أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - أكتب لكم من الجنوب ( 3 )














المزيد.....

أكتب لكم من الجنوب ( 3 )


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7417 - 2022 / 10 / 30 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


متى تضع الحرب الروسية الأوكرانيّة أوزارها ، يا سادتي في الشمال ؟ ألم يحن ، بعد ، مرعد عودة الحكمة و الرشد إلى العقول ؟ ألم توقظ آلام الأبرياء و أنين الأطفال و عويل الضعفاء و عويل الأيامى ضمائركم ، أم ماتت ضمائركم ، و أسقطت أيدي الخريف أوراقها ؟ ها نحن على أبواب الشهر الثامن ، يا سادتي ، و الدماء تُسفك ليلا ونهارا دون هوادة . لقد جفّت عيون المقهورين من الدموع السوداء ، و بلغت قلوبهم الحناجر ، و بحّت أصواتهم من هول العويل .
أنا على يقين ، بأنّ الحرب ستنتهي - لا شك ، في ذلك، يا سادتي - آجلا أم عاجلا . كما انتهت الحروب السابقة و الغابرة . لا شيء يستمرّ و يدوم إلا الخالق تعالى . فالحرب ، مهما طالت ، لا بد أن تتوقّف ، و يجنح المتحاربون إلى أيكة السلام ، و ستعاد الأسلحة الخفيفة و الثقيلة إلى صناديقها و مخازنها في انتظار حرب جديدة .
سيضع المتقاتلون الأحياء ، السالمين و المعطوبين ، أسلحتهم جانبا ، و يستريحون من ضوضاء المعارك و أزيز الرصاص و دوي المدافع و الصواريخ و هدير الطائرات المغيرة بعد منتصف الليل ، و سيستحمّون ، و سيغيّرون ملابسهم القديمة ، و يلبسون ملابس جديدة ، و سيستمتعون بتدخين سجائرهم و غلايينهم ، و سيحكون لأبنائهم و أحفادهم بطولاتهم في المعارك ، و ستُخرج الأمهات أطفالهنّ إلى حدائق الألعاب و الساحات . و سيكشف كل طرف حجم خسائره الماديّة و البشريّة ؛ عن عدد قتلاه و جرحاه ، عن اليتامى و الأيامى ، و المشردين . عن الدمار و الخراب الذي لحق البيوت و المصانع و المزارع ، و المنشآت الأخرى . لكن ما الفائدة ، من كل ذلك ؟ هل ستشفي نهاية الحرب النفوس و القلوب من أدواء مآسيها ؟
عندما تنهي ، يا سادتي العقلاء ، ستشتعل العيون انتظارا ؛ ستقف الأمهات و الجدّات و الأخوات و العمّات و الخالات و الجارات عند عتبات البيوت ، مترقبات ، عودة أبنائهنّ و أحفادهنّ و إخوانهنّ و أبناء أخواتهنّ و أبناء إخوانهنّ و أبناء جيرانهنّ ، من جبهات القتال . و ستتلظّى الزوجات على جمار الشوق و الانتظار لحين رجوع أزواجهنّ أحياء ، سالمين من هول الحرب . سيسأل الأطفال عن آبائهم ، لماذا لم يعودوا من غيبتهم و سفرهم كما قيل لهم ؟
لكن ، آلام الحرب و عواقبها النفسيّة ، لن تنتهي سريعا . ستبقى عالقة في سقف الذاكرة ، ستظل وخزاتها الداميّة منغرزة في القلوب المكلومة .
ستبقى الآلام شاهدة ، على رعونة الإنسان المعاصر و إصراره على قتل أخيه الإنسان . و كأنّه هو الذي وهبه الحياة . و هو الذي يملك قرار إنهاء حياته . ألا ، ما أشدّ رعونة هذا الإنسان المعاصر و ظلمه الدامس . كيف منح لنفسه التصرّف فيما ليس يملكه ؟ كيف فوّض نفسه الاعتداء على نفس خلقها الله لتعيش و تعمّر الأرض ؟ كيف نسي ، أو تناسى ، أنّ من قتل نفسا واحدة ، فكأنّما قتل الناس جميعا ، فما باله و هو يقتل في كل يوم آلاف الأنفس ؟
مازالت البشريّة ، لم تتعاف من آلام الحربين العالميتين ، و من مخلّفات عارها . قُتِل ملايين الأبرياء دونما وزر ارتكبوه . ذنبهم الوحيد ، أنّهم كانوا في مرمى فوهات البنادق و المدافع ، و القنابل ، و في ساحة اللامبالاة و الوحشيّة و الحقد الفظيع .
يا سادة الحرب .. أناديكم من الجنوب . و ألتمس منكم ، بصريح العبارات ، و دون مجاز أو كناية أو مجاملة أو استعطاف :
رفقا بالإنسانيّة جمعاء . أنتم تهدرون المال الوفير في صنع الأسلحة الفتّاكة لقتل الإنسان ، و نحن ، هنا ، في الجنوب نتضوّر رعبا . تحالف ضدّنا الجوع و الإرهاب و المرض و الجهل ، فبأيّ حق أو قانون تمنعون عنّا الغذاء و الدواء و الكساء و السلام ؟
سيشكوكم الأطفال إلى الله ، يا سادتي ، و سيخبرونه – كما أخبره ذلك الطفل الشامي ، السوريّ ، و هو مرميّ على ركام منزله – بأنّكم أضرمتم حربا ضاريّة ، ظالمة ، و أهدرتم آلاف الملايير حطبا لها . بينا هم في معمعة الحرب الجنوب و الجوع ، يموتون ، في كل لحظة ، موتا بطيئا و سريعا .
ألا تبّا ، لكم يا من أوقدتم نيران حرب قذرة ، التهمت الأخضر و اليابس .



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكتب لكم من الجنوب ( 2 )
- أكتب لكم من الجنوب
- ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين
- حديث عن أم ريفيّة ( 5 )
- موسم الهجرة نحو الجنوب
- متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة
- الكتاب الورقيّ في عصر الرقمنة.. ما محلّه من الإعراب ؟
- الحرب النظيفة و الحرب القذرة
- أزمة الذكورة و الأنوثة في المجتمع العربي ؟ أين الخلل ؟
- تثقيف السياسة
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة


المزيد.....




- من أثينا إلى بيروت.. عمال خرجوا في مسيرات في عيدهم فصدحت حنا ...
- بيربوك: توسيع الاتحاد الأوروبي قبل 20 عاما جلب فوائد مهمة لل ...
- نتنياهو: سندخل رفح إن تمسكت حماس بمطلبها
- القاهرة وباريس تدعوان إلى التوصل لاتفاق
- -حاقد ومعاد للسامية-.. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهاجم الرئيس ...
- بالفيديو.. رصد وتدمير منظومتين من صواريخ -هيمارس- الأمريكية ...
- مسيرة حاشدة بلندن في يوم العمال
- محكمة العدل الدولية ترد دعوى نيكاراغوا
- خردة الناتو تعرض في حديقة النصر بموسكو
- رحيل الناشر والمترجم السعودي يوسف الصمعان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - أكتب لكم من الجنوب ( 3 )