أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - العلامة -المتبصر-‏














المزيد.....

العلامة -المتبصر-‏


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8019 - 2024 / 6 / 25 - 04:55
المحور: الادب والفن
    


قامة ربعة، جسم دحدح، يسير مباعدا بين رجليه ليخفف من احتكاك فخذيه، لا تفارق الابتسامة وجهه المستدير ككرة قدم مهترئة ‏محشوة بالخرق.‏
إذا سئل عمن يكون؟، يجيب مصدِّراً تعريفه ب: "العلّامة ...." وستدفعك الدهشة التي أصابتك لتعاود تدقيق النظر في وِزْرَته ‏البيضاء التي توهمك بخروجه للتو من مختبر علمي تفتقده المنطقة. ولكن الوزرة تبدو مهترئة بفعل الزمن، وكثرة الغسل، لأنها ‏‏"أداة" الشغل الفريدة التي يملك. تقترب من مستوى النظافة لولا بعض البقع التي ترصّعها هنا وهناك، وخاصة قرب الجيوب.‏
التفت إلى مخاطِبٍ له ونهَره بشدة، لأنه ناداه باسمه مجردا. وذكّره "بوجوب احترام اللقب".‏
لم أجرؤ بعد هذه "الغضبة" على سؤاله عن مجال نبوغه واستحقاقه لوصف لا يتطابق مع المظهر.‏
ابتعدت والحيرة ترافقني، وعشرات الأسئلة تطاردني. اقتعدت كرسيا بمقهى شعبي. قال زبون للنادل: " ... بشرط أن تحضره من ‏عند العلامة".‏
ولم يغب النادل طويلا حتى عاد ووضع أمام الزبون براد شاي وخبزا وطبق بيصارة يتصاعد بخاره، يرصعه زيت زيتون ونثار ‏كمون. بعد انتهاء الزبون من التهام طعامه بلذة وعشق .. قلت له:‏
هنيئا .. اعذرني إن كنت فضوليا، سمعتك تذكر لقب "العلامة" فهل من توضيح.‏
قال الزبون: في كل مجال، فوق كل ذي علم به عليم، وكل مَن تخصص في مجال معين، تغيب عنه مجالات أخرى، قد يمتلك ‏شجاعة الإقرار بجهله ببعضَها ـ فقط ـ باعتبارها ـ بالنسبة إليه ـ ترفا أو مضيعة للوقت. وكم من مجال معرفي غير معروف إلا ‏عند من يشتغل به، بينما الأغيار جاهلون له. وهذا يدعي أنه أيضا صاحب اختصاص في معرفة "أسرار" البيصارة، من حبة ‏الفول حتى تقديم الطبق. ولا أحد يجاريه في الإلمام بتفاصيل هذا المجال. ‏
وقبل أن يسترسل في حديثه، مر بقربهم "العلامة" يقود شحاذا أعمى نحو "مطعمه" ليطعمه من بيصارته. مازحه الزبون .. فبدا ‏كأن جسده سيرقص من كلامه السريع المتلاحق المحفوظ الموزون .. يتدفق من "موسوعته" فيض حديث عن مزايا البيصارة ‏تبعا لأنواع الفول وأصنافه، ومناطق زراعته المختلفة، ومعالجته قبل الطبخ أو بعده، والتوابل المرفقة به، ... ‏
وختم: ليس لدي متسع من الوقت، وإلا حدثتك عمن أكلوا بيصارتي من كبار الشخصيات، من نقابيبن وسياسيين وفنانين ‏ورياضيين ...، منهم الذين ما زالوا أوفياء لي، ومنهم من بدلتهم "الظروف" فجحدوا ماضيهم وتنكروا له، كأنه وصمة عار في ‏‏"سيرتهم النضالية". وهناك زبناء وزبونات لا أعرفهم، يأتيني سواقهم في سياراتهم الفارهة، يطلبون بيصارتي. فأملأ أوانيهم.‏
شاكشه فتى كان يمرّ بقربه في هذه اللحظات: عمّا قريب ستصدرها إلى سكان القطب الشمالي معلبة جاهزة. ثم أطلق رجليه للريح.‏
أتبعه حفنة تراب لما لم يجد حجرا قرب رجليه ليقذفه به. أزبد وأرغي وهو يكيل له شتائم "مهذَّبة". وضع يده في يد الأعمى ‏وانطلق معه، وهو يتوعّد كل ساخر من قَدْر "العلامة" وقِدْر بيصارته، بالحساب العسير، وسوء المصير، وعذاب السعير. ‏والأعمى يؤمّن على ما يقول.‏



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحترَم، مقيما وغائبا
- جذور
- مزج -المقدس- -بالمدنس-‏
- ذباب ابن حُريْرة
- رباعيات (10/10)‏
- رباعيات (9/10)‏
- رباعيات (8/10)‏
- رباعيات (7/10)‏
- رباعيات (6/10)‏
- رباعيات (5/10)‏
- رباعيات (4/10)‏
- رباعيات (3/10)‏
- رباعيات (‏‎2‎‏/10)‏
- رباعيات
- السيد صَهْ صَهْ
- اعتقال الموتى
- باب البغاء
- تعليل
- تلقين تاريخي
- التهاني بين الأمس واليوم


المزيد.....




- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...
- في روايته الفائزة بكتارا.. الرقيمي يحكي عن الحرب التي تئد ال ...
- في سويسرا متعددة اللغات... التعليم ثنائي اللغة ليس القاعدة  ...
- كيت بلانشيت تتذكر انطلاقتها من مصر في فيلم -كابوريا- من بطول ...
- تظاهرة بانوراما سينما الثورة في الجلفة بطبعتها الثانية
- -بطلة الإنسانية-.. -الجونة السينمائي- يحتفي بالنجمة كيت بلان ...
- اللورد فايزي: السعودية تُعلّم الغرب فنون الابتكار
- يُعرض في صالات السينما منذ 30 عاما.. فيلم هندي يكسر رقما قيا ...
- -لا تقدر بثمن-.. سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر في باريس ...
- رئيس البرلمان العربي يطالب بحشد دولي لإعمار غزة وترجمة الاعت ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - العلامة -المتبصر-‏