أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - رحمة تبدد وجع أبيها رياض














المزيد.....

رحمة تبدد وجع أبيها رياض


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7879 - 2024 / 2 / 6 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


كان ذلك اللقاء الأخير معه في فندق بابل أوبروي في بغداد قبل أكثر من ثلاثة عقود، كانت رحمة معنا آنذاك، لم تتجاوز سنواتها الخمس، ووالدها يحثها على تناول الطعام الذي أمامها، وهي ترفض بنزق طفولي، قال لها “عمك كرم من أحب الصحافيين إليّ”.
لم يكفّ رياض أحمد عن الشكوى الموجعة حد المرارة بشأن الطوق المحلي الذي فرضته طبيعة الغناء على صوته، كان يتساءل أمام نفسه وأمام من يثق بهم: كيف لي أن أجعل الملايين من العراقيين يذوبون ولهاً، بينما أعجز عن إيصال غنائي إلى العالم العربي؟
كان رياض يرفض القبول بطبيعته المحلية الريفية التي يغني بها ويصعب عليه أن ينقل الوجع والتساؤل اللذين يبثهما في غنائه إلى المستمع العربي، بنفس السهولة التي أتيحت فيما بعد لابنته رحمة. لقد انكسر الحاجز الجغرافي منذ أن قتلَ البث الفضائي حارس البوابة. لكن رياض وفق مشيئة القدر ذهب إلى العالم الأبدي!
كان صوت رياض أحمد يؤدي أصعب الأطوار الريفية ويشق شغاف القلب، حتى أن مظفر النواب اعترف لي في حوار معه تم نشره بأنه لم يشعر بقصائده تغنى مثلما شعر بها بصوت رياض، وقال لي النواب من دون وجل عندما يشاهد فيديو جنازة رياض أحمد لا يقدر على أن يعبّر عن نفسه بغير البكاء “فمن يبكي على مظفر النواب بعد موته اليوم؟”.
ذلك لا يعني أن رياض يكتفي بغنائه الريفي؟ من يعود إلى الترنيمة التعبيرية الشغوفة التي تركها الموسيقار محمد جواد أموري في صوت رياض عام 1974 “خليني غصن عطشان يتباهى بمواويلك ” التي كتبها كريم راضي العماري، يدرك أن رياض قادر على الخروج من ريفيته إلى أغنية البيئات العراقية وفق تعبير الناقد الراحل عادل الهاشمي. مثلما صنع ياسين الراوي مرحلة مجددة في صوت رياض في ثمانينات القرن الماضي، من بينها أغنية “أحبك ليش ما أدري” التي كتبها أسعد الغريري، وعندما زار العراق الفنان السعودي عبدالمجيد عبدالله في يوم الفن العراقي عام 1989 انبهر بالأغنية وطلب من جعفر الخفاف الذي لحن لرياض آنذاك “مجرد كلام” التي كتبها طاهر سلمان لحناً على منوال الأغنيتين، بيد أن الطوق الأعمى الذي فرض على العراق عام 1990 حال دون تواصل الخفاف مع عبدالله، لكن الأخير لم يُضع الفرصة فصنع على منوال ما غناه رياض أغنية “أحبك ليش أنا مدري”!
مهما يكن من أمر، لا أحد يُقدر الوجع الفني الذي كان يعاني منه رياض أحمد وهو يشعر بالعجز عن كسر طوق المحلية وإيصال غنائه إلى العالم العربي، فكأن كل ذلك الشغف العراقي بصوته لا يكفي، عندما كان يشاهد أصواتا أقل منه أهمية تصل أسرع منه!
واليوم إذ تكسر ابنته رحمة هذا الطوق على غنائه، فإنها تجعله يرقد مطمئناً في مثواه الأبدي. والأروع من ذلك عندما تُعيد أغانيه القديمة للجمهور العربي، وتجلب لها كل هذا الإعجاب “ماذا لو كان رياض اليوم يصل بغنائه إلى المستمع العربي”؟
عندما أتمتع بأداء رحمة في إعادة أغاني أبيها يأخذني الشغف إلى زمنه، لكن الحس النقدي يفرض عليّ قواعده، فرحمة جاهلة بعلوم الغناء وثقافتها الموسيقية متواضعة، وهي بحاجة إلى سنوات من التلقين لتتعلم نطق مخارج الحروف بشكل صحيح، مع أن صوتها يصل إلى أوكتاف ونصف وهو أقرب إلى “ميزوسوبرانو” وقد يعبر في طبقات محدودة إلى “سوبرانو” وفق علم أصوات النساء، وعندما تؤدي ألحاناً خالدة في الغناء العراقي، فإنها تجهل القيمة اللحنية لتلك الأغاني وتكتفي بالأداء المجرد. ومع ذلك فإن والدها سيرقد بسلام لأن أجمل أغانيه وصلت إلى الجمهور العربي بصوت ابنته بعد أن عجز عن إيصالها بصوته!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرعة من الأدرينالين للخيال الأمريكي تجاه إيران
- عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي
- الجناة لا يحلون مشاكل العالم في “دافوس”
- محدّث التراث في لحن أحمد الخليل
- مطاعم سفراء البضاعة السياسية الكاسدة
- ديكور فيلم هندي في بغداد
- يا لسعادة العراقيين بمقتل السعيدي
- عودة إلى مجزرة أنشودة المطر اللحنية
- أرقد بسلام أيها المدافع الشرس عن الحقيقة
- عرض السوداني الأخرق على ضفة الكاظمية
- بلاد العصابات
- أبحث عن تونس في تونس!
- قفازات إيران البيضاء بوجه إسرائيل
- علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية
- بوتين في بيتنا، أي أمل سيتركه؟
- متى يلحن كاظم الساهر لنانسي؟
- عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!
- واشنطن تخسر وإسرائيل لن تربح
- حرية التعبير ضحية أيضا
- امرأة تعلمنا أن نكون على قيد الحياة


المزيد.....




- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-
- مِنَ الخَاصِرَة -
- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - رحمة تبدد وجع أبيها رياض