أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الدهشة والمفارقة في (وجه أزرق) للقاص عبد الحسين العبيدي














المزيد.....

الدهشة والمفارقة في (وجه أزرق) للقاص عبد الحسين العبيدي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8341 - 2025 / 5 / 13 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


(1)
يسود في هذه المجموعة القصصية، طابعين مهمين، أشتغل عليهما القاص عبد الحسين العبيدي، وحاول فيها أن يتصدى للواقع الاجتماعي العراقي، وأن ينتقد منه الجانب السلبي، ويتصدى لحالات الارباك والتشظي لجوانب عديدة، شهدها ويشهدها مجتمعنا العراقي على وجه الخصوص. فالذي يقرأ القصص هذه القصيرة جدا، سيرى بما لا شك فيه، أن الكاتب كأنما أخذ دور عالم الاجتماع، وهو يرسم الخطوط العريضة، لكثير من السلبيات (لا يوجد أي مجتمع من المجتمعات، العربية منها والغربية على حد سواء، خاليا من السلبيات، كون المجتمعات متفاوتة، في التربية والاخلاق وحتى في السلوكيات والثقافات، لأنه هذه هي طبيعة الانسان) وأفرز القاص لتلك السلبيات اكثر من ثلث الاقصوصات، وهذا الفرز الذي تصدى له الكاتب، وشخصه كأنما اراد بذلك، اعطاء صورة واضحة من تدني الثقافات السائدة في هذا المجتمع، قياسا بتلك الثقافات التي مضى عليها اكثر من خمسة عقود أو تزيد، يوم كانت البساطة، والقلوب النقية، غير المتلوثة بسياسات وأدلجة، ما كانت منتشرة في تلك العقود.
(2)
والدهشة هي ليست المفارقة، والفرق بين الاثنان شاسع، ومتفاوت. فالجهشة: هي كالحدث المفاجئ الذي يحدث على حين غرة، وبلا سابق انذار؛ وحين استخدمه القاص، هنا، كان على دراية كبيرة وعلم سابق بما يريد أن يقول، فهو أولا: اراد أن يشدّ القارئ إلى حدث هام، وأمر يثير الانتباه، أي ليس بالحدث الهين الذي يمر مرور الكرام، بل حدث جسيم وأمر طارئ؛ وثانيا: يريد أن يحذّر بذلك الأمر الجلل، والذي في حدوثه ستظهر نتائج غير محمودة العواقب، أي فيها ضرار وأضرار على المجتمع برمته، فهو ليس حالة فردية يمكن لها أن تحدث ثم تنجلي.
وأما المفارقة فهي أقرب إلى التفاوت في الحدث، أي كأنّ الأمر متُوقع أو قريب من هذا التوقع المرسوم في الذهن؛ بمعنى إنه يأتي من الباب الثانوي من الأهمية – الزمانية والمكانية – والدهشة هي التي تكون في الأول.
ويمكن أن نعطي نماذج من الأولى ونماذج من الثانية، حتى توضح الصورة جلية لدى القارئ، ويكون على بينة من الأمر.
النموذج الأول: سذاجة
"ساقونا إلى الحظيرة، بعد يوم عمل مضني. كنت متعبا فغفوت. بقى الآخرون يتسامرون، يتخاصمون، يتشاجرون. حينما رموا لنا الأكل، بدأنا ننهق بمسرة".(راجع: ص 27)
النموذج الثاني: ترف
"دخلتُ وحيدا، مترددا. الرفوف مليئة بالإصدارات الجديدة. كافتريا المعرض مكتظة. الكثيرون يقفون جماعات يشربون الشاي. يناقشون بحماس منفلت. آخر إصدارات فن الطبخ".(ص 24)
النموذج الثالث: تشفير
"كانت في أوج فتنتها حينما بدأ المهرجان. سال لعاب الكثيرين. أشتد أوار المناقشة. صدحت الحناجر. فازت. تعالى التصفيق والهتاف. أهدوها حمالة صدر".(ص36)
التفاوت:
النموذج الأول: سوء ظن
"قررتُ مهادنته. لوحت له، أزعجني اصراره وهو يقابلني بالواجهة الزجاجية نهضت لأغادر. حالما لمحاني اخرج من المقهى. غصت الفتاتان بالضحك".(ص 50)
النموذج الثاني: (سفر بر)
"في حركتها الدؤوب كانت مكتظة. حينما تصل إلى المحطة. يغادر الجُند القطارات بصناديق خشبية إلى المقبرة".(ص 83)
(4)
القصة القصيرة جدا، أو قُل الومضة القصصية، أو حتى الأقصوصة، هو لون قديم – حديث، أي على مر الزمن يتجدد، وثمة من يبدع فيه ويضيف له الكثير من الجمال، وهناك الكثير من يستسيغ هذا اللون؛ كما آخرون من أساءوا إليه، وهم معدودون على الأصابع – وأقصد في العراق على وجه التحديد. والحال، فأن هذا اللون هو فن قائم بذاته، وله جمهوره كما هو معروف؛ والقاص عبد الحسين العبيدي قد ابدع فيه واضاف إليه لمسات تحسب له، لا سيما في هذا المجموعة.
(5)
وأما من الجانب الفني، فالقصص تجري بسلاسة، وانسيابية، وخالية من الطابع المُعقّد، أو الكلمات التي ليست في محلتها، أي الفائضة عن الطرح والموضوعية، كما أرى، وعناوينها تمت بدقة فائقة.
(6)
المجموعة "وجه أزرق" من اصدارات أتحاد الادباء والكتاب في العراق – المقر العام، لسنة 2025. وهي من القطع المتوسط تبلغ صفحاتها 109، وتحمل بحدود مئة قصة قصيرة جدا.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد القطان-إلى المنفى أو تقويم الأحزان
- النزعة الوجودية عند دوستويفسكي
- البناء النصي في مجموعة (تحت صواري ديسمبر) لزينب التميمي
- ماركس.. مؤسس المدينة الاقتصادية
- تولستوي.. اعترافات أم تخبط فكري؟
- ما هي الشيوعية؟
- سلطان العارفين.. الرومي جلال الدين
- بيكون.. الفيلسوف الذي حقق حلم أفلاطون
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية 3/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية2/ 3
- الإيمان والألحاد- رؤية فلسفية1/ 3
- نيتشة.. الانسان السوبرمان
- القلق الإنصياعي في نص(زيف حلم) ل جابر السوداني
- عدنان الفضلي الشاعر الذي أغوته الساعات
- المنحى الصوفي في قصيدة (خمرةُ اليقين) للشاعر كريم القيسي
- ذاتية المعنى.. قراءة في مجموعة (أأقيم على حافة هاوية) للشاعر ...
- زمكانية النص الشعري.. قراءة في (منذُ زمنِ الانتظار) لـ عبد ا ...
- الشعر بوصفه لعبة الابداع قراءة في نص (كَسَاحِرٍ يُرَوِّضُ عَ ...
- الخيال في (أحزانٌ بلا مراكب) للشاعر حسين السياب
- تعويذة الشجن في نص (وداعا) للشاعرة ميسون المتولي


المزيد.....




- مهرجان كان السينمائي يمنع -العري- .. فما الأسباب وراء القرار ...
- أفلام ومشاركة نشطة لصناع السينما العرب في مهرجان كان 2025
- ثقافة الخيول تجري في دمائهم.. أبطال الفروسية في كازاخستان يغ ...
- مصر.. القبض على فنان شهير لتنفيذ حكم صادر ضده بالسجن 3 سنوات ...
- فيلم -ثاندربولتس-.. هل ينقذ سلسلة مارفل من الركود؟
- بعد جدل ومنع.. مؤرخ إيطالي يدخل -الشوك والقرنفل- لجامعة لا س ...
- -أحداث دمشق 1860- تقلبات الفردوس والجحيم في قصة مذبحة وتعاف ...
- نقل مغني الراب توري لينز للمستشفى بعد تعرضه لاعتداء في السجن ...
- مهرجان كان: -التظاهرات الفنية لها دور إنساني في مناصرة القضا ...
- السفير حسام زكي: مستوى التمثيل في القمة العربية ببغداد سيكون ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الدهشة والمفارقة في (وجه أزرق) للقاص عبد الحسين العبيدي