أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - صورة عتيقة لكنها معبرة عن السياسة البريطانية














المزيد.....

صورة عتيقة لكنها معبرة عن السياسة البريطانية


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رسم أوين جونز وهو محرر شجاع في صحيفة الغارديان “تعرض للضرب مرة من مجهولين في الشارع” صورة عن السياسة البريطانية التي لم تتغير، ولا يوجد أي مؤشر واضح بالنسبة لنا أنها ستتغير في المستقبل، لأن فلسفتها تكمن في مبدأ لم يتم التنازل عنه “فرق تسد”.
فمن تشرشل إلى سوناك لطالما كانت سياسة فرق تسد السامة هي السلاح المفضل لدى حزب المحافظين، فالصورة المتوارثة عن تشرشل تكسرها قصة واحدة في نظرته للمرأة مثلا، عندما أخبر أن البريطانيات يتظاهرن من أجل الحصول على حقهن في التصويت بالانتخابات، الذي كان فيها الانتخاب يقتصر على الذكور آنذاك، رد بغطرسة إمبريالية مقللا من أهمية الاحتجاج، وشبه الأمر كما يتظاهر فيه الرجال أمام المستشفيات للمطالبة بحق الحمل!
اليوم يبدو السياسيون البريطانيون يعودن إلى جذورهم التشرشلية، بمجرد استعادة ما سمي بفاتورة الأجانب من تشرشل حتى مزاعم تيريزا ماي بشأن قطة مهاجرة، لنرى من جديد تقليدا قديما وحزينا في السياسة البريطانية، وفق تعبير جونز.
كان بوريس جونسون ضارا بالديمقراطية البريطانية من نواح كثيرة، كالضرر الذي تركه توني بلير في أكاذيبه التي لوثت التاريخ عن زيف ذرائع احتلال العراق. ولكن غالبا ما يتم التغاضي عنهما معا بشكل واضح.
جونسون المحافظ مثل بلير العمالي كان مبتذلا، فظا في عدم نزاهته، بتجاهله الصارخ للحقائق ومعايير اللياقة، لدرجة أن السياسيين سيئو السمعة يمكن أن يقدموا أنفسهم على أنهم شرفاء بالمقارنة مع الاثنين “علينا ألا ننسى هنا أن السياسيين الكبار، هم كذابون كبار”.
رئيس الوزراء الحالي، ريشي سوناك، هو مثال لافت للانتباه. يدين برئاسته للوزراء ليس للموهبة السياسية، ولكن للظروف.
تم تسليمه وزارة الخزانة لأن سلفه ساجد جافيد، رفض إقالة مستشاريه وإخضاع نفسه لكبير مستشاري جونسون آنذاك، دومينيك كامينغز، الملقب برجل الحملات الدعائية “مهندس اللااتفاق” في إشارة إلى تحمسه المفرط أثناء التصويت على بريكست لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “استقال لاحقا وخرج من الباب الخلفي لمبنى 10 داونينغ ستريت “.
سوناك بعد عدة أشهر في رئاسة الحكومة لم يكشف أكثر من عجزه السياسي ولم يستطع حتى التغلب على ليز تروس، التي فازت بقيادة حزب المحافظين لكنها سرعات ما حطمت الاقتصادي ولم تصمد في رئاسة الحكومة بضعه أسابيع.
ومثلت استقالة تروس “أروع” انهيارا حكوميا في تاريخ الديمقراطية البريطانية، وكان سوناك مشاركا برغبة مفضوحة وليس متفرجا على ذلك الانهيار.
وها هو اليوم يفشل في تقديم إجابات واضحة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي اذكاها المحافظون بعد ثلاثة عشر عاما في الحكم عانى منها البريطانيون من قسوة المعيشة.
سوناك، وفق تعبير جونز، يخطط للنزول إلى الحضيض، على أمل أن تؤدي الرائحة الكريهة إلى إرباك الناخبين بما يكفي لمنع المعارضة من استبداله.
يستعيد تلك الفلسفة السياسية العتيقة الكامنة في فكرة “فرق تسد” بعد الانتكاسة الأخيرة للمحافظين في الانتخابات الجزئية، والتركيز على سياسة عنصرية ضد المهاجرين “سوناك وزوجته من عائلتين مهاجرتين” في سياسة معهودة للحزب.
المحافظون حزب يمثل دائما مصالح النخبة الثرية في بريطانيا، هذا لا يعني أن حزب العمال أرفع قدرا منهم “عندما رفضت انتخاب مرشحة حزب العمال في منطقتي قبل سنوات سألتني لماذا تفضل الأثرياء، رغم أنني أيضا لم أنتخب مرشح المحافظين، قلت لها لا اريد نسخة أخرى من الكذاب بلير”.
مع ذلك يبدو ما ينتظر بريطانيا من حكومة سوناك لا يختلف كثيرا عما عاشته تحت وطأة حكومة جونسون، اذ يمكن استعادة الجملة التاريخية المتداولة عن الانقسام السياسي السام بين الحزبين في بريطانيا فـ “الرجال من الدرجة الأولى!! لن يحشدوا الغوغاء، ولن ينتخب الغوغاء رجالا من الدرجة الأولى “.
على هذا النحو، لطالما كانت سياسة فرق تسد سلاحا رئيسيا في ترسانة حزب المحافظين داخل بريطانيا وفي مستعمراتها.
كان المهاجرون هدفا خاصا. منذ أن قدم حزب المحافظين مشروع قانون الأجانب قبل مائة عام، ثم أثارت مارغريت تاتشر التحيز من خلال إعلانها أن “الناس يخشون حقا أن تغرق هذه البلاد بأناس لديهم ثقافة مختلفة”. وقدمت حكومة ديفيد كاميرون المهاجرين كبش فداء للخدمات العامة التي دمرها التقشف، حيث لجأت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي “صارت رئيسة وزراء لاحقا” إلى مزاعم خادعة بأنها لا تستطيع ترحيل مهاجر غير شرعي لأنه يمتلك قطة!! تلك كانت كذبة مكشوفة بشكل معيب.
واليوم يعتزم حزب المحافظين ترحيل اللاجئين والمهاجرين ووضعهم في باخرة راسية في البحر أشبه بمعتقل “بينهم من سوريا والعراق واليمن” على أمل أن يبقى ريشي سوناك في الحكم.
كم هو محبط، أن نرى في خصم المحافظين سياسيا مثل كير ستارمر زعيم حزب العمال خال من أي جوهر مبدئي واضح، يُذكر بخرقة مبلولة بالنفط كان يمثلها توني بلير.
هكذا تعيش الديمقراطية البريطانية في مستنقع فاسد وفق تعبير أوين جونز، وأكثر سمية من أي وقت مضى.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة القبيحة تنمو وتتصاعد
- أطباء فائضون عن الحاجة
- أسهل وصفة لتدمير بلد
- الموت يفقد مواصفاته العراقية!
- هل حقا الديمقراطية تحقق النجاح؟
- بورخس قارئ رقمي!
- العنصري في غربته يبيع الماضي
- إيلون ومارك كالحلوى بمذاق مر
- يكذبون علينا ونكذب عليهم!
- يا لوجع مي من دون رافع
- متى نستعيد أمل خضير
- لا أسعد من ذوي الياقات الزرقاء
- ساعة تسديد الحساب الوطني
- رومانسية اقتصادية بين واشنطن ولندن
- إيكاروس بغداد بمذاق تمر مر
- بايدن أم ترامب: ذعر الخفافيش العمياء
- فائق حسن وصدام حسين
- عمار الحكيم زعيم العروض الصوتية الزائفة
- عودة إلى سوينتون والصائغ
- ومتى كانت كرة القدم عادلة؟


المزيد.....




- ضابط روسي: تحرير -أوليانوفكا- ساهم بانهيار خط دفاع أوكراني ب ...
- تصريح غريب ومريب لماكرون عن سبب عدم فرنسا من مشاركة إسرائيل ...
- طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائي ...
- فيديو.. الأمن الإيراني يطارد -شاحنة تابعة للموساد-
- إسرائيل تقلص قواتها في غزة لأقل من النصف.. ما علاقة إيران؟
- إسرائيل.. ارتفاع عدد القتلى بعد انتشال جثتين من تحت الأنقاض ...
- -منتدى الأعضاء السبعة-.. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
- فيديو.. قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل
- فيديو.. صاروخان إيرانيان يشعلان النار بمحطة طاقة في حيفا
- تقرير -مخيف- عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - صورة عتيقة لكنها معبرة عن السياسة البريطانية