أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - صانع الغزالة














المزيد.....

صانع الغزالة


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7940 - 2024 / 4 / 7 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


صانع (الغزالة) الكلاسيكي يفكر بشكلها، ويحاول أن يصوغ جمالها حسب الذوق الكلاسيكي الذي يريدها قوية نحيلة ورشيقة، لها عضلات متناسقة تعكس قوتها وسرعتها. فروها ناعم ولامع ويمكن أن يتنوع في الألوان، مما يجعله جميلاً ومثيراً للإعجاب.
بينما صانع (الغزالة) المعاصر، يفكر بابتكار واحدة تستطيع أداء عدة وظائف معاً، الوظيفة البيولوجية المخصصة لها (الرعي والوقوع فريسةً ، واللحم اللذيذ) ، ووظيفة بيولوجية إضافية مقترحة (القتال إلى جانب الفراشات، وتسميم الملوك ذوي البطون ) ، والوظيفة الجمالية (تشبيه المرأة بها) ووظيفة جمالية مدهشة إضافية (رمزٌ تائه/مجازُ صوفي في لوبانه/ خيال حيوان منقرض / الطبيعة المستنزفة)
وهو في سبيل ذلك يمزج بين الرؤيا الكلاسيكية والرؤيا المعاصرة التي تضيف وتحذف شروطاً معينة من كود الإنشاء /الخَلْق الكلاسيكي ، فتجعل جلد الغزالة مثلاً موسوماً بنعومته ومتانته ، وبعضّات النمور القديمة . وقد يكون محمّر اللون أو في لون رمل الصحراء ، منقّطٌاً بنجوم صغيرة ، ولا بأس أن يشبه إحدى لوحات فان غوغ.
ويهدي ميدالية العدو لسيقان الغزالة النحيفة الرشيقة . والتي قد تكون مغطّاةً بفرو ناعم وقد تكون مزينة بنقوش طبيعية تميّزها وتضيف لجمالها. وقد تكون مرصّعة بأحجار نيزيكية، وقلائد سحرية.
أما قرون الغزالة المستحدثة، والتي هي جزء هام من جمالها وأناقتها، فتكون عادةً صغيرة ورفيعة، تتفرع من الرأس كأهلّة عيد. تتميز بصلابتها ، وتختلف أحجامها وأشكالها بين الغزلان المختلفة حسب النوع والعمر. ويمكن أن تستخدمها الغزالة في الدفاع عن نفسها أو في طعن ظلال الصيادين، وخوض معارك حيوانات الغابة ضد عفاريت المياه.
إنه خلق كلاسيكي/جديد!
عينا الغزالة تدوران في محاجر السماء العسلية
القرون امتداد لشرايين قلبها المضطرب
تنير الدماء دروب القطعان بنورها الساطع.
تسير بخفة على وتر الهواء،
تنغمس في العشب بكل طراوة .
فراؤها الناعم ، معاطف رجال البورصة ،
يحكي قصةً من حكايات الجمال الأزلي
والاستعباد والاستعمار
أغنية الغزالة ترتسم على شفاه العشاق
وعازفي البيانو المشردين
أيتها الغزالة !
اذهبي لصيد الشعراء
فقد شبعنا من آثار خطواتهم الكلسية خلفك.
****
لم يعد التفكير بالشكل ( المقدس) هاجساً ، سوى لمنتجي النمط الكلاسيكي (في الأحذية مثلاً !) ، وفي الأدب أيضاً. فأن تعيد إنتاج أحمد شوقي فهذا ليس أدباً جميلاً، وليس أدباً مقنعاً للروح الانسانية المعاصرة ، والتي قرأت شعراً لاحقاً حداثياً لمرحلة (أمير الشعراء)
وأن تعيد إنتاج درويش الحداثي، فهذه كلاسيكية أيضاً ، لأنك تستخدم ذات المواصفات ، ولا تقترح مواصفات جديدة تهم القارئ.
والغرابة في هذا الموضوع ، هو مهاجمة الكلاسيكيين لمنجزات الحداثة. هم يعتقدون بطريقة غريبة أن الأحذية التي كان الآباء يرتدونها هي الأجمل والأقوى، ويرفضون شراء حذاء بتصميم جديد طري لأقدامهم المتورمة.
والأغرب هو أن هؤلاء لم يقرأوا التراث الأدبي الكلاسيكي بوجهة نظر محايدة، ولم يصادفوا تلك النصوص الشعرية أو السردية التراثية المبهرة ، والتي هي تحقق شروط الكلاسيكية والحداثة معاً.
إن كل نص أدبي جميل /بالضرورة النقدية والشعربة التاريخية/ لا يقبل التصنيف وفق الشكل.
هو جميل ليس لأنه يشبه حكايا الجدات..
وليس لأنه في فخامة شعر المتنبي
وليس لأنه يقارب اللغة كصديق حميم!
هو جميل لأنه خارج عن سلطة الزمن، هو نص يقدم اقتراحه الكلاسيكي - الحداثي الخاص .
وكل محاولات التأطير بالشكل المستمرة في المشهد الثقافي العربي المعاصر مؤسفة. فهي لا تنظر إلى جوهرية النص. وقدرته الكامنة على تجاوز شرط الشكل السقيم.
***
يعجبني ما يرتديه بعض المعاصرين الواثقين من إبداعهم النوعي مثل بعض نجوم السينما أو الشعراء أو المخرجين أو الروائيين أو الرسامين.
فهم يرتدون زياً كلاسيكياً أنيقاً، بتصميم حديث شجاع. وتحته يظهر حذاء كاجوال casaul أنيق، لا شك بمواصفاته المريحة وجماله المستدام.
وتعجبني قصيدة "الغزال" للشاعر السوري صقر عليشي، والتي فيها شَرّد البحر الطويل ، ووزعه على جنبات القصيدة كمناطق رعي لذلك الغزال الشعري/الرمزي /الحسي الذي أحسن ابتكاره.
غزال المعاني مرّ من بعد غيبتِهْ
يوزع عن يسراه زهواً ويمنتهْ
أطلّ وخلى الغيم خلفيةً له
وحث طيوراً للدخول بلوحتهْ
ويلبس جلدَ البرق لم يلق غيرهُ
يناسب في هندامه وأناقتهْ
يمدّ فضاءً للخيالِ
لينتشي
ويسحبُ متنَ القولِ
نحو استعارتهْ
له الآن أن يخلو
إلى ما ورائه
ويجلو خفاياه
بمرآة وحدتهْ



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آنا سارسكا والزرافة
- بعيداً عن الشكل
- سنة طحينة مباركة للجميع
- رحلة زمنية
- عن الشوكلاه والذات والصداقة
- فخ الأسماء
- النص المقدس
- بخاخ أنف للحياة
- عن الهوية السائلة
- اللغة بيت الموت
- الحرب!
- يوم خميس تفجيرات أصابع نوبل
- الموت الرحيم في هولندا
- آنابيل
- الخزانة القديمة
- لا أحب النكات عن حمص!
- تقنية الشعر
- ثقافة الاغتصاب
- النعيم
- ذبابة الجندي الأسود ، صديقتي الجديدة


المزيد.....




- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - صانع الغزالة