أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رحيم حمادي غضبان - السكن العشوائي ومسؤولية التنظيم مقارنة بين الواقع المصري والواقع العراقي














المزيد.....

السكن العشوائي ومسؤولية التنظيم مقارنة بين الواقع المصري والواقع العراقي


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 11:49
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


تشهد الدول العربية تحولًا حضريًا متسارعًا بفعل النمو السكاني المتزايد والتوسع العمراني غير المنضبط، مما أفرز ظاهرة خطيرة تُعرف بـ"مخالفات البناء". وفي هذا السياق، تمثل مصر والعراق نموذجين مختلفين من حيث التشريعات، آليات المعالجة، والتحديات التنفيذية.


---

أولًا: مصر – تشريعات حازمة في مواجهة المخالفات

وضعت مصر إطارًا قانونيًا صريحًا للتعامل مع مخالفات البناء من خلال قانون التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها رقم 17 لسنة 2019، والذي نص في المادة الأولى (بعد تعديلها بالقانون رقم 1 لسنة 2020) على أنه:

> "يجوز التصالح وتقنين الأوضاع في بعض مخالفات البناء التي ارتكبت قبل العمل بأحكام هذا القانون، ما لم تكن المخالفة تمثل تعديًا على خطوط التنظيم، أو تتعلق بالسلامة الإنشائية، أو تقع على الأراضي الزراعية أو المملوكة للدولة."



كما أكدت اللائحة التنفيذية لهذا القانون على ضرورة تقديم طلبات رسمية مدعومة بتقارير هندسية، وفحص فني دقيق للمخالفة قبل البت فيها.

ومن ناحية أخرى، يفرض قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 قيودًا صارمة على تنفيذ أو تعديل أي بناء بدون ترخيص رسمي. وقد ورد في المادة 38:

> "يحظر إنشاء المباني أو إقامة الأعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها بدون الحصول على ترخيص."



وهذه المنظومة القانونية تهدف إلى حفظ السلامة العامة، منع العشوائيات، وتنظيم عملية البناء بما يتناسب مع المخططات العمرانية.


---

ثانيًا: العراق – غياب قانون التصالح وفوضى عمرانية متراكمة

في المقابل، لا يمتلك العراق حتى الآن قانونًا خاصًا يُعالج مخالفات البناء بشكل مباشر، ما يترك فراغًا تشريعيًا يعوق السيطرة على التمدد العشوائي. وتقتصر الجهود القانونية على نصوص متفرقة، أبرزها:

قانون البلديات رقم 165 لسنة 1964 (معدل)، الذي ينص في المادة 39 على:


> "لا يجوز إنشاء أبنية أو تعديلها أو توسعتها أو ترميمها داخل حدود البلدية دون الحصول على إجازة بناء."



وكذلك قانون التخطيط العمراني رقم 56 لسنة 1971 الذي يخول الجهات المختصة صلاحية تحديد استعمالات الأراضي وتوزيعها وفقًا لمخططات مركزية.

أما على مستوى المعالجة الجزئية للعشوائيات، فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 320 لسنة 2019، الذي يسمح بـ"تقنين أوضاع بعض المناطق السكنية غير النظامية وتوفير الخدمات الأساسية فيها".


ورغم هذه النصوص، فإن افتقار العراق لقانون مشابه لقانون التصالح المصري يُضعف القدرة على تقنين الأوضاع أو ردع المخالفات، خاصة في ظل اتساع الأحياء العشوائية والنزوح الداخلي.


---

المسؤولية: تشاركية لكنها متفاوتة

من الناحية القانونية، يتبين أن مسؤولية معالجة مخالفات البناء تقع على عاتق الطرفين:

الدولة: من خلال إصدار تشريعات شاملة، تحديث المخططات العمرانية، ومراقبة التنفيذ عبر الأجهزة المحلية.

المواطن: عبر الالتزام بالقوانين، وعدم البناء دون تراخيص أو على أراضٍ محظورة كالأراضي الزراعية أو ملك الدولة.


لكن غياب البدائل السكنية، وارتفاع تكلفة الأراضي، ونقص التخطيط الحضري السليم يجعل المواطن في كثير من الحالات مضطرًا للمخالفة، وهو ما يلقي بظلال من الشك على عدالة تحميله المسؤولية منفردًا.


---

حلول قانونية وتنظيمية مقترحة

1. إصدار قانون موحد للتصالح في العراق يراعي خصوصية المناطق غير النظامية ويضع شروطًا للتقنين.


2. تعديل قوانين البناء في البلدين لتتضمن اشتراطات مرنة تستوعب الواقع السكاني.


3. إشراك المواطن في صنع القرار التخطيطي عبر المجالس المحلية أو الاستبيانات العامة.


4. استحداث هيئة عربية مشتركة للتخطيط العمراني لوضع معايير إقليمية موحدة.


5. تطبيق العقوبات تدريجيًا مع إعطاء مهلة للتقنين قبل الإزالة الفورية.




---

خاتمة: من النص إلى التنفيذ

تُظهر المقارنة بين مصر والعراق أن القانون وحده لا يكفي دون إرادة سياسية، وتمكين إداري، وتخطيط حضري مستدام. تبني تشريعات ذكية، وتفعيل اللامركزية، وتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والمصلحة العامة، كلها مفاتيح أساسية لإيقاف نزيف العشوائيات، وتحقيق الاستقرار العمراني.



#رحيم_حمادي_غضبان (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخلاق بين زمن العالم الرقمي والأزمنة السابقة
- الفساد الأداري بين الفجور والتقوى
- التسول بين الفرد والدولة ...
- عبق الماضي
- الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهوربة الصين ...
- الشارع التونسي والحركات الأسلامية المعتدلة بين الحقيقة والوه ...
- الصحافة .حارسة الحقيقة
- اللعبة الأقتصادية من يحركها ولماذا لايعيش البشر سواسيه؟
- بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدو ...
- جريمة القتل ظاهرة تنذر بالخطر وتشريعات تحتاج وجهة نظر
- هل يتحقق الحلم العراقي بالوصول مرة ثانية لكأس العالم بكرة ال ...
- التيار الصدري وتحديث بطاقة الناخب هل تلويح للمشاركة في الأنت ...
- خور عبدالله بين المد الكويتي والجزر العراقي
- الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة ال ...
- الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الأزمات المتجددة في الشرق الأوسط وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الهند والباكستان. تصعيد عسكري وتحذيرات نوويه
- السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم ...
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني


المزيد.....




- سكان غزة بين مخالب المجاعة: عشرات المطابخ المجتمعية تغلق أبو ...
- إسرائيل تغلق مدارس الأونروا في القدس الشرقية: مئات الطلاب إل ...
- منظمة دولية: أوكرانيا تحقق تقدما كبيرا في مكافحة الفساد
- والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع ال ...
- سلطات الاحتلال تغلق 6 مدارس لوكالة الأونروا في القدس المحتلة ...
- رغم الاعتراف بعدم وجود أدلة كافية.. إسرائيل تمدد اعتقال علي ...
- بريطانيا تشترط إجادة المهاجرين للغة الانجليزية للحصول على ح ...
- الأونروا: جوع لم يسبق له مثيل وغزة أصبحت أرض اليأس
- 9 إصابات برصاص الاحتلال واعتقال آخران في البلدة القديمة بناب ...
- رومانيا تحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي متهم بجرائم حرب إلى النيا ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - رحيم حمادي غضبان - السكن العشوائي ومسؤولية التنظيم مقارنة بين الواقع المصري والواقع العراقي