أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فضيل العربي - موسم الهجرة نحو الجنوب














المزيد.....

موسم الهجرة نحو الجنوب


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 14:29
المحور: المجتمع المدني
    


كان الأمر مجرّد نقاش مع صديق لي ، و نحن نتابع – عبر الشاشات الرقميّة و مواقع التواصل و الاتّصال - تطوّرات الحرب الروسيّة على أوكرانيا ، و تفاقم أزمة الطاقة في أوربا . و ما ستؤول إليه أوضاع المواطن الأوربي في فصل الشتاء . و بدا لنا ، أنّ هذه الحرب المجنونة ( المعفونة ) قد جاوزت الخطوط الحمراء ، و انتهكت المواثيق الأخلاقيّة و الأعراف الإنسانيّة ، و بدا لنا أنّها ماضيّة في حصد الأرواح البريئة ، و غير البريئة ، و تخريب العمران ، و ترويع الأطفال ، و حرمانهم من ممارسة ألعابهم المفضّلة في الحدائق العامة و الساحات و المنتزهات ، و أنّها لن تتوقّف في القريب العاجل ، و لن تمحى آثارها الكارثيّة سريعا .
- يا للهول ، قال صديقي المحبط من جنون هذا العصر الرقمي ، كأنّ الحرب ، تحوّلت إلى هواية أناس رعن و مجانين .
- أجل ، يا صديقي ، إنّه الجنون بعينه ، و الرعونة بقضّها و قضيضها .
كذلك قلت ، و أنا أحاول استحضار الكلمات المناسبة للتعبير عن عجبي قلقي و غضبي و حيرتي ممّا يحدث في قارة النهضة و العلم و التنوير .
ثم أردفت ، بعدما رمقت صديقي غارقا في نوبة صمت ، و قلت في دخيلتي :

ماذا لو فكّر المواطن الأوروبي في الهجرة نحو الجنوب ، بدلا من هجرة المواطن الجنوبي نحو أوروبا ، سرّا و علنا ؟ و نشاهد قوارب الهجرة السريّة نحو الشمال الإفريقي . لن تكون تلك الهجرة ( المحتملة ) بحثا عن العمل او الخبز ، أو فرارا من الاستبداد و البطالة ، فبلدانكم الغنيّة و اتّحادكم الموقّر، في غنى عن ذلك كلّه ، بل ستكون هجرتكم نحونا هجرة شتويّة ، بحثا عن الدفء ، و فرارا من جحافل البرد و الصقيع .
نحن أبناء الجنوب ، لن نرفض من يلجأ إلينا بسبب ضيم الإنسان لأخيه الإنسان ، أو قسوة الطبيعة . لن نردّ من استجار بنا . سنستقبلهم بصدور رحبة ، لاجئين ، لا غزاة كالأمس ، إلى أن يجمع الشتاء لوازمه و برحل .
أهلا بإخواننا الأوربيين الفارين من لسعات الشتاء القادم ، أهلا بهم ، ليقضوا عندنا فصل الشتاء ، سيّاحا آمنين ، مطمئنين ، مكرمين . فليدخلوا قارتنا أنّى شاءوا ، ومن أيّ مدخل شاءوا . ( ادخلوها آمنين ) . شتاؤنا دافئ ، قليل الصقيع ، رحيم ليلا و نهارا . بلداننا واسعة ، و قارتنا السمراء أوسع .
أهلا بكم في كنف شمسنا المشرقة ، الدافئة ، في ربوع صحرائنا الشاسعة . فليذهب الغاز القادم من الشرق . تبّا له . و تبّا للحرب المندلعة .
لنتّفق على أنّ كوكبنا واحد في السرّاء و الضرّاء . نحن شركاء في الماء و الهواء و الغذاء و الغاز . لن نقبل أن تموتوا تحت جحيم الصقيع ، و لن يرتاح لنا بال ، حتى نقتسم الدفء . نحن – في الجنوب – نحبكم ، يا أهل الشمال حبّا إنسانيّا طاهرا ، خاليا من الأطماع و المصالح .

إخواني الأوربيين ، لا تنسوا ، أنّنا في إفريقيا ، أي في الجنوب - الذي مازال يئنّ من لسعات غزوكم القديم و طمعكم الجديد ، و من سوط الجوع و المرض و الجهل و النهب و الاستبداد ، و ضربات الإرهاب المادي و المعنوي – مازلنا على الفطرة . نغفر الذنب لمن أساء إلينا قولا و فعلا . نصفح عن أولئك الذين ساقوا آباءنا و أجدادنا مقيّدي الأيدي ، و مغلولي الأرجل ، و حشروهم في بواخر و سفن ، و اجتازا بهم البحار و المحيطات ، و رموهم عبيدا في مزارع القطن ، و مناجم الفحم ..
نحن أكثر الشعوب تسامحا مع من كانوا – و ربّما مازالوا – أعداء لنا في السرّ و العلن .
لن نترككم عرضة لقسوة الشتاء الصقيعي . سنمنحكم قسطا من الدفء . لا يهم ، إن بردنا ، فنحن ، قد تعوّدنا على فصول القرّ و الحرّ ، صغارا و كبارا . نحن السمر ، أبناء الشمس ، و خلاّن البرد . ولدنا و نشأنا و هرمنا في بيئة العسر و الفاقة .
لا تنسوا أنّكم ، كنتم فيما مضى غزاة لنا . كنتم الأسياد ، و كنّا الخدم و العبيد ، أنتم المسؤولون عمّا نحن فيه من تخلّف و جوع و مرض و أميّة و أزمات ، لا تكاد تنتهي . ورغم كثرة سوآتكم ، و تاريخكم الأسود نحونا ، فلن نترككم تواجهون موجات البرد القارس بمفردكم .
و فجأة أيقظني صديقي من عالم الأحلام و الأماني ، و هو يردّد :
- ما بالك صامتا ، يا صديقي ، و كأنّ ابتلعت لسانك ، أو فرّ منك ؟
- كنت أفكّر في أمر جلل .
- و ما هو؟
- أزمة الطاقة في أوربا . سيقتل برد الشتاء المقبل و صقيعه إخواننا الأوربيين .
- هل عندك حلّ أو حلول لها ؟
- أجل ّ ، ماذا لو فكّر الأوربيّون في هجرة جنوبيّة نحونا ، هذا الشتاء ؟
- فكرة ممتازة ، يا صديقي ، أهلا و سهلا بهم . سنمنحهم الدفء ، و الودّ و الأمن و الطمأنينة .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟
- لماذا الحرب أيّها العقلاء ؟


المزيد.....




- مندوب إيران في الأمم المتحدة: إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر ...
- مندوب إيران في الأمم المتحدة: إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمر ...
- مؤسستان فلسطينيتان: العزلة والمخاطر تتضاعف على الأسرى بسجون ...
- غزة والسودان في عين العاصفة.. الأمم المتحدة تحذر من مجاعة وش ...
- الأمم المتحدة: الحرب الإسرائيلية على غزة تسبّب -معاناة مرعبة ...
- ألمانيا: المؤبد لطبيب سوري متهم بارتكاب جرائم حرب في سوريا
- الأمم المتحدة: 638 ألف سوداني يواجهون خطر المجاعة
- مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تلغي أكثر من 3000 وظيفة بسبب نق ...
- رايتس ووتش: انسحاب المجر من -الجنائية الدولية- إهانة لضحايا ...
- قائد الشرطة الإيرانية يعلن عن اعتقال عدد من جواسيس إسرائيل


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي فضيل العربي - موسم الهجرة نحو الجنوب