أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - بخاخ أنف للحياة














المزيد.....

بخاخ أنف للحياة


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7785 - 2023 / 11 / 4 - 22:59
المحور: الادب والفن
    


قالت لي الطبيبة في الزيارة الأخيرة:
"يبدو أن لديك حساسية أنفية مزمنة".
وصفت لي بخاخ للأنف "هيدروكورتزون" ونصحتني بتحنب مثيرات التحسس .
وضعت خطة لتجنب جميع الأماكن التي تسبب لي التحسس، وفوجئت بعد التفكير والتدبير باكتشاف أن جميع الأبنية في البلدة تصيبني بالمرض.
حتى ذلك المطعم اليوناني الظريف في الساحة قرب الكنيسة يصيبني بالعطاس، بسبب شجيرات الزيتون المزروعة حوله.
وجدت في الحقيقة سبباً لحساسيتي في كل مكان على حدة. سوبر ماركت " زينوس " مثلاً يسبب لي الحساسية بسبب رائحة الشموع المعطرة.
سوبر ماركت البرت هاين ، بسبب مرطبات الخضار والفواكه التي تطلق نفثات من بخار الماء المخلوط ببعض المواد الكيماوية.
الكنيسة مثلا، بسبب وجود محل في أحد مداخلها لتجارة المستعمل من الألبسة والأحذية.
البلدية بسبب وجود مجرى ماء صغير آسن قربها.
أحصيت عشرين مكاناً مختلفاً وعشرين سبب مختلف يصيبني بالحساسية.
كان أمراً غريباً أيضاً ، حين ذهبت لرؤية صديق قديم في أمستردام. فمنذ خروجي من محطة القطارات ، بدأت أشعر بحكة شديدة في فروة رأسي وفي عيوني المحمرة .
رافقتني أعراض الحساسية حيثما ذهبت، في ساحة "الدام"، وفي شارع التسوق، وفي ذلك المطعم الجميل الصغير حيث تناولت البتزا مع صديقي القادم من ألمانيا.
سأكتشف فيما بعد ، أنني أصاب بالحساسية في "أوترخت " حين زرت معرض الكتاب، وفي "لاهاي" حين دعيت لالقاء محاضرة علمية.
وسأكتشف مصادفة أن وجودي في الهواء الطلق هو الذي يسبب لي العطاس والحكة أكثر من وجودي في الأمكنة المغلقة.
ذهبت إلى شاطئ البحر، رغبت في ملامسة جلدي للهواء البارد لإطفاء تلك الحرائق التي أشعر بها.
لم ينفعني هذا في شيء!
وقفت طويلاً على الشاطئ وحدي. كان يوماً من أيام اوكتوبر الباردة. تأملت الأفق البعيد، وخيل لي رؤية كرة ضخمة من الدخان تتقدم نحو الشاطئ .
تأكدت من صحة ما أراه، راقبت السحابة الهائلة التي تسوقها ريح مخالفة لاتجاه الرياح السائد.
ثم طوقتني فجأة ، تلك الرائحة النافذة التي عرفتها قديماً في عام ٢٠١٢ رائحة القصف ، وهبوط الأبنية وتدمير الأحياء .ورائحة رعب الأطفال، وصراخ الجميع، ورائحة الموت الزنخ الذي يرش سمومه وحرابه وقنابله في جسد المدينة المطمئن وقراها المسالمة.
ظهرت فطور حمر فوق جلدي، لم أستطع التنفس.
تكورت على نفسي في الشاطىء، ومنذ لحظتها لم أفكر أبداً بأسباب مرضي.
كان مرضي هو الهواء الذي أتنفس، كان وجودي هو سبب مرضي ، ولن أسلم منه حتى لو هاجرت عبر المحيطات ، أو رجعت بعربة الزمن .



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الهوية السائلة
- اللغة بيت الموت
- الحرب!
- يوم خميس تفجيرات أصابع نوبل
- الموت الرحيم في هولندا
- آنابيل
- الخزانة القديمة
- لا أحب النكات عن حمص!
- تقنية الشعر
- ثقافة الاغتصاب
- النعيم
- ذبابة الجندي الأسود ، صديقتي الجديدة
- كيف تغير عقلك؟
- العبور
- اللامنتمي
- رحلة في قطار الغرب السريع
- قلة أدب بيئية!
- عن الشعر والموت
- 20 سنت أو سنة
- قانون نيوتن الثالث- الأم والتابوت


المزيد.....




- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - بخاخ أنف للحياة