أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!














المزيد.....

عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7814 - 2023 / 12 / 3 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان سيئ الذكر دونالد رامسفيلد يبرر التدمير الذي حل بمدن العراق بعد أيام من هجوم عام 2003 بـ “أخلاقية الحرب” لأن الحرب وفق وصفه تجلب الحرية! ومن البديهية بمكان القول إنه في هذا الهراء كمن يضع حذاءه في فمه وفق المثل الإنجليزي السائد.
اليوم عادت نفس المفاهيم المفلسة عن أخلاقية الحرب وأكبر جيش أخلاقي في العالم وضياع البوصلة الأخلاقية مع حرب الإبادة التي شنت على غزة وأودت بحياة اثنتين من الأمهات كل ساعة، وسبع نساء كل ساعتين. وفق الأمم المتحدة.
عندما سألت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الفلسطينية الإسرائيلية، أندرو ميلر، في مؤتمر صحافي عقد عبر تطبيق “زووم” قبل أيام عن استخدام مصطلحات “الأخلاق” و”الحرب الأخلاقية” و”الجيش الأخلاقي”. برأيك من يتحمل قتل أكثر من 14 ألف مدني فلسطيني؟ كان لا يجد الإجابة الواضحة إلا بمقدمة طويلة يبررها بأنه ليس فيلسوف أخلاق وهذه الحرب لم تكن تحدث لولا هجوم حركة حماس في السابع من تشرين الأول الماضي!
ذلك ما يريده الداعمون لغطرسة نتنياهو، فتاريخ الصراع والتهجير لا يبدأ من ذلك اليوم، والعنف الإسرائيلي لم يبدأ من ذلك اليوم أيضًا، كما أن حماس ليست المقاوم الوحيد الذي تنتهي مشكلة العنف بمجرد القضاء عليها، أو وفق تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه “من المهم أن يتم أيضا إدراك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ. لقد تعرض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق لمدة 56 عامًا”.
وجملة “التاريخ الكبير والجغرافيا الضيقة” التي طالما تذرعت إسرائيل بها لمنع حصول الفلسطينيين على حقوقهم تفند ذريعة أن تاريخ الصراع بدأ في السابع من تشرين الأول.
أما الهدوء النسبي الذي ساد خلال العقد الماضي فقد كان مبنيًا على سلسلة من الأوهام: أن الفلسطينيين وتطلعاتهم إلى الحرية يمكن إخفاؤها خلف الجدار العنصري وتجاهلها؛ وأن أي مقاومة متبقية يمكن إدارتها من خلال مزيج من التكنولوجيا والقوة النارية الساحقة؛ وأن العالم، وخاصة الدول العربية المطبعة، قد “سئمت” من القضية الفلسطينية لدرجة أنه يمكن إزالتها من الأجندة العالمية، وبالتالي، يمكن للحكومات الإسرائيلية أن تفعل ما يحلو لها ولا تتحمل سوى القليل من العواقب.
ذلك ما تبدد كليًا خلال الأسابيع الماضية، وأن القضية الفلسطينية التي يراد سحقها بلا أخلاقية دولية أكبر من قطاع غزة وما حل به.
تبرير ما حدث لآلاف المدنيين في غزة بذريعة “الحرب الأخلاقية لحماية النفس” يفتقر إلى الأخلاق بالأساس، ويمكن لأي متابع أن يسرد قائمة من الانتهاكات الشنيعة والمخزية استخدمت فيها مفردة الأخلاق بلا وازع أخلاقي أصلا!
فقد أوقفت لجنة الأخلاقيات في “الكنيست” النائبة عايدة توما سليمان، من “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” لأنها قالت “ما زالوا يصرون على أن الجيش الأكثر أخلاقية في العالم؛ لا يؤذي الأبرياء ولا يهاجم المستشفيات!”
بينما اتهم نتنياهو كل صحافي ينقل معلومات عن جرائم الحرب في غزة بأن “أفعالهم كانت تتعارض مع الأخلاقيات المهنية”!
ولم يجد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، غير جملة “البوصلة الأخلاقية المفقودة” عندما هاجم رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فرادنكار بعد أن عبر عن سعادته بعودة إيرلندية في عملية تبادل الأسرى، لمجرد استخدامه مفردة مفقودة!
فرد كوهين قائلا “يبدو أنك فقدت بوصلتك الأخلاقية وتحتاج إلى التحقق من الواقع!” بينما كوهين نفسه تلميذ متفوق في دروس الكراهية وهو يتحدث عن البوصلة الأخلاقية.
بينما عبرت المحللة مايا ليكر في صحيفة هارتس “الإسرائيلية” عن غيضها من المؤثرين المؤيدين للفلسطينيين ومستخدمي وسائل التواصل من خارج إسرائيل وفلسطين عندما يجدون أن عمليات تسليم الرهائن والتصفيق لحماس وهم يطلقون تحية لأسراهم أمام الكاميرا هو استعراض علني يثلج صدر الإنسانية والأخلاق من قبل مقاتلي حماس.
كوهين مثله مثل نتنياهو، عندما وقف في إحدى ليالي تشرين الأول المظلمة من عام 1995، على شرفة تطل على ميدان “صهيون” في القدس. ورفعت أمامه لافتة كتب عليها “الموت للعرب”. ووقف تحته حشد من عشرات الآلاف. في وقت كان إسحق رابين، يدفع من أجل التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية. كان ذلك الاحتجاج قد نظمه المعارضون اليمينيون لاتفاقات أوسلو. وفي ذلك الوقت، كان نتنياهو يبلغ من العمر 46 عامًا الزعيم المنتخب لحزب الليكود اليميني. وكان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه وجه جديد متهور في مشهد سياسي منهك لا يزال يهيمن عليه المحاربون القدامى الذين يعلقون شارة العار العنصرية.
منذ ذلك الوقت كان نتنياهو تلميذًا في مدارس الكراهية اللاأخلاقية، فيما هو اليوم لا يتوقف عن الحديث عن المعايير الأخلاقية وهو يرفع لافتة “الموت للعرب”.
حتى داعمو “إسرائيل” يعبرون عن عجزهم في تبرير سقوطها الأخلاقي في غزة، فقد عبر السناتور الأمريكي الديموقراطي كريس مورفي عن خشيته أنّه إذا كانت استراتيجية “إسرائيل” وهدفها النهائي هو هزيمة حماس، فإنّ هذه الوتيرة من الخسائر المدنية، التي لها بالتأكيد تكلفة أخلاقية، ستترتّب عليها أيضاً تكلفة استراتيجية.
صحيح أن كل السياسيين يكذبون. يعتبر الكثير من الناس أن هذه الفكرة بديهية لدرجة أنهم يكذبون للدفاع عن الكذب نفسه، لكنهم عندما يعلقون بوضوح شارة الكراهية ويتحدثون عن الحرب الأخلاقية فهذا امتياز سياسي “إسرائيلي”.
هنا لا تصبح ضرورة إلى لجنة الأخلاقيات في البرلمانات والحكومات، عندما تتراكم الأكاذيب لتبرر قتل الأطفال الخدج.
لأن شرح معايير الأخلاق لنتنياهو، عندما يتعلق الأمر بقتل الأطفال والأمهات يبدو وكأنه شرح السوريالية لأحمق في مصحات المدارس السياسية!
فكل ما حصل بشأن الاستثمار الزائف للمفاهيم الأخلاقية في حرب غزة، يطبع فكرة مفادها أن الكذب هو مجرد تكلفة ممارسة الأعمال التجارية اللاإنسانية في السياسة. فقد أصبح الفساد الأخلاقي ملحميًا في هذه الحرب.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن تخسر وإسرائيل لن تربح
- حرية التعبير ضحية أيضا
- امرأة تعلمنا أن نكون على قيد الحياة
- لا نحتاج حلا لمعادلة الحلبوسي
- كم عبدالحليم في مصر اليوم؟
- لابد من درويش عندما يُفقد الأمل
- يفكرون نيابة عنا!
- العراق المزيف لا يشكل خطرا على إسرائيل
- قطيعة فائزة أحمد مع عراقيتها!
- نادي كبار الكذابين بصلافة
- غاستون باشلار في بيتنا
- إسرائيل تعيش تحت وطأة الحطام الوجودي
- همايون ناظم الغزالي
- انكسار “الغطرسة الإسرائيلية”
- معادلة شاذة لعدد الصحافيين في العراق
- احتفاء غير مسبوق بالفشل
- نجاح سلام العراقية
- لا دروس نتعلمها على طاولة الديمقراطية
- الغناء الليبي كان وظل مشرقيًّا
- تعريف عراقي للذيول


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!