أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صَوْتُ آلْخَفَاء














المزيد.....

صَوْتُ آلْخَفَاء


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7794 - 2023 / 11 / 13 - 22:01
المحور: الادب والفن
    


... قبيل آلمغيب، تذكرتُ عصفوري آلقشيب، فهرعتُ إلى آلركن آلمشتعل من آلدار .. دنوتُ من آلمحرقة شبه آلخامدة تتوسطها أثاف ثلاثة مسودة مغبرة يعلوها مقراج فاحم يبقبق ما بداخله ببطء رتيب يـئزُّ تحت لظى جمرات برصاء تعلو كومات متراكمة من مخلفات الاحتراق تُكفنُ نفوق عمره آلهش .. لا ثقةَ في هدوء الجذوات آلمقطوعة أوصالُها من أحشاء آلأدواح .. تظل حيةً مضطرمةً لا تخبو أبدا، لا يموت وَقيدُها إلا ليبدأ من جديد أُجاجه آلمستعرُ في دورات لولبية تحوم حول نفسها كطاحونة حجارة من فَطور لغذاء لعشاء لا يتوقف آضطرام الحريق أبدا .. حركتُ ما تحت آلمقراج بحديدة مسخمة .. لا شيء في آلأتون .. لا جناحَ لا ألوانَ غير ألوان فتات أكفان رمادية تحنط وهجا متربصا .. آه .. لملمتُ بعض آلبقايا آلدقيقة آلمخلوطة ببعضها بمِرْفَشَة صغيرة كانت مكونة هناك وخرجتُ مكروبا تكلم نفسي نفسَها؛ وفي وسط آلأرضية التي يحرث جدي آلمطلة على عين الماء في آلجهة المقابلة للمسجد، حفرتُ حفرة صغيرة داخل سيقان زرع صفراء يابسة .. سكبتُ بحرص كومة آلرماد .. أهلتُ آلتراب .. رششتُ بعض آلقطرات .. سويتُ كل شيء وآلبسيطةَ ثم آنصرفتُ .. لااا .. لم أنصرف .. حَــزَزْتُ أحد آلسيقان .. تخلصتُ من جذره المترب .. شذبتُـهُ .. قطعتُ حشوَ أحد فروعه الفارغة نصفيْن بحيت يُسمحُ للهواء بالنفاذ فتَحْتَكُّـ الجنبات مصدرةً صفيرا معينا .. جعلتُ أنفخُ قدر آستطاعتي، والنغمُ ينفث من حُشاشتي غُصَصَ آآآه و .. اُوووف و ..تبا ...
في المساء، خرجتُ أكثر من مرة أتسلى بمرأى النجوم مُدلاة في ثنايا أفنان لامعة كعناقيد العنب التي في بستان عمتي أو تتراشق في السماء يناور بعضها بعضا في فضاء رحب لا حدود لآمتداداته. وبدون أشعرَ، وجدتُني وقد آستأنستْ عيناي بالظلمة أقترب بحذر من مغصرة الزيتون العتيقة .. وقفت عند مقبرة طائري الصغير أعاين عن كثب كومة تراب رماد رفاته التي جمعتُها، وإذْ لم يتبين لي شيء، اقتربتُ أكثر .. ركعتُ أتفحصُ .. لا شيء يشير إلى أي عهدة عهدتُها .. الأرض مستوية وكومات الأتربة المنتشرة في كل مكان مخلوطة ببقايا سيقان الزرع القصيرة والمديدة المهشمة المعفوسة والمستوية.انحنيتُ أكثر .. لا أثـر .. تراجعتُ محبطا إلى مسلك ضيق يربط بين بويبة السياج والدار جهة المصلى .. مددتُ قامتي .. عاودتُ النظر إلى ألعاب السماء تتناثر تتراشق بالأنوار في رحابتها العالية .. شهب تمرق من حين لآخر .. أمي عمتي خالتي وأخريات كثيرات نصحنني مرارا أن لا أمعن النظر هناك .. لمَ ..؟؟.. لم يجبنني .. ماذا يحدث هناك .. لم يجبنني .. هي نصيحة وكفى .. لا تهتم .. قلت لنفسي مرارا .. مستغرقا في مشاهدي القصية التي ذكرتني مُعايشتي المقابر في كثير من خلواتي .. نسيت خوفي مشجعا بوقائع الحال والمحال .. ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما حدث ؟؟ جلست على إحدى جذور الزيتونات العملاقة بعد تحية حييت بها طائري الغابر في .. لستُ أدري أين تراه الآن أهو في الأرضين أهو في السماوات .. الله وحده يعلم ما حل به بعد مهلكته الرهيبة .. انحنيتُ آحتراما لروحه ثم تركتُني أنساب طائرا هائما ونغمات تُهَـسْهِسُ بها صراصير الليل مرفقة بنقيق علاجيم وغيالم وضفادع .. لا خوف الآن، فقد آختفت وعوعة الغابات السحيقة .. تلاشى التَّضّوُّرُ والعواء والضُّغَاءُ، فلا تسمعُ إلا همسا يَمْكُو وسَليلا يصفرُ .. وأغراني صوت (طَابْ) الخفي بين خشخشات آلخشاس مرفقا بأصوات الجوقة الفريدة آلمتناغمة.. أين تُراه يكون .. لست أدري .. كيف هو .. لست أدري .. ما شكله .. لست أدري .. أطائر هو كما يقول الناس هنا أم حشرة أم كاسر أم هائمة من هائمات العتمات أم همسٌ تحدسُ به الليالي كُلومَها تتفقدها أم وجعٌ كئيب يصيتُ بلا فائدة بلا رجعٍ تفقهه القلوب قبل تسمعه الآذان .. لا أحد أعتق في لحظة رقبة تسؤلاتي رغم ما قالوا وقالوا .. (طاااابْ) كنتُ أسمع تتلوها (طاااابْ) أخرى وأخرى .. انه يصدح بدنو قطاف زرع الحصاد .. هكذا فسر الحاصدون رجعَه المتواتر في فترات مضبوطة خلال الليل أويقات آلصيف يبشر بنضج الغلال .. كذلك قالوا خمنوا .. وسألتُ عنه سألتُ كثيرا من رآه أو عاينه .. لا أحد تمكن من مشاهدته مشاهدة عينية واضحة مباشرة لتبقى التكهنات والتخيلات سائدة تتناقلها الألسن والشفاه حتى إذا آعتاد السامعون الصوتَ تركوا السؤال عن مصدره سالكين مسلك العادة التي تُنْسي الإنسان دهشة البداية .. هذه الدهشة تحاصرني لا تبارحني .. لقد وقعتُ معجبا مغرما من حيث لا أدري بأثر الصدى الغامض لهذا الكائن الليلي الملغز الذي لا يتوجس أو يخاف .. شبكتُ يديّ .. جعلْتُ آلأنامل تتعانق مع بعضها بشكل يوحي بالقوة والفتوة .. فتحتُ فجوة صغيرة بين الإبهامين وطفقت أنفخ الهواء داخل الفتحة محركا أصابع اليد اليسرى بطريقة تمكن من إخراج أصوات تشبه صوت الخفاء .. العملية علمتني إياها رفقة راعي الفلاة .. استأنستُ بها بعد وقت وجيز آستغرقتُه أسَوي المخارج أجَوِد النغمات حتى آستوت آنسجمت النبرات صفيرا بين همس وجهر بين خفوت وعلن يشبه مُكاءَ الطائر طـاااابْ، فبدأتُ أقلد الصوتَ أقفُـو صدى ترجيعه محاولا ما أمكنني محاكاته في المدة والطريقة والجرس .. آتوووكوكْ .. زعق أحد الشباب وسط الظلام .. وبدأت القهقهات الماكرة مخلوطة بسقط الكلام، وبعد تنحنح وجيز، شرعتِ الحجارة يتقاذف صليلها في الهواء مباشرة ناحيتي .. انبطحتُ زحفتُ، وبسرعة البرق مرقتُ مغتاظا إلى زقاق الدار ألعن خطلهم ومزاحهم السمج ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ
- ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
- أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام
- مَا وَرَاءَ أَجَمَةِ آبُّوكَالِيبْسْ أَمِيرِكَا
- هَذا حَبْ الرَّمَّانْ وَتْسَاسْ فْ لَخْرِيفْ
- اقْتُلُوا آلْمُعَلِّمَ وَفَرِّقُوا دَمَهُ بَيْنَ آلْمَدَارِس
- عَنَاقِيدُ مَفْقُوءَة
- اَلْمُفَقَّرُون
- بخصوص(جحيم بارد) لخليل حاوي
- غَبَشٌ
- الخطاطة السردية حسب المقاربة المدرسية
- ذَاكَ آلدَّمُ آلْفَائِرُ الَّذِي يَسْرِي فِي آلْعُرُوقِ
- صيغ التفضيل غير الرافعة
- ثآليلُ آلغَضَبِ
- تمردُ فرانكنشتاينْ شِيلِي
- رَضاع
- طَائِرُ آلْوَقْوَاقِ يَبْنِي عُشَّهُ مِنْ جَدِيدٍ
- قصيدة(من وحي واقعة وادي المخازن) للشاعر أحمد المعداوي
- قصيدة(القدس)للشاعر أحمد المعداوي
- اِغْتِيَالُ آلْقِرَاءَة


المزيد.....




- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...
- مصر.. نسرين طافش تصالح بـ-4 ملايين جنيه-
- الفنان عبد الجليل الرازم يسكن القدس وتسكنه
- أسعدى وضحكي أطفالك على القط والفار..تردد قناة توم وجيري 2024 ...
- منصة إلكترونية أردنية لدحض الرواية الإسرائيلية في الغرب.. تع ...
- “نزلها الان” تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 2024 لمشاه ...
- مشاهير الموضة والموسيقى والسينما.. في مهرجان ميت غالا حمل عن ...
- متحف -للنساء فقط- يتحول إلى مرحاض لـ-إبعاد الرجال-
- إيران تقيم مهرجان -أسبوع اللغة الروسية-


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - صَوْتُ آلْخَفَاء