|
المقامة الغزّاوية ( 2 )
علي فضيل العربي
الحوار المتمدن-العدد: 7889 - 2024 / 2 / 16 - 22:48
المحور:
الادب والفن
حدّث أيّوب بن أيّوب الغزّاوي ، قال : و أمّا ما جرى في السابع من أكتوبر 2023 لميلاد المسيح عليه السلام ، و للسنة السبعين عن النكبة الكبرى و فضيحة التقسيم ، فأمر عجيب ، لم يكن ينتظره عدوّ و لا صديق ، و لم نقرأ عنه في كتب اليونان و صحائف الرومان ، و لا فلسفة أرسطو و سقراط و أفلاطون و لا في قصص الف ليلة و ليلة ، و لا في إلياذة هوميروس و لا في كوميديا أليغري دانتي و لا في حكايات ( بقديدش و الغولة ) * . فقد أصاب قوم الصهاينة العمى في الأبصار و البصائر ، و تحقّق فيهم قوله تعالى : " و جعلنا من بين أيديهم سدّا و من خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " ( يس / 9 ) **. فكان مثلهم كمثل كفار قريش في مكّة في ليلة الهجرة المباركة . فقد حلّق شباب غزة فوق غلاف غزّة كطيور الأبابيل و رمت الصهاينة الغزاة ( بحجارة من سجيل ، فجعلتهم كعصف مأكول ) *** . لقد غزا شباب غزّة العزّة غزوتهم الكبرى ، فعبروا جدارهم الأسمنتي ، الشائك ، المكهرب ، المرصّع بعيون كاميرات المراقبة و الجوسسة ، فوجدوا قوما ظالمين ، و في لهوهم غارقين ، فآسروا منهم خلقا كثيرا ؛ من الذكور و الإناث ، و الكبار و الصغار ، و ساقوهم إلى قلب غزّة صاغرين . و أخبروهم ، أنّهم ضيوفهم إلى حين ، و ما ضربوهم و لا أهانوهم و لا عذّبوهم و لا نكلوا بهم ، بل آووهم و أطعموهم و عالجوا جراحهم و أمّنوهم ، كما أمّنوا أنفسهم ، و دعوهم إلى الإسلام ، دين المحبّة و السلام . أمّا ، و قد ادّعى كبراء قومهم ، من الساسة السفهاء و العسكريين الرعان ، بأن شباب غزّة العزّة ، قد عذّبوا و نكّلوا و قتلوا و قطعوا رؤوس الأطفال من قوم الصهاينة ، فهو محض كذب و افتراء و تلفيق و بكاء تماسيحي على حائط من سراب ، و هو ممّا عُرف به الصهاينة ، و تعوّد عليه اليهود منذ خليقتهم الأولى . غرضه استجلاب تعاطف الغرب الصليبي و الشرق المجوسي و عطاياهم و مساعداتهم العسكريّة و ولائهم السياسي الإعلامي . و قد حقّقوا مرادهم في ذلك ، و وقف الغرب - المتخفّي وراء ستار الديمقراطيّة ، و المتدثّر بغطاء حقوق الإنسان – مناصرا للظالم على المظلوم ، و داعما للطغاة على المستضعفين ، و ظهيرا للصوص الحريّة و الأرض على أبناء الوطن . و ها نحن فريسة للإبادة الجماعيّة الفظيعة أمام أعين لا تبصر و آذان لا تسمع و ألسنة معقودة ، بكماء . أمّا الأعراب العاربة و المستعربة من أبناء العمومة و الخؤولة ، فقد سُقط بأيديهم ، و تواروا عن الأنظار من وراء جدران الصمت تارة ، و التنديد و الاحتجاج في السرّ و العلن . كأنّهم أصيبوا في عقولهم أو مسّهم سحر بني رزيق في بئر ذروان . أو كبّلهم سحرة فرعون و سحر هاروت و ماروت . و ها نحن في غزّة يتضوّر أهلنا جوعا و عطشا و بردا . و لم نر في هذا الزمن الصليبي الديمقراطي جيشا ، يسمّي نفسه " جيش الدفاع " يطلق نيران أسلحته الفتّاكة على الرضّع و الخدّج و الأطفال و النساء و المرضى و الجرحى و المسنّين ، و كأنّه يمارس هواية الرماية على أهداف من حجر أو خشب . إنّهم عصابات فاشيّة ، سليلة أولئك الصليبيين الذين أبادوا( الهنود الحمر ) ( 4 ) في أمريكا و ( الأبورجيّون ) ( 5 ) في أستراليا و ( خوي خوي ) ( 6 ) في إفريقيا عن بكرة أبيهم ، دون رحمة أو شفقة أو ذرّة إنسانيّة . بينا الأعراب قد استلذّوا النوم ، فهم في سبات كسبات أهل الكهف . و أضاف أيّوب بن أيوب الغزّاوي : و لم توقظ أنّات الأطفال و لا صرخات النساء ضمائر الأعراب ، و لم تحرّك لهم طائرة أو دبابة أو مدفعا أو بندقيّة عمريّة مختاريّة أو رشّاشا أوراسيّا أو خنجرا كخنجر سليمان الحلبي أو سيفا مسلولا خالديّا أو أيّوبيّا أو معتصميّا أو عصا موسويّة ، فكأنّ دماء الغزّاويين و دموعهم و جراحهم و آلامهم لا شرف مراقا لهم فيها . و قد نسوا أو تناسوا أنّ الشرف لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم . لقد عرّت غزوة غزّة الأبيّة سوءات الأعراب العاربة و المستعربة ، المطبّعة و الممانِعة على حدّ سواء . و فضحت خطبهم العصماء و أبطلت أقوالهم الجرداء و سياساتهم العرجاء . و كم في بلاد الأعراب من المضحكات ، و لكنّه ضحك كالبكاء . لقد سمع أهل غزّة أحدهم يرفع عقيرته على أحد منابر الخطابة – و الأعراب جهابذة في الخطابة و فنّ اللغو - قائلا : نحن معك يا فسطلين . فابتسم للحنه اللغوي صبيّ من غزّة ، و قال : بل فلسطين ، يا أيّها المطبّع الأبله . و ختم أيّوب بن أيّوب الغزّاوي منظومة الكلام الوجيع في انتظار مولد الفجر الموعود و الصباح المشهود ، و حكمة أبي عبيدة الغزّاوي : و إنّه لجهاد ، نصر أو استشهاد .
هامش : 1/ الغولة و بقديدش : حكاية شعبيّة شهيرة متداولة في منطقة الظهرة بالجزائر . 2/ الآية 9 من سورة يس . 3 / الآيتان 4 /5 سورة الفيل 4 / سكان أمريكا الأصليين 5 / سكان أستراليا الأصليين 6 / سكان إفريقيا الأصليين
#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقامة الغزّاوية ( 1 )
-
أمريكا و أخواتها والمسلمون و مأساة غزة
-
مكانة المرأة الريفيّة و دورها في ثورة التحرير الجزائريّة
-
تحية إلى أبناء نيلسون مانديلا
-
انقلاب النيجر : إصرار في نيامي و هلع في باريس .
-
إفريقيا للأفارقة
-
ما زلت تلميذا
-
سلام على هيروشيما و نكازاكي
-
مليونا ين يابانيّ من أجل التحوّل إلى كلب
-
أقدام على منصّات التتويج
-
المنظور الصوفي في رواية بياض اليقين . قراءة نقديّة في رواية
...
-
جناية الصوفيّة على الحضارة الإسلاميّة
-
يُخرّبون بيوتهم بأيديهم
-
سيميائية العلاقة بين الرجل و المرأة في رواية غابات الإسمنت *
...
-
قراءة سيميائية و تفكيكيّة لرواية غابات الإسمنت . لذكرى لعيبي
...
-
صورة المرأة المنتميّة في المجموعة القصصية ( إيلا ) * للقاصة
...
-
تحرير الحريّة
-
تأمّلات في التقشف و الزهد
-
وجهة الفلسفة الغربيّة . إلى أين ؟
-
الظاهرة الحزبيّة في البلاد العربيّة ما لها و ما عليها .
المزيد.....
-
أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه
...
-
سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
-
“لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة
...
-
معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ
...
-
فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن
...
-
أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
-
الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
-
وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو
...
-
فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن
...
-
مغن كندي يتبرع بـ18 مليون رغيف لسكان غزة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|