أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - الموت الرحيم في هولندا














المزيد.....

الموت الرحيم في هولندا


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7757 - 2023 / 10 / 7 - 14:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1-تمنح الحكومة الهولندية مواطنيها ثلاثة حقوق صحية مهمة وفريدة. حق الموت الرحيم، حق الانتحار الرحيم، وحق عدم الإنعاش القلبي الرئوي.
يستطيع جميع السكان إختيار الحق الأول أو الثاني بالاتفاق مع طبيب العائلة، وضمن شروط طبية في غاية الصرامة . بينما يستطيعون اختيار الحق الثالث بشكل شخصي أحياناً دون موافقة طبيب العائلة.
2-الغاية من هذه الحقوق هي تخفيف الألم والمعاناة بسبب الأمراض الخطيرة ، والتي لا يوجد علاج فعال لها، أو علاج تلطيفي دائم. إنها حقوق ترى أن الحياة ونوعية الحياة أمران مهمان معاً، وترى أيضاً أن الإنسان قادر على تحديد نهايته فلسفياً إن خانه الجسد بطريقة كارثية.
3- بغض النظر عن الارتباكات الأخلاقية والانتهاكات التي تسبب بها هذه الحقوق ، فإنها في جوهر التشريعات العلمانية التي لا ترى أي دور للمعتقدات الدينية في تحديد شكل وجوهر الحريات والحقوق الإنسانية .
وهي كذلك تعبير سامق عن أصالة الحريات الممنوحة للإنسان.
4- كثير من دول العالم لا توافق الحكومة الهولندية على هذه القوانين. وهذا ما جعل هولندا مقصداً لسياحة الانتحار الرحيم لأشخاص أزرى بهم الألم وفتت عظامهم وقبل ذلك أرواحهم.
5- الألم والمعاناة لدى أصحاب المعتقدات الدينية وسيلة تطهيرية من الآثام ، كما هي اختبار وابتلاء من الرب للفوز في العالم الآخر بالجوائز الموعودة أو إتقاء للعقاب.
غير أن الأمر مربك أيضاً ، فالظن الشعبي أن من تألم وعانى ومات فهو ذو حظ سعيد لأنه تعرض لاختبار وابتلاء دنيوي من الرب . ومن عاش سعيداً ومات دون معاناة أو ألم فهذا يعني أن الرب شمله بعطفه ومحبته ووفر عليه الشقاء.
وهذا هو السبب الوحيد الذي يجعل القناعات الدينية مريحة للإنسان، فهي تكفيه عناء الجدال والنقاش وتقدم له أجوبة مرضية في كل حالة.
6-خلال التفشي الكبير لكوفيد19 في هولندا، قام الكثيرون من ذوي الأعمار المتقدمة بإعلان رغبتهم في عدم الإنعاش. وذلك تحسباً من البقاء على قيد الحياة بعد الإنعاش وهم في حالة جسدية مزرية جداً ، موصولين إلى أنابيب التنفس والتغذية.
٧ أليس من الممكن التوفيق بين خيار إنهاء الحياة الطوعي وبين المشيئة الإلهية؟
ألا يكفي أيضاً أن يختار الإنسان صاحب المعاناة الشديدة إنهاء حياته لكي يظل مديناً لربه بالشكر والفضل ، وليس بالتساؤل والحيرة وربما بالجحود ، فمحنة الألم غير المبرر مطحنة حواس وعقل ولا تترك خلفها سوى الشكوك.
8- ليست هذه الحقوق الصحية طارئة ، وليست وليدة الثقافة الغربية المعاصرة. هي تظهر تاريخياً عبر ثقافات مختلفة .
وقد ناقشها مثلا أفلاطون في جمهوريته. يذكر أفلاطون أن المرضى غير القادرين بسبب معاناتهم على عيش حياة طبيعية، لا ينبغي أن يتلقوا علاجًا لإطالة العمر. من الواضح أن أفلاطون يعارض القتل الرحيم النشط لكنه يقبل القتل الرحيم السلبي.
وهي ظاهرة مستمرة الحضور لأنها نزوع طبيعي إنساني للحياة الكاملة. وهذا المفهوم يشمل صحة الروح وصحة الجسد.
وما تفتقده الثقافة العربية المعاصرة هو أطروحة شاملة حول هذا الموضوع ، وبالتأكيد عن تاريخ أخلاقيات الطب الدينية بشكل عام. وتتبع تطور وجهات النظر الديانات السماوية الثلاثة المهيمنة على الضمير الجمعي، حول المشاكل الطبية والأخلاقية من العصور القديمة إلى يومنا هذا. ومناقشة المواضيع الحساسة كالإجهاض ، والتلقيح الاصطناعي، وتحديد النسل، والقتل الرحيم، ، وتحسين النسل، والتعقيم، والموقف من الشفاء بالإيمان والمعتقدات الطبية غير العقلانية.
9-"عايشين من قلة الموت"
تُردَّد هذه العبارة في البلاد العربية. وهي تحمل حقيقة مأساة وجودية كبيرة. ويكاد صدر قائلها أن يتفجر بالقهر والغضب المكظوم والاحتجاج على شروط حياته المعاصرة، بشقيها المادي والروحي.
أي خطاب عقلي أو عاطفي أو علمي أو عقائدي لا ينحني خشوعاً أمام تلك العبارة؟
ولماذا لا تتحول إلى سؤال استفهامي استنكاري ، يطال كل شيء ؟
أليس تأكيد فيلسوف القرن التاسع عشر آرثر شوبنهاور جميلاً وصحيحاً : "من الواضح تماماً أنه لا يوجد شيء في هذا العالم يمكن لكل إنسان أن يتمتع فيه بحق أكثر من حياته وشخصه".
الجواب عند المستفيدين من انتشار الفكر الغيبي المريح والممتع للجميع، مثل حساء ساخن في ليلة برد الوجود.



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آنابيل
- الخزانة القديمة
- لا أحب النكات عن حمص!
- تقنية الشعر
- ثقافة الاغتصاب
- النعيم
- ذبابة الجندي الأسود ، صديقتي الجديدة
- كيف تغير عقلك؟
- العبور
- اللامنتمي
- رحلة في قطار الغرب السريع
- قلة أدب بيئية!
- عن الشعر والموت
- 20 سنت أو سنة
- قانون نيوتن الثالث- الأم والتابوت
- (نص في موقف الاقتباسات والاعتقادات )
- أستقلّ طائراً
- المحقق مونك Monk
- مرقاب الشِّعر
- مشهد مسرحي


المزيد.....




- مع بدء الانتخابات.. المسلمون في المدينة المقدسة بالهند قلقون ...
- “سلى أطفالك واتخلص من زنهم” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الج ...
- جونسون يتعهد بـ-حماية الطلاب اليهود- ويتهم بايدن بالتهرب من ...
- كيف أصبحت شوارع الولايات المتحدة مليئة بكارهي اليهود؟
- عملية -الوعد الصادق- رسالة اقتدار وردع من الجمهورية الإسلامي ...
- تردد قنوات الأطفال علي جميع الاقمار “توم وجيري + وناسة + طيو ...
- -بالعربي والتركي-.. تمزيق 400 ملصق للحزب الديمقراطي المسيحي ...
- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسان الجودي - الموت الرحيم في هولندا