أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - أكتب لكم من الجنوب ( 10 )














المزيد.....

أكتب لكم من الجنوب ( 10 )


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7470 - 2022 / 12 / 22 - 08:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


و أخيرا انتهت بطولة كأس العالم في دوحة قطر الساحرة .. و لكنّ الحرب الروسيكرانيّة لم تضع أوزارها بعد .. و كأنّ العالم الخيّر عجز عن إطفاء نيرانها ، و عجزت معه منابر السلام و دعاته عن صبّ مياه الرحمة على لهيبها . و يبدو أنّ المتحاربين لم يتعبوا من التقاتل ، و لم يشتاقوا إلى السلام . إلى أين المسير ، يا سادتي ؟ متى تعود أسراب الحمام الأبيض إلى ساحات كييف و خاركيف و أوديسا ، و عموم المدن و القرى ؟ و يعود الفلاح إلى مزرعته ليزرع القمح و البازلاء و الفول ؟ و تعود الأمّهات إلى بيوتها ، لتعيد نصب أصص الورد و الحبق و النعناع على شرفات المنازل و النوافذ ؟ و يخرج الأطفال إلى مدارسهم و ساحات ألعاب الأراجيح و التزحلق و الأحصنة الخشبيّة ؟
انتهت معركة الجلد المنفوخ ، و سخّر لها العالم ترسانة من وسائل الإعلام و الإشهار ، و نفخ في نفوس المشجعين آهات الفرح و الحزن و النشوة و الندم و الحبّ و الكراهيّة . لكنّ الحرب في الشمال ، مازالت تدور رحاها على قدم و ساق ، و كأن العالم نسيّها أو تناساها من أجل الاستمتاع بجولات الجلد المنفوخ و صولاته .. هناك ، يا سادتي العقلاء ، في الشمال ، آلة الحرب المجنونة ماضيّة ، دون هوادة ، في حصد الأرواح البريئة . هناك ، يا سادتي الحكماء ، في الشمال ، أطفال رضّع و شيوخ و نساء و مرضى و جرحى ، مكدّسون كالركام في كهوف مظلمة ، لم يجدوا شمعة ، و لم يروا الشمس و لا زارتهم أشعتها منذ أشهر عدّة . اشتاقوا لطعم الدفء ، بعدما داهمهم برد الخريف ، و سيقرصهم برد الشتاء و صقيعه و ثلوجه ، التي لن تكون – هذه السنة – بيضاء ناصعة ، بل ستكون ملطّخة بدماء القتلى و أدخنة المدافع و القنابل و الصواريخ و الرعونة ..
خسرت فرنسا كأس العالم ، و كأنّها خسرت حربا . و ألصقت تهمة الخسارة و أسبابها بأبناء إفريقيا . و ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الفرنسيّة بالسباب و العنصريّة ... و كان رئيسها ، ماكرون ، حاضرا في المدرّجات ، يناصر فريق بلده بكل قواه العاطفيّة و البصريّة - و الذي لا يضمّ سوى لاعبين اثنين من أصول فرنسيّة - . و لكنّ الهزيمة ، لم تخطئ فرنسا هذه المرّة ، فبكت ، كما بكت ذات يوم من أيام الخامس جويلية 1962 م على رصيف ميناء الجزائر ..
تلك هي فرنسا النابليونيّة ، التي بنت أمجادها العسكريّة و الاقتصاديّة و أخيرا الرياضيّة على كواهلنا ، نحن أبناء الجنوب ، أبناء إفريقيا ، و خلّفت وراءها نسبة تسعين بالمائة أو أكثر من الأميّة المميتة ..
و كادت أن تفوز بالكأس الغاليّة ، بأقدام أبناء إفريقيا البربريّة السمراء ، و كان الفتى الجنوبي كيليان امبابي ، ذو الدماء الجزائريّة الإفريقيّة نجمها الأول دون منازع ، مثلما كان قبله الفتى الأمازيغي الأصلع زين الدين زيدان أسطورتها الأولى ..
أجل ، يا سادتي في الشمال ...
كادت فرنسا أن تظفر بالسيّدة الكأس الغاليّة ، و تعود بها إلى الشانزيلزيه و قوس النصر بفضل مهارات أقدام نخبة من اللاعبين الجنوبيين - الذين وصفتهم بعض مواقع التواصل الاجتماعي ، بأنّهم " قردة " و " عبيد " بسبب لون بشرتهم و أصولهم الإفريقية ، والذين في نظر العنصريين لا مكان لهم في الفريق الفرنسي - لكنّ ميسي و رفاقه أخذوها – عن جدارة و استحقاق – لتتربّع على عرش بوينس آيرس أربع سنوات ، و يباركها خورخي فرانسيسكو إسيدورو لويس بورخيس أسيفيدو .
لست - أنا الجنوبيّ الموسوم بالتخلّف و البربريّة - أكره فرنسا أو أحقد عليها ، رغم ماضيها الأسود في الجنوب . طبعي الإنساني العفو و التسامح . لكنّني لا أنسى ما اقترفته من مجازر فظيعة في حقّ الأبرياء ؛ من الرجال و النساء و الأطفال . لا يمكنني أن أصم أذني و أضرب على سمعي ، عن أنّات المعذّبين و المقهورين و الشهداء و المنفيين .
أجل ، يا سادتي ، انتهت مغامرة كأس العالم ، و لم تنته حرب الإخوة الأعداء ( الإخوة كارامازرف ) . و في انتظار صافرة نهاية الحرب الروسيكرانيّة الداميّة . فليصلّ كل مؤمن صلاة السلام ثم السلام ثم السلام ..



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم قبل الديمقراطيّة .
- أكتب لكم من الجنوب ( 9 )
- بين المونديال الكروي في الجنوب و المونديال الحربي في الشمال
- أكتب لكم من الجنوب ( 8 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 7 )
- قمّة المناخ في شرم الشيخ وما تنتظره البشريّة منها .
- أكتب لكم من الجنوب ( 6 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 5 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 4 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 3 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 2 )
- أكتب لكم من الجنوب
- ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين
- حديث عن أم ريفيّة ( 5 )
- موسم الهجرة نحو الجنوب
- متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - أكتب لكم من الجنوب ( 10 )