بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 19:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظهر عضو الكنيست "تسفي سكوت" مؤخرا على إحدى شاشات التلفزيون العبري بلحيته المشذبة وابتسامته الساخرة مع "كيباه" مخططة باللونين الأزرق الفاتح والكحلي، وظهور هذه "الكيباه" على رأسه تلزمه بأداء أحكام الشريعة اليهودية، تلك التي تحرض على "الأغيار" وتبيح إبادتهم.
المهم أنه بدا واثق الخطى، كأنما خرج للتو من معركته منتصرا وهو يعدد من ارتقوا في غزة في ليلة واحدة، قائلا كأنه ينفث سمه في وجوهنا "قتلنا قرابة مئة شخص من غزة هذه الليلة ولا أحد في العالم يكترث بذلك".
منذ متى أصبح قتل الأبرياء خبرا باردا بل ومبهجا؟
لكن الجواب ببساطة هو أنه منذ تحول العالم العربي إلى مقبرة جماعية للكرامة.
عضو "الكنيست" الإرهابي قال ما ظن أن الجميع يعرفه، وهو أن المئة الذين قتلتهم آلة دولته الدموية، لن يصدر لأجلهم ولا بيان شجب عربي، لأنه حتى البيانات التي كانت تصدر في زمن مضى مع أنها لم تكن تسمن ولا تغني من جوع، قد ماتت اليوم ودفنت في نفس مقبرة الكرامة.
هذا الإرهابي قال ما قاله في ابتهاج لأنه يعلم علم اليقين أن جيوش العرب لن تتحرك ولن يهتز لها "شارب" لأنها مجرد بيادق على رقعة شطرنج لا تتحرك إلا لتحمي دولته الظالمة.
في وقت سابق كان الأمر يتطلب عملاء ودهاة لتدخل جيوش الأعداء إلى مدينة فتحتلها وتعيث فسادا بها وبأهلها، لكن اليوم كل شيء جاهز ويفتح بالتطبيع. ولولا ذلك لما تجرأ "نتنياهو" على دخول غزة وتدميرها.
غزة التي تركت لتقاتل وحدها، لتجوع وحدها والكفوف التي صفقت لعار الأمس في ١٩٤٨ لن تمتد اليوم لتوقف شلالات الدم في غزة، بل لا زالت على سيرتها الأولى من التصفيق، غير أن حدته أي التصفيق ازدادت وأصبح أكثر ضجيجا وخزيا من ذي قبل.
كلنا نتذكر أنه وفي زمن انقضى، انتفضت جيوش لأجل امرأة صرخت وامعتصماه، أما اليوم فآلاف صرخت ولا زالت تصرخ موتا وجوعا وحصارا، ولم تتحرك سوى كاميرات النفاق لترصد مشهد "التضامن الكاذب" في قمم العار والذل والصفقات التي أصبحت تدار من فوق الطاولات لا من أسفلها كما السابق.
"قتلنا مئة" قالها بكل وقاحة ولم يرتعش أو يرف له جفن، لأنه يعلم أن من كان يفترض بهم أن يرتعشوا بل وينتفضوا منشغلون في عواصمهم بتجهيز استقبال "السيد البرتقالي" وإعداد هدايا الترضية وحثه على قتل غزة وإبادة أطفالها ومقاومتها، على موائد لا تخلو من صنف طعام وزجاجات نخب غزة. يفاوضون سيدهم على شراء نظام دفاعي جديد، لا لحماية غزة أو تحرير فلسطين بل لحماية الكرسي وحماية من يحمي بقاء هذا الكرسي.
واقع غزة صنعته هذه العواصم التي لا يصلها صدى الصواريخ ولا عويل الأمهات ولا اصوات قرقعة الأمعاء الخاوية للأطفال..فبئسا لها من عواصم وبئسا لها من موائد ذل من عاش عليها لن يتقيأ إلا عند شم رائحة الكرامة.
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟