أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - وجه آخر لحرب التجويع في غزة














المزيد.....

وجه آخر لحرب التجويع في غزة


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 18:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شدني خبر تم نشره قبل يوم من كتابة هذا المقال مفاده "استهداف ٣ مزارعين بالقرب من بئر أبو حافظ جنوب الشاكوش غرب رفح".
وهو ليس الخبر الأول الذي يواجهني، فقد تكررت الأخبار عن استهداف مزارعين وصيادين في غزة من قبل عصابات جيش الاحتلال. ومن خلال بحثي عن أخبار مشابهة وجدت خبر استهداف في العام الماضي لمزارعين وهم يجمعون البطاطا في شمال غزة. كما أنه وفي شهر يناير/٢٠٢٤ تم استهداف مركبة صيادين على شاطئ بحر دير البلح وسط القطاع، وغيرها الكثير من الحوادث المشابهة التي رصدت مثل هذه الاستهدافات..

قادني هذا إلى زمن أبعد، حيث يتعرض سكان قطاع غزة منذ سنوات طويلة لانتهاكات ممنهجة تستهدف أبسط مقومات الحياة، وعلى رأسها الزراعة والصيد، وهما من أعمدة الاقتصاد القليلة المتبقية في القطاع المحاصر. حيث تتكرر التقارير المحلية والدولية حول استهداف مباشر للمزارعين في المناطق الحدودية والصيادين في عرض البحر، ما يدفع إلى التساؤل حول غايات هذه السياسة وتداعياتها.

فهذا النمط من الوقائع آنفة الذكر ليس بالأمر الجديد، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من الاعتداءات التي باتت تُدرج ضمن سياسات دولة الاحتلال الرامية إلى إضعاف الاقتصاد المحلي في غزة، وكسر صمود السكان عبر أدوات التجويع والترويع.

ونحن نعلم أنه منذ فرض الحصار على غزة عام ٢٠٠٧ عقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير/٢٠٠٦ ثم سيطرة الحركة عسكريا على القطاع في يونيو/٢٠٠٧ ، فرضت دولة الاحتلال ما يعرف بـ"المنطقة العازلة"، وهي منطقة تقع على طول الحدود الشرقية داخل القطاع ويحظر على الفلسطينيين الحركة فيها، رغم أن هذه المنطقة تحتوي على أراض زراعية خصبة. حيث يتعرض المزارعين الذين يحاولون العمل في هذه المناطق بشكل دائم لإطلاق النار، أو رش المبيدات السامة، أو مصادرة معداتهم، الأمر الذي جعل الزراعة مهنة محفوفة بالمخاطر والموت.
وبحسب تقارير "هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة"، فإن هذه الممارسات تندرج تحت سياسات العقاب الجماعي، وتنتهك ما يسمى ب "القانون الدولي الإنساني". لكن كما قلت سابقا وأكررها اليوم بصوت عال أن هذه القوانين لا تنطبق على الشعب الفلسطيني منذ عام ٤٨.

أما في البحر، فالحال لا يختلف كثيرا. فلا يُسمح للصيادين الفلسطينيين بالإبحار لمسافات محدودة غالبا ما تقل عن ٦ أميال بحرية، بالرغم أن اتفاقية "أوسلو" تقضي بالسماح للفلسطينيين بالإبحار حتى ٢٠ ميلا أي ما يقابل ٣٧ كم مقابل شواطئ غزة.
ورغم ضيق المسافة، يتعرض الصيادون للملاحقة، وإطلاق النار، واحتجاز القوارب والمعدات. وتُوثّق منظمات مثل بتسيلم عشرات الحوادث سنويا، تؤكد الطابع المنهجي لهذا الاستهداف.
وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد شهد عام ٢٠٢٢، حوالى ٣٠ حادث إطلاق نار شهريا على قوارب الصيادين.

تاريخيا، لم تكن هذه السياسات بمعزل عن السياق الاستعماري الذي تمارسه دولة الاحتلال تجاه الأراضي الفلسطينية. فمنذ احتلال ١٩٦٧، وظفت دولة الاحتلال أدوات متعددة للسيطرة على الموارد الطبيعية الفلسطينية، سواء من خلال مصادرة الأراضي، أو تقنين المياه، أو تقييد حرية الحركة. ويشكل الاستهداف الحالي امتدادا لهذه السياسات، لكنه أكثر فتكا كونه يطول الفئات الأضعف التي تسعى فقط للبقاء وسط الحصار والتجويع والقصف والدمار وحركات النزوح المتواصلة وسط افتقاد المناطق الآمنة التي يدعي جيش الاحتلال وجودها.

وما الهدف من وراء مثل هذه الممارسات الوحشية إلا من أجل دفع أهلنا نحو الهجرة القسرية أو تحييد السلاح والاستسلام للأمر الواقع، وهي استراتيجية غير معلنة ولكنها تتضح من خلال تلك الممارسات. فتجريد الإنسان من قدرته على تأمين قوته وقوت أسرته، تحت تهديد السلاح، لا يمكن قراءته إلا ضمن مخطط شامل يهدف إلى إعادة تشكيل ديموغرافية القطاع، وإفراغه من عناصر المقاومة الاقتصادية والاجتماعية. وسط تواطئ دولي وصهيوعربي. وهو ما يشجع استمرار الانتهاكات، بل ويمنحها غطاء على تجبرها واستقواءها على أهلنا في غزة.

وما استهداف المزارعين والصيادين في غزة إلا تعبير صارخ عن استخدام الغذاء والاقتصاد كسلاح في حرب دموية لا نعرف متى تنتهي. إنه تجويع سياسي، وتضييق عقابي يطال كل فلسطيني يسعى للبقاء فوق أرضه، ويقاوم من أجلها.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجهزة الحجارة الناطقة بالكاميرات..تسقط أمام وعي المقاومة..
- -نتنياهو- يكذب بغباء...
- غزة تكتب حكاية كسر السيف وتعيد صياغة معادلات الردع
- قصف بالجملة..والأرواح مجرد أرقام وسط عاصفة الخلافات..
- من -كامب ديفيد- إلى طوابير الجوع وقرقعة الأواني الفارغة
- الصور كأداة قمع وحرب نفسية ضد الأسرى في سجون الاحتلال
- مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة


المزيد.....




- قتلى وجرحى بخيرسون.. كييف تواصل الإرهاب
- هل إسرائيل في مأزق إستراتيجي؟ محللون يجيبون
- دوجاريك: وضع غزة مفزع وإدخال المساعدات يجب ألا يخضع لأي شروط ...
- احتمال الصراع الأهلي في سوريا يزداد
- الجالية الروسية بعمّان تحتفل بيوم العمال
- نائب وزير الخارجية التركي لبي بي سي: -حرب غير مسبوقة تُشنّ ض ...
- إقالة أم استقالة؟ مستشار الأمن القومي يغادر منصبه على وقع تس ...
- قاضٍ أمريكي يفرج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي ويؤكد حقه ا ...
- سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح الثقيل ودخول الأمن إلى ا ...
- مركبة فضاء سوفيتية ضلت طريقها وتعود إلى الأرض بعد نصف قرن


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - وجه آخر لحرب التجويع في غزة