أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - غزة تكتب حكاية كسر السيف وتعيد صياغة معادلات الردع














المزيد.....

غزة تكتب حكاية كسر السيف وتعيد صياغة معادلات الردع


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 19:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من قسوة الحصار والركام، خرجت غزة مرة أخرى لتعلن أن حسابات القوة لا تقاس بما تملكه من عتاد، بل بما تختزنه من إرادة.
كمين "كسر السيف" الذي نفذته كتائب القسام شرق بيت حانون شمال قطاع غزة يعتبر عملية نوعية، استمرت ٢٦ ساعة متواصلة، وجرت على ثلاث مراحل متتالية.
هذه العملية ما هي إلا مشهد مصغر لصراع طويل بين مشروع استعمار استيطاني وجذر مقاوم متجدد.
عملية كسر السيف تؤكد أن الكف، حين يحمل الوعي والصلابة يكون قادرا على أن يثلم سيف المحتل، مهما بدا حادا. وقد أتت كتجسيد حي لمعادلة تاريخية عرفتها شعوب عديدة، من ثوار الجزائر إلى مقاتلي فيتنام الذين أعادوا تعريف مفهوم الانتصار.

كمين بيت حانون لا يُقرأ فقط بمعادلة الخسائر المادية، بل بما يحمله من رسائل استراتيجية من إسقاط وهم السيطرة، وزرع الخوف في صفوف جيش اعتاد منذ نشأته أن يُوصف بأنه الأسطورة التي لا تهزم.

لطالما سعى الاحتلال إلى إحكام قبضته عبر أدوات التفوق العسكري ، غير مدرك أن التفوق الحقيقي ينبع من الجذور العميقة بأرض فلسطين وتاريخ فلسطين الكنعاني. هنا يكمن التشابه العميق مع نضالات الشعوب عبر التاريخ، حيث فشلت الجيوش المحتلة، رغم قوتها وامتلاكها السلاح، في استدامة سيطرتها على الأرض أو في انتزاع الشرعية من أصحاب الحق. لأن المعارك تُحسم لا بالسلاح فقط، بل بالإيمان بالجذور الراسخة والارتباط بالهوية التي تمنحها الأرض لأصحابها، لا لمن جاءوا من شتات الأرض غازين مستعمرين.

ولعل توقيت عملية كسر السيف حمل دلالات عميقة، ففي لحظة كانت فيها دولة الاحتلال تبذل جهودا دعائية مكثفة تسوق من خلالها صورة انتصارها وسيطرتها، جاءت ضربة القسام لتنسف هذه الرواية من جذورها. وذلك أشبه ما يكون بكسر الأسطورة الصهيونية بالتفوق والجيش الذي لا يقهر كما حصل في معركة الكرامة ١٩٦٨، حيث أثبتت المعركة أنه جيش يمكن هزيمته باجتماع الأمة وتوحدها، ووجود قادة أشراف بديرون المعارك ولا يخضعون لأي أجندة تخدم مصالح العدو.

واليوم فإن كمين "كسر السيف" يعيد تثبيت معادلة الردع الشعبية، تلك التي نشأت بعيدا عن المؤسسات الرسمية وأطر التسويات الهشة، معتمدا على الإبداع القتالي والمرونة التكتيكية. وكما أكدت التجربة في جنوب لبنان خلال مواجهة الاحتلال الصهيوني هناك، فإن الفعل المقاوم حين ينهض من بين الأنقاض، يكون أكثر قدرة على خلخلة حسابات العدو، مهما كانت موازين القوى مختلة.

ما جرى شرق بيت حانون هو أكثر من عملية ناجحة عسكريا، إنه إعلان رمزي متجدد أن المعركة على هذه الأرض لا تزال في بداياتها، وأن الاحتلال، بكل ما يملك من جبروت، لن يجد الاستقرار لا تحت أنفاق غزة ولا فوق سهولها. وفي لحظة يحاول فيها العالم تجاهل معاناة شعبنا في غزة خاصة وفلسطين عامة، تأتي مثل هذه العمليات لتفرض حضور القضية قسرا على الطاولة الدولية، تماما كما كانت العمليات الفدائية في السبعينات تعيد تسليط الضوء على فلسطين رغم محاولات الطمس والتغييب.

وهكذا، تُثبت غزة مجددا بمجاهديها وشعبها الصامد، أن الشعوب التي تقاتل دفاعا عن حقها ووجودها، قادرة أن تنتج انتصارات حقيقية تكتبها بالدم، لا بالحبر. وأن السيف الذي يحمله الاحتلال، مهما ظنه حادا وقاتلا فهو قابل للكسر كلما التقت الإرادة مع الفعل المقاوم.
وبين الأمس واليوم، وبين بيت حانون ونضالات التاريخ، خط واحد لا ينكسر.... أن الحرية، وإن تأخرت هي قدر حتمي لشعوب لا تعرف الانكسار. وشعبنا في فلسطين لا يعرف الانكسار فإما نصر أو استشهاد وعلى طريق القسام ماضون بإذن الله.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..
- من -كامب ديفيد- إلى طوابير الجوع وقرقعة الأواني الفارغة
- الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال
- مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥


المزيد.....




- نائبة رئيس الوزراء الأوكراني تكشف بنود اتفاق المعادن المبرم ...
- تونس.. إيداع -تيك توكر- معروف السجن بتهم -ذات صبغة إرهابية- ...
- الكتب أم الشاشات؟.. دراسة تكشف الفرق في نشاط دماغ الطفل بين ...
- خطر كامن في البلاستيك يفاقم أمراض القلب عالميا
- طبيب نفسي يحدد الأسباب الحقيقية للغيرة
- دراسة صادمة.. أطعمة شائعة الاستهلاك تهدد الحياة أكثر من أحد ...
- طبيب يكشف عن فوائد صحية غير متوقعة للنوم عاريا
- رغم فوائدها العديدة.. دراسة تكشف عن تأثير خطير للقرفة على ال ...
- غزة.. أعلى معدل لمبتوري الأطراف عالميا
- المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: إيران لن تتنازل عن حقها ...


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - غزة تكتب حكاية كسر السيف وتعيد صياغة معادلات الردع