أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ














المزيد.....

حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7817 - 2023 / 12 / 6 - 14:56
المحور: الادب والفن
    


فَتَحْتُ ما بيَدَيَّ .. بيضتان مشققتا الغلاف يتمرد مَاحُهُمَا على ما يحيطهما من بياض هش، وفخذ لحم دجاج جَبَلي ( إيغَـصْ نُوسْشُومْ أُويَزيطْ ) ملفوف في ورق أزرق مما يغلف به عادة السكر القالب ( دْكِيجْ نَلْكَاغِيطْ نَسُّكَّرْ أزِيزَا )، وحُبَيْبات قمح ( إِيحَبَّانْ ) (١) محمصة أرجوانية دهماء قاتم وهجُها آلمعصفر بوقيد آلنيران؛وما إن وضعتُ هذا الرزق جانبا ريثَ أنَظِم تفاصيلَ فَطورنا حتى لاح من حيث لا أدري غزوٌ جارف لأنواع من النمل الصغير والكبير آنتشرت سرعته الحمراء السوداء العارمة بين ثنايا الرزمة مطوقـةً مكان جلوسنا.اِنتفضتُ أنفضُ الطعام تزلزله يمناي تطرد عنه ما أمكن آلأجسام الصغيرة التي فاق هجومها المتحمس توقعاتي، فرحْتُ أنقذ ما تمكنتُ منه تاركا أغلب آلحُبيبات تلقطها كماشاتهم آلصلبة تهرع بها إلى قُرًى لها متفرقة في آلشعاب .. ودون آنتظار، جعلتُ أتعجلُ آلفَطورَ مُزيلا عنه ما علق من أبدان متخبطة تغرق داخل تلافيف آلطعام .. (طَالْبَـيَازْتْ إي وُولينُو تَاقَـرْدوزتْ إي لَهْلينُو) (٢) .. قلتُ ضاحكا ألْقِمُ رفيقي بعض صفار البيض واضعا في يده البدينة عظم الفخذ (بُوعَلاَّق) .. هُوهْ هُـووهْ .. وَاهْ وااهْ .. يُصوتُ هَيْنَمَةً غير ذات معنى .. يفتح فاه يضحك يغمغم بتثاقل يأكل لا يبالي بالحشرات وغير الحشرات .. لا .. لا .. إيليدْ أمَّنْ (٣) .. عبثا حاولت المساعدة .. منهمكا جعلت أضراسه تؤدي واجبَها بجدية وئيدة لا تدع مجالا للتهاون رغم كل الفتات السائل بين الشدقين .. بالصحة والراحة .. ما تْغَزَّتْ إيحَبَّانْ ..؟؟.. (٤) قلتُ مازحا .. عمدتُ إلى بعض ما تبقى من الحُبيبات المدهامات في الرزمة جعلتُ أعـضُّ وسطها المشطور فينفلق بمجرد لمسه .. أناولُ رفيقي آلنصفَ وألقي آلنصفَ أرضًا .. ها الحقْ نَّشْ ها الحقْ نَتشَطْفينْ (٥) .. اِنتحينا جانبا نُكمل وجبتنا جالسيْن على صفّاحة صلدة غير مصمتة ( خي صَفّاحن ) دون أحسَّ بلزوجة القهوة الصباحية المعطرة .. لقد تمنيتُها في تلك اللحظة .. افتقدتُ حليب الماعز الممزوج بالزعتر يَصَّاعَـدُ فَـوَّارُهُ يداعب آلخياشيم يبلسم آلحَنجرة يهدئ آللَّهَاةَ .. لقد كنت متعبا وحرارة عالية آستشعرتها تزند في عظامي ( دي تخشبتينو ) .. إنها آلحمى يا لطيف .. ضربة شمس نهار أو لسعة ندى ليلٍ ها هما آلآن يجتمعان في كامل بدني آلعليل … ولما آستغرق جلوسنا وقتا غير قصير، فإني لمجرد أنْ هممتُ بآلوقوف حتى أحسستُ تثاقلا يكبل مفاصلي يشنج آلعضلات .. وحلقي .. آه .. جاف يَخِـزُهُ آلريقُ آلناشفُ وآلمبلوعات آلمستعصية في آلمضغ .. ولم تجدِ نفعا رشفات عبَبْتُهَا مباشرة من خيوط ماء دقيقة تتخلل حجارة الوادي بحياء وخدر ثقيليْن بللتُ بها فمي غرغرتُ حَنجرتي دون فائدة، ولم أجرؤ _ رغم عطشي الصباحي الشديد _ أنْ أتَبَلَّعَ ولو قطرة منها خشية ما لا تحمد عقباه، وآكتفيتُ برشات بللتُ بها رأسي ووجهي وأطرافي آلمُعَـرَّاة دون أدعَ آلمياه تلمس قدمَيَّ كي لا يستعصي علي صعودَ عقبة ( طَاسْتَرْتْ ) أمامنا وعبور ما بعدها من طريق عامرة بآلأتربة آلمناوشة ودقيق آلحصوات، الأمر الذي خَبَـرْتُ قَماءتَهُ لكثرة مراودتي عَين البلدة أين كنتُ أضطرُّ دائما إلى إعادة غسلهما وتنظيف آلنعليْن وآنتظار مدة غير قصيرة حتى ينشفا ورجلايَ إما فوق كاغيط كارتون أو قطعة ميكا أو معلقتان في آلهواء إلى حين، الشيء الذي لم أكن على آستعداد لتحمله وأنا في حالتي هذه معَلَّقا بين الوصول إلى الدار وإيصال رفيقي إلى أهله وآلمكوث في قاع الوادي في آنتظار قوافل الوافـدين من السوق الذين هم على أهبة المرور .. بدت لي الفكرة غير مستساغة، فلم يك لدي مزاج لقاء أي أحد، وبمجرد أنْ ألحظَ شبحا لدابة أو إنسان أو أسمع قرقعة في طريق المنجورة (٦) أو غيرها حتى أعمد إلى آلاِندساس بين ثنايا المنعرجات وتلافيف الشعاب وما يسنح من خمائل الدفلى (آليلِي) تماما كما تفعل تلك الجيوش الجارفة المتستنفرة في سراديب الوادي؛ ولأن آحتمال لقاء أحدهم ظل واردا في كل لحظة، فإني شرعتُ أسْرِعُ خطواتي ممعنا في إمساك قبضة رفيقي كي لا تنفلت مني حتى إذا أتينا على .......


☆ترجمات :
١_يَازيطْ : دجاج
كاغيط : ورق
_إيغصْ : العظم
_آسْشوم : اللحم
_آزيزا : أزرق
_إيحَبَّانْ : حبوب القمح
٢_طَالْبَـيَازْتْ إي وُولينُو تَاقَـرْدوزتْ إي لَهْلينُو : التينة الطرية الناضجة لقلبي الرهيف وغيرها لأهلي الغائبين، كناية على غنيمة القطاف والاستئثار به عن الغير الذيم لم يبذلوا جهدا في قطافه
٣_لا .. لا .. إيليدْ أمَّنْ : لا لا ليس هكذا ...
٤_بالصحة والراحة : هنيئا مريئا
_ما تغزت إيحبان ..؟؟.. : هل لك في شيء من القمح المحمص
٥_ها الحقْ نَّشْ ها الحقْ نَتشَطْفينْ : فلنتقاسم .. هذا نصيبك وذاك نصيب النمل
٦_طريق متربة مستوية دون تكون معبدة



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فخاخ آلحياة ( بخصوص شخصية عَدْجُو مُوحْ نَايَتْ خُويَا عْلِي ...
- حكاية البدن المكدود آلمُعَفَّرُ في آلعراء، عن الأديب الشاعر ...
- فٍي خَلَاءٍ يُفْنِي وَلَا يَفْنَى
- ذَلِكَ الشَّيْءُ الذِي ...
- وَاجِمًا تُكَلِّمُ آلِعِنَاااازَ عَيْنَااهُ
- حَبيبَتَاانِ
- لَيْلَةَ بَكَتْ فِيهَا أخْتُ أبِي آلْوَحِيدَة
- يَاااا شَيْخَ آلْجِبَالِ
- أَحْدَاتٌ بِلَا دَلَالَة
- أَمَّا أَنَا، فَالْأَتَانُ أَفْضَلُ مِنِّي
- آغْرُومْ
- كَدَمَاتُ آلْحَرِيق
- أَلْفُ يَدٍ وَيَد
- اَلْغَزَالَةُ وَآلثَّوْرُ
- فصاحَ الجَميعُ ... هَااااااا...
- صَوْتُ آلْخَفَاء
- اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ
- ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
- أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام
- مَا وَرَاءَ أَجَمَةِ آبُّوكَالِيبْسْ أَمِيرِكَا


المزيد.....






- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ