أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - الحرب الرمادية على غزة حرب تدار في الخفاء..














المزيد.....

الحرب الرمادية على غزة حرب تدار في الخفاء..


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المعروف بأنه ومنذ الاستيلاء على فلسطين عام ٤٨، لم تتوقف محاولات دولة الشتات في استخدام كافة الأدوات والأساليب المنحطة لتركيع الشعب الفلسطيني، وكان البعد الأمني والاستخباري أحد أركان هذه الاستراتيجية.
اليوم، وفي ظل العدوان على غزة بعد السابع من أكتوبر، تتجدد ذات الأدوات والأساليب ولكن بأشكال أكثر خبثا وخطورة، حيث حذر أمن المقاومة بتاريخ ١/مايو/٢٠٢٥، المواطنين من الاقتراب من بعض المناطق شمال مخيمي البريج والنصيرات، مشيرا إلى أن الاحتلال يستغل ذلك لاستقطاب العملاء مقابل حفنة من الطعام أو الدواء أو المال.

هذا التحذير لم يأت من فراغ، فالاستخبارات الصهيونية لطالما اعتمدت على تفكيك النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل، واستثمار الحاجة الإنسانية كأداة للاختراق.
فخلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت عام ١٩٨٧، حاول الاحتلال تجنيد العملاء عبر إصدار ما عُرف بـ "البطاقة الممغنطة"، وهي وثيقة كانت تُمنح لمن يتعاون أمنيا مع سلطات الاحتلال. وكان الحصول عليها شرطا أساسيا للتنقل أو العلاج أو العمل.

ذات الاستراتيجية يُعاد إنتاجها اليوم، لكن بطرق مختلفة تناسب تغير الأدوات والظروف.

إن اعتماد العدو على حالات فردية من الحاجة الإنسانية، يعكس فشله في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية عبر القوة العسكرية المباشرة، فيلجأ إلى ما يُعرف بـ"الحرب الرمادية"، وهي نوع من الصراع الذي تستخدم فيه وسائل غير تقليدية لتقويض الخصم دون الانخراط في مواجهة عسكرية مباشرة، وتعتمد على أدوات منها ما تستخدمه اليوم في غزة، مثل تجنيد عملاء لتفتيت الجبهة الداخلية.
إن تركيز التحذير على مناطق البريج والنصيرات، وهي مناطق تعرضت تاريخيا لمحاولات متعددة للاختراق، يشير إلى استمرار السياسة الصهيونية ذاتها في استهداف نقاط الهشاشة المجتمعية.

لكن مقابل ذلك، أثبتت التجربة الفلسطينية أن الوعي الجمعي قادر على التصدي لهذه المحاولات. فقد كان المجتمع في غزة خلال الحروب المتعاقبة مثالا على الصلابة، حيث ساهمت "لجان المقاومة الشعبية" و"الأجهزة الأمنية التابعة للفصائل" في كشف العديد من شبكات العملاء. ومثال ذلك ما حدث عام ٢٠١٨ بعد عملية "حد السيف"، التي تمكنت خلالها المقاومة الفلسطينية من كشف العديد من وحدات الموساد والشاباك والمؤسسات التي تتحرك من خلالها الأجهزة الأمنية الصهيونية بعديد من المناطق العربية والإسلامية وضد المقاومة بغزة وخاصة كشفها لوحدة خاصة صهيونية كانت تنفذ عملية تجسس داخل خانيونس، بالإضافة لكشف العديد من العملاء وفق ضربة أمنية لحكومه الاحتلال مما شكل فضيحة أمنية كبرى لها.

اليوم، تعود ذات التحذيرات لتؤكد أن الصراع لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة على الوعي والذاكرة والانتماء. وإذا كانت المقاومة تدعو إلى عدم الاقتراب من بعض المناطق، فذلك ليس نابعاً من رغبة في تقييد حرية المواطنين، بل من إدراك دقيق لحجم التحديات التي تواجه الجبهة الداخلية في ظل حرب مركبة وشاملة.

في زمن يتداخل فيه الجوع مع الحصار والقصف والموت وتصبح لقمة العيش أداة اختراق، فإن الالتزام بالتحذيرات الأمنية لا يعكس فقط الانضباط، بل يعبر عن وعي سياسي عميق بمخاطر التفكك الداخلي. لقد أثبت التاريخ أن الجبهات التي تنتصر في الحرب ليست دائما الأقوى عسكريا، بل تلك التي تحافظ على تماسكها الداخلي وتفشل محاولات الاختراق الناعمة.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه آخر لحرب التجويع في غزة
- أجهزة الحجارة الناطقة بالكاميرات..تسقط أمام وعي المقاومة..
- -نتنياهو- يكذب بغباء...
- غزة تكتب حكاية كسر السيف وتعيد صياغة معادلات الردع
- قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..
- من -كامب ديفيد- إلى طوابير الجوع وقرقعة الأواني الفارغة
- الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال
- مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى


المزيد.....




- ابتكار مذهل.. طلاء ذكي يغيّر لونه تلقائيًا بحسب درجة الحرارة ...
- ُهل تمتلك إيران منشآت نووية أخرى أعمق من فوردو؟ جنرال أمريكي ...
- هل عادت الحياة فعلاً إلى طبيعتها في إسرائيل بعد رفع القيود؟ ...
- وسط ركام بيوتهم المهدمة.. الإيرانيون يحصون خسائرهم بعد وقف إ ...
- مهرجان الصويرة للكناوة: القمبري والقرقاب وأنغام عالمية
- عملية -نارنيا-: أي سلاح استخدمت إسرائيل لقتل العماء النووين ...
- إحياء رأس السنة الهجرية في الأقصى بأعداد محدودة
- صحف عالمية: تحرك أميركي لإنهاء حرب غزة ونتنياهو دفع إيران لت ...
- موفق نظير حيدر المسؤول عن -حاجز الموت- بدمشق
- زهران ممداني.. مرشح الهامش يقلب معادلة النخبة في نيويورك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - الحرب الرمادية على غزة حرب تدار في الخفاء..