أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟














المزيد.....

متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7399 - 2022 / 10 / 12 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟


بيننا و بين فرنسا بحر أبيض ، و تاريخ أسود . مازال البحر الأبيض المتوسط شاهدا على الحملة الفرنسيّة في أواخر جوان من عام 1830 م . و مازال ساحل فرج ، يتذكّر سفن الغزو ، و تتسامع في أرجائه طلقات المدافع و البنادق ، و دويّ القنابل ، و صرخات الغزاة القادمين من شمال البحر ، و أنين القتلى و تكبيرات المقاومين ، المدافعين عن أرضهم و شرفهم . التاريخ هو تأريخ و سجّل ، لا يمكن محوه من ذاكرة المكان و الإنسان .

إذا كانت فرنسا ، بيمنها و يسارها و وسطها ، ترفض الاعتراف بجرائها في الجزائر ، و لا تريد الاعتذار عنها ، و التعويض ، فلماذا ، تثير – باسم حقوق الإنسان – قضايا أخرى ، مثل قضيّة الأرمن ، التي اتهمت فيها تركيا في فترة حكم الدولة العثمانيّة بالإبادة ؟ ما الذي قامت به فرنسا في الجزائر منذ احتلا لها ؟ أليست إبادة وحشيّة للأمّة الجزائريّة العريقة ؟ ألم تبد أكثر من ثلث سكان الجزائر ، دون تمييز بين المدنيين المسالمين و المقاومين الثائرين ؟

كانت حربها شاملة على البشر و الشجر و الحيوان ، و على ما هو عربيّ و إسلاميّ ؟ بل امتدّت يها إلى التراث المادي و المعنوي . فهدمت المعالم الأثريّة العربيّة الإسلاميّة ، و حوّلت المساجد إلى اسطبلات للخيل ، و إلى مكاتب و إدارات عسكريّة و مدنيّة . كتبت لجنة فرنسية عام 1833 م تصف تلك الأعمال الوحشيّة ضد الجزائريين ، ما يلي :
" أرسلناهم إلى الموت لمجرد اشتباه بسيط دون محاكمة للأشخاص الذين كانت تهمتهم موضع شك دائما .. و ذبحنا الناس الذين يتصرّفون بشكل آمن .. لقد تفوقنا على البرابرة في الوحشيّة . "
و " وصلت الأساليب المستخدمة من أجل الهيمنة الفرنسية ، إلى مستويات الإبادة الجماعيّة ، و أدت الحرب و المجاعة و المرض إلى موت ما بين 500.000 إلى مليون جزائري، من تقدير إجمالي للجزائريين بحوالي 03 مليون .. "

إنّ على فرنسا المعاصرة ، أن تعلم أن الجرائم في حقّ الشعوب ، لا تموت بالتقادم ، و لا تُمحى من ذاكرة الشعوب ، و لا تنسى ، مهما تعاقبت الأجيال و الحكومات . و أنّ الفلسفة الاستعماريّة ، القائمة على نظريّة البقاء للأقوى ، إخضاع الضعيف للقويّ ، كانت ، و مازالت ، و ستبقى ، ظلما فادحا و عارا أسود . إنّ من أوجب الواجبات على فرنسا ، قبل بناء جسور الصداقة المتينة مع الجزائر ، القيام بالخطوات التاليّة :
1 – الاعتراف :
على فرنسا أن تعترف ، أنّ ما قامت به في الجزائر ، هي حرب إبادة شاملة . ارتكب أثناءها عساكرها جرائم يندى لها جبين الإنسانيّة . لقد خلّفت فرنسا وراءها عارها ، في الشمال و الجنوب . و مازالت إشعاعات تجاربها النوويّة ، في ولاية تمنراست ( إن إينكر ) و ولاية أدرار ( وادي الناموس ) ، شاهدة على بشاعة جرائمها ، تحصد الأرواح ، و تشوّه الأجساد . و هل يكفي الاعتراف ؟ كلاّ ، لا يكفي . فالاعترف وحده لا يبرئ المجرم ، و لا يُسقط عنه جرمه .
2 - الاعتذار :
على فرنسا المعاصرة ، أن تعتذر للأمّة الجزائريّة . للأحياء و للشهداء ، و للمنفيين في كاليدونيا الجديدة ، و غيرها من بقاع الأرض . أن تبدي أسفها الشديد على ما ارتكبته فرنسا الاحتلال في حقّ الأفراد و الجماعات و القبائل و النساء و الأطفال ، و ما خلّفته عشيّة اندحارها ، من مآس اجتماعيّة و آلام نفسيّة و كوارث اقتصاديّة و جرائم أخلاقيّة ، و أميّة مميتة ، و تخلّف شامل .
و هل يكفي الاعتذار يا فرنسا ؟ كلا ، لا يشفي غليلا ، و لا يريح ضميرا ، و لا يبرّد قلبا . فلا بد إذن من التعويض .
3 – التعويض : ما مقدار التعويض المادي و المعنوي ، عن احتلال دام مائة و إثنان و ثلاثين سنة ؟ التعويض عن جرائم القتل ، و دفع ديّات قتلاها . التعويض عن نهب ثروات الجزائر الباطنة و الظاهرة ؛ من زروع و لحوم و معادن و فواكه . التعويض عن قرن و ثلث من التجهيل ، و حرمان الشعب من طلب العلم و بناء الحضارة و التقدّم ، التعويض عن التشويه الذي لحق الأسماء و الألقاب ، و زلزل البنية الديمغرافيّة ، و أخلط الأنساب . التعويض عن التلوّث البيئي النووي في جنوب الصحراء . التعويض المعنوي عن سنوات القهر و الفقر و الإذلال و الإهانة و تعطيل الفكر و الشتائم و التعذيب النفسي ، و هلمّ جرّا . و هل يكفي التعويض المادي و المعنوي ؟ كلا ، لا يكفي ، ولا يبريء الجراح الغائرة .
4 – المحاكمة : لا بد من عقد محاكمة عادلة ، لفرنسا الاحتلال . محاكمة للضمير و التاريخ و الخطايا الكبرى و الصغرى . لا يهم ، أن يقف الأبناء و الأحفاد أمام القاضي ، للذود عن آبائهم و أجدادهم ، فلهم حقّ الدفاع . و أن يدفعوا ديون أسلافهم في الجزائر ، دون نسيان أثمان القمح ، التي مازلت دينا على أجدادهم منذ قرنين (حوالي 24 مليون قطعة ذهبية ) . منذ حكم شارل العاشر .
فإذا نفذّت فرنسا المعاصرة ، هذه المطالب المشروعة ، دون شروط مسبقة ، تكون قد أزالت عن أسلافها بعض الملامة و العتاب ، و أزالت عن مراياها صدأ السنين الداميّة . و أثلجت صدور الوطنيين الجزائريين ، و نالت عفوهم و تسامحهم .
إنّ الاعتراف بالجرم ، و الاعتذار عنه ، خير من الإنكار . و هما جزء من السلوك الإنساني السامي و الحكيم . أليس خير الخطائين التوّابون ؟ و الرجوع إلى الفضيلة و الحق ، خير من التمادي في الرذيلة و الشرّ .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟
- لماذا الحرب أيّها العقلاء ؟


المزيد.....




- بعد ثلاثين عامًا في السجون الفرنسية: مصير بوعلام بن سعيد معل ...
- -يأكل مما نأكل-.. القسام تنشر مشاهد جديدة لأسير إسرائيلي في ...
- من رام الله - وزير خارجية ألمانيا يحذر إسرائيل من ضم الضفة ا ...
- طهران تطالب واشنطن بالتعويض والضمانات قبل المفاوضات
- التاكسي الطائر في دبي.. 10 دقائق من المطار إلى نخلة جميرا
- بعد تصريحات روسية -استفزازية-.. ترامب يُعلن نشر غواصتين نووي ...
- إسبانيا تسقط 5,500 حصة غذائية فوق غزة وتتهم إسرائيل بتجويع ا ...
- ترامب: خطة أمريكية قيد الإعداد بهدف تأمين الغذاء لسكان غزة ...
- كل ما تريد معرفته عن انتخابات مجلس الشيوخ المصري
- محللون: تهديدات الضم تكشف مأزق نتنياهو في الحرب على غزة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟