أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي فضيل العربي - ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين














المزيد.....

ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7405 - 2022 / 10 / 18 - 03:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت ليلة السابع عشر من تشرين الأول ( أكتوبر ) من عام 1961 م سوداء ، كسواد القار ، كان مساء باريسيا ممطرا ، و كانت فاطمة بيدار ، الطالبة الجزائريّة ، ذات الخامسة عشر ربيعا ، المولودة في 5 أوت 1946 ببجاية ، و المهاجرة إلى فرنسا رفقة والديها ، عائدة من مدرستها عندما تمّ اختطافها غيلة ، و قتلها ، ثم رميها في نهر السين ، لإخفاء الجريمة ، و محو آثارها .
و طيلة أسبوعين لم يظهر عن فاطمة أيّ خبر . و عاشت عائلتها ، المكونة من الوالدين و الأخوين ، و القاطنة ببلديّة ( ستا ن ) بباريس أيّاما ملؤها القلق و الحيرة و الحزن و الأسى .
و ليتصوّر المرء ، كيف تكون حالة أسرة فقدت فردا من أفرادها في ظروف غامضة . و كيف تكون حالة أمّ فُجِعت في فلذة من فلذات كبدها . حقّا ، إنّه لأمر مؤلم و فظيع ، و مأساة لا يدرك حجمها إلاّ من عاشها بقلبه و عقله . و قد قيل قديما : ( لا يحس بلظى االجمر إلا من وطأه حافيّ القدمين ) .
لقد كانت الطفلة فاطمة بيدار ، شابة ريفيّة من منطقة القبائل ، ذات الضفائر المميّزة ، و السحنة الأمازيغيّة الساحرة ، و العينين السوداوين كحبات الزيتون الناضجة ، أو كحبتي توت بريّ . وفدت إلى باريس ، عاصمة حقوق الإنسان ، و زعيمة ( الحريّة و المساواة و الأخوة ) ، و موطن الجن و الملائكة . لكنّها لم تجد فيها ما قيل عنها ، و لم تر فيها مرايا الحب . وجدت قلب باريس ناضب الحب . وجدت باريس بلا حريّة ، وبلا مساواة ، و بلا أخوّة إنسانيّة .
كانت فاطمة بيدار صغيرة ، لكنّها أكبر من سنّها البيولوجي . أدركت ، وهي في سنّ المراهقة ، أنّ حياتها في باريس ، بأنوارها ، و شعاراتها البرّاقة ، لا يمكن أن تنسيها مأساة أمّتها ، التي خلّفتها وراء البحر . كانت وطنيّتها أكبر من سنّها ، و كان صوت الانتماء و الهويّة يملأ قلبها و سمعها .

و قد جاء في صفحة كواليس الثورة الجزائرية الكبرى ( 1954 – 1962 ) ما يلي :

" و حسب شهادات أسرتها ، ارتدت فاطمة أجمل ثيابها صباح 17 أكتوبر من عام 1961 وأبلغت أمها أنها عازمة على المشاركة في المظاهرات المقررة مساء غير أن الأم عارضتها لحاجتها اليها في رعاية أخواتها و أخويها الصغيرين ، لكن لم تفلح الأم في إقناع ابنتها بالعدول عن قرارها رغم صيحاتها المتتالية مما جعل فاطمة تمسك بمحفظتها بقوة وتغادر البيت مسرعة نحو المدرسة لكن منذ تلك اللحظة اختفت فاطمة ولم تعد الى بيت والديها.. "

و جاء في موقع وكالة الأنباء الجزائريّة بتاريخ 16 أكتوبر 2021 م ما يلي :

" ولمدة عشرة أيام كاملة ، لم يظهر أي خبر عن فاطمة بيدار ، و لم يكن أحد يدري إن كانت على قيد الحياة أم لا ، ورغم البلاغ الذي قدمه أهلها للشرطة ، لم يكن هناك يومها اي تفسير لاختفائها خاصة أن الإدارة الفرنسية الرسمية كانت قد أعلنت عن عدم وجود مفقودين ضمن المتظاهرين الذين القت بهم القوات الاستعمارية في نهر السين ."
و أضافت وكالة الأنباء الجزائريّة :
” لم تفقد الأسرة الأمل في العثور على ابنتها فكان الأبوين يجوبان صباح مساء شوارع وإحياء المدينة علهم يجدون فاطمة إلا أنّ الشرطة أبلغتهم في 31 أكتوبر عثور رجال المطافئ على جثة فتاة في قناة " سان دوني" لكن الجثة كان قد مضى عليها 15 يوما تحت الماء في حالة متقدمة من التعفن ، ولم يتم التعرف على فاطمة إلا من خلال ضفيرتي شعرها الغزير ذات اللون القاتم ومحفظتها التي سلمت لوالدها ، ودفنت الشهيدة في 4 نوفمبر 1961 م بمقبرة " ستان " ليتم فيما بعد نقل رفاتها و إعادة دفنها بمسقط رأسها ببجاية " .
هكذا ، ذهبت الطفلة فاطمة بيدار ضحيّة رعونة الشرطة في باريس وبربريتها ، بقيادة رئيسها موريس بابون . و انكشفت جريمتهم ، بعدما حاولوا طمس حقيقتها ، و ادّعوا ، أنّ فاطمة ماتت منتحرة .
لقد قُتلت فاطمة بأيد غادرة و آثمة ، دونما ذنب ارتكبته . ارتقت نفسها الطاهرة و رجعت إلى ربّها راضيّة مرضيّة .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن أم ريفيّة ( 5 )
- موسم الهجرة نحو الجنوب
- متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟


المزيد.....




- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي فضيل العربي - ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين