أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - من الدولة إلى التنظيم الطبقي: في الرد على أطروحات أحمد الجوهري من منظور ماركسي-لينيني تجديدي














المزيد.....

من الدولة إلى التنظيم الطبقي: في الرد على أطروحات أحمد الجوهري من منظور ماركسي-لينيني تجديدي


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور في الهندسة المعمارية، باحث، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة: لا تجديد بلا منهج، ولا قطيعة بلا بديل

في مقاله المعنون “نقد جذري لمقال -نحو تجديد ماركسي-لينيني…”، يقدّم الأستاذ أحمد الجوهري رؤية نقدية جذريّة ترفض الدولة والحزب والتنظيم المركزي، وترى في ذلك شرطًا أساسيًا لبناء الاشتراكية. لكن بينما يدعو الجوهري إلى “تحرر من الأسفل”، فإنه يتجاهل واقع الصراع الطبقي المادي وأدواته التنظيمية، ويسقط في طوباوية نفي السلطة دون بدائل عملية. في هذا الرد، لن نناقش الشخص، بل سنفكك الفرضيات النظرية التي انطلق منها، من منظور ماركسي-لينيني تجديدي يستند إلى التحليل التاريخي الملموس.



1. الدولة الثورية: أداة مؤقتة أم قيد أبدي؟

ينطلق الجوهري من افتراض أن الدولة، بكل أشكالها، هي أداة قمع، وبالتالي لا يمكن أن تكون جزءًا من مشروع تحرري. لكن ماركس، في “نقد برنامج غوتا”، لم يدافع عن الدولة كمبدأ، بل كضرورة مرحلية في سياق الصراع الطبقي. الدولة عنده ليست بنية محايدة، بل جهاز طبقي. إذا لم تُحطم الدولة البرجوازية وتُستبدل بجهاز بروليتاري مرحلي، فإن البرجوازية ستستعيد سلطتها. التجربة علّمتنا أن غياب هذه الدولة الثورية لا يؤدي إلى الحرية بل إلى سحق الثورة.

كومونة باريس، التي يحتفي بها الجوهري، لم تُسحق بسبب وجود جهاز قمعي بل بسبب غيابه. الدولة البرجوازية لا تسقط إلا إذا وجدت أمامها نقيضًا منظمًا، لا مجرد حلم بالحرية.



2. الحزب الثوري: من التنظيم الطبقي إلى البيروقراطية – أين الخط الفاصل؟

ينتقد الجوهري الحزب الطليعي باعتباره بنية سلطوية، لكن هذا النقد يغفل التمييز بين الانحراف التاريخي وبين الضرورة التنظيمية. الحزب، في المفهوم اللينيني الأصلي، ليس دولة داخل الدولة، بل جهاز تأطير وتنظيم وتثقيف، يعمل في قلب الطبقة لا فوقها. نعم، الانزلاق إلى البيروقراطية ممكن، لكنه ليس قدرًا محتومًا بل نتيجة غياب الرقابة القاعدية.

الأحزاب لم تفشل لأنها أحزاب، بل لأنها انقطعت عن الطبقة وفقدت مشروعيتها الداخلية. المطلوب اليوم ليس إلغاء الحزب، بل إعادة ابتكاره: حزب قاعدي ديمقراطي، منضبط وشفاف، يخضع لرقابة دائمة من القواعد.



3. التجارب الاشتراكية: نقد جدلي أم إدانة أخلاقية؟

يختزل الجوهري كل تجارب القرن العشرين في عبارة “رأسمالية دولة”، ويقارنها بدول الرفاه الرأسمالية وكأنهما متماثلتان. هذا إسقاط غير علمي، يتجاهل الطابع الطبقي للسلطة، وعلاقة الإنتاج، وملكية وسائل الإنتاج. نعم، هناك تشوهات بيروقراطية خطيرة، لكن التجارب الاشتراكية (من الاتحاد السوفييتي إلى كوبا) لم تكن “نسخة من الرأسمالية”، بل مشاريع تحرر حقيقية انحرفت تحت ضغط العزلة والتخلف والحصار.

التاريخ الماركسي يعلمنا تحليل الظواهر كتشكيلات متناقضة، لا بوصفها حالات أخلاقية. لا نقد بدون تفكيك مادي ملموس لآليات الانحراف.



4. التنظيمات القاعدية: شرط ضروري لا يكفي

يتغنى الجوهري بالتنظيمات الأفقية، وكأنها عصا سحرية بديلة عن كل ما سبق. لكن التنظيمات القاعدية، بحد ذاتها، تظل عرضة للتفكك والعزلة والانقسام ما لم ترتبط بأفق طبقي موحّد، ونظرية ثورية موجهة. الأممية الشبكية التي نطرحها ليست بيروقراطية أممية، بل شبكة تنظيمات من الأسفل تربط القاعدة بالأفق، والتكتيك بالاستراتيجية، ضمن وحدة طبقية واعية.

لا وجود لتنظيم لا مركزي صرف يدير تحررًا شاملًا من دون تناقضاته. التحليل الماركسي الجدلي لا يهرب من هذه التناقضات، بل يصوغ منها أدوات للهيمنة الطبقية المضادة.



5. من الطوباوية إلى العدمية: هل يمكن إسقاط كل شيء دون بديل؟

دعوة الجوهري إلى “تحرر هنا والآن، من دون دولة، ومن دون حزب، ومن دون مرحلة انتقالية”، قد تبدو جذابة، لكنها تكرر منطق الطهورية الثورية التي تنتهي إما بالعزلة أو بالهزيمة. لا ينتج التاريخ من الرغبات، بل من صراعات القوى. ومن لا يملك أدواته، سيُقصى منها. هذه ليست واقعية مهادنة، بل واقعية ثورية.

القطيعة ليست هدمًا دون بديل، بل بناء لأدوات جديدة من صميم التناقضات القديمة. الاشتراكية ليست “عدم الدولة”، بل تفكيك الدولة البرجوازية بأدوات ديمقراطية طبقية بديلة تُذيب السلطة لا تُنكرها.



خاتمة: الاشتراكية تحتاج إلى تنظيم، لا إلى إنكار التنظيم

نحن لا نُجمّل ماضيًا بيروقراطيًا، بل نشتبك معه نقديًا لنصوغ مستقبلًا مغايرًا. نُعيد تعريف الحزب، الدولة، والأممية، من منطلقات جديدة دون أن نهرب من المبدأ الطبقي للصراع. الاشتراكية ليست حنينًا ولا نية طيبة، بل مشروع تاريخي يحتاج إلى أدوات، وتوازن قوى، ووعي تنظيمي دقيق.

الحرية لا تُنال بالرفض المجرد، بل بالتنظيم الواعي.
والتنظيم الطبقي لا يكون إلا في تفاعل القاعدة مع الأفق، والعفوية مع الوعي، والديمقراطية مع الانضباط.

تحيا الاشتراكية الواعية.
تحيا الأممية الشبكية.
ولتسقط كل رومانسية لا سلطوية تنكر التاريخ وتُعيد إنتاج الهزيمة.

—-
ملاحظة ختامية

إن الكتابة مسؤولية فكرية وأخلاقية تتطلب من الكاتب أن يتحرى الصدق، والموضوعية، والالتزام بقضايا العدالة والحرية. كما أن النقد الموجه لأي نص ينبغي أن يلتزم بضوابط الحوار الفكري المسؤول، فيُناقش الأفكار لا الأشخاص، ويبتعد عن الشخصنة والمناكفات التي تفسد الحوار وتضعف قيمته العلمية.

كل نص يُكتب، وكل نقد يُقدّم، يعكس مستوى وعي صاحبه، وأخلاقيته، وانحيازه.
لذلك، نهيب بالقراء الكرام الالتزام بثقافة الحوار الهادئ والبناء، لما فيه خدمة الحقيقة، وإنضاج النقاش، وإثراء الفضاء الفكري بقيم التعددية، والاحترام المتبادل، والسعي المشترك نحو مستقبل أفضل.



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي - رد على أحم ...
- النهج التجديدي في الماركسية واللينينية: قراءة جدلية نقدية في ...
- نظام المكونات في العراق: الهيمنة الإمبريالية وإعادة إنتاج ال ...
- عقود النفط بعد 2003: هل خسر العراق معركته الاقتصادية الكبرى؟
- القمع: قراءة ماركسية معمقة في سياق الدولة البرجوازية والدولة ...
- يا نساء العراق، توحدنَّ!
- حول الدولة المدنية والديمقراطية: clarifications ماركسية ضرور ...
- العراق في قبضة الاحتلال المالي: كيف تُنهب ثروات بلد نفطي بأد ...
- الدولة المدنية والتغيير الشامل: قراءة ماركسية نقدية لشعار ال ...
- الدولة المدنية والاشتراكية: جدلية الضرورة والإمكان في الواقع ...
- العشائرية، الدين، والدولة المدنية: قراءة ماركسية في عوائق ال ...
- نشيد الأممية - محاولة ترجمة شعرية عربية
- -بين المدنية والطبقية- حوارات مهمة، اطروحات ر. د. حسين علوان ...
- بين المدنية والطبقية: قراءة ماركسية-لينينية في طروحات الحزب ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ ج5: خاتمة، ج6: الملخص
- هل انتهى اليسار الماركسي؟، ج3: البعد النظري: الماركسية بين ا ...
- هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- ...
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...


المزيد.....




- طرابلس على صفيح ساخن: تحشيدات تواجه -الدعم والاستقرار- وتحذي ...
- لافروف يبحث مع نظيره التركي جهود السلام لحل النزاع الأوكراني ...
- مصادر عسكرية لــ RT: مقتل آمر جهاز الدعم والاستقرار في طرابل ...
- نعيم قاسم: الغارات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان -لعبٌ بالنا ...
- اتصال هاتفي بين الجيشين الهندي والباكستاني
- فرنسا: تكلفة مشروع -سيجيو- لطمر النفايات النووية ترتفع إلى 3 ...
- بي بي سي تنشر اعترافات حول -فظائع- ارتكبتها القوات الخاصة ال ...
- بداية جديدة في انتظار سوريا.. ترامب يدرس مسألة رفع العقوبات ...
- هل يجبر ترامب نتنياهو على وقف حربه بغزة؟
- الخارجية السورية تصدر بيانا بعد تصريحات ترامب عن التفكير بشك ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - من الدولة إلى التنظيم الطبقي: في الرد على أطروحات أحمد الجوهري من منظور ماركسي-لينيني تجديدي