أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - السَّعَادَة الأَبَدِيَّة (3 و 4 )














المزيد.....

السَّعَادَة الأَبَدِيَّة (3 و 4 )


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7840 - 2023 / 12 / 29 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


المشهد الثالث ...

إنه جيل صغير مفعم حركة وحيوية .. داخل البلدة الصغيرة يعيشون .. مِن عائلات معوزة ينحدرون .. أغلبها تقتات من ذلك الشيء المستورد، يمارسونه علنا أو سرا سيااان .. يستقبلك مَنْ يستقبلك فيما يشبه بيتًا طينيا من تلك الدور الواطئة الخلفية .. يهش في وجهك بريبة ملتبسة، خليط بين التوجس والوجل والحيطة وعدم الاكتراث .. تهرول إحداهن تستحث أخرى ممن هن تحت سقفها لتجهيز اللازم .. وتدخل المطبخ تعد الشاي أو ما يشبه الشاي .. يستقبلونك بحفاوة كأنك أحد معارفهم .. تأكل الخبز وإياهم. تتبادل أطراف الحديث في شؤون الحياة المختلفة، ومن لحين لآخر، يتبادر إلى سمعك صوت طفل يراجع دروسه بصوت مرتفع أو رضيع يوعوع أو هرة تموء بضراوة؛ وفي أحايينَ كثيرة، تمتزج هذه الأصوات المتشابكة بلهاث نشاز خفي لشيء ما يحدث في زاوية ما .. لقد غدا كل شيء عاديا هنا مذ غادر الأجانب المكان بزبانيتهم وزنازنهم وصلف حديدهم المسلح .. هُمْ على وعي بهذا الوضع المستشري، لذلك تجد البعض يعمل جهده ينتشل شهادة مدرسية كيفما كانت ويخرج من البلدة النائية لا يعود إليها أبدا .. يأخذ العائلة والحوائج يقلع جذوره من جذورها غير نادم أو متردد ينصرفُ بلا نِيّة في أوبة كيفما كانت؛ بيد أن هذا الحل صعب جدا على الكثيرين في ظل الظروف الراهنة التي يغطس فيها الجميع؛ لكن، بعضهم نجح في ذلك .. نعم، غير أن وقتا يمر قصير أو طويل يعتريهم ما يعتريهم فيعودون أدراجهم من حيث ذهبوا لا يلوون على شيء .. أثبتَتِ التجربة ذلك مرارا .. بحنق ذهبوا بخفي حنين يؤوبون ناكسي الرؤوس كارهين حياة الزفت بما ضاقت وبما رحبت .. تبا .. عيشة الضنك كَفَنٌ جماعي في الحياة لا مفر منه .. اوووف .. لا مفر .. أولئك الصغار، رغم كل شيء، رغم كل ما خبروه مِن تجارب مَن سبقوهم، يصخبون في وجوه بعضهم البعض يضحكون يأتون المدرسة، هكذا، لأن سببا ما، لنقل الصدفة لنقل العادة، هي التي تدفعهم للمجيء إلى حجرات درس يلجؤون إليها ربما فرارا من مجالات أكثر ضيقا وخنقا للنفس .. بعضهم لا يستمر .. بعضهم يعمل أعمالا أخرى تفرغ الجهد تقلل التركيز، آخرون يعضون بالنواجد على مواظبتهم كي يخرجوا بورقة رسمية تنقذهم من الطوق الذي يحسونه مفروضا على رقابهم .. سَهْلٌ أن يحكم مُدَرسُ المدرسة على إنجازات أحدهم بقيمة معينة تقيس مهارات محتملة لديهم ومدى مسايرتهم للمكتسبات التي يتدربون عليها في إطار معارف مقررة؛ لكن، العسير هو إدراك حواسهم بوضعياتهم الخاصة، أحلامهم، طموحاتهم، أمانيهم ورغباتهم والعراقيل التي تقفُ أحجار عثرات في طرقهم المعقوفة المتشعبة غير الَّلاحبة .. اُوووف .. يعلمون أن آنكبابهم هكذا على المجيء والذهاب لا يعدو أن يكون عادة من العادات الرتيبة التي آعتادوها وكفى، قد تسفر عن نتيجة معينة أو تنتهي بهم إلى بِرَك آسنة أشد شراسة ليست تجود إلا بفاقاعات فارغة لا جدوى منها .. لكنهم؛ رغم ذلك، ينخرطون في اللعبة حتى نهايتها التي بلا نهاية و .. ينتظرون .. ربما ربما ...


المشهد الرابع ...

أصِلُ تعبا من آلمدرسة .. أذهب عندها مباشرة .. اعتدتُ اللقاء بها في شقتها الترابية آخر كل أسبوع بعد أن أتيقن من غياب الذي هو دائب الغياب .. هي عربة يدوية .. أنا طَالَبْ مْعَاشُو (١) منهك مجرد مياوم مسخر يقتات من عرق جهده البدني .. ساقاها قبضتا عربة، وأنا تعلمت إحسان القيادة، أستجيبُ إذْ أُدْعَى، أتريثُ، لا أستعجلُ .. دمي بارد .. هي تحسن الإغواء، مرتع خصب لَبون يذر قطافها آلخيرات .. عندما تهب نسائم من هوى عابر، تلتصق المجاسد بالأمواج الهاربة، ينمو الرمان ينتفض البرتقال وجوز جزائر الأبدان يعلن ميلاد شهقة الافتتان ... على الشاشة الصغيرة، كان الكاوْري يداعب الكاوْرية (٢) .. أنا أداعب غابة الكستناء المعقوص إلى الوراء .. هي تغني برطانة فرنسية

deux mains pour un sein_
Deux cuisses pour une fesse

أنا أضحك .. سألتُ ..

_من صاحب الأغنية ؟

قال الكاوري..

? tu m’aimes_

أجابتْ هي ..

_وجدتُها في كتاب

قال الكَاوْري..

je te consomme_

قلتُ ..

_أي كتاب؟

قالت..

_(حفلة الخنازير) ..

قالت الكاورية..

méchant_

قال الكاوري..

adorable _

علقْتُ..

_هذا رذيء ..

قالت..

_هذا ما جابتْ الوقت..

قلت، لم أقل شيئا..

...على الشاشة، كانت الكاورية تشزر الكاوري .. قالت هي ...

_أريدكَ تنسفني..

قلتُ ..

_أنا ..؟!..

قالت ..

_ .. يِيييهْ ..(٣)

قلتُ ..

_.. لا أستطيع ..

قالتْ ..

_ .. لمَ .. ؟

قلتُ ..

_ ..أنا عاجز ..

رَدَّدَتْ

_ .. لِمَ .. ؟

قلتُ ..

_ لأني ضيعتُ في الأوهام عمري ..

يُتبعُ ...


١_طَالَبْ مْعَاشُو : مياوم عامل أعمال يدوية بسيطة ابتغاء رزق اليوم
٢_الكاوري الكاورية : تطلق اللفظة في اللسان الدارج المغربي على غير المسلم
٣_يِيييهْ : في المنطوق الدارج تعني (نعم)



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السَّعَادَة الأبَدِيّة(2)
- السعادة الأبدية (1)
- المُدَرّسُ، تلكَ الذاتُ التي لا تعِي قوتَها
- نَحْنُ هُنَا فِي آلأَعَالِي
- مَتْنٌ، إِشَارَاتٌ، وَ حَوَاشٍ
- ضَادُ عِياض
- آلَااالِي آلَاااالِي
- .. فَ .. رَ .. أَ .. يْ .. تُ ..
- أَزَلِّيفْ نْسِيزِيفْ / رَأْسُ سِيزِيفْ
- إِنَّنِي أَنَا : الْأُمُّ .. أُمُّكُمْ جَمِيعًا
- أَخِيرًا جِئْتَ .. آآآهْ .. مَا أَقْسَاكَ مَا أَبْطَأَكَ
- رَيْثَ يَأْتِي رَبِيع
- كَأنِّي أَفَقْتُ مِنْ غَشْيٍ كَادَ يُصِيبُنِي
- حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ
- فخاخ آلحياة ( بخصوص شخصية عَدْجُو مُوحْ نَايَتْ خُويَا عْلِي ...
- حكاية البدن المكدود آلمُعَفَّرُ في آلعراء، عن الأديب الشاعر ...
- فٍي خَلَاءٍ يُفْنِي وَلَا يَفْنَى
- ذَلِكَ الشَّيْءُ الذِي ...
- وَاجِمًا تُكَلِّمُ آلِعِنَاااازَ عَيْنَااهُ
- حَبيبَتَاانِ


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المخرج الإيراني محمد رسولوف
- نقيب صحفيي مصر: حرية الصحافة هي المخرج من الأزمة التي نعيشها ...
- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - السَّعَادَة الأَبَدِيَّة (3 و 4 )