أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَخِيرًا جِئْتَ .. آآآهْ .. مَا أَقْسَاكَ مَا أَبْطَأَكَ














المزيد.....

أَخِيرًا جِئْتَ .. آآآهْ .. مَا أَقْسَاكَ مَا أَبْطَأَكَ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7821 - 2023 / 12 / 10 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


ما كاد يصيحُها .. آآآه ه ه .. حتى جُرِفْتُ من حيث لا أحتسبُ.طرتُ في آلأجواء أو أحدهم طيَّرَني، أو بقدرة قادر رُمِيتُ كما آتفق في آلهواء ككتلة تخلصَتْ من ثقلها .. اعتليتُ بلا آستجماع للأنفاس، بلا همة في آلشهيق نَطَطْتُ إلى فوهة آلجُبِّ آلمبعوجة التي طالما هبتُ أغوارها آلمائية آلمظلمة، ولم أجرؤ لحظةً الاقتراب من حلقتها آلصخرية اللزجة مخافة السقوط في شَرك آلوقوع في ما لا قِبَل لي به من آحتمالات .. مغمض آلعينين، مقطب آلجبين، جامعًا ركبتَيّ إلى بطني، هويتُ وذرعايَ شاهقتان على آتساعهما .. شْرَرَاااخْ خْ .. انتفضَتِ آللجّة تحتي تختلج تتزلزلُ تتلولبُ .. لم أتصَلَّبْ .. لم أرتعبْ .. لم أخَفْ .. لم أكُ أدْري ما يحصل لي آنئذ، فقد نزع أحدهم ما كان يعتلج من مشاعرَ مضطربة في صدري قُبيْلَ سقوطي آلمدوي .. لم يكُ ثمة إحساسٌ آلبتة، لا فزعَ لا شجاعةَ لا إقبالَ لا إدبارَ لا عزيمةَ لا هونَ لا خواطرَ لا أفكارَ لا إرادةَ لا ردودَ فِعْلٍ كيف ما كان نوعها .. تَرَكْتُني - دون نية أو قصد - أُسْحَبُ إلى حيث لا أحتسبُ .. لا أنظرُ، لا أنتفسُ حتى بدأ جوفي ينفذُ صبرُهُ بنفاذ آخر جرعة هواء من رئتيّ فَـــ .. فتحتُ في اللحظة ذاتها فمي وعينَيَّ، فإذا بي أشهقُ أزفرُ أستنجدُ أبصرُ ما لا أعِي أو أفهمُ .. نُقَط سُود بيضٌ، كرياتٌ ضئيلة بألوان شتى تومض، خطوط متعرجة متشابكة لا تستقر على حال .. خليطٌ من كل شيء ولا شيء، أشكال ملتبسة مشوهة تظهر تختفي، أُلْقِيتُ في خضمها في فراغ ناصع .. بَرِّية من خواء تحيط بي من كل حدب؛ وإذا بصوت يوشوشُ، بالكاد يهمسُ من حيز ما .. لا تَرْتَعِ .. فآطمأنَّتْ نفسي قليلا، هدأتُ أكثر فأكثر وأنا أغوصُ أشبارا وأذرعا في آلأعماق، أُجَرْجَرُ جرًّا إلى حيث لا موت لا حياة، لا لون لا ظلمة لا ضياء لا جلاميد لا نجود لا حواجز لا عوائقَ تعوق آلمسير .. كذلك تهيأ لي آلحال بُعَيْدَ آرتعاشة باردة جعَلَتْ تداعب أصابع قدميّ بآحتشام في البداية، ثم شرعَتْ تصعدُ إلى آلساقيْن ثم إلى أعْلَا، وكانت كلما آزداد علوها آزدادتْ برودتها الغامرة، وآنخَفَضْتُ .. لم أشأْ أطفُوَ وأعودَ من حيث أتيتُ .. استسلمتُ للخدر يفعل بي ما يشاء مستمرئا آنتعاشة حالمة طَوَّحَتْ بي إلى أعماق أغوْرَ فأغوْرَ تالفًا في دوّامة تدورُ حول نفسها، سُحِبْتُ داخلها، أُغْطِسْتُ؛ وقبل أنْ أُفاجَأَ بوجود تجويف ضيق يمتد أفقيا أسفل قدميّ، انقلبتُ دون إرادة أو آستعداد رأسًا على عقب سابحا داخله، يقذفني التيار الجارف، تُلْقي بي الدوامات قدما إلى أمام الأمام؛ ويبدو أني وثقت بنفسي أكثر أو آعتدتُ الوقائع العجيبة أُطَوَّقُ بها دون أن أمانِعَ أو أصارِعَ أو أقارِع .. وَوَارتِ آلأمواهَ آلأمواهُ، سخْتُ، غرقتُ بلا غرق؛ وفي غمرة آشتداد حدة آلتيار، انبرى شيء من فراغ انتشلني كمخطف معقوف من جسمي سَلَّني نقلني بعيدا، رَسَا بي وسط جدول رقراق ينساب حَبابه بهدوء ناعم .. بلا بدن صرتُ أرنو من حين لآخر ورائي علني أراني في ما كنتُ فيه، أو يراني فيما أنا فيه في آللا ... لَمْ أَرَهُ لَمْ يَرَنِ لَمْ أَرَنِ .. أفْرَدْتُ ما تهيأ لي أنها قامتي في شبه وقفة داخل آلغدير آلشفاف أتملاهُ، فلا أبصرُ ما كنتُ قد عهدتُ من حَصًى وأتربة وكينونات دقيقة في آلغدران .. نظرتُ حولي، فلم أجد غيري في المكان، نظرتُ فوقي، فطارتْ بآبئ كثيرة مني، جعلتْ تسبح قدامي في آلفراغ بلا عروق بلا ألياف بلا سوائل بلا خلايا بلا أعصاب بلا أنسجة بلا دماء .. أبصرُ من خلالها مرئيات كثيرة تتحرك في فضاءات متشعبة، لم يرعني مرآها، لم أُباغَتْ، فقد رأيتُ نظيرا لها فيما سلف من رؤى آليقظة والمنام، فلمْ أعدْ أتوجسُ من شيء كأني عشتُ آلتجربة سابقا، كأني عشت أكثر من عمري آلصغير، كأني كنت هنا في ما مضى من لحظات خبرتُها، لذا سويتُ جلستي بتُؤَدَة شرعتُ أتفقدُ نجومي اللامعة تلعب آلبهلوان حولي تسبح تعلو تنحدر برشاقة لا تربطها بكياني غير تحديق طفقتُ أصَوِّبُهُ إليها تباعا، فأرى ما رأيتُ سالفا يُعاد بحذافيره متسلسلا مختلطا متشابكا متداخلا ناقصا مفهوما مبهما؛ وجعلتُ أبحث فيها أتفحصها عسى أستوعب من آنعكساتها ما يشفي آرتباكي يُذْهب حيرتي، غير أني لم أظفر بشيء ذي بال .. أحسستُني أدورُ في موقعي كَخُذْرُوفٍ دَائِخٍ تَتَضَبَّبُ آلْأَحْدَاقُ تَعتمُ آلعَدساتُ، أسقطُ أنهارُ أخرُّ أشخصُ بالبصر، أرى أطيافهم تدخل غرفة مكتظة بكتب ملقاة على عواهنها، يرتبون آلملاءات والملاحف وأفرشة الفوضى، يفتحون النوافذ، تدخل شمس، تخرج عتمة، أعطسُ .. مَنْ هناك ..؟؟.. أدنو من الجالس على الأريكة، بالكاد يحرك قدميه ينوس بهما فُوَيْقَ أرضية مبلطة برخام .. قلتُ سلام .. قال سلام .. أَخِيرًا جِئْتَ .. آه .. مَا أَقْسَاكَ مَا أَبْطَأكَ ..



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رَيْثَ يَأْتِي رَبِيع
- كَأنِّي أَفَقْتُ مِنْ غَشْيٍ كَادَ يُصِيبُنِي
- حَتَّى إِذَا أَتينا عَلَى وَادِي النَّمْلِ
- فخاخ آلحياة ( بخصوص شخصية عَدْجُو مُوحْ نَايَتْ خُويَا عْلِي ...
- حكاية البدن المكدود آلمُعَفَّرُ في آلعراء، عن الأديب الشاعر ...
- فٍي خَلَاءٍ يُفْنِي وَلَا يَفْنَى
- ذَلِكَ الشَّيْءُ الذِي ...
- وَاجِمًا تُكَلِّمُ آلِعِنَاااازَ عَيْنَااهُ
- حَبيبَتَاانِ
- لَيْلَةَ بَكَتْ فِيهَا أخْتُ أبِي آلْوَحِيدَة
- يَاااا شَيْخَ آلْجِبَالِ
- أَحْدَاتٌ بِلَا دَلَالَة
- أَمَّا أَنَا، فَالْأَتَانُ أَفْضَلُ مِنِّي
- آغْرُومْ
- كَدَمَاتُ آلْحَرِيق
- أَلْفُ يَدٍ وَيَد
- اَلْغَزَالَةُ وَآلثَّوْرُ
- فصاحَ الجَميعُ ... هَااااااا...
- صَوْتُ آلْخَفَاء
- اَلسِّرُّ آلدَّفِينُ


المزيد.....




- وفاة الممثل والناشط البيئي روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عام ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- نجم الفنون القتالية توبوريا يعرب عن تضامنه مع غزة ويدعو إسرا ...
- عودة قوية للسينما البحرينية إلى الصالات الخليجية بـ-سمبوسة ج ...
- كيف نكتب بحثا علميا متماسكا في عالم شديد التعقيد؟
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- هند صبري لـCNN: فخورة بالسينما التونسية وفيلم -صوت هند رجب-. ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الدوحة.. متاحف قطر تختتم الأولمبياد الثقافي وتطلق برنامجا فن ...
- من قس إلى إمام.. سورة آل عمران غيرتني


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَخِيرًا جِئْتَ .. آآآهْ .. مَا أَقْسَاكَ مَا أَبْطَأَكَ