أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - القناعة كنز لا يفنى؟!














المزيد.....

القناعة كنز لا يفنى؟!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 7896 - 2024 / 2 / 23 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


:
الأمثال والحكم انعكاس للبيئة التي تنشأ فيها. لذا نجد في أمثالنا وحِكمنا الشعبيّة ما لا يستحقّ حفظه وترديده. ماذا نتوقّع من شعب عانى الفقر والجهل قرونا طويلة؟ يكفيه ما لاقاه تحت حكم بني عثمان الجاهل الجائر. أربع مئة سنة حكمنا بنو عثمان، باسم الدين، فأشاعوا فينا كلّ العيوب: الفقر والجهل والسلبيّة بتسليم أمورنا للأيّام.
وإلا فما معنى "اليد التي لا يمكنك كسرها قَبّلْها"؟ هل يرضى اليوم مَنْ في رأسه ذرّة عقل بهذا القول الخانع المتخاذل؟! ومثله كثير طبعا. كلّ "حِكمة" ورثناها من السلف لا بدّ فيها مِن إعمال المنطق المعاصر: نقبلها إذا لاءمتْ ظروفنا اليوم، ونرفضها إذا حملتْ قِيما قديمة بالية.
ثمّ إنّ الحكمة المقبولة أيضا قد تلائم ظرفا ولا تلائم غيره. ليستْ هناك حكمة مطلقة، تصلح لكلّ مكان وزمان. لا ننسَ أنّ الحكايات تحكمها عادة المبالغات و"النهاية السعيدة". حكايات كرم"حاتم الطائي" من هذه المبالغات طبعا. و"ضيافة بدوي" للحطيئة مثلها، وأكثر تطرّفا. إذا زارني أحدهم، وفي بيتي الطعام، أستقبله على الرحب والسعة. وإلا فإني أقدّم عذري، ولا بدّ له من قبوله مقدّرا شاكرا!
والقناعة؟ قيمة حميدة. لكنّها لا تصحّ في كلّ زمان ومكان.إذا كان جاري اغتنى على حسابي، نتيجة استغلالي، فهل أقبل ظلمه واستغلاله متلفّعا بحكمة السلف- "القناعة كنزلا يفنى" ؟حتى "أطيعوا أولي الأمر منكم" لا أقبلها إلا إذا كان "أولو الأمر" هؤلاء يعملون لما فيه مصلحتي ومصلحة جاري!
قرأتُ في أحد المواقع مؤخّرا مقالة طويلة عريضة خلاصتها الحثّ على التزام "القناعة والقبول"! تذكّرت نصّا في كتاب القراءة للصفوف الإعداديّة، عن الصيّاد شبه العاري يدخل على قصرغنيٍّ ، ليبيعه سمكة وحيدة كان اصطادها في شبكته طوال ذاك الصباح، مُعربا عن سعادته القصوى بالفقر والعري والقناعة. بل إنّ الغنيّ يغبطه على حياته تلك!
ليست هناك قيمة مطلقة إذن. الكرم سجيّة رائعة، والقناعة مثله. لكنّ ما يصلح في ظرف لا يصلح في كلّ ظرف. في رائعة الجواهري "أبو العلاء المعرّي" يعرض النجفيّ الثائرللقِيم، فيبيّن لنا أنْ ليستْ هناك قيمة مطلقة. ليستِ القناعة ولا الصبر، ولا غيرهما منَ المثل العليا أو "المثل الدنيا" باُسلوبه، التي يشيعها الأُدباء أعوان الحاكم الجائر، فيتبنّاها كثيرون مِن أبناء الشعب – ليستْ تلك قيمًا مطلقة لا يجوز رفضها في أيّ ظرف، أَو مناقشتها حتى:
وَإنْ صَدَقْتُ فَما في الناسِ مُرْتّكِبًا / مِثْلُ الْأديبِ أَعانَ الْجَوْرَ فَارْتَكَبا
هذا الْيَراعُ، شَواظُ الْحَقّ أَرْهَفَهُ /ِ سَيْفًا، وَخانِعُ رَأْيٍ رَدَّهُ خَشَبا
وَرُبَّ راضٍ مِنَ الْحِرْمانِ قِسْمَتَهُ / فَبَرَّرَ الصَّبْرَ وَالْحِرْمانَ وَالسَّغَبا
أَرْضى وَإنْ لَمْ يَشَأْ، أَطْماعَ طاغِيَةٍ / وَحالَ دونَ سَوادِ الشَّعْبِ أَنْ يَثِبا
وَعَوَّضَ النّاسَ عَنْ ذُلٍّ وَمَتْرَبَةٍ / مِنَ الْقَناعَة، كَنْزًا مائِجًا ذَهَباِ
جَيْشٌ مِنَ الْمُثُلِ الدُّنْيا يَمُدُّ بِهِ / ذَوو الْمَواهِبِ جَيْشَ القُوَّةِ اللَّجبا

[ "كتاب الشذرات" 2020 ، ص. 82 – 83 ]



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تصير في هذه الأيام، أديبا مرموقا، وبأقل جهد ؟!
- -الجمرة- المتّقدة على الذوام في شعر الجواهري
- حِكَم من الحياة والتراث!
- من الحِكم الخالدة للشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعَرّي ( 973 ...
- الذئبُ ذئب!
- رجل -حمل السلّم بالعرض- فسبق عصره!
- صلاح جاهين، شاعر الثورة الناصرية (1986-1930)
- التوأم المدهش : نجم وإمام
- يرم التونسي
- المقوّمات الفنّيّة في شعر الأطفال
- الرحيل الافتراضي!
- الحلّ التاريخي؟!
- السهل الممتنع
- كرة القدم - مرض؟!
- الشقّ الآسيوي الإفريقي!
- عن التاريخ الشفهي!
- حِيَل الجواهري الشعرية!
- دولة ديمقراطيّة؟!
- هويّة حمراء؟!
- من أخطاء المطربين!


المزيد.....




- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - القناعة كنز لا يفنى؟!