أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - كَأنِّي أَفَقْتُ مِنْ غَشْيٍ كَادَ يُصِيبُنِي















المزيد.....

كَأنِّي أَفَقْتُ مِنْ غَشْيٍ كَادَ يُصِيبُنِي


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7818 - 2023 / 12 / 7 - 19:20
المحور: الادب والفن
    


وأظلمتِ الدنيا بما رحبت .. سمعتُ أقداما تخبُّ في الجوار، تحرن بجانب كُتَّاب تاخَرْبِيشتْ (1) بُعيد صلاة العشاء، وعُواءَ أبناء آوى يتعالى بشكل مُتقطع من بَعيد، وحَسيسَ نار كَحَتشرة الجراد يفرقع حطبُها المتلاشي المتفرق المندثر، ودردرةً (2) يُشَرشرُ بخفوت ماؤها في أودية مخترقة للبلدة أو محيطة بها، وصفير طائر بُوَيْمَةِ (طابْ) يسجع في السحاب في بستان دي تَابْحِيرْتْ (العِينْ)، وهدوء نبيبِ تيوس سَكَنَ على غير العادة هَبيبُها تاركا الفرصة لإناث واهنات يستردنَ أنفاسهنّ ولقطيع مرهق بسعي النهار سْتَازْلا دي طيزْڭِـي (3) ينظم صفوفَه يركن لِبَيات وجيز قبل آنبلاج الضياء ... كانت لدي حاجة حثيثة في الخروج وقضاء مآربي الخاصة منفردا لكنني ترددتُ في الذهاب إلى أي مكان وحدي، فبقيتُ جالسا على المصطبة الترابية أو واقفا حذاء مبيض الدجاج أو متحركا هنا هناك وسط مساحة ضيقة قصيرة شابكا يديَّ أسفل بطني أفرقع الأصابع بصوت مسموع تارة وخفي أخرى أمعنُ النظرَ إلى باب الغرفة المعتمة (دي تاوُورْتْ الغُورْفْتْ نْتِيسِي) الموارِبة أين تقضي خالتي مريم ليلة من لياليها المبهمة دون أجرؤَ على مفاتحة الحضور في شأنها وشأن همهماتها ودون أقدرَ حتى على الاقتراب من عتباتها الخاصة أو أدنـوَ من باب الخروج أطرد الريح وأفك الطوق عني ...

_إيوَى شَـتِّي قَاعْ أوجِي تَسِيرْدَتْ الحالة نّشْ .. حْضَا حضا بَعْـدَا...
(انظر إلى حالتك لِمَ لَمْ تغتسل بعد)

أشارتْ خالتي إلى بقايا غيص لاصق في أسفل قدميَّ وعلى مؤخرة رأسي.

_غْـسَالْتْ في الواد ...

أجبتُ ببساطة ...

_أدَشْلَغْ لَبْدَا تِينِيغَاشْ تْوَضَّا آيَانَرْشُو زَالْ حْفَظْ شْواي نالْقُورانْ رَاعَى لُومورْ نّشْ سيرْ غَـرْ تمزڭيدا .. والو أقاسح الراس .. مايْمِي أوتْسَغادَاتْ إي الهْضَرْتْ ..
(دائما عَليَّ تذكريك بضرورة الوضوء والصلاة أيها القبيح وحفظ ما تيسر من القرآن في الجامع .. عنيد أنتَ لا تسمع الكلام)

انبرى جدي مؤنبا .. ولما لمْ أرد، أومَأ بكفه جهة الموقد يخاطب خالتي دون أن يفارق مكان نومه المعهود ...

_سيحْمَاسْ أمَانْ أدْيَعْدَلْ الوضو نّسْ أدْيَلَحَّـكْ لوقتْ نلعشا...
(هَيئي له بعض الماء ليتوضأ ويلحق صلاة العشاء)

_صَلِّليييييتْها ...

قلْتُ ببداهة، فقاطعني في شبه غضب

_آيْصَلليوْ عْلَى عَدْيانكْ .. لَبْدا تينيتْ آوَالا .. ماينخْ تسَّنْطَحَتْ إي خْفَنَّشْ ..؟؟.. (ليجعل الله أعداءك مَن يُصَلى عليهم .. لِمَ تكرر لازمة " صليتُها "وأنت لم تفعل لِمَ كل هذا العناد)

_لّلـانْ حْمَانْ زي نَـللِّي يا بَعْدا...
(الماء جاهز منذ زمن طويل)

أوضحَتْ خالتي تغمزني باسمة.وأصر جدي من ركنه الساكن على ضرورة الاغتسال، فحركتُ رأسي علامة الخضوع دون أن أقول (واهْ) (4)، وشرعْتُ أضرب أسداسا في أخماس دون هُـدى أو بصيرة تنير لي الطريق، وناجيتُ خالتي بعد أن حاوَرْتُ نفسي كثيرا، مُداريا خوفي، مظهِرا لا مبالاة لا تأبه بالموقف الحرج، متصرفا كأي شخص من البلدة يهم بإنجاز الأعمال لا يفكر كثيرا في تفاصيل آلأشياء غارَسْ زايد ناقَصْ أدْ يَالي أدْ يَطّارْ غَرْديهاتْ غَرْدينْ غَرْدَا آمْ خْييطْ آم خْوَاسْ..الدعوة هانية .. والُو باسْ (5) .. تذكرت جأشَ العم سيبنعبدالله وفطرةَ سيعْلي وجوقة الكلاب وعضُدَ المقدم موحَنْد المفتول كالحبل المبروم وإقدام الراعي عبدالسلام وما دار بالليل والنهار .. و .. تنفستُ بعمق .. تقدمتُ أحملُ غلاية بمائها الحامي عازما المُضي إلى هناك في المَجاز آلقاتم أين تتفرق الطرق المعتمة ما بين صعود إلى (تادّارْتْ) وانعراج إلى (تاوَضَّاشْتْ) بيت الضيوف (6)

_ماني خَسْ أتراحَتْ بعدا ؟
(إلى أين أنت عازم الذهاب؟)

وكأني كنتُ أنتظر مثل ذا الكلام تصدحُ به خالتي لطيفة كي أبرر ترددي لنفسي ولها ولِـ .. آه .. ما أهونني .. كذا أبدا أكُونُنِي ؟؟ مايَنْ غْرَا يْوَقْعَنْ قاع (7) .. ؟؟ .. هَـدَّأ روعِيَ لُطْفُها الهامسُ .. لم أقل شيئا ماعدا تمتمات لا تبين .. ابتسَمَتْ .. عاينْ عَاينْ (8) .. قال حدبُها يُداري ما بي لا يفضحني .. صْبااارْ شْوَايْ أدَشْ رْنيغْ أمَانْ إينَاهَتْنَا أورْكَفَّنْشَايْ .. (9) وكصبي صغير مَسَكَتْ يدي أخرجتني إلى العتمات حيث آلأصوات تتناغم تتضارب.تقدمَتْ تمسك مصباح الزيت الوحيد المشتعل ليبقى جدي وحيدا في الظلام مع خالتي مريم في غرابيبها الدائبة ...

_سيرْ آتْجَنْتْ بَحْرَا أتْفَاقَتْ بَكْري...(اذهبْ لتنام كي تستيقظ مبكرا)

هَـدْهَدَ تواطؤُهــا يُهدئ توتري ...

_اُووو الغسييييل ؟

_راكْ غسلتي أو سالتي .. شكون شَـافَـكْ ...

قالت متواطئة

_لا .. لا ..

قلتُ مُلِحا

_كيفاشْ لا ؟؟

عَقبَتْ ..

فهززْتُ كتفيّ .. هَكَّاكْ (10) .. قلتُ لها ..

_إيوَى جَرَّدْ خْ المعقولْ وسيرْ الوضّايَـا أنا غادي نجيبلك الضُّو ونبقى حداكْ ..
(إذن، كن جادا واقصد دار الوضوء لتغتسل سآتي لك بالإنارة دون أدعك وحيدا)

_لاااا .. لا داعي لكي تبقي معي ..

_إيـوَى يا اللهْ .. ماذا تنتظر ..

قالَتْها بحماس حازم تجرني جهة بيت الضيوف .. بلمسة واحدة دفعتِ الخشبة الخضراء فآنفتحتْ، وسوية دلفنا .. تركتِ الضوء على طبلة صغيرة قبالة المدخل .. سَـوَّتْ مكان الوضوء .. رتبت لوازم الاستحمام ...

_عنداك تنسى ما تبدلش حوايجك .. لَبْسي للي نقيينْ أرى هادوكْ للي عليكْ نْدَوَّزْ عليهم الصابون دغيا غادي ينشفو في الغربي .. صافي .. فهمتي .. ؟؟ ..
(إياكَ تنسى تبديل ملابسك المتسخة بأخرى نقية اعطني اياها لأنظفها ستنشف بسرعة بمساعدة نسائم الغربي أفهمتَ .. )

_وَاخَّا .. (نعم)

قلتُ بخنوع مطأطئا رأسي، وآنصرفَتْ بعد أن أغلقتِ الباب .. اسرع سَرْبي راسَكْ داغْيا قبل ما يجيء أحدهم يضحك علينا ...

لم ألتفت يمينا.لم أنظر يسارا.رأسي فوق كتفي ترنو عيناي أسفل رجلي أشُخُّ (11) أرُشُّ .. شَرررْ .. غير آبه بعيون الظلال تتعاظم في كل مكان. وبسرعة فائقة رميتُ النعلين المثقلين بمشاق الشعاب أزلتُ القميص ذا المربعات والألوان المعفرة بالتراب وسروالي القصير ألقيتُ بهما جنبا وشرعتُ أهرقُ في حِضن دار الوضوء الماء أمررُ يدي في منابت شعري المتيبس الجاف أفركه بعنف أزيل منه ما علق من شوائب مناوشة .. آمَانْ دينْ الغبارْ دينْ فَرّعْ آتاخساشتْ .. (12) شرعْتُ أجْهَرُ ساخرا من فسيلتي الضئيلة مقارنا إياها بما عند غيري من مستحمي البادية في أودية وترع الخلاء .. غير مرتبك جعلتُ أترنمُ بأهازيج الرعاة الجَسُورة بحماس منتش تصفعُ يدايَ الهواء تضرب الأرضية قدمَاي أثِـبُ .. آ آحْ حْ .. كأني أفقتُ من غَشْيٍ كادَ يُصيبني .. بلسما رائقا آستشعرتُ آنسكاب القطرات على بدني حتى إني بدأت أحسّ خدرا شفيفا يداعب مفاصلي ورعشة لذيذة تسري في أوصالي فآستسلمتُ لدَعة الدفء تدغدغ مسامي وندمتُ في قرارتي على عدم الاستحمام بهذه الطريقة اللائقة والاكتفاء بشطحات الخوض في الأودية والغدران وآلغَلَلِ .. ونسيتُ للحظات هواجسي لولا صوتها المتعالي من الخارج تستحثني على الخروج، فخرجتُ بعد أن أشفيتُ غليلي من الماء المهروق على البدن المهدود ...

☆شروح وترجمات
1_تاخربيشتْ : خربة بناية قديمة تابعة للجامع يتعلم فيه الأطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن
_تابحيرت : البستان
_العين مؤنثها تالعينتْ : عين الماء
2_دَردَرة : صوت الماء المندفع في الأودية
3_تازْلَا : جري
_طيزكي : الغــابة
4_( وَاهْ ) باللسان المازيغي والدارج المغربي تعني نعم ...
5_غارَسْ زايدْ ناقَصْ : لديه الأمر سيان
_ أدْ يَالي أدْ يَطّارْ : يستوي لديه الصعود والهبوط
_ غَرْديهاتْ غَرْدينْ غَرْدَا : هنا هناك هنااالك
_آمْ خْييطْ آم خْوَاسْ : يتساوى لديه الليل والنهار
_الدعوة هانية .. والو باسْ : لا بأس الأمر لا ضير فيه
6_تادارت : الدار
_توضاشتْ : دار الوضوء
7_مايَنْ غْرا يْوَقْعَنْ قاعْ : ما عساه يقع كي نهتم ونغتم
8_عاين عايَنْ : انتظرْ انتظر
9_صْبااارْ شْوَايْ أدَشْ رْنِيغْ أمَانْ إينَاهَتْنَا أورْكَفَّنْشَايْ : اصبر قليلا كي أضيف لك بعض المياه فتلك التي بوحزتك يبدو أنها غير كافية
10_هَكَّاااكْ : هكذا لا لشيء ...
11_شَـخَّ الولد ببوله : أرسله بصوت.
12_آمَانْ دينْ الغبار دينْ فَرّعْ آتاخساشتْ : هي كناية بمعنى خلا لك الجو فبيضي واصفري ..



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ
- فخاخ آلحياة ( بخصوص شخصية عَدْجُو مُوحْ نَايَتْ خُويَا عْلِي ...
- حكاية البدن المكدود آلمُعَفَّرُ في آلعراء، عن الأديب الشاعر ...
- فٍي خَلَاءٍ يُفْنِي وَلَا يَفْنَى
- ذَلِكَ الشَّيْءُ الذِي ...
- وَاجِمًا تُكَلِّمُ آلِعِنَاااازَ عَيْنَااهُ
- حَبيبَتَاانِ
- لَيْلَةَ بَكَتْ فِيهَا أخْتُ أبِي آلْوَحِيدَة
- يَاااا شَيْخَ آلْجِبَالِ
- أَحْدَاتٌ بِلَا دَلَالَة
- أَمَّا أَنَا، فَالْأَتَانُ أَفْضَلُ مِنِّي
- آغْرُومْ
- كَدَمَاتُ آلْحَرِيق
- أَلْفُ يَدٍ وَيَد
- اَلْغَزَالَةُ وَآلثَّوْرُ
- فصاحَ الجَميعُ ... هَااااااا...
- صَوْتُ آلْخَفَاء
- اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ
- ثُقْبٌ أَسْوَدُ أَوْ شَيْءٌ مِثْلُ ذَلِكَ
- أَبْصَرْتُ هَضَباتِ آلْأَحْلَامِ فَعَاوَدْتُ آلْمَنَام


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - كَأنِّي أَفَقْتُ مِنْ غَشْيٍ كَادَ يُصِيبُنِي