أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - معادلة شاذة لعدد الصحافيين في العراق














المزيد.....

معادلة شاذة لعدد الصحافيين في العراق


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7760 - 2023 / 10 / 10 - 15:47
المحور: الادب والفن
    


إذا كان عدد الصحافيين الأميركيين قد انخفض بنسبة 60 في المائة منذ عام 1990 أثر الأزمة الوجودية التي تعاني منها وسائل الإعلام، وفي دولة ديمقراطية فضل فيها الرجال الأقوياء الذين كتبوا دستورها، دولة من دون حكومة على دولة من دون صحافة، فإن ذلك التراجع المخيف في عدد الصحافيين الأميركان يتحول إلى معادلة في غاية الشذوذ عندما يتعلق الأمر بالعراق!
لقد أزداد باطراد عدد "الصحافيين" في العراق منذ عام 2003، وهو خبر لا ينم عن تعافي الصحافة في هذا البلد الذي يعاني من أزمة معايير، بقدر ما يمثل صورة مخيفة عن الانهيار، عندما تصبح الصحافة أسهل المهن في بلد يتم فيه فتح قناة فضائية أو صحيفة إلكترونية، كدكان بقالة لا يحتاج أكثر من رأس مال. أما الحديث عن معايير الدرس الأول للصحفي فذلك لا أهمية له بتاتا، فما بالك بالدروس الأكثر أهمية!
كذلك ساد "سوء التربية الإعلامية" واتخذ "المقدم التلفزيوني" من مشاهير التدوين على مواقع التواصل مثالا لإنتاج الهراء. بدلا من أن يرتدي ربطة عنقه احتراما لصناعة الأفكار وقواعد اللغة!
فقد مثلَ حديث "مراسلة" قناة فضائية عراقية من داخل معرض بغداد للكتاب في الأيام الماضية، ما يمكن أن يُعبّر عن الحثالة التي تلصق بالصحافة العراقية عندما تفاخرت بجهلها وأميّتها، وتحدثت على الهواء مباشرة عما يريده المشاهد والقناة منها! فهي ليست شاعرة ولا فيلسوفة!
لا تكمن الضحالة عند هذه "المرسلة" وحدها، بل زاد مقدما البرنامج نفسه في استوديو البث من مشهد الابتذال التلفزيوني، عندما تبادلا معها الضحكات والتهكم والسخرية من وعي المشاهد، وأرشداها إلى الطريقة التي تتجول فيها بالمعرض وتحاور الناشرين والزوار!
ليست هذه "الفتاة" مثالا شاذا في واقع وسائل الإعلام الحالية في العراق التي لا تبالي بالغثيان الذي تسببه للجمهور، بل تكاد تكون سائدة عندما يتم اختيار مقدمي البرامج والمحاورين في القنوات العراقية وفقا لـ "الشكل" كميزة أساسية، أما ما يتعلق بالمعرفة فذلك أمر لا أهمية له.
عادة ما تتم إدانة الصحافة بعدم الإخلاص لجوهرها بقصص تاريخية معزولة وغير عادلة، كي يسوغ لمن يريدها أن تكون بلا ضوابط لتتنازل بعدها عن حساسيتها. ويتم تجاهل ضغوط السلطة على الصحافة لكسرها أو على الأقل دفعها إلى الانحناء وتقديم فروض الولاء، بينما أوجدت الرثاثة السياسية القائمة في العراق معادلا إعلاميا مبتذلا لها متمثلا بتلك النماذج التي مثلتها "مراسلة" تلك القناة في معرض بغداد للكتاب.
فتلك النماذج الهزيلة تمثل أفضل الطرق وأسهلها للسلطات الحكومية في كسر الصحافة العراقية، عندما تفقدها الجودة الأخلاقية وتترك إدارتها لمجموعة من المهرجين يفتقدون إلى الكياسة والذكاء وصناعة الأفكار وبلا حماسة البحث عن الإجابات الأكثر طلبا من قبل المجتمع العراقي.
وهو ما فعلته أيضا تلك السلطات بسياسة الترهيب وسن "قوانين" يصفها المخلصون لجوهر الصحافة بحماية البرلمانيين ورجال الطوائف وزعماء الميليشيات والأحزاب من عواقب الغباء الخاصة بهم.
لذلك من المهم بالنسبة للصحافيين العراقيين وهم يخوضون معركة وجودية مع الطبقة الأولغارشية ولصوص الدولة، ومعركة أخرى موازية مع المهرجين وحثالة قطاع طرق القنوات الفضائية، أن يكونوا قادرين على تحديد وإعلان قيمهم وأهدافهم واستقلاليتهم. لتفنيد الصورة السائدة عن كون الصحافي العراقي مجرد أداة وتابع لرجال الطوائف والميليشيات وتجار السياسة الأغنياء الذين يديرون وسائل الإعلام من وراء الكواليس.
أما عندما يدير الصحافي ظهره للأفكار المبتكرة، والخضوع لسيطرة العقل القبوري الحاكم، وترك مواهبه مُلكْ الآخر، فإنه سيجعل من الصحافة مقبرة لنفسه، كما فعلت "مراسلة" تلك القناة العراقية التي كانت أشبه بدمية تقفز عندما يحرك الممولون الخيوط.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتفاء غير مسبوق بالفشل
- نجاح سلام العراقية
- لا دروس نتعلمها على طاولة الديمقراطية
- الغناء الليبي كان وظل مشرقيًّا
- تعريف عراقي للذيول
- المعضلة الوجودية في العراق المزيف
- كيف مرَّ آب اللهاب؟
- الجانب الأروع من كريم العراقي
- نسختان من إيران ومن خامنئي
- المعضلة المعرفية أكبر من شارع المتنبي
- رسالة فاروق هلال بأصابع مرتعشة
- كن قذرا!
- صورة عتيقة لكنها معبرة عن السياسة البريطانية
- الحقيقة القبيحة تنمو وتتصاعد
- أطباء فائضون عن الحاجة
- أسهل وصفة لتدمير بلد
- الموت يفقد مواصفاته العراقية!
- هل حقا الديمقراطية تحقق النجاح؟
- بورخس قارئ رقمي!
- العنصري في غربته يبيع الماضي


المزيد.....




- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - معادلة شاذة لعدد الصحافيين في العراق