أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: العقل التنويري ودهشة المثقف/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري














المزيد.....

بإيجاز: العقل التنويري ودهشة المثقف/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


العقل التنويري ودهشة المثقف: بين المنطق وهاوية الهوية

- معطيات المقالة التعليمي والعلمي: سؤال المثقف: من أنت؟ كيف ولماذا؟

منذ القرن السابع عشر، أشعل الغرب الأمل في أن يكون العقل؛ مُستنير بنور المنطق الديكارتي، الأداةَ المثلى لفكّ ألغاز العالم والوجود. راهن ميراث التنوير، هذا المشروع العقلاني المُنظّم عالميًا، على الوضوح، والدليل، والموضوعية، كمساراتٍ لا جدال فيها نحو التحرر الإنساني. أصبح الفرد، المُسلّح بضميره المُتأمل، على حدّ تعبير كانط (1724-1804)()، أكبر سنًا منه، سيد العالم.

في هذه الأثناء، تأتي الحداثة المتأخرة وتعبيراتها الفنية والأدبية، مثل ("أليس في بلاد العجائب". 1865)() للكاتب الإنكليزي ويس كارول (1832-1898)()، لتذكرنا بضحكة غامضة، بين المرح والمأساة، بأن الواقع، بعيدًا عن كونه موضوعًا مقبولًا للمنهجية الكاملة، منسوجًا بالمفارقات، والانقطاعات، والعبثيات التي تتحدى القوالب العقلانية التي نحاول من خلالها أن نرويها.

المثقف، الشخصية النموذجية للوعي العابر، لا يسقط في عالم أحلام اليقظة فحسب، بل يلامس أيضًا انهيار المنطق الكلاسيكي، وانقلاب النسب، وانهيار اللغة كأداة تواصل لا لبس فيها. لا شيء في بلاد العجائب يخضع للتماسك الخطي لفكر التنوير. يجن جنون الحساب، ويصبح الزمن شخصية ثقافية ترفض اتباع المؤشر، وتتحرك المعاني برشاقة، ويتسرب الحس كالرمل بين الأصابع.

لكن التأثير الحقيقي ليس على فوضى العالم الخارجي. إنه في السؤال الذي يتردد صداه في الهواء الضحل، "من أنت؟"، سؤال طرحته "يرقة بركة السلطة" (مثقف السلطة)، لكنه يخترق العمل بأكمله كمرآة مكسورة لا يستطيع أليس التعرف على نفسه أمامها. هذا الاستجواب، على الرغم من بساطته، يمتلك عمقًا سحيقًا لتحدٍّ وجودي. أمامها، ينهار الإيمان بـ"الأنا" كجوهر ثقافي، كجوهر مُنير واضح ومتميز. عادة ما يتردد المثقف، ويهذي، ويشك، وفي هذا التردد تنبثق دراما التميز الإنساني في الخطاب والموقف، بمعنى: دراما الهوية؛ التي يتلاشى في اللحظة التي يبحث فيها عن مسمى. هذا الانهيار للعقل والهوية عند المثقف العضوي يستبق، بقوة رمزية، ما ستطوره فلسفة القرن العشرين بدقة تحليلية، ونقد مفهوم التمركز حول أدوات ومصادر الذات الفاعلة، وإدانة قيود اللغة اللفظية كنظام تمثيلي، وإدراك أن العالم لا يستسلم بسلام للعقل الأداتي. سيُظهر هايدغر(1889-1976)() أن الوجود الثقافي قد أُلقي في عالم لم يختره، حيث يُبنى المعنى دائمًا في ضوء الزمن والمعاناة. سيكشف الذوبان أن كل معنى غير مستقر، مؤجل، مُؤجل باستمرار. سيُفكك فوكو(1926-1984)() الذات الثقافية كمنتج لخطابات وأساليب تاريخية.

أليس، إذن، ليست مجرد شخصية طوباوية ثقافية في عالم مسحور. إنه رمز الحداثة الحائرة، والضمير المحطم أمام الواقع الذي لا يُترجم. وسؤال "المثقف من أنت؟" هو نفسه الذي يعود. مرددا. صداه دائما. عندما يستسلم منطق الحياة اليومية لغرابة العالم، عندما يدرك أن الفئات التي يحاول من خلالها فهم الحياة هشة كأوراق اللعب أمام حافة الوجود.

إن حلم الشمولية الثقافية التنويرية، حيث يُفهم العالم ويُسيطر عليه ويُروّض، يُغرق سفينته في بحر اللغة الشعرية. والاستعارة. والغموض؛ الذي يُبدعه الأدب. ومثله المثقف، لا يُطرد من العقل، بل يُدعى إلى تجاوزه، مُدركًا أن في الرهبة حكمة أكبر من اليقين، وفي الشك حقيقة أكبر من الدليل.

بهذا المعنى، المثقف ينظر إلى العبث ليس انحرافًا، بل كشفًا. يُظهر له أن العالم ليس غريبًا فحسب، بل أنه من الغرباء عن العالم وعن نفسه. ولعل نضج الوعي لا يكمن في الإجابة بثقة عن هويته، بل في صمت هذا السؤال وسط متاهة الدوار.

لأنه ربما يكون الأمر الأكثر إنسانية هو الاستمرار في السؤال، حتى عندما لا يكون هناك سبب متبقٍ لوعدنا بالإجابة. إن شئتم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 04/25/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دونالد ترامب واستراتيجية فضيلة الفوضى الخلاقة/ الغزالي الجبو ...
- إضاءة: سحرية منطق الفن الأدبي الإبداعي/إشبيليا الجبوري
- تَرْويقَة: -ذكرى-* لريناتا فيغانو
- دونالد ترامب واستراتيجية فضيلة الفوضى الخلاقة/ الغزالي الجبو ...
- هل -سيفكك- ترامب الولايات المتحدة؟/ الغزالي الجبوري - ت: من ...
- بإيجاز: 23 أبريل اليوم العالمي للكتاب/ إشبيليا الجبوري
- تَرْويقَة: -رسالة القبطان-* لبابلو نيرودا
- إضاءة: -فاوست- ليوهان فولفغانغ فون غوته /إشبيليا الجبوري -- ...
- إضاءة: رواية -الحرير- لأليساندرو باريكو/إشبيليا الجبوري - ت: ...
- مراجعات: مراجعة كتاب: أزمة العلوم الأوروبية والظاهراتية المت ...
- تَرْويقَة: -هناك قلوبٌ ضائعة-* لروبرتو خواروز- ت: من الإسبان ...
- تَرْويقَة: -لن نهيم مرة أخرى-* للورد بايرون
- -البنوك هي الكنيسة الجديدة-/ بقلم جورجيو أغامبين - ت: من الإ ...
- إضاءة: سينما/ الدكتاتور و وزير الغواية/إشبيليا الجبوري -- ت: ...
- إضاءة: سينما/ الدكتاتور و وزير الغواية/إشبيليا الجبوري - ت: ...
- بإيجاز: متلازمة راسكولينكوف/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابان ...
- تَرْويقَة: -في يوم من الأيام-* لإلفونسينا ستورني- ت: من الإس ...
- بإيجاز: رمزية الكهف الأفلاطوني/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليا ...
- بإيجاز: الشاعر كائن قلق/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أ ...
- تَرْويقَة: -الحضور الثالث للحب-* لغابرييل غارسيا ماركيز- ت: ...


المزيد.....




- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...
- كتاب -رخصة بالقتل-.. الإبادة الجماعية والإنكار الغربي تحت مج ...
- ضربة معلم من هواوي Huawei Pura 80 Pro.. موبايل أنيق بكاميرات ...
- السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزا ...
- الرِّوائي الجزائري -واسيني الأعرج-: لا أفكر في جائزة نوبل لأ ...
- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - بإيجاز: العقل التنويري ودهشة المثقف/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري