أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - بلاد العصابات














المزيد.....

بلاد العصابات


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7834 - 2023 / 12 / 23 - 16:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك مستنقع سياسي آسن لا تنتهي حدوده في المنطقة الخضراء، نما وتوسع منذ عام 2003 في العراق، لكنه يبدو اليوم مغلفًا بقشرة سياسية زائفة وهشة، من دون أن تمنع نفاد الرائحة الفاسدة منه، فثمة من يتقاتل في داخل ذلك المستنقع بذرائع سياسية وديمقراطية (…)، لكن أولئك المتصارعين في الوحل السياسي والأخلاقي يعملون معًا لإثراء أنفسهم.
ذلك ما يسميه كبير مراسلي مجلة “إيكونوميست” في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، بـ”أرض العصابات” في معادل مخز لأرض النهرين وهو يعرض لحفلة السخرية القائمة في البلاد التي أريد لها أن تصبح “واحة الديمقراطية” في المنطقة كما زعم جورج بوش الابن!
من البساطة بمكان استعادة التسويف الأمريكي عندما يتعلق الأمر بالعراق، لتتعرى صورة بوش في عملية تسويف سبقت احتلال العراق عام 2003 بيد أنها انتهت بعد أسابيع، عندما تحول التسويف إلى كذب شائن انتهى بتدمير بلد وتحويله إلى كيان فاشل.
يكتب بيلهام متهكمًا عن مسرحية الديمقراطية التي لم تنته بعد مواسم عرضها، فعلى الرغم من أن المشهد العام يبدو على ما يُرام، بوجود هيئة النزاهة العامة ومجلس القضاء الأعلى ولجنة الأخلاقيات البرلمانية والهيئة العامة للانتخابات، فإنه يفتقر إلى المصداقية والموثوقية. وغالبًا ما تُستخدم المؤسسات التي يجب أن تحافظ على المساءلة لزعزعة استقرار الشعب.
بل تجد الطبقة الأوليغارشية الفاسدة والرابضة في المنطقة الخضراء وصولا إلى الأقبية المعتمة في النجف حتى غسيل الأموال القذرة في الأنبار، الكثير مما يسعدها، في الجدل الإعلامي والشعبي بشأن الدستور والقانون ومجلس النواب وانتخابات مجلس المحافظات وحق المكون وما يتوافق مع المدونة المكتوبة لتلك التسميات التي تبدو في مظهرها العام ممثلة لدولة، لكنها في واقع الأمر ليس أكثر من أرض عصابات يتصارع فيها زعماء الأحزاب في الوحل الآسن.
بوسعي أن أقول أكثر ما يسعد تلك الطبقة ذلك النقاش الإعلامي والشعبي المحتدم، والذي يزداد جدلا فارغًا مع كل إقصاء أو محاكمة أو انتخابات صورية، لأن هذا الجدل يضفي شرعية سياسية عليها لا تجدها حتى مع نفسها! لذلك تخرج من المستنقع وتقول “أنظروا ها نحن في العراق بلد ديمقراطي يتسع فيه الجدال والخلاف”!!
يمكن أن نجد ذلك ببساطة مع ما يتصاعد بشأن انتخابات مجالس المحافظات وبديل رئيس مجلس النواب المقصي محمد الحلبوسي. وفي ظاهر الأمر يبدو ممثلا لصورة المشهد، لكن ما تحته من ضغائن وتقاسم الحصص واتفاقات مشينة وإذلال ولصوصية وخيانات وطنية، هو المعبر الحقيقي عما يجري في عراق المنطقة الخضراء.
قد نتعاطف مع من يحملون النية الطيبة، وهم يعولون على الدستور المسخ (لا يمثل إلا من كتبه) عندما يدافعون عن القانون، بينما يعجزون عن إثبات أن ثمة قانونًا سائر في العراق منذ عام 2003، فهؤلاء يأخذهم الأمل الواهن بتغيير العملية السياسية من داخلها، وهو أكثر من وهن عندما ندرك أن عشرين عامًا من الفساد كأنها لا تكفي لنقتنع بأن المنطقة الخضراء لا تنتج حلولا!
مهما يكن من أمر لا يمكن أن نتعاطف مع الذين عاشوا في مستنقع العملية السياسية، وإن كانت نياتهم طيبة ومخلصة، وعند هروبهم أو إقصائهم بدءوا بعرض حقائق اللصوصية التي عاشوا في كنفها. والمكشوفة للعراقيين بالأساس.
تقول سهى النجار، التي عملت في الهيئة الوطنية للاستثمار وفي النهاية قدمت استقالتها وهربت! إن التهديدات أجبرتها على الفرار من العراق. مع أنها تعجز عن الإجابة عن مصدر الثقة التي حصلت عليها وهي تعمل مع لصوص الدولة، وفي هيئة متخمة بالأموال، وما الذي يمنع أن تكون شريكة لتلك الطبقة الأوليغارشية وهي تعمل بينهم وبحمايتهم، كي نتعاطف في النهاية مع استقالتها، وإن كانت يدها نظيفة؟
وتضيف النجار “حياتك ستتعرض للتهديد على أي حال، لذلك عليك أن تكون فاسدًا وتكسب المال، لهذا السبب، الجميع فاسدون”. وتؤكد على أن نوّابًا من الموالين لإيران كانوا يأتون إلى مكتبها ويهددونها علنًا أمام الموظفيّن بالسجن والقتل.
ليست هذه السيدة المثال الوحيد عمن عاش في مستنقع العملية السياسية، وعندما خرج منها أراد أن يدينها من دون إدانة نفسه أولا. وهي تمثل صورة حقيقية معبرة بصدق عما يجري في العملية السياسية في العراق، وتبدد كل أمل أو محاولة إصلاح تلك العملية من داخلها، من دون وصول العراق إلى “المعادلة الصفرية”.
الفشل ليس واقعًا بسبب السياسيين الفاسدين، وفق الصحفي روبيرت وورث الذي كتب أحد أهم التقارير الصحافية عن الفساد في العراق في صحيفة نيويورك تايمز، وإنما أيضا بسبب “الإطار السياسي لهذا البلد”، فالنظام الذي تم وضعه خلال فترة الاحتلال الأمريكي والذي يساهم في تعزيز المنافسة السياسية وتقاسم السلطة والذي تحول إلى عملية توافقية يتم من خلالها تقاسم أموال النفط، عبر الوزارات من جانب لصوص الدولة.
فوورث هذا الصحفي الأمريكي البارع، لا يخلي مسؤولية الولايات المتّحدة مما آل إليه العراق من فساد وفشل عظيمين، لأن واشنطن متورطة بشدة في كل هذا، ليس فقط لأن غزوها دمر البلاد، بل لأنها تقدّم الأموال التي يستفيد منها الفاسدون، إذ لا يزال الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يمد العراق بما لا يقل عن مليارات الدولارات سنويًا بالعملة الصعبة من مبيعات النفط. ولا تتردد أيضا في دعم معادلة سياسية جنى العراقيون نتائجها في واقعهم الرث.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبحث عن تونس في تونس!
- قفازات إيران البيضاء بوجه إسرائيل
- علي جودة يكسر قلب الأغنية العراقية
- بوتين في بيتنا، أي أمل سيتركه؟
- متى يلحن كاظم الساهر لنانسي؟
- عن أخلاقية الحرب مرة أخرى!
- واشنطن تخسر وإسرائيل لن تربح
- حرية التعبير ضحية أيضا
- امرأة تعلمنا أن نكون على قيد الحياة
- لا نحتاج حلا لمعادلة الحلبوسي
- كم عبدالحليم في مصر اليوم؟
- لابد من درويش عندما يُفقد الأمل
- يفكرون نيابة عنا!
- العراق المزيف لا يشكل خطرا على إسرائيل
- قطيعة فائزة أحمد مع عراقيتها!
- نادي كبار الكذابين بصلافة
- غاستون باشلار في بيتنا
- إسرائيل تعيش تحت وطأة الحطام الوجودي
- همايون ناظم الغزالي
- انكسار “الغطرسة الإسرائيلية”


المزيد.....




- كارمن سليمان وروبي تشعلان أجواء الحفلات الافتتاحية لمهرجان - ...
- البيت الأبيض يعلق على تصريح ترامب حول -تغيير النظام الإيراني ...
- الموجات فوق الصوتية لزيادة فعالية المضادات الحيوية
- أردوغان يدين الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق ويؤكد دعمه ل ...
- ردا على قصف منشآتها النووية... إيران تستهدف قاعدة أمريكية بق ...
- عاجل| المتحدث باسم الخارجية القطرية: دولة قطر تدين الهجوم ال ...
- الاتحاد الأوروبي يجمد أصول 5 أشخاص مرتبطين بالأسد ويحظر سفره ...
- استطلاع: أغلبية الأميركيين قلقون من تصاعد الصراع مع إيران
- سقوط مُسيرة بعمّان تحمل رأسا متفجرا دون إصابات
- واشنطن بوست: حملة إسرائيلية سرية لترهيب قادة إيران العسكريين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - بلاد العصابات