أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - العقل قبل كل شيء














المزيد.....

العقل قبل كل شيء


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7390 - 2022 / 10 / 3 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ورد في لغة العرب ، فعل ( عقل ) ، و هو فعل ثلاثيّ صحيح و مجرّد و لازم . حروفه ( ع ، ق ، ل ) . و تختلف مخارجها ؛ فالعين تخرج من وسط الحلق ، و القاف تخرج من بين حافتي اللسان . أما اللام فلهوية لخروجها من قرب اللهاة . و هي حروف صفاتها دالة على الشدّة و القوّة و الجهر . و مشتقاته عديدة ، و منها :

العَقْل : ما يقابل الغريزة التي لا اختيار لها. ومنه : الإنسان حيوان عاقل. وـ ما يكون به التفكير والاستدلال وتركيب التصورات والتصديقات. وـ ما به يتميز الحسن من القبيح ، والخير من الشر ، والحق من الباطل . وأيضا ( العاقول ، العقال ، العقلة ، العقول ، العقيلة ، المعتقل ، العاقل ، اعتقل ، عقّل ، تعاقل ..إلخ ) .
العقل قبل الحريّة و الدين . ففاقد العقل ، لا حريّة له ، كما أنّ من سمات العقل لزوم الحريّة له . فإذا سلبت من الإنسان الحريّة ، فقد عقله مبدأ التفكير و الاستدلال .
و من شروط حدوث التديّن و صحته ، توفّر العقل السليم . و قد قال القدماء ، العقل السليم في الجسم السليم ، و هذا الأخير لا يمكنه أداء وظائفه الفكريّة و المعرفيّة البيولوجيّة ، دون سلامة العقل من الأدواء المختلفة ، و اخطرها على الإطلاق ، داء الجنون ، و هو فقدان العقل .
وقد خلق تعالى آدم عليه السلام ، و زوده بنعمة العقل ، قبل أن يعلّمه الأسماء كلّها ، ثم أمر ذريّته بالقراءة و طلب العلم و إعمال العقل لتمييز الحق من الباطل ، و الخير من الشرّ . و إذا كان فلاسفة المنطق ، أنّ الإنسان ( حيوان ناطق ) ،
فالحيوان مصدر وصفة ، وعند المناطقة عبارة عن الجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة . بينا النطق خاص بالقوة العاقلة . كما عرّف علماء الاجتماع الإنسان بأنّه اجتماعيّ بطبعه ، و مدنيّ بفطرته . لا يمكنه العيش منفردا ، منعزلا ، وحيدا . لهذا السبب نشأت الجماعات و القبائل و المجتمعات البدائيّة و المعاصرة . قال تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) 13 / سورة الحجرات .
و ما كان هذا التعارف ليحدث بين الناس ، و ما كانوا لينالوا شرف التقوى و الكرم ، لولا العقل . و قد خلق الله الإنسان أيضا في أحسن صورة ، و أعلى رتبة بين مخلوقاته . قال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) 4 / سورة التين . و ذلك بفضل ما وهبه من العقل .

إنّ العقل مقدّم على كل المخلوقات . و لم يجعل الله تعالى هذا الكنز الثمين في جسم الإنسان ، لكي يعبث به . فكلّ سلوك شائن ، ينمّ عن فلسفة عبثيّة . و ما الحرب القائمة اليوم بين روسيا و أوكرانيا إلّا دليل على واضح على الجنون . و كلّما اشتدّت المعارك ، ازداد عدد الضحايا من الجانبين ، و شعرت شعوب الأرض بالخوف و الفزع و الهلع ، من مغبّة انفلات سلوك المتحاربين من مربّع العقل الخيّر ، نحو مربّع الجنون و التهوّر . أليس التهديد باستعمال الأسلحة النوويّة في هذه الحرب المجنونة ، ضربا من الحنون ، و طريقا نحو الدمار الشامل و الفناء الكامل ؟

و ما كان الإنسان الاجتماعيّ ، الناطق ، العاقل ، في حاجة إلى صنع كل هذه الترسانة من الأسلحة النووية و الكيماويّة و الجرثوميّة و البيولوجيّة ، لو أحسن توظيف عقله ، و إنفاق وقته و بذل جهده ، و إظهار براعته و تميّزه و تفوّقه ، فيما يعود عليه بالنفع و الخير .

إنّ العقل المعاصر في حاجة ماسة إلى ترميم عميق ، بعدما استولت عليه الفلسفة السياسيّة التي تمجّد القوة خلال القرون ؛ التاسع عشر و العشرين و الواحد و العشرين . و من بين الفلاسفة الذين برّروا للحرب و العدوان ، الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه ( 1844 – 1900 ) . يقول الدكتور روبرت ويكس ، في نص منشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة ) ترجمة الكاتب عبدالله بن قعيّد في موقع ( حكمة ) :

" ... وفي وقت لاحق ، خلال ثلاثينيات القرن العشرين ، تبنت النازية والفاشية الإيطالية جوانبَ من فكر نيتشه ، بتشجيع ولو جزئي من إليزابيت فورستر- نيتشه عبر ارتباطها بأدولف هتلر وبينيتو موسوليني . إذ كان من الممكن للشراح النازيين أنْ يجمعوا ، بشكل انتقائي للغاية ، مقاطعَ متفرقة من كتابات نيتشه التي يوحي تجاورها بتبرير الحرب والعدوان والهيمنة من أجل المجد القومي والعرقي " .

و هكذا ، فقد ساهمت فلسفة نتيشه ، و مايكل والزر و هوبز و غيرهم ، في التبرير للحرب من أجل تحقيق المجد العرقي و القومي ، و السيطرة على ثروات الضعفاء ، دون أدنى اعتبار للقيّم الإنسانيّة الساميّة ، مثل الحريّة و الحق في الحياة و الأخوة الإنسانيّة و العدالة و روح التعايش السلمي .

و إذا لم تضع الحرب الروسيّة الأوكرانيّة أوزارها في القريب العاجل ، فإنّ مخاطرها أكبر ممّا نعتقد ونتصوّر . و لن تكون تلك المخاطر محدودة المكان و الزمان ، بل ستعمّ كوكبنا الأرضي ، و سوف تمتدّ آثارها الكارثيّة إلى الأجيال القادمة .

و لهذا ، وجب على من يدير دواليب هذه الحرب المجنونة ، أن يعقل و يعود إلى رشده ، و يعتقل نزواته الشيطانيّة ، و يتجرّد من أنانيته ، و يلتزم بقيّم الحياة النبيلة ، و يجعل السلم عقالا على رأسه ، ليجنّب البشريّة الطوفان الجهنّمي ، الذي لن يبقي و لن يذر ...



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟
- لماذا الحرب أيّها العقلاء ؟


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - العقل قبل كل شيء