أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيانا نادي جنسيات!-














المزيد.....

-مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيانا نادي جنسيات!-


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 21:01
المحور: كتابات ساخرة
    


في المغرب، يبدو أن السياسة قررت منذ عقود أن تلبس عباءة العائلة وتتمدد على أريكة التوريث. فبينما تقطع الديمقراطيات الحقيقية خطوات واسعة نحو إشراك الكفاءات، بغض النظر عن النسب أو الجنسية، نكتفي نحن بإعادة تدوير نفس الوجوه التي ورثت المناصب كما يورث العقار، وجعلت من العمل الوزاري وظيفة عائلية محصنة.

ما يحدث في المغرب يشبه عرضا دائريا لا ينتهي: العائلات ذات الحظوة تتناوب على السلطة وكأنها تلعب لعبة الكراسي الموسيقية، والمواطن المغربي...؟ متفرج أبدي، لا يسمح له سوى بالتصفيق أو التذمر في صمت. فبدلا من أن تكون السياسة منافسة مفتوحة على أساس الكفاءة، صارت مهرجانا مغلقا للأسماء المتكررة والوجوه المألوفة.

عندما تنظر إلى تشكيلة الحكومات المتعاقبة، لا تحتاج إلى الكثير من التدقيق لتلاحظ تكرار أسماء بعينها: أبناء، إخوة، أصهار، أبناء خالات وأبناء عمات. وكأن المناصب توزع في مأدبة عشاء، وليس وفق معايير النزاهة أو المؤهلات. هل هي حكومة أم مجلس عائلات؟ وهل نحن في دولة مؤسسات أم في كيان شبه قبلي بربطة عنق؟

ثم نأتي إلى الأحزاب السياسية، تلك التي لا تختلف كثيرا عن الشركات العائلية. هياكل هشة، خطابات مكررة، وولاء أعمى للزعيم – الذي غالبا ما يورث القيادة كما يورث اسم العائلة. لا حديث عن برامج، ولا عن رؤى، فقط منافسة على من يكون الأقرب إلى دوائر القرار، ومن يجيد النفاق السياسي أكثر.

النتيجة؟ وزراء يجهلون حتى مجالاتهم، وبرلمانيون يدخلون المؤسسة التشريعية وهم لا يفرقون بين الميزانية والقانون المالي، وبين التشريع وتوزيع القفف. المواطن، بطبيعة الحال، يدفع الثمن: في المدرسة، في المستشفى، على الطريق، وفي بطاقته البنكية.

لكن، في الوقت الذي يعيش فيه المغرب هذه الحلقة المفرغة من التوريث السياسي، نجد في الدول المتقدمة توجها معاكسا تماما. فهناك، الانفتاح لا يقتصر فقط على الكفاءات الوطنية، بل يفتح المجال حتى للجنسيات المختلفة للمساهمة في تسيير الشأن العام. فيمكن أن ترى وزيرا للطاقة من أصول آسيوية، أو وزيرة للثقافة من جنسية مغربية، دون أن ينظر إليهم بعين الشك أو يسحب منهم ولاؤهم. الكفاءة فقط هي البوصلة، والانتماء إلى قيم الدولة، لا إلى عائلة فيها حظوة.

لماذا لا نجرب ذلك؟ لماذا لا نفتح الباب أمام العقول – أينما كانت وأيا كانت جنسياتها – لتشارك في صنع القرار، بدل أن نبقى حبيسي منطق العائلات، وكأن المغرب ضيعة ورثها البعض عن آبائهم؟ هل الوطنية تقاس بجواز السفر أم بما يمكن أن يقدمه الإنسان لهذا البلد؟ أليس من حق المغاربة أن يحلموا بحكومة يشكلها أصحاب العقول، لا أصحاب الألقاب؟

ربما يبدو هذا الخطاب ضربا من المثالية، أو كأننا نطالب بتصدير الخيال إلى الواقع المغربي. لكن في زمن باتت فيه الكفاءة عملة نادرة، لم يعد مقبولا أن تبقى السياسة في المغرب رهينة سلالة محددة، ولا أن ينظر إلى الجنسيات الأخرى كغريبة عن الوطن. آن الأوان أن نؤمن أن الوطن ليس سلالة، ولا جغرافيا محصنة ضد التجديد، بل مشروع مشترك يبنيه الجميع.

2026 قد تكون محطة جديدة. فرصة – وإن كانت محدودة – لكسر هذا النسق الوراثي المتحجر. فرصة لإعادة تعريف الوطنية، ولإثبات أن السياسة يمكن أن تكون مجالا مفتوحا للطاقات، لا حكرا على عائلات بسطت سيطرتها على الدولة كما يبسط السجاد الأحمر للضيوف.

فلنحلم، وإن كان الحلم مريرا. فلنطالب بسياسة يشارك فيها المغربي والمجنس والكفء، لا الوريث والمطيع والمتملق. فلنرفع صوتنا: كفى من سياسة العائلات، افتحوا الباب للكفاءات، أينما كانت، ومن أي جنسية جاءت. لأن الوطن لا يبنى بالولاء الأعمى، بل بالعقل النير واليد النظيفة.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تحج الشهيرات للقبول ويحاكم الحكواتي باسم الأمن الروحي!-
- حين يجلس وزير العدل في وجه وزير العدل: كوميديا تارودانت القض ...
- عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- ع ...
- -مرحبا بالمتسولين في الشرق الأوسط: صدقة أم جزية؟-
- -التعليم العالي جدا... في الانحدار -!
- ترامب في الشرق الأوسط: أربعة تريليونات دولار وقصر يطير
- بوتين يمد السجادة الحمراء للعرب: قمة أم رقصة دبلوماسية؟
- بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... ...
- سوق السلام الكبير: كيف تحولت الاتفاقيات الإبراهيمية إلى صفقة ...
- عزيز أخنوش وتداعيات سياساته: من شركات الغازوال إلى غلاء الأس ...
- الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...
- -السلام في زمن الماديات: عندما يتحول حلم العالم إلى صفقة تجا ...
- -كأس إفريقيا: مهرجان الرفاهية الذي يمول بدموع الفقراء-
- -عندما يسوق العالم مجنون: الرئيس الأمريكي على دراجة بلا عجلا ...
- الإنسانية للبيع: قراءة ساخرة في ملف تبادل الأسرى
- حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...


المزيد.....




- فنانة وإعلامية مصرية شهيرة تعلن الصلح مع طبيب تجميل شوه وجهه ...
- الكتابة في زمن الحرب.. هكذا يقاوم مبدعو غزة الموت والجوع
- أداة غوغل الجديدة للذكاء الاصطناعي: هل تهدد مستقبل المهن الإ ...
- نغوغي وا ثيونغو.. أديب أفريقيا الذي خلع الحداثة الاستعمارية ...
- وجبة من الطعام على الرصيف تكسر البروتوكول.. وزير الثقافة الس ...
- بنعبد الله يعزي أسرة الفقيدة الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة ...
- فيلم رعب في السينما يتحول إلى واقع (فيديو)
- جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل -هاري بوتر- ...
- هتتذاع النهاردة مترجمة؟ موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 193 عبر ...
- وفاة الكاتب الكيني المشهور نغوغي وا تيونغو عن 87 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - -مملكة السياسة الوراثية: حين تصبح الحكومة مجلس عائلات… وأحيانا نادي جنسيات!-