أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - المعضلة الوجودية في العراق المزيف














المزيد.....

المعضلة الوجودية في العراق المزيف


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7735 - 2023 / 9 / 15 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


أن تكون أمام هجين تعليمي عراقي في يوم واحد، يجعلك كمن يعيد التفكير بالجذور والمعايير التي تدافع عنها، على الأقل أمام القراء. لأن المعايير الصحيحة أكثر أهمية من القرار نفسه في العملية التعليمية.
تحدث معي صديق من العراق، وهو كاتب على درجة من الثقافة المعتادة، ونشر دستة من الكتب، يلومني على مقالاتي السياسية في موقع قناة “الرافدين” إلى حد وصفني بالمتطرف (…) في حكم لم يستطع الدفاع عنه.
قدر هذا الرجل هو الانهيار الطائفي الكامن في داخله ولا يخفيه، بل يجهر به علنا بوصفه حلا لما يسميه حق الطائفة التاريخي في معادل مبتذل للمظلومية! لذلك يجعل خيار دعم العملية السياسية القائمة في العراق، لا مناص منه من أجل الدفاع عن المذهب، وأن تطلب الأمر تهميش الوطنية العراقية لحساب الاعتقاد الطائفي.
لم أستطع التواصل مع “صديقي” كثيرا لأنني أدركت طريقة تفكيره، مع أنني استمعت له بصبر حسدت نفسي عليه، فرغم أنه قضى عقودا في القراءة لكنه لا يستطيع التخلص من فكرة الانقياد للخرافة التاريخية كخيار “مقدس” لا يخضع للحوار. لذلك دافع بطريقة مثيرة للاستغراب والاستهجان عن مجمل العملية التعليمية في العراق، بوصفه جزءا من هذه العملية.
وقال بطريقة جعلتني أشعر بالخجل المعرفي، عندما تصدر من كاتب و “مثقف” مثله! إن التعليم في العراق منذ عام 2003 يكاد ينافس أرقى المؤسسات التعليمية في العالم، وأن الأطفال العراقيون يتم إعدادهم حاليا بطريقة تعليمية وحضارية على أرقى المعايير الدولية!
لن يكون هذا الرأي مفاجئا عندما يصدر من زعماء الأحزاب ورجال الطوائف الذين يبيعون الخرافة في سوق الحثالة السياسي والتعليمي. لكنها عندما تصدر من رجل أصدر دستة كتب، هذا يعني أن الفاجعة التعليمية في العراق أكبر بكثير من كل ما نكتب في مسعى لاستعادة العراق المخطوف من خاطفيه.
لسوء حظ هذا الرجل، وصلني في اليوم التالي لحوارنا الهاتفي المثير للإزعاج، فيديو قصير من زميل آخر، لمعلمة في مدرسة عراقية تلقي درسا على تلاميذ، يظهرون من أعمارهم أنهم في الصف الأول الابتدائي، في معنى الانهيار التعليمي، عندما تدربهم على طريقة اللطم والردح الطائفي، وتدفعهم إلى مزيد من الهتاف وفق مدونة المراثي السائدة في العراق!
كان اعتقاد صديقي الأول أمرا مفجعا، لكن الأكثر فجيعة منه تلك المعلمة بعقليتها الرثة، مع ذلك ترددت بإرسال رابط الفيديو إلى صديقي، إذ كان وحده يكفي بتفنيد الهراء المخزي الذي يسيّر العملية التعليمية في العراق.
استعدت لحظتها سنوات الدراسة كحاجة لمفهوم سلطة الذاكرة المعدلة، وهو بديل لغالبية العراقيين اليوم في استعادة الماضي القريب كنوع من الحل لما يهدد الحاضر من انهيار قيمي. الواقع أنه لم يكن ماضيا بالمعنى التاريخي الموغل وأدرج في أروقة المتاحف، هذا الذي يترحم عليه العراقيون اليوم، بل نتحدث عن بضعة عقود. هكذا تكمن قوة الحنين إلى الماضي في غريزة إنسانية تميل إلى حجب الأمور السيئة في الوقت الذي تستدعي فيه الأمور الجيدة.
استعدت سنواتي في الدراسة الابتدائية وكيف كان الأستاذ يوسف في الصف الأول يعلمنا التهجي بطريقة منغّمة “معلمة اليوم تحث الصغار على الحماسة الطائفية”.
تذكرت الأستاذ سركيس كيف كان في الصف الثاني الابتدائي يعرض لنا الطريقة الصحيحة لكتابة الحروف و “معلمة اليوم تعيد على تلاميذها أسماء مشاهير المراثي المخزية”!
هل كل ذلك يفقدنا الأمل؟ ليس بنفس القدر الشائن الذي يمثله ذلك “المثقف الطائفي” الذي يهمش عراقيته لحساب مذهبيته. وهنا تكمن المعضلة الوجودية في العراق المزيف، الذي يراد له عن عمد تغييب العراق الحقيقي.
يوجد وزير تعليم في حكومة الإطار التنسيقي ميليشياوي مؤمن أن العملية التعليمية يجب أن تكون في صلب المرويات الطائفية “أشفقت عليه عندما زار جامعة أكسفورد مؤخرا من دون أن يجد من يعيره بالا، وظل يدور في أروقتها مع جماعته مثل أي سائح”!
لذلك انهيار العملية التعليمية في العراق هو امتداد للانهيار السياسي والتراجع عن المعايير، مثلما هو امتداد للانهيار الاجتماعي، فلم لا تُعلّم تلك “المعلمة” ضحلة التفكير هؤلاء الصغار الهتافات الطائفية المخزية، إذا كان يوجد وزير تعليم يجهر علنا بولائه للفكرة البغيضة التي يمثلها المرشد الإيراني علي خامنئي؟
قالت لي أستاذة في الجامعة العراقية، لماذا تطالبنا في مقال سابق لك بأكثر مما هو ممكن في التعليم اليوم؟ فنسبة كبيرة من طلبة الماجستير لدينا يجهلون شاعرا عراقيا مثل حسين مردان وقاصا مثل عبد الملك نوري، بل أن طالب دكتوراة أعلن أمام لجنة المناقشة بأنه لا يعرف مدني صالح! بينما تم مناقشة رسالة ماجستير باستعراض احتفالي فج بهذا العنوان “المشي في زيارة الأربعين”!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف مرَّ آب اللهاب؟
- الجانب الأروع من كريم العراقي
- نسختان من إيران ومن خامنئي
- المعضلة المعرفية أكبر من شارع المتنبي
- رسالة فاروق هلال بأصابع مرتعشة
- كن قذرا!
- صورة عتيقة لكنها معبرة عن السياسة البريطانية
- الحقيقة القبيحة تنمو وتتصاعد
- أطباء فائضون عن الحاجة
- أسهل وصفة لتدمير بلد
- الموت يفقد مواصفاته العراقية!
- هل حقا الديمقراطية تحقق النجاح؟
- بورخس قارئ رقمي!
- العنصري في غربته يبيع الماضي
- إيلون ومارك كالحلوى بمذاق مر
- يكذبون علينا ونكذب عليهم!
- يا لوجع مي من دون رافع
- متى نستعيد أمل خضير
- لا أسعد من ذوي الياقات الزرقاء
- ساعة تسديد الحساب الوطني


المزيد.....




- زاخاروفا تعلق لـ RT على فضيحة كبرى هزت أمريكا والعالم بطلها ...
- عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران لمهرجان الموسيقى العربية بسب ...
- بسبب الأوضاع في لبنان.. عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران عن ا ...
- رحيل فخري قعوار.. الأديب الأردني العروبي المفتون بقضية التقد ...
- إنييستا.. اعتزال فنان لا ماسيا الخجول وقاتل دفاعات الخصوم
- -تحت الركام-.. فيلم يحكي مأساة مستشفى كمال عدوان وصمود طاقمه ...
- مسلسل عن محمد عبده وفيلم -كابتن ماجد-.. هذا ما كشفه تركي آل ...
- الدنماركي توماس فينتربيرغ رئيسا للجنة تحكيم مهرجان الفيلم في ...
- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى 7 أكتوبر
- أقوى إشارة وجودة HD … تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على ال ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - المعضلة الوجودية في العراق المزيف