أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر – الجزء التاسع - روايتان متشابهتان ولكن مختلفتان للنصر – بريطانيا والإتحاد السوفياتي















المزيد.....

العيد 80 للنصر – الجزء التاسع - روايتان متشابهتان ولكن مختلفتان للنصر – بريطانيا والإتحاد السوفياتي


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 15:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي *

د. جيمس بيرس James Pearce
دكتوراة في التاريخ
كاتب صحفي بريطاني
خبير في تاريخ الثقافة الروسية
مجلة روسيا في السياسة الدولية

9 مايو 2025

المشاهدون الذين كانوا ينتظرون الحلقة النهائية من برنامج "ذا فويس" على القناة الأولى الروسية، شاهدوا على الأرجح في نشرة الأخبار تقريرًا حول ما تقوله الكتب المدرسية الأجنبية عن دور الإتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية. هذا التقرير، الذي تناول بالأساس الكتب المدرسية البريطانية والفرنسية والألمانية، كان أشبه بهدية عيد الميلاد بالنسبة لي: فقد كرّست أطروحتي للدكتوراه للكتب المدرسية الروسية في مادة التاريخ. وعندما رأيت على الشاشة كتبي الدراسية القديمة، إستغرقت في التفكير.

ثمة أوجه تشابه ملحوظة ومدهشة بين الرواية البريطانية عن الحرب العالمية الثانية والرواية السوفياتية عن النصر في الحرب الوطنية العظمى. في بريطانيا، هي أيضًا قصة نصر عظيم على الفاشية، نصر عادل وأخلاقي، حيث انتصر الخير على الشر الحقيقي. كما هو الحال في الرواية السوفياتية، تبرز في الرواية البريطانية فكرة تحرير أوروبا. فقد حاربت بريطانيا من أجل إنقاذ أوروبا ومن أجل نفسها – إذ كان لدى هتلر خطط طموحة تجاه بريطانيا لو أنه نجح في مسعاه.

علاوة على ذلك، تعترف بريطانيا بمساهمة الإتحاد السوفياتي في تحقيق النصر – فبدونه ما كان له أن يتحقق. وفي جميع أنحاء بريطانيا، توجد عدد لا يُحصى من النصب التذكارية التي تكرّم الجنود السوفيات وتُخلّد جهودنا المشتركة. فلماذا إذن – كما ورد في تقرير القناة الأولى – تقلل الكتب المدرسية البريطانية من دور الإتحاد السوفياتي؟

بادئ ذي بدء، ينبغي فهم طبيعة الرواية البريطانية عن النصر. العديد من الروس الذين عاشوا وعملوا في روسيا خلال السنوات العشر الأخيرة قد يُفاجَأون. فرغم أن السرد التاريخي يسير في خطوط متشابهة، فإن بريطانيا وروسيا كما لو أنهما خاضتا حربين مختلفتين تمامًا، بأسس أيديولوجية متعارضة وبنتائج مختلفة.

خاضت بريطانيا الحرب في أوروبا الغربية والشمالية، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وشمال إفريقيا. وبالنسبة لنا، أخذت الأحداث طابعًا أكثر عالمية، لا سيما بعد الحرب – وسنتناول ذلك لاحقًا بالتفصيل. إضافة إلى ذلك، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا في عام 1939، في وقت كانت فيه الديمقراطية الليبرالية والرأسمالية تمرّان بأزمة.

بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وانهيار بورصة وول ستريت عام 1929، كانت أوروبا تبحث عن مسارات جديدة للمضي قدمًا. إختارت في ألمانيا وإيطاليا الفاشية، أما إسبانيا والبرتغال واليونان وبولندا ودول البلقان فقد تلاعبت مع هذا الإتجاه. روسيا إختارت الشيوعية، وإسكندنافيا إختارت الديمقراطية الإجتماعية، وتركيا إختارت العلمنة المتشددة. أما أوروبا الغربية، فقد تمسكت بالديمقراطية الليبرالية وإجتازت عقدين من الزمن بصعوبة.

وفي أوائل العشرينيات، لم يكن من غير المعقول تخيّل إندلاع ثورة في بريطانيا أو فرنسا. فقد إندلعت الإضرابات والتمردات في كلا البلدين، وحققت الأحزاب المتطرفة نجاحات إنتخابية وكان لها حضور شعبي واسع، فضلًا عن علاقاتها القوية بحكومات أجنبية. وشهدت هولندا إنقسامًا إجتماعيًا حادًا بسبب تأثير المسيحيين والإشتراكيين والفاشيين والليبراليين الذين ظلوا عالقين في الوسط، وكانت السلطة تتنقل بين هذه التيارات.

وعلى الرغم من أن دول أوروبا الغربية كانت تؤدي في تلك الفترة دورًا أكثر نشاطًا في تأمين الإستقرار الإقتصادي لمواطنيها، إلا أن الفقر إستمر، والنمو الإقتصادي بقي ضعيفًا، وكأنّه عالق في العصر الفيكتوري. كما قال ونستون تشرشل ذات مرة: "الضمير كان حرًا، والعبيد كانوا أحرارًا، والسوق كان حرًا. لكن الجوع والبرد والفقر أيضًا كانت حرة، وكان الناس يريدون شيئًا أكثر من مجرد الحرية."

لكن بريطانيا تجاوزت أزماتها والحرب. فالرواية البريطانية عن الحرب العالمية الثانية 1939–1945 هي قصة صمود. طوال عامين، حتى عام 1941، واجهت بريطانيا النازية وحدها بينما سقطت بقية أوروبا. أُجلي الأطفال الإنجليز إلى الريف، وتعرضت لندن للدمار، وكان رد بريطانيا على الزحف الألماني بطيئًا وفوضويًا. في البداية، كانت بريطانيا تحارب على الجبهتين: العسكرية والسياسية. لكن بعد ذلك، إتفقت الأحزاب السياسية على تشكيل حكومة وطنية وصياغة خطة وطنية موحّدة.

تدريجيًا، بدأت الحظوظ تميل لصالح البريطانيين. ففي عامي 1941–1942، تحققت إنتصارات في السماء، وفي الصحراء، وفي البحار، وفي الأدغال. وتمسّكت بريطانيا بشعارها الشهير: "حافظ على هدوئك وواصل العمل". وكانت الرسالة واضحة: رباطة الجأش في وجه الصعوبات وخيبات الأمل والخسائر. الدولة كانت تؤكد للناس: سننتصر، لن نسمح للعدو أن يغلبنا.

وعندما دخل الإتحاد السوفياتي الحرب عام 1941، أصبح ستالين يُعرف في الجزر البريطانية بـ"العم جو". وحتى أثناء الحرب الأهلية الإسبانية، قال تشرشل إنه يفضل الشيوعية على الفاشية – وهذا ما فعله لاحقًا. وحين شرب النبيذ مع ستالين في غرفة مليئة بالدخان في الكرملين، مازحه قائلًا: من هو الشيوعي – الله أم الشيطان؟

ولا شك أن دخول الإتحاد السوفياتي الحرب غيّر موازين القوى في أوروبا. وقد إنعكس ذلك أيضًا في الرواية البريطانية. فالمعارك على الجبهة الشرقية كانت تُرى بوصفها معركة أخرى، لأنها، باستثناء الهولوكوست، لم تكن هذه حربنا، ولا نصرنا. بريطانيا لم تحرر أوروبا الشرقية والوسطى، ولم تخضع للشيوعية. لقد أنهت الحرب بشروط مختلفة، فأسست حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبنت دولة رفاه قوية، ورفعت مستوى المعيشة بشكل كبير، وودّعت أطلال إمبراطوريتها.

المسألة ليست أن بريطانيا تقلّل من شأن نصر الإتحاد السوفياتي أو تتجاهله، بل إنه ببساطة لم يكن نصرها. علاوة على ذلك، لا تزال بريطانيا بحاجة إلى فهم معنى إنتصارها الخاص ومكانتها في العالم منذ ذلك الحين. وكما تقول الحكمة القديمة: "ابدأ بترتيب بيتك أولًا".



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 586 - الصمت المدوي: روسيا تخسر الحرب الإعلامية ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثامن - يفغيني سبيتسين: -لو لم تكن ا ...
- طوفان الأقصى 585 – دبلوماسية الدولار التي ينتهجها ترامب في ا ...
- العيد 80 للنصر – الجزء السابع – هل سنعيش حتى الذكرى المئوية ...
- طوفان الأقصى 584 – خبيرة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تدعو ...
- العيد 80 للنصر – الجزء السادس – إتفاقيات السلام التي عجلت ال ...
- طوفان الأقصى 583 - إدارة ترامب تسعى للسيطرة على قناة السويس
- العيد 80 للنصر - الجزء الخامس - من الذي إنتصرنا عليه — ولماذ ...
- طوفان الأقصى 582 – اليمن في مواجهة الطغيان - ملف خاص
- العيد 80 للنصر – الجزء الرابع – الأساس الذي لا يجوز التفريط ...
- طوفان الأقصى581 - إسرائيل تنوي القضاء الكامل على غزة كأرض فل ...
- العيد 80 للنصر - الجزء الثالث - ملف خاص
- طوفان الأقصى 580 - الزحام في سوريا
- العيد 80 للنصر - الجزء الثاني -عملية بارباروسا عام 1941: تحل ...
- طوفان الأقصى 579 - «الانتقام الذاتي»: من من العرب ساعد إسرائ ...
- العيد ال80 للنصر – أسباب إنتصار الإتحاد السوفياتي على ألماني ...
- طوفان الأقصى 578 - نتنياهو يعلن عن هجوم -مكثف- في غزة وتهجير ...
- مناهضة الصهيونية – بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي – الجزء الخا ...
- طوفان الأقصى 577 – هل ستؤثر -حجج- إسرائيل المدعومة بالصواريخ ...
- مناهضة الصهيونية – بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي – الجزء الرا ...


المزيد.....




- إعلام عبري يكشف هوية دولة تجري فيها محادثات سرية بين سوريا و ...
- من يسعى لإفشال المفاوضات الروسية الأوكرانية؟
- ترامب يلمح إلى قرب إبرام اتفاق مع إيران ويعيد نشر فيديو لشخص ...
- البيت الأبيض: إدارة ترامب -واقعية- فيما يتعلق بتسوية الأزمة ...
- ما فرص إبرام اتفاق نووي جديد بين واشنطن وطهران؟
- محكمة الطفل تقرر إيداع نجل محمد رمضان إحدى دور الرعاية على خ ...
- محللون: ترامب جاد في الاتفاق مع إيران رغم معارضة إسرائيل
- محمد بن زايد: أجريت مباحثات مثمرة مع الرئيس ترامب
- مصر.. تخفيضات على أسعار السيارات.. وتجار يوضحون الأسباب
- -أشارك إسرائيل هدفها-.. لوبان تنتقد موقف ماكرون -المشين- بشأ ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - العيد 80 للنصر – الجزء التاسع - روايتان متشابهتان ولكن مختلفتان للنصر – بريطانيا والإتحاد السوفياتي