجرح يدرس علم الآثار في بيتة العراق
المتنافرة.
ذاكرته عن الاختفاء مشروخة في فضاء متخفي كالصور المغسولة ، بيد انه يحتفظ بها في جيبه.داءما صورة اثرية لرجل في عمر العشرين يحمل طفل عند مسطبة وسط المتنزه يدي انه وجدها بيت مهجور في أطراف المدينة.بمدينة الأيتام ". طعم البقاء."

هل تكون الذاكرة بديل النسيان واستراحة مهاجر."



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب وصور
- للنور عناوين
- صمت الشبابيك
- صفحات كتاب لمذكرات مسامير وحجر 2
- صفحات كتاب لمذكرات مسامير وحجر1
- صفحات كتاب لمذكرات مسامير وحجر
- عمر من الغياب
- طريق منسي
- الفراغات ذات الهواء الموبوء
- - قارءة فنجان في طريق معتق-**
- مدونات
- مزارات
- روح
- صدى
- اقنعة
- ظل
- تساءلات
- غياب
- حضن الضوء
- خطوات متوقفة


المزيد.....




- تشييع الفنان اللبناني زياد الرحباني... وفيروز في وداعه
- (فيديو) في وداع الرحباني.. ماجدة الرومي تبكي عند أقدام فيروز ...
- -ركعت أمامها وقبلت يديها-.. تفاعل مع أسلوب عزاء ماجدة الرومي ...
- الممثلة المصرية وفاء عامر ترد على اتهامات الاتجار بالأعضاء
- لبنان: الحزن يخيم على مراسم جنازة زياد الرحباني بحضور والدته ...
- ترامب يتهم الفنانة بلا دليل.. ما حقيقة حصول بيونسيه على أموا ...
- -تاريخ استعماري-.. تصريحات وزير هندي تثير الجدل بشأن تحدث ال ...
- فلسفة الذم والشتائم في الأدب.. كيف تحوّل الذم إلى غرض شعري؟ ...
- فيديو.. أول ظهور للفنانة فيروز في مراسم تشييع زياد الرحباني ...
- التجويع يواصل الفتك بسكان غزة ومنظمات دولية تحذر من -مسرحية ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - درب الموت