خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 00:13
المحور:
الادب والفن
في بطن الليل، حيث لا سماء ولا أرض،
أطلقتُ روحي سابحة بين أنيني ويقينها،
تراءت لي السماء في مرآة غيم،
والأرضُ في شرارِها، وجدتُني أُطفِئُها،
فإذا النارُ تولدُ من حبرِ السرّ،
ووجدتُني شيئًا لا يُشبِهني،
صوتًا يخرجُ من جمرة،
أو ظلًّا يمشي على نارٍ لا تحترق،
كأنني نطقتُ، لا من فمي،
بل من فم الغيبِ وهو يُسمّي نفسه بي.
وأنا عُصفور بلا جناح
أقف في العدم لأغني الحلم.
كأنما العيون التي أراها
هي مرآتي التي لا أراها،
أنتِ يا هيكل الصوت، يا نهرَ الصمت،
كيف أصبحتِ كلَّ شيءٍ من رملٍ وموج؟
كيف صار المدى مشيًا على ظلي
وأنا أكشفه بأقدامٍ عمياء؟
أينما أذهب، ألتقي بنفسي في مكانٍ آخر.
في كلِّ وجعٍ يمرُّ على القلب،
أنتِ، يا حضرة الغيب، لا تُشعرينني
بأنني ضائع، بل بأنني كائنٌ
ينبع من دون ماءٍ، ومن دون هواءٍ،
أنتِ الوجع الذي يعيد خلقنا
من سائر الجروح التي تراها البصائر
بلا حدٍّ ولا نهاية.
عندما تفتح الأرض أبوابها
أجدني أعبرها بلا ثقل،
وأنتِ التي تسحبينني على ضوء الشمس
من شعاعٍ لا يُحرق
لكن يُحرّك السكونَ في صمتِ الوجود.
يا من تملكين الصمت بين شفتيك،
هل يرحل الكلام من أجل أن تولدي؟
لا تتكلمي،
ففي السكوت أبني قلاعي
وفيه تندثر كلّ المعاني.
لا تفتحي الباب،
فكل ما خلفه هو مجرد ظلٍّ،
أنتِ النور الذي يدخل، فيعود الظلام
لإعطاء الضوء طعمه.
كلما قلتُ “أنتِ” فهمتُ أنني
أقول “أنا”، لكن بصوتٍ ليس لي.
لا أريد أن أرى الأرض تحت قدمي،
لكنني أريد أن أكون فيك،
كأغنيةٍ تفرّ من بين الصدى
وأعود لأجد نفسي أبحث عنكِ
في كل الزوايا التي سافرتُ إليها
ثم عدتُ إليها أعمى.
إذن، أين أنتِ الآن؟
وأين أنا حين أبحث عنكِ؟
منذ اللحظة التي كنتُ فيها لا شيء
حتى اللحظة التي دخلتُ فيها كل شيء،
أصبحنا في الفراغ نلتقي
مثلما يلتقي الريح بالماء
لا مسافة بيننا، لا همس،
لا صوت سوى اللّغة التي تهمس
بين الصمت والصمت…
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟