أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فضيل العربي - تحرير الحريّة














المزيد.....

تحرير الحريّة


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7597 - 2023 / 4 / 30 - 20:58
المحور: المجتمع المدني
    


قد يبدو هذا العنوان غريبا أو مستفزا أو عبثيا ، أو ليقل عنه القاريء ما شاء له عقله أن يقول ، لكنّ منطق الأحداث السياسيّة و الاجتماعيّة و الاقتصاديّة و الثيوقراطيّة المعاصرة ، يفرض علينا إعادة النظر في هذا المكسب الإنساني و الوجودي العظيم ، ألا و هو الحريّة المسؤولة . لقد تحوّلت الحريّة في المجتمعات المتخلّفة ، و عند الجماعات المتطرّفة فلسفيّا و دينيّا و أخلاقيّا و سياسيّا ، إلى مصدر من مصادر الفوضى . فباسم الحريّة يتقاتل الإخوة ، و باسمها يخرج الناس إلى الشوارع ، فيحدثون دمارا و خرابا في الممتلكات العامة و الخاصة . و باسم الحريّة يطالب بعض الأفراد أو الجماعات بحقوق لا محلّ لها من العقل السليم ، بل هي ضرب من البلاهة و الجنون و التطرّف المقيت ، و باسم الحريّة يخرج علينا داروين بنظريّة التطور المريضة – التي دحضها العلم - ، ليقول للبشر أنّ أجدادكم الأوائل ، كانوا قرودا ، أيّ أنّكم – أيها البشر – أنتم من سلالة القرود المتطوّرة ، و أنّ كل شيء في الطبيعة خاضع لذلك . و هي نظريّة في غاية اللؤم و البهتان و الانحطاط العقلي .
ثم ، يخرج علينا أناس مرضى سيكولوجيا ، و يبشّرون الإنسانيّة بمجتمع الميم الشاذ ، و يدافعون عنه في المنابر الخاصة و العامة ، و تشرّع له بعض الحكومات مراسيم الاعتراف و القبول . و في الأونة الأخيرة ، طالعتنا وسائل التواصل الاجتماعي ، بظاهرة ، أقلّ ما يقال عنها ، أنّها أغرب من الخيال . و لكنّها تنم عن أعمق أزمة روحيّة تمرّ بها الفلسفة الغربيّة الماديّة .
كانوا جماعة من الذكور و الإناث . في بلد أوربي - كان ينتمي إلى المعسكر الاشتراكي ، الشيوعي ، قبل سقوط جدار برلين ، و تفكّك الإتحاد السوفييتي - بلد اسمه رومانيا . كانوا في مظاهرة ، و هي ينبحون ، كما تنبح كلاب الحي في الغرباء ، و يطالبون بالاعتراف بأنّهم كلاب . كانوا يطالبون بحقّهم ( في إطار احترام مباديء الحريّة و حقوق الإنسان ) باعتراف من حكومتهم ، بأنّه كلاب و ليسوا بشرا . و لكنّ الغريب في سلوكهم الإشهاري ذاك ، هو خروجهم جماعة إلى الشارع ، و كأن دولتهم منعتهم من ( تكلّبهم و تكالبهم ) . و أنا عي يقين ، أن لا أحد قد منعهم من ممارسة حريّة ( التكلّب ) تلك . لكنّ السؤال المطروح : ما الذي دفعهم إلى الرغبة في مغادرة عالم البشر و الانتماء إلى ( مملكة الكلاب ) و انتحال الكلاب النباح بدل الكلام ؟ أهو الفراغ الروحي أم هو اليأس و القنوط ، من بني جنسهم ( البشر ) ؟
لا أحد ينكر فضل الغرب على الشرق ، و الإنسانيّة جمعاء . فقد استطاع العلماء و الفلاسفة و الباحثين في شتى ميادين العلوم الرياضيّة و الطبيعيّة و الكونيّة عامة ، توفير وسائل الرفاهيّة الحضاريّة اليوميّة للإنسان المعاصر ؛ الغذاء و الدواء و السكن و وسائل النقّل و السفر و الترحال السريعة و وسائل الاتّصال و التواصل الرقميّة و وسائل اللهو و اللعب ، و غيرها من المخترعات و المنتجات ، التي يصعب عدّها كلّها في هذا المقال . و بالمقابل لا أحد يعفل أو يتغافل عن المخرجات السلبيّة لهذه للطفرة العلميّة و التكنولوجيّة ، التي أضرت بحياة الإنسان و لوّثت الطبيعة العذراء ، و دمّرت مساحات شاسعة منها و أدّت إلى انقرض أصناف شتى من النباتات ، و تناقص رهيب في الثروة الحيوانيّة البريّة و البحريّة على السواء . و تسابق رهيب في إنتاج الأسلحة التقليديّة الفتّاكة و الأسلحة غير التقليديّة المدمّرة ؛ النووية و الكيماويّة و البيولوجيّة .
لقد وهبت المدنيّة الغربيّة ، تحت إمرة الفلسفة الماديّة ، الحياة و الموت معا . أي أنّها إن شاءت أحيت ، و إن شاءت أماتت . شأنها شأن الملك النمرود بن كنعان بن كوش ، الذي تحدّاه سيّدنا إبراهيم الخيل عليه السلام في مناظرته المشهورة .
إنّ منظر أولئك المتظاهرين في رومانيا ، و هم يقلّدون الكلاب في النباح ، و يطالبون حق الاعتراف بأنّهم كلاب ، هو – ببساطة – ما آلت إليه الأزمة الروحيّة في الغرب ، جرّاء طغيان الفلسفة الماديّة المتطرّفة ، و النظام الرأسمالي البراغماتي المتوحش ، و هو مقدّمة لإفلاس الوازع الروحي ، و انهيار نظام القيّم الأخلاقيّة ، و غياب التربيّة الروحيّة ، القائمة على الفطرة السليمة و العقل الراشد . أيعقل أن يبلغ ابن آدم - الذي كرّمه الله تعالى ، و خلقه في أحسن تقويم - هذه الدرجة من الانحطاط الأخلاقي في بلد و قارة ، سلطانها العلم و التكنولوجيا المتقدّمة ؟ قد يلجأ الإنسان أو يضطر إلى تغيير جنسيته أو مكان إقامته أو أفكاره أو مذهبه السياسي أو إيديولوجيته أو ملّته ، وووو . لكن أن يغيّر جنسه ، فيطالب علنا ، و في الشارع ، بأن يصبح كلبا نابحا و ينخرط في مملكة الكلاب الأليفة و الضالة ، فهذا عين العجب ، و منتهى الانحطاط ، و مؤشر خطير على المأزق العميق ، الذي وقعت فيه الفلسفة الغربيّة المعاصرة ، و هو ملمح – أيضا – من ملامح قرب نهاية العالم ، و سقوط الحضارة المعاصرة ، كما سقطت قبلها و انتهت – منذ مئات القرون – حضارات عريقة في بلاد الشرق ؛ كالحضارة الفرعونيّة و البابليّة و حضارات ما قبل الطوفان .
و هكذا ، تستمرّ الفلسفة الغربيّة – منذ قرون عدّة – في مفاجأة البشريّة . و تواصل تسفيه المساجد و الكنائس و المعابد، و هدم القيّم الأخلاقيّة الساميّة ، و محاربة المنظومة الروحيّة ، تحت مسمّى محاربة التطرّف و الإرهاب . و ما يشغل الإنسان المعاصر – حقّا - اليوم هو : إلى أيّ مدى تتجّه هذه الفلسفة الماديّة الغربيّة ؟ أما آن لها أن ترعوي الآثام التي ارتكبتها و ترتكبها – باستمرار - في حق الإنسانيّة ؟ و متى تتحرّر الحريّة من الفوضى و الأنانيّة ؟



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمّلات في التقشف و الزهد
- وجهة الفلسفة الغربيّة . إلى أين ؟
- الظاهرة الحزبيّة في البلاد العربيّة ما لها و ما عليها .
- امرأة من زمن العمالقة
- لماذا نكتب ؟ و ماذا نكتب ؟
- أم الخير
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 8 )
- ربيع إيكوزيوميّ *
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 7 )
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 6 )
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 5 )
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 4 )
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 3 )
- يوميّات معلّم في مدرسة ريفيّة ( 2 )
- يوميّات معلم في مدرسة ريفيّة ( 1 )
- فلسفة الوقت في حياتنا
- أكتب لكم من الجنوب ( 10 )
- التعليم قبل الديمقراطيّة .
- أكتب لكم من الجنوب ( 9 )
- بين المونديال الكروي في الجنوب و المونديال الحربي في الشمال


المزيد.....




- قضى 8 ساعات فوق شجرة.. شاهد عملية اعتقال رجل من قبل إدارة ال ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطنين -تعزيرا- بالمنطقة الش ...
- معاناة الصحفيين في فلسطين ولبنان.. في اليوم العالمي لحرية ال ...
- مؤسسات الأسرى: 180 حالة اعتقال واحتجاز سُجلت بين صفوف الصحفي ...
- بسبب المجاعة: وفاة طفلة في مدينة غزة
- المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية: ...
- منظمة التعاون الإسلامي تقدم مرافعة أمام محكمة العدل الدولية ...
- المجلس النرويجي للاجئين: إسرائيل تقضي على فرص الفلسطينيين في ...
- وفاة طفلة في مدينة غزة بسبب المجاعة والجفاف
- حماس تطالب بالإفراج الفوري عن جميع الصحفيين المعتقلين في سجو ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فضيل العربي - تحرير الحريّة