أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زورو - جسر النحاس مشطه














المزيد.....

جسر النحاس مشطه


ابراهيم زورو

الحوار المتمدن-العدد: 7789 - 2023 / 11 / 8 - 07:41
المحور: الادب والفن
    


عمر يمشط شعره إلى الخلف، بينما هو يسير إلى الأمام، وجبينه ظاهر للعيان، واضح أنه يشتهي النظر إلى الأعلى دوماً ويسير في كل الاتجاهات. عمر يعمل ليل نهار، كي يستطيع أن يحمي نفسه من غبار الغادين والآتين. عمر مسرع دائماً، لا يلوي إلى شيء، حتى نفسه باتت غريبة عنه. تعرّفتُ على عمر في السجن، إلى جانب لغته الأم الكردية، فهو يتقن العربية والإنكليزية، نشيط دائم الحركة، ابتسامته تفوح منها الحب والاحترام، في زمن كان الغبار ملوثاً يهب من جهة الشرق إلى العالم، تعرّفت عليه أيضاً في رواية "جسر النحاس" للروائي نزار آكري.
في الرواية كان مختلفاً عن الواقع، هل جرّبت يوماً أن تتعرّف على شخصٍ ما ورقياً، نظرياً، واقعه هو الكتاب الذي نقرأه؟! كثير من النظريات سقطت على رأسها نتيجة للاختلاف الشديد بين الكتاب والواقع؟ والعالم يعطي المجال للواقع أكثر من الكتاب، هنا بإمكاننا أن نطرح سؤالاً واحداً، كيف لا يتعرف العقل وادواته على واقعه؟
عمر في الواقع كان مناضلاً شرساً، بينما في الرواية هو طالب وعامل، أنا لم اعرف عمر هكذا في السجن لأن عمل نزار آكري هذا كان سابقاً على الواقع. جسر النحاس كان الأشهر بين الكرد في تلك الحقبة، عنوان الكل تقريباً، هو جسر النحاس الذي يتربع قبل أن يميل الباص إلى اليسار، حيث تشم رائحة أفران ابن العميد، فمن يعود بالخبز إلى بيته سريعاً كان بمثابة مفرق شعر عمر المقلوب إلى الفرح المنتشي لأنه نجح في لوي العنق، ويتحرر من واجباته ليذهب إلى عمله أو جامعته، كثيرون كانوا يعودون إلى جسر النحاس بعد أن تجاوزوا أفران ابن العميد فهو شاهد كبير على أن الجسر بات خلفه. هناك يلتقي الغريب بالغريب، وكذلك الاصدقاء الذين لم يزوروا الشام أبداً. عمر كان يتأبط كتبه الجامعية والثقافية تحت ابطه أينما رحل، طبعاً لا ينسى مفرق شعره أبداً، لو تم ذلك فسرعان ما يعود إليه، أنا على ثقة تامة أن ذلك المفرق قد تناساها مرات كثيرة!
ألا يعلم عمر أنّ الغربة تجفّف اعماقنا من كل شيء، إنسانيتنا، مشاعرنا، علاقاتنا، شخصيتنا، أفكارنا، خيالنا، وأقاربنا كل شيء فينا مثل شعر عمر يرحل إلى الوراء بينما نحن نسير إلى الأمام. آكري يتصرف بنا على مزاجه، مرة تلمس نفسك وانت تتسكع في شوارع لندن، تارة وينقلنا إلى دمشق بعد هنيهة جميلة، وأحيانا ترى نفسك في قامشلي أو ديريك، يحرق المسافات. ذكرني بالكتابات التي تلون خلفية السيارات، "لا تلحقني مخطوبة"، "عين الحسود فيها عود"...الخ. وأسفاره ليست مزعجة، وطبيعية كما هو شكل شعرة واحدة من شعر عمر لم تنفذ قانون المشط بقيت جالسة دون حراك، فالأمر لا يختلف كلياً، آغري يطوي الجزء الرئيسي من ذاكرتنا، يمشي وراء قلمه وأفكاره كأنه هو الكل، كلي القدرة أي روائي، بغض النظر، فهو ينقلنا بود جميل، وهو شيء اسطوري أن ترى نفسك مثل إله في كل مكان، ما بين لندن ودمشق، أو بين بردى وجقجق في قامشلي أشياء مشتركة كثيرة منها على سبيل المثال، كلاهما تنقلان روث البقر والقمامة إلى حتفها. عمر الذي البسه ثوب مايكوفسكي الشاعر الذي لا ينام، مثل عمر تماماً، لأنه أعطى عمَره إلى عُمر ورحل في غفلة من أقاربه واصدقائه، حتى شعره وقصائده تفاجأت بذلك، واليوم عمر يعاني من نفسه في ظل هذه التوترات السورية، هو لا يعرف كيف بامكانه أن يؤمن لقمة وجوده، رغم أنه يحمل إجازة في اللغة الانكليزية من جامعة دمشق!
أكري كأي كردي يبحث عن ثقب لوجوده الجماعي، لذلك يشرب الخمر ويقرأ الكتب، ويلجأ إلى الحوارات كي يجدد وجود شعبه في أذهان قرائه! ينسى آكري تماماً، بأنه فرد وأن اعتراف الآخرين به كأفراد لا يقدم أو يؤخر، ينبغي أن يتعلم أن الشعر فقط من أختصاص الشعراء، فلو اعترف أحدهم بشعره سيكون له الصدى! حتى هذا الأمر لم يعد له مكانه، مثلاً قصيدة محمود درويش عن الكرد بينما جميع دواوينه تخلو من هذه القصيدة.
نزار بدا مخالفاً لما هو عليه، لأنه يقول لنا إن وفاء قد خانته! وتقول له، بأنها حامل لا اعتقد قد نجح بها لأن المجتمع السوري غير قادر على حمل هذه الحوادث، قد يمارس المرء حياته الجنسية نتيجة وجود عمليات التجميل لتلك المنطقة، كان هذا مقنعاً أكثر، وهناك جملة من الأسباب هو يريد أن يخبرنا بذلك، أن العنة تعتبر جريمة وعيب اجتماعي عليه أن تبقى هذه طي الكتمان ولا يمكن أن يرضى به أحد، لنحاول أن نكون رؤوفين مع نزار وسنقول إنها عملية رمزية، والقصد منها هو الواقع السوري، هو واقع قسري طالما الرجل لا ينجب ولكنه بامكانه أن يقوم بإعباء المرأة، واليوم يتأكد حسب هذا المؤشر أن الشعب السوري هو تابع لسياسات دولية فإن خانت وفاء أو لم ينجب المرء لا يمكن أن يشكل أي شيء، طالما أطباء كل المحافظات السورية أكدوا أنه لا ينجب! واليوم يظهر جلياً بأن المعارضة السورية هي نتيجة علاقة غير شرعية بين ذكر وأنثى، نظام أردوغان وقمامة الأسدين! من حيث نظام ذكر بينما القمامة تبقى انثى! هنا نفتح خيالنا على أشياء أخرى! العفونة التي تظهر من القمامة هي نفسها في حالة مرضية لدى الانثى نتيجة اختلال هرموني بدورتها الشهرية!
كان على نزار أن يقول لنا، لو لم تحكي له وفاء عن الحمل، فهو لا يمكن أن يدري أبداً، وهذه البداية لا يمكن أن يستشف منها النهاية أو النتيجة، لجهة يؤكد الواقع على وجهة نظر نزار أن الواقع السوري بات لابن الزنا مكان الرئيس بين جميع المستويات، الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي..الخ.
وكلنا نعلم بأن الطائفة الدرزية لم توافق على تزويج فتياتها لبقية مكونات الشعب السوري! فكيف يتجرأ نزار أن يبداً بالنهاية والبداية بها جرح ما، كثيراً ما يطرح هذا الاستفهام هنا، طبعاً الإيجابيات عاقرة لا تنجب الأجوبة؟.
عمر الذي في السجن لا يمكن أن يكون نفسه خارج السجن وقبله لا يمكن أن يشبه بعده، والشيء الأكيد أنّ تسريحة شعره هي نفسها وهو يسير إلى الأمام كعادته فقط، لكنه مستعجل من أمره..



#ابراهيم_زورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو!
- ستندمون لو رحل!
- برزان حسين!
- عن سعود الملا!
- سيدي الإعرابي/يحيى القطريب
- صراع وجودي هو الاعنف!
- أنا العميل
- قضبان خلف الاوتار/ اسعد شلاش روائيا
- طبعاً ديكو آغا لا يشبهك!
- العبث عنواننا
- الاقرع الذي يتمسك بقضيب القيادة
- كلابنا المهجّنة
- توصيف العالم في ظل حرب اوكرانية
- تصببتُ عرباً إلى روح صديقي لؤي حسين
- الرجولة الحقة
- عندما تصبح السرقة شعاراً وطنياً
- قراءة في برنامج السياسي لهيئة الوطنية السورية
- عبد الباري احمه شاعراً
- السوريين جينالوجياَ
- جدل العلاقة/ بين العبد وسيده!


المزيد.....




- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان
- تحديات المسرح العربي في زمن الذكاء الصناعي
- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم زورو - جسر النحاس مشطه