أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-














المزيد.....

لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 20:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد لا يبتعد كثيرا عن مسرحيات الاستعمار الأوروبي الكلاسيكي، تخرج "دانييلا فايس"، وهي ليست شخصية هامشية في النسيج الصهيوني بل أحد أعمدة الاستيطان، لتقول بصراحة وقحة في مقابلة لها مع قناة "بي بي سي البريطانية" أن...
"العرب لن يبقوا في غزة ؟ من سيبقى ؟ اليهود بالطبع , افريقيا كبيرة , كندا كبيرة , العالم سيتكفل بتوطين سكان غزة , كيف سنفعل ذلك ؟ نشجعهم على الرحيل
المذيعة تسأل : ماذا لو رفضوا الرحيل ؟
فايس تجيب : العرب سيريدون الرحيل . البشر الاسوياء يرفضون البقاء في الجحيم
المذيعة تقول لها : ما تتحدثين عنه يبدو كأنه خطة تطهير عرقي !
فايس تجيب : يمكنك ان تسميه تطهير عرقي يمكنك ان تسميه لجوء , سميه ما تريدين"

هذا التصريح هو في الواقع لحظة كاشفة لما حاولت الصهيونية دوما إخفاءه تحت أقنعة الحداثة والديمقراطية والضحية وهي إنها ليست سوى مشروع إحلالي، تأسس منذ نشأته على نفي وجود الآخر.

وكما في كل المشاريع الاستعمارية، هناك حاجة ماسة إلى خطاب يعيد ترتيب العالم وفق رغبة المحتل. والصهيونية، مثل نظيراتها من السرديات الاستعمارية البريطانية والفرنسية، اخترعت "جغرافيا جديدة" ادعت من خلالها أن فلسطين "أرض بلا شعب" ويبدأ تاريخها فقط عند وصول المستعمر الأوروبي.

"تيودور هرتزل" الأب الروحي للصهيونية كتب عام ١٨٩٥ عن ضرورة "تشجيع الفقراء على المغادرة"، و "بن غوريون" تحدث عام ٤٨ بوضوح، وقال
"علينا استخدام الإرهاب والقتل والنفي لتطهير الأرض."
وما قالته اليوم عرابة الاستيطان "دانييلا فايس" ليس بالجديد، إنما هو تكرار لما قيل دائما، لكن بلغة أكثر فجورا.

وفي هذا السياق فإن غزة اليوم ليست مجرد ساحة معركة، بل إنها تُقدَّم كمنطقة متخلفة ولا تستحق الحياة، و"الجحيم" الذي تتحدث عنه "فايس" ليس إلا من صنع القوة التي تدّعي أنها ستنقذ سكانه.

هكذا تتم شيطنة صاحب الحق المظلوم المنزوع حقه وتقدم التبريرات للتخلص منه. تماما كما وُصفت الجزائر من قبل المستعمر الفرنسي بأنها "برية بحاجة إلى تحضير"، تُقدّم غزة كعائق أمام "التمدّن اليهودي" المزعوم والذي لن يتم التخلص منه إلا بالحديد والنار.

وما يثير في التصريحات العنصرية ل "فايس" ليس فقط استمرارية هذه الذهنية، بل جرأتها المتزايدة. فنحن لا نشهد اليوم إبادة جماعية فقط، بل محوا ثقافيا، لغويا، يذكرنا بما حل بالشعوب الأصلية في الأميركيتين، أو ما جرى في جنوب أفريقيا تحت نظام "الأبارتهايد". في جميع هذه النماذج، كان السرد الاستعماري مسلحا بلغة أخلاقية: نحن لا نطرد، بل نحضّر. لا نُبيد، بل "نُسكن". وفي لحظة، كما هو الحال الآن، تسقط الأقنعة، ويُقال ما كان يهمس به داخل الغرف المغلقة: "ارحلوا، أو موتوا."

ما يدعو للأسى، وليس للدهشة، هو هذا الصمت الدولي المصحوب بتواطئ لغوي. فحين تُستخدم كلمات ك "نزاع"، و"صراع متكافئ"، تُطمس الحقيقة التاريخية. لأن ما يحدث ليس نزاعا بين طرفين، بل علاقة قهر وهيمنة، فيها مستعمِر ومستعمَر، جلاّد وضحية. واللغة هنا، ليست محايدة بل هي الأداة التي يُعاد بها إنتاج القمع.

لذلك فإن من واجبنا ألا نكتفي بالمراقبة، بل أن نعيد تسمية الأشياء بأسمائها، وأن نقول، دون مواربة أن ما يحدث في غزة هو تطهير عرقي، في القرن الواحد والعشرين.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة
- لماذا رفح؟؟
- لو كانت جثة فرعون تنطق لأخبرته بذلك.


المزيد.....




- شاهد.. العائلة المالكة البريطانية ترتدي شارات سوداء تكريمًا ...
- نتنياهو من موقع سقوط صاروخ إيراني: -تخيلوا ما كان سيحدث لو ا ...
- عضو بالبرلمان الإيراني: حان وقت الهجوم على مفاعل -ديمونا- ال ...
- ترامب يتحدث عن سد النهضة وصراع مصر وإثيوبيا.. ماذا قال؟
- ترامب يبدي انفتاحا لفكرة وساطة بوتين في حل الأزمة بين إيران ...
- لافروف وفيدان يبحثان الوضع في الشرق الأوسط ويؤكدان على ضرورة ...
- ما هي حقوق المسافرين مع تعطل الرحلات أو إلغائها؟
- كيف تتصدى إسرائيل للصواريخ الإيرانية؟
- كيف تصور إيران أكبر مفاجأة عسكرية تعرضت لها على أنها -انتصار ...
- كيف استقبل الرأي العام العربي المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-