أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - النسق وبناء النص عند الشاعرة فراقد السعد














المزيد.....

النسق وبناء النص عند الشاعرة فراقد السعد


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 23:55
المحور: الادب والفن
    


(1)
مقدمة
القصيدة عند الشاعرة فراقد السّعد هي صرخة مدوية في وجه ما تراه يعكر صفو الحياة، ويجعل الملل يتسرب إلى قلوبنا، نحن المخلوقات التي قذفتنا الطبيعة من دون انذار مسبق، ذلك لما يجري علينا من نكال، ومن وبال قد لا نستحقه، كوننا نعيش كالتائهين في فوضى الوجود. لهذا تجد الشاعرة دائما تشكو الغياب، وتعاتب الزمن، وتتحسر على قضايا فلتت من سهم واقعها من دون أن تشعر، وهو كنوع من ظلم الحياة نفسها. لذلك نرى معظم نصوصها فيها نوع من توبيخ الواقع، كأنها تعاتب القدر، وتلوم الليالي. إذ نقرأ: (من نص: بعنوان وحشة – ص 75 من المجموعة) "في أقصى زاوية المرأى/ روحا رقيبة تُجاري أصغركَ/ إيماءةً وسكون/ كنتُ أدركُ في أقصى ركنك القلق". والقلق عند الشاعرة يمثّل قمة الخوف واليأس، والاحباط المتجدد، وربما منه تتمخض القصيدة ويولد الشعر، لأنّ الشعر لا يأتي إلّا من معاناة، وظروف صعبة تمر على الشاعر.
(2)
وفي كتابي "الحرث في أرض البوح" ذكر كلمة قلت فيها إن النصوص الأدبية والفكرية، بجميع صنوفها، تُعد عوالم يتداخل بعضها ببعض، لتكون وحدة فعالة في نسيج البنية السّردية، لعوالم ذاتية، وذلك لقيام حركية ناهضة في فلسفة النصوص، وبالتالي تبرز كنتاج فكري يهيمن على طابع الحياة التي يريد اصحاب تلك البنية، بناء أفق معرفي يختزل المسافات الطويلة، ليصل بالتالي إلى هدف الحياة الاسمى المراد الوصل إليه، وهو المغزى الذي يصبو اليه الكاتب - الشاعر، بثقافته ووعيه، وادراكاته الفكرية: المعرفية والفلسفية والابداعية.
وأضيف هنا إن الشعر هو ثورة احتجاج على كل نظرة قاصرة لمعنى الحياة، لأننها لم نع مفهوم الحياة بسجاياها، لهذا نتخبط في دهاليزها. ومنه نقرأ قول الشاعرة السّعد: "نلفُ أزقة الوجود/ حارتًا ضاحكة/ حتى آخر العمر" (من نص بعنوان – كاذبة أنا – ص 38 من المجموعة) وآخر أكثر من هذا المعنى وهو بعنوان "الزلال في تشهد الماء" ص 36، نقرأ المقطع هذا: "كمولود تشتاقه السماء/ تضمه إضمامة الحنايا/ اذا ما الحياة بلا ربيبٍ/ وإذا الشقيقُ غريبٍ/ وإذا الوحشة غياب". فهي صورة ضبابية مأساوية لحالة معينة، انتابت الانسان، لاسيما العالق بالغياب. هكذا جسدتها الشاعرة وربما عاشت لحظاتها وهي ترسم حروفها.
(3)
في نص عنونته الشاعرة تحت عنوان "آدم" تتحدث الشاعر فيه عن مأساة آدم ابو البشر الذي دفع ثمن خطيئته التي أرتكبها في حق نفسه، و يا ليت الأمر توقف عند هذا الحدّ فحسب، بل تحمل مغبة ذلك بنوه، أيضا، والمفروض ليس لبنيه من مغبة، لأنّ الحكمة تقول لا تزر وازرة أرتكبها شخص ما فيلحق الضرر بشخص آخر، ليس هو طرف آخر في تلك القضية!؛ إلّا إن الأمور جرت هكذا، وظلت تلك التبعات تجري إلى اليوم، بسبب تلك الخطيئة. والشاعر هنا وكأنها تذكرنا بهذا الحدث العظيم، الذي مازال تأنّ منه البشرية. "يشقيني نهرًا/ أُقيم بيته على ربوةٍ/ يقيم لي وطنًا/ ما أقسى طيّ سجل الوطن". (النص: ص 83) والوطن تعني به الشاعرة "الحبيب" بل هو أكثر من حبيب، فالإنسان بلا وطن، هو أشبه بالغريق الذي ريد الوصول إلى الجرف كي ينجو من الموت المقدّر، لكنه يزداد بُعدا كلما قلة حيلته في النجاة. "مَن يطفق بورق الشجر؟/ ويستر وجهي المقروء بالنفي من الجنة/ ورجم آدم بالزهور/ صعودا للسماء" (النص) لكن لا أمل يبدو يلوح في كبد السماء. وأي مرارة تعيشها الشاعرة وهي تكتب نصها هذا، النص الغارق بماء الشجن، وهي ترسم لوحة تراجيدية، بالوان داكنة. "أيها الزراعون/ خذوا سلال الخوص/ لا سندباد يصدفُ عنبا في الأرجاء/ بلا مرتجى يحترفُ" (النص).
(4)
تتنقل الشاعرة في نصوصها من منحى إلى آخر، وفي كل نص تجد فلسفة وجودية تخرج من بين تلك النصوص، لتحاكي قضايا هي في أمس الحاجة للطرح والموضوعية، وتأجيج الرأي أو على أقل تقدير، تندب القارئ لوقوفه إلى جنبها لألقاء تلك الأسئلة: بما يتعلق من بوح هو أشبه بالتداعي والشكوة. ففي نص بعنوان "شقيق الروح" (ص 7) نقرأ منه: قالوا أنّ ذاكرة النوى/ سليل الردى/ وليّ نبضٌ بين طيات الثرى/ مازال شاهدُ/ يشهد الثقلان أني الطعين/ بذاك الضياء".
ومن نص آخر بعنوان "هاجس ليلة عيد" ص: 51 نقرأ منه المقطع التالي: "كُل شيء يستحق الوقوف/ كُل الأسماء الموصلة بالسماء/ تزلزل الوجع فينا/ كالأنبياء". ولا أبالغ إذا قلت: أنا أشعر أن هذا المقطع يؤسس لليأس، حيث أبواب الرجاء مقفولة، فالمقطع فيه حسّ تشاؤمي، مع ذلك يُعد أجمل مقطع في هذا النص، وأن كان غارقا في الحزن، لكن "الحزن" المراد منه، هنا، المعنى العميق لمفهوم الوجود، فلإنسان كائن وجودي، هو الوحيد من دون جميع المخلوقات يتغنى بالحزن، والحزن، والحال هذه، هو مَن يشعره بإنسانيته، وبالتالي يحسس الانسان بالجانب المشرق له، حيث يأتي دور المواساة التي تطيّب خاطره، وتعيد له سموه الروحي والنفسي.
(5)
وعودة إلى ما ذكرنا، في هذا النص وغيره من النصوص الأخرى، هناك الجانب: الفني والابداعي، وكذلك النسق السردي الذي جعل من النوص تبرز بالتجدّد، والشعور بقيمة النص كمعرفة ونتاج أدبي.
ولنقرأ هذا الصورة الشعرية - الفنية من نص مغاير تحت عنوان "فتى النعاس" ص 48 تقول الشاعرة السّعد فيه "أراك سنبلة حياة/ لا تأخذ الموت على محمل الجدّ".
(6)
وأخيرا.. المجموعة الشعرية هذه "أغدًا بلا أنت" للشاعرة فراقد السعد صدرت عام 2024، وهي من منشورات أتحاد الأدباء والكتاب في العراق – المقر العام. والمجموعة من القطع المتوسط يبلغ عدد صفحاتها 86 صفحة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرة كتب غيّرت قناعاتي الفكرية والمعرفية1/ 10
- الجزالة والبُعد الوجودي في (مرايا البحر) للشاعرة السورية هوي ...
- مفهوم الدين عند فويرباخ 1/ 2
- هل الكتابة ابتكار؟
- شعاع ابيضّ - نافذة سوداء تأسيس لسمو الإنسان للقاص حميد محمد ...
- الدهشة والمفارقة في (وجه أزرق) للقاص عبد الحسين العبيدي
- خالد القطان-إلى المنفى أو تقويم الأحزان
- النزعة الوجودية عند دوستويفسكي
- البناء النصي في مجموعة (تحت صواري ديسمبر) لزينب التميمي
- ماركس.. مؤسس المدينة الاقتصادية
- تولستوي.. اعترافات أم تخبط فكري؟
- ما هي الشيوعية؟
- سلطان العارفين.. الرومي جلال الدين
- بيكون.. الفيلسوف الذي حقق حلم أفلاطون
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية 3/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية2/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية1/ 3
- نيتشة.. الانسان السوبرمان
- القلق الإنصياعي في نص(زيف حلم) ل جابر السوداني
- عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات


المزيد.....




- مهرجان أفلام المقاومة.. منصة لتكريم أبطال محور المقاومة
- بعد أشهر من قضية -سرقة المجوهرات-.. الإفراج عن المخرج عمر زه ...
- الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية
- 6 من أبرز خطاطي العراق يشاركون في معرض -رحلة الحرف العربي من ...
- هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
- من هنّ النجمات العربيّات الأكثر أناقة في مهرجان كان السينمائ ...
- كان يا ما كان في غزة- ـ فيلم يرصد الحياة وسط الدمار
- لافروف: لا يوجد ما يشير إلى أن أرمينيا تعتمد النموذج الأوكرا ...
- راندا معروفي أمام جمهور -كان-: فلسطين ستنتصر رغم كل الظلم وا ...
- جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - النسق وبناء النص عند الشاعرة فراقد السعد